الأخبار اللبنانية

دريان خلال تكريمه: مسؤوليتنا أن نرفع صوتنا ضد التطرف والغلو والمذهبية

وطنية – أقام اتحاد جمعيات العائلات البيروتية عشاء تكريميا لمفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان حضره ممثل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وزير البيئة محمد المشنوق، ممثل الرئيس سعد الحريري الامين العام “لتيار المستقبل” احمد الحريري، ممثل الرئيس فؤاد السنيورة النائب عمار حوري، وزير العدل أشرف ريفي، وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، النائبان عماد الحوت ومحمد قباني، وزراء ونواب سابقون ومديرون عامون، بالإضافة إلى مفتي المناطق وقضاة شرع ورؤساء جمعيات وعدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية ولفيف من العلماء والفاعليات البيروتية.

استهل الاحتفال بكلمة للاعلامي منير الحافي، ثم قدم رئيس اتحاد جمعيات العائلات البيروتية الدكتور فوزي زيدان الذي قال: “يعيش اللبنانيون هاجس الخوف والقلق على حاضرهم ومستقبلهم ومصير وطنهم، نتيجة الأوضاع العاصفة في المنطقة العربية، وخصوصا في سوريا، وتداعياتها السلبية على لبنان، والأوضاع الداخلية غير المستقرة الناجمة من وقوع لبنان رهينة السلاح غير الشرعي، والتأزم السياسي، والتدهور الاقتصادي والتردي الاجتماعي. ومن اجل تخطي الصعوبات التي يمر بها وطننا، والحفاظ على موقع الطائفة الرائد والمتقدم، نناشدكم يا سماحة مفتي الجمهورية استثمار اجماع الطائفة على شخصكم الكريم، لتولي الموقع الروحي الأول لها، في تعزيز وحدتها وتماسكها، والتعاون مع قياداتها السياسية والاجتماعية والأهلية وخصوصا مرجعيتها السياسية الرئيسة دولة الرئيس سعد الحريري من اجل النهوض بها واعلاء شانها، واستعادة دورها المميز في لبنان ودنيا العروبة، كما كان أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.

أضاف: “نتمنى على سماحتكم تعزيز التواصل بينكم وبين المراجع الروحية للطائفة الإسلامية الشيعية الكريمة التي تجمعكم بها صداقات متينة وعلاقات وثيقة، والعمل معها على جمع شمل المسلمين وتوحيد كلمتهم وتوطيد أواصر الاخوة والمحبة بينهم، ونؤيد في مجال التواصل الإسلامي والوطني الحوار الجاري بين تيار المستقبل وحزب الله، املين أن يؤدي الى إزالة الاحتقان في الشارع الإسلامي السني والشيعي، وفتح آفاق للخلاص من حالة الشغور الرئاسي، والتوصل الى انتخاب رئيس تسوية للجمهورية، وبالتالي الى عودة الاستقرار والازدهار الى لبنان”.

وتابع: “صاحب السماحة، انتهزها مناسبة طيبة لأجدد امامكم وامام الجميع دعم اتحاد جمعيات العائلات البيروتية المطلق لسماحتكم، ووقوفه الى جانبكم، والتعاون معكم لما فيه خير الطائفة والوطن، وخصوصا انكم من عائلة بيروتية كريمة وابن بار لبيروت المحروسة، مدينة الكرامة والعنفوان، بيروت الامام الاوزاعي امام العيش المشترك، بيروت الشامخة العريقة بوطنيتها والاصيلة بعروبتها”.

وختم: “يدعو الاتحاد في الوقت ذاته جميع أبناء الطائفة الى مؤازرتكم والالتفاف حولكم، من اجل تحصين دار الفتوى وتعزيز مكانتها ودورها في الساحتين الإسلامية والوطنية”.

دريان

ثم ألقى دريان كلمة قال فيها: “إن بيروت كما تعرفون، ليست مجرد زائد واحد، إلى عدد المدن اللبنانية. ولا هي مجرد زائد واحد، إلى عدد العواصم العربية. بيروت هي منارة العلم والمعرفة، وهي مدرسة النضال الوطني والقومي. كانت بيروت وستبقى أمينة على رسالة فقيهها الأول، عبدالرحمن الأوزاعي. فقد عاشت فتاويه وحكمه التي أصلت لثقافة احترام التعدد الديني والمذهبي، وأرست ثقافة العيش المشترك، على قواعد الحرية والمحبة والاحترام ، حتى أصبحت هذه الثقافة أساسا من أسس شخصيتها، وركنا من أركان هويتها. ولذلك، فإن بيروت مختلفة ومميزة بأهلها وبعائلاتها”.

أضاف: “كم نحن بحاجة إلى تعميم هذه الثقافة في مجتمعاتنا العربية اليوم. ف”الأوزاعية” ليست ثقافة لبنانية عابرة. ولا هي ومضة خير أضاءت سماء مجتمعنا ثم بهتت ومضت. إن الأوزاعية ثقافة حية ، تسري في عروق كل بيروتي . إنها في عروق كل واحد منكم. ولذلك ، فإنكم أصحاب رسالة إنسانية ووطنية سامية . ولذلك ، فإنكم مسؤولون . ومن واجبكم ، بل من واجبنا جميعا، أن نكون في مستوى هذه المسؤولية ، وأن نتمتع بالجرأة الكافية ، وبالاستعداد للتضحية ، من أجل رفع راياتها عاليا . ففيها خلاص مجتمعاتنا من الفتن .. وفيها سلام هذه المجتمعات واستقرارها ووحدتها ، التي تواجه محاولات التمزيق والتفتيت من كل حدب وصوب”.

وتابع: “مسؤوليتنا جميعا ، هي أن نرفع صوتنا عاليا ضد التطرف والغلو. وضد العنف والإرهاب .وضد احتكار الحقيقة والحق . وضد التكفير العشوائي ، وضد استباحة الحقوق والكرامات . وضد انتهاك القيم والمقدسات . مسؤوليتنا هي أن نرفع صوتنا ضد المذهبية المقيتة . وضد الطائفية الفتنوية . وضد العنصرية البغيضة . وأن نرتفع في سلوكنا الفردي والعائلي والوطني ، إلى المستوى الذي أراده لنا رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، حتى نكون فعلا خير أمة أخرجت للناس، نأمر بالمعروف ، وننهى عن المنكر. نأمر بالمحبة والسماحة ، وننهى عن الغلو والتطرف. لقد دعانا الله سبحانه وتعالى ، إلى التمسك بحبله المتين . والى عدم التفرق . فقال في القرآن الكريم {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} ، (سورة آل عمران ، الآية : 103) . ولم يقل سبحانه : ولا تختلفوا . فالتفرق هو الخطوة الأولى نحو الصراع والاقتتال . أما الاختلاف بين الناس ، فإنه قائم بإرادة الله سبحانه وتعالى ، ولحكمة هو يعرفها . وهو مستمر بإرادته أيضا حتى قيام الساعة . ويومئذ فقط، يحكم الله – الله وحده – بيننا فيما كنا فيه مختلفين . ولذلك دعانا إلى التعارف في الحياة الدنيا”.

وختم: “أما الذين ينصبون أنفسهم أولياء على الناس ، والذين يصدرون الأحكام على ما في قلوب الناس ، فإنهم أبعد ما يكونون عن الإسلام ، شرعة ومنهاجا. لقد كانت بيروت على مدى تاريخها ، مدينة العيش المشترك . ولكنها اليوم مدعوة من خلال عائلاتها ، من خلالكم أنتم ، لتؤكد على صدقية هذا العيش المشترك ، وعلى تمسكها بأهدابه رغم كل التحديات، وعلى التضحية في سبيل إعلاء شأنه ، وتثبيت أقدامه رغم كل التجاوزات. نحن العائلات البيروتية ، نكون مؤمنين بالإسلام السمح المعتدل ، أو لا نكون . نكون أمناء على العيش المشترك ، أو لا نكون . نكون “أوزاعيين” نحترم التعدد ، وندافع عن حق المختلف ، أو لا نكون . إن ذلك ليس قدرنا .. إنه خيارنا. شكرا لبيروت الوفاء والأصالة”.

ثم قدم زيدان لدريان درع الاتحاد “عربون محبة وتقدير”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى