الأخبار اللبنانية

المفتي الشعار وجه رسالة في ذكرى الهجرة النبوية الشريفة

المفتي الشعار وجه رسالة في ذكرى الهجرة النبوية الشريفة :
الباطل مهما طال فهو الى زوال والحق مهما تحمل فانه الى آن

وجه مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار في مناسبة راس السنة الهجرية رسالة لفت فيها الى انه من

“ابرز معاني الهجرة النبوية المجيدة ان الحق لا يجوز له ان يتراجع، ولو اضطر الى ان يغير مواقفه الا ان المواقف لا يجوز ان تتغير وان الباطل مهما طال امده فهو الى زوال”.

 

ومما جاء فيها:
“هي الحدث الثاني في مسيرة الدعوة الاسلامية وفي حياة النبي عليه الصلاة والسلام, فلقد كان الحدث الأبرز هو البعثة المباركة التي استمرت في مكة المكرمة لمدة 13 سنة ثم كانت المرحلة الثانية من مسيرة دعوة الاسلام في المدينة المنورة وكان عمرها لا يزيد على العشر سنوات, وكانت الهجرة هي المنعطف الأساسي التي تحولت فيها دعوة الاسلام من مرحلة البناء والتبليغ الى مرحلة الحضور وبناء المجتمع وقيام الدولة الاسلامية, مع كافة الاستعدادات التي من شأنها أن تحفظ للاسلام شوكته وحضوره ووجوده.

والهجرة سبقت بمرحلة طويلة كان لا بد من اللجوء اليها لانها سبقت بمناخ غلب عليه الارتهان للدعوة الاسلامية ولصاحبها وبمقاومة فكرة التوحيد والايمان بالله الواحد الأحد, ولم يقتصر مناخ الممانعة في قبول دعوة الاسلام على الصد وعدم الاستجابة بل تعدى مرحلة فيها من المقاومة والمجابهة بل وأكثر من ذلك سبقت الهجرة بأمور يندى لها الجبين ولم تعرف البشرية مثيلا لها, كان آخرها اجتماع سائر مشركي وقبائل مكة من أجل التوافق على أمر واحد: الخلاص من محمد صلى الله عليه وسلم، ودعوته التي يدعو الناس اليها. وحدث اجتماع في دار الندوة واستقر الامر على فكرة الابادة واستئصال الوجود البشري والانساني لشخص النبي من أجل أن توأد الدعوة الاسلامية في مهدها, وسبق ذلك المؤتمر الذي تآمر فيه المشركون على أن يقاطعوا محمد او أصحابه فلا يؤاكلوهم ولا يتعاملوا معهم وكان إعلانا لقطيعة إنسانية واقتصادية شاملة قلما تعرف البشرية لها مثيلا.

وهنا أحب أن ألفت النظر الى ضيق أفق الباطل وقلة تحمله لكل فكر يخاصمه ولكل معتقد جديد فكأن الباطل منغلق على نفسه لا يقاوم الفكر بالفكر ولا الحجة بالحجة وانما يقاوم الفكر بالقتل أو التشريد أو التغريب.

ان الذي تقدم ينبغي ان يكون ارضا خصبة لكل العاملين في اطار الخير والصلاح والاصلاح ولكل السالكين في اطار التغيير والبناء والعطاء. ليس المهم ما نجده في حياتنا من عقبات ولكن المهم ان نكون على الحق وان تكون ثقتنا بالذي نتوجه اليه ونخلص اليه العمل كبيرة لا يعتورها ضعف ولا زيع ولا زلل.

ان ما تنضح به الهجرة النبوية المجيدة من دروس وعبر ينبغي ان نستوقف العالم كله والعالم الاسلامي بشكل خاص والعاملين في اطار الدعوة والبناء والاصلاح بشكل اخص وأن الحق لا يجوز له ان يتراجع ولو اضطر الى ان يغير مواقعه, الا ان المواقف لا يجوز ان تتغير.

كما ينبغي ان يدرك العالم كله ان المستقبل للحق وان الحق لن يكون الا في ما انزل الله عز وجل من دين أكمله ورضيه لنا دينا, وان الصراع بين الخير والشر وبين الحق والباطل امر بديهي كما ان النتيجة الحتمية لن تكون الا لصاحب الحق ولو ان محمدا وهو النبي المجتبي والمصطفى جاهد وتحمل وصبر وصابر ومر عليه من عمر الدعوة ما يزيد على العشرين عاما ولكن في نهاية المطاف فان المستقبل للدعوة وللاسلام.

هذه المعاني ينبغي ان يتربى عليها الناس والا تضيق حدودهم باهل الباطل. فنحن ننكر الباطل ونرفضه ولكن لا يجوز ان تضيق حدودهما بأولئك الذين لم تتح لهم فرصة لأن يعرفوا الحق وقدره وان يتذوقوا حلاوته وطلاوته.

هذه المعاني ينبغي أن تكون مناخا يعيشه المسلمون حنى يكتب لدينهم النصر والتمكين, وبالتالي فان هذه الأمة مدعوة بعد هجرة النبي ان تستجيب لندائه وتوجيهه فلا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ثم كما قال النبي الكريم والمهاجر من هاجر ما نهى الله تعالى. الأمة مدعوة لأن تروض نفسها على التحمل والجهاد والمقاومة وان تدرك ان بداية الطريق ان تهجر ما نهى الله تعالى.

ولا يفوتني على الاطلاق ان اشير الى امر تكرر حدوثه في قرن الحضارة والتطور وتعفف المشركون عنه. واني الفت النظر الى ان المشركين الذين طوقوا بيت النبي لم تحدثهم انفسهم لحظة ان يعتدوا على حرمة البيت فلم يقتحموا بيته ولم يخلعوا بابه في الوقت الذي تجاوزت تصرفات وأعمال كثير دول العالم كل انواع المحرمات حتى حرمة البيت فخلعت الأبواب وانتهكت الحرمات ودخل الناس الى محاضن العفة والشرف.

اننا في هذه المناسبة الأهم في تاريخ دعوة الاسلام نلفت الى ان السيرة النبوية هي الترجمةالعملية للاسلام يجب ان يتناولها المسلمون بأناة, وتدبير وراديية حتى تكون طريقهم آمنة وسالكة وموصلة لتحقيق الغاية والهدف ولو اضطر اهل الحق ان يتحملوا البعد عن واحد من اهم متعلقات النفس: البلد ومسقط الرأس والوطن.

الهجرةالنبوية الشريفة هي نبراس ودستور يعلن للعالم حقيقة واحدة ان الباطل مهما طال فهو الى زوال وان الحق مهما تحمل فانه الى آن.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى