الأخبار اللبنانية

الجسر منذ سنوات وطرابلس تُستعمل كصندوق بريد ساخن سواء في السياسة الداخلية أو الإقليمية

عَقد نواب طرابلس والمنية- الضنية وعكار اجتماعاً في منزل النائب سمير الجسر في طرابلس، ضمّ الوزير احمد كرامي، وممثل الوزير محمد الصفدي السيد احمد الصفدي، والنواب سمير الجسر وسامر سعادة ومحمد كبارة وخالد الضاهر وقاسم عبد العزيز وكاظم الخير وبدر ونوس ومعين المرعبي. وبعد التداول في شأن الأحداث التي عَصفت في المدينة منذ 5 أيام أصدروا البيان التالي:

منذ سنوات وطرابلس تُستعمل كصندوق بريد ساخن سواء في السياسة الداخلية أو الإقليمية، الأمر الذي انعكس بشكل سيء جداً على أمن المدينة واستقرارها ونموِّها واقتصادِها.

وبعد زمن اعتقدنا فيه عن حق أن صفحة المآسي التي خَلَّفتها الحرب الأهلية بتجاذباتها الدولية والإقليمية والوطنية قد ولَّتْ من خلال ترسيخ السلم الأهلي الذي أتى به اتفاق الطائف.. سلم انعكس تعايشاً ومساكنةً وتزواجاً بين أبناء المدينة.. إذا بالأوضاع تنفجر مجدداً، ومنذ العام 2007 تحديداً، بخلفيات سياسية صرفة أُلبست لبوس المذهبية لطمس حقيقة الخلفية السياسية ولتبرير الإقتتال بين الأخوة، من أبناء المدينة الواحدة من جهة، ولرفع وتيرة حدّته من جهة أخرى بما ينعكس سلباً على مجمل الأوضاع في لبنان وعلى الحياة السياسية فيه.

وكأنما قَدَرُ هذه المدينة بما تشكل من عاصمةٍ ورئة اقتصادية واجتماعية وثقافية لكل الشمال، أن تَدفع دائماً في زمن الأزمات ثمن الصراعات السياسية من أمنِها ونموِّها واقتصادها من دون أن يكون لها نصيب من الرخاء في زمن الاستقرار.

ومنذ بداية هذا العام توالَتْ على المدينة جولات من النزاعات الأمنية بشكل محزن ومخزي في آن.. أُزهِقَت فيها عشرات الأرواح وتسَببت بجرحِ المئات وخلّفَت خراباً كبيراً طاول البيوت والمحلات وأرخى بثقله على الحياة الاقتصادية والمعيشية.. وكنّا طِوال هذه المدة نحاول كمسؤولين وممثلين عن الأمة العمل على التهدئة والعلاج وايجاد المخارج المناسبة لهذا الواقع المرير.
ولقد توصلنا في مطلع شهر أيلول الى اتفاق توسمنا فيه الخير من أجل احتواء النزاع من خلال آلية ترمي الى ضبط الوضع ومتابعته.. آلية لم نكن لنتوصل اليها لولا الوعي الكبير والحسّ السياسي الذي أظهره المعنيون من قيادات العمل الشعبي في المناطق المحيطة بجبل محسن، حسّ سياسي عميق فاهم لخلفية الصراع، عالم بالمقاصد من وراء التفجيرات وعارف بأن الهدف هو جرُّهم الى الاقتتال وأنهم لا يرغبون في ذلك على الاطلاق.

وتُرجِم هذا الحسّ بالاتفاق على عدم الردّ في حال أي خرق أمني وترك الأمر للجيش ليتولى هو التعامل فوراً مع الخروقات الأمنية والعمل على توقيف المخلّين بالأمن من خلال المذكرات القضائية ولأي جهة انتموا.

وقد رافق الاتفاق سلة من التدابير التي ترمي الى تغطية استشفاء المصابين والتعويض عن الأضرار وقيام الإدارات بالعمل لإعادة الحياة.. والعمل على نشر الجيش بشكلٍ يُضيق من امكانية الخروقات الأمنية.

وإن كانت المتابعات الأولى قد جاءت مرضية، إلا أن الأمر لم يستمر بالشكل المرضي دائماً نتيجة خروقات حصلت لم تجرِ معالجتها بالشكل المناسب والفوري والمتفق عليه، ونتيجة البطء من احصاء الأضرار والتعويض عنها وتراخي الإدارات العامة في إعادة الخدمات للمناطق المتضررة.

حتى جاءت مأساة الذين استشهِدوا ضمن الأراضي السورية مع ما رافق ذلك من نشر صور للجثث في مواقع الشهادة مرفقة بتعليقات تُثير الغرائز بقدرِ ما تُثير الاشمئزاز.

ولأن الأمر لم تجرِ معالجته بالسرعة اللازمة سواء بالأمن الوقائي او بالأمن الإجرائي كما يجري في المناطق اللبنانية الاخرى.

ولأن الوضع المأساوي المتكرر قد أدخل الناس في حالةٍ من اليأس لا يُحمَد عُقباها.. حالة مصدرها قناعة الناس بتقاعس الدولة من دورها خاصة في الأمن وضبطه.. حالة تروّج لإقالة الدولة من دورها الأمني خاصة..

لذلك، فان المجتمعين وتحسباً لما آلت اليه الأمور فأنهم يَرون ما يلي:
1) لا بديل عن الدولة لكل الناس وبدون استثناء.

2) إن الدولة هي المِظلّة الأمنية الوحيدة لكل الناس، وأن الأمن الذائي هو وَهِم وتوطئة لكل اقتتال.

3) إن الأمن لا يَتُمْ بالتراضي وإن على الدولة أن تفرض الأمن.. وإن السبيل الوحيد لفرض الأمن يكون بالعدالة والحزم وتحت سقف القانون.
ولم نقبل بعد اليوم بالتراخي او بالتمييز في معالجة الامور بين منطقة واخرى او بين فريق وآخر.

4) إن تذرع القوى العسكرية والامنية بتوفير الغطاء السياسي لفرض الأمن من قبل القوى السياسية محلية أو وطنية او الفعاليات الشعبية هو تبرير لكل تقاعس.

5) إن الغطاء السياسي لأي إجراء أمني توفره الحكومة صاحبة القرار السياسي.. التي هي المسؤولة وحدها عن الأمن وعن المولجين بفرضه.

6) إنه يجب معاملة طرابلس وكل مناطق الأزمات وبخاصة المناطق الحدودية أسوةً بسائر المناطق اللبنانية سواء باستعجال المعالجات الأمنية من نشر القوى العسكرية والأمنية على وجه السرعة وتوفير التعزيزات الأمنية اللازمة لذلك، أو عن طريق استعجال بلسمة الجراح والمساعدة في الايواء واصلاح ما تضرر وتأمين الاستشفاء الكامل.

فالاستدراك والاستعجال الذي تمّ لدرء الفتنة في صيدا كان بالامكان توفير مثيله لطرابلس. والسرعة في توفير الايواء وتقديم المساعدات للمتضررين من تفجير الاشرفية يمكن استنساخه لمتضرري طرابلس والمناطق الحدودية.

ولذلك، فان المجتمعين يَرَون من ضمن هذه المسلمات الست أنه لا ضرورة لاتفاق جديد بل كل ما يلزم هو تطبيق الاتفاق المشار اليه على ضوء المسلمات المشار اليها اعلاه ووضع آلية سريعة للمتابعة وللتحقق من الالتزام الكامل به وان تقوم الدولة بكل واجباتها من دون وسيط.
وفي الختام، نطالب فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء ابن طرابلس على التشديد، في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى المقرر عقده غداً، ان يكون اسلوب التعامل في فرض الأمن جدّي وحازم بين منطقة جبل محسن والمناطق المحيطة بها وعدم التمييز في التعامل بين منطقة وأخرى.

هذا وكان وزير الداخلية والبلديات مروان شربل زار منزل الجسر وعقد اجتماعاً واجتماعاً مغلقاً مع النواب الحاضرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى