الأخبار اللبنانية

ندوة الفعالية الفكرية الثانية لـ”مؤسسة الصفدي” بالتعاون مع وزارة الثقافة:

ندوة الفعالية الفكرية الثانية لـ”مؤسسة الصفدي” بالتعاون مع وزارة الثقافة:
“الرواية” عند الكتّاب الشماليين السفير خالد زيادة وجبور الدويهي ورشيد الضعيف

تستكمل “مؤسسة الصفدي” فعاليتها الفكرية التي أطلقتها بالتعاون مع وزارة الثقافة (بيروت عاصمة عالمية للكتاب للعام 2009)، والتي تستمر حتى 10 شباط المقبل. فبعد ندوة “الترجمة” التي تناولت أعمال د. بسام بركة ود.مصباح الصمد، تمحورت الندوة الثانية حول موضوع “الرواية” متناولة أعمال الروائيين: السفير د. خالد زيادة الذي حضر خصيصاً من مصر للمشاركة في هذه الندوة، والدكتورين جبور الدويهي وخالد الضعيف. وقد تولى مدير المشروع د. مصطفى الحلوة إدارة الندوة وتقديم دراسة حول كتابات الروائي د. خالد الضعيف، الذي اعتذر عن الحضور لأسباب قاهرة، في حين تولت الجامعية سحر الأسمر دراسة كتابات الروائيين زيادة والدويهي. وقد شارك في الندوة نائب رئيس المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة وعدد كبير من الأساتذة الجامعيين والطلاب، إضافة إلى ممثلين لفاعليات ثقافية واجتماعية وإعلاميين ومهتمين.
كلمة “مؤسسة الصفدي”
بعد الترحيب، اعتبر الدكتور مصطفى الحلوة أنه “إذا كنا في “مؤسسة الصفدي”، مُتعاونين مع وزارة الثقافة، قد أدرجنا تحت فعاليتنا الفكرية ندوةً عن الرواية في أعمال الكُتاب المرموقين: السفير د. خالد زيادة، د. جبور الدويهي ود. رشيد الضعيف، فبهدف إبراز الدور الفاعل الذي يؤديه كتّابنا الشماليون في مسار الرواية اللبنانية، بل في مسار الرواية العربية، ولكي نقول: أن الرواية العربية تمر من طرابلس الفيحاء ومن زغرتا-الزاوية المعطاء!. فالمحتفى بهم اليوم قد تجاوزوا إلى العالمية وباتوا كواكب سيارةً في فضاءات الحركة الأدبية التي تتعولم باطراد!”.
أضاف د. حلوة: “فجبور الدويهي حاز جائزة سانت اكزوبيري-لأدب الشباب عن قصته المستوحاة من حرج إهدن “روح الغابة”، إضافة إلى جائزة من جامعة أركنساس الأمريكية على ترجمة كتابه “أعتدال الخريف” وجائزة بوكر البريطانية على رواية “مطر حزيران” من ضمن خمس روايات عربية. كما أنه بات مقروءاً بالإيطالية التي ترجم إليها. ود. رشيد الضعيف بات مشتهراً على نطاق العالمية، وذلك لترجمة أكثر رواياته إلى إحدى عشرة لغة، آخرها السويدية. كما أن روايته ” تصطفل ميريل ستريب” نقلت إلى خشبة المسرح بحلّة فرنسية على يد الكاتب محمد القاسمي وعرضت صيف 2008 على مسرح “تياتر دي رون بوان” الفرنسي، بعدما تولّت إخراجها الفنانة القديرة نضال الأشقر. وأما د. خالد زيادة فقد ترجمت بعضُ رواياته الى لغات حية، وأبرزها الفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية والكتلانية. ولم يكن ارتقاؤه سدّة الدبلوماسية سفيراً للبنان في جمهورية مصر العربية ومندوباً له في جامعة الدول العربية إلاّ عَبر بوابة الأدب والثقافة، فنعم العبور. ومما يُسجّل له في فنه الروائي أنه أحب مدينته، وحب الوطن من الإيمان، فأفرد لطرابلس ثلاثيته الروائية”.
مداخلة الجامعية سحر الأسمر: الفن الروائي لدى السفير زيادة
ثم قدمت الجامعية سحر الأسمر دراسة في الفن الروائي لدى كل من السفير الدكتور خالد زيادة والروائي الدكتور جبور الدويهي، فتناولت للسفير زيادة روائية “يوم الجمعة، يوم الأحد”، “حارات الأهل جادات اللهو”، “بوابات المدينة والسور الوهمي”، ورأت أنه يكتب عن مدينةٍ(طرابلس)، هي نقطة في المدى الواسع للأمة. هو شغوفٌ بالمشهد، مشغولٌ بالمرئي يحكي بنظره ويديه وخطواته وتنقلاته ولقاءاته، فتأتي مقاطع السيرة مرسومة بمهارة فنان خبِر كيف يتحكم حتى بظلال لوحاته وعرِف أهمية الأزمنة وسحرها…”. وأضافت: “إن د. زيادة منشغلٌ بهاجس الفجوة بين الأمكنة، فتمنى أن لا يثأر التحديث منها وأن لا يتجاوز قديمها العمراني مع المدينة الحديثة”. ونوّهت الأسمر بزيادة الذي “استطاع، بعين عالم الاجتماع، أن يرصد التحولات السياسية والثقافية التي طاولت مدينته. فهو يدرك بأن ما لحق بالمدينة هو جزء من تقلبات عصفت بالمتوسط الشرقي إثر الحرب الكونية الأولى، متوقفاً عند نوبات تتكرر كل عشر سنوات تقريباً، فيكون تهديم وتخريب وزحفٌ للحداثة يرومُ خنق المدينة”. وكانت للباحثة الأسمر وقفةٌ مطولة مع رواية زيادة الأخيرة “حكاية فيصل” التي يجسد فيها شخصية تاريخية حقيقية، لعبت دوراً على المساحة العربية إبان الحرب العالمية الأولى وما بعدها، فرأت أنه نجح في تقديمه للقراء بصورة الإنسان الذي يعاني الخيبة والانكسار، وقد تعاطف معه إلى أقصى الحدود، واصفاً إياه بأنه يمضي أكثر أيامه متنقلاً في قطار، علّه بهذه التنقلات يستطيع أن يستعيد مجداً يتبدد أمام ناظريه. فهو في قلب القطار، ولكن يبدو أن القطار فاته!”.
… والدكتور الدويهي
ثم استعرضت الباحثة الأسمر روايات د. جبور الدويهي، وهي “الموت بين الأهل نعاس”، “اعتدال الخريف”، “ريا النهر”، “عين وردة”، و”مطر حزيران”، فرأت “انه بقلمه وإحساسه وفرادة بصمته، يُفرج عن حيواتٍ وكائنات وأمداد أوشكت الذاكرة ان تطويها”. وقالت: “إن الدويهي يكتشف أصقاعاً من الروح والنفس والفكر، كما هي في أمكنتها، ويوغل في فضاءات جغرافية وثقافية تقع على التخوم الفاصلة بين ريف ما زال حاضراً ومدينة تلوح في الأفق من دون أن تتحقق”. ورأت الأسمر “ان الدويهي يستخدم كل الوسائل والكلمات وطاقة المعاني ليعبّر عن الأفكار بقدر ما هي وليعثر على اللامتوقع من الذات. وهو يتميز بالنفس السردي الذي يحتفي بالجزئيات الدالة واللقطات القادرة على وضع القارئ في الموقف الذي يصفه وفي قلب المشهد الذي يدور فيه، وكأنه يأخذه معه من خلال الكتابة التي تعتمد على النظر والسمع والتنفس!”. وأضافت: “إنه بهذه التقنية الروائية متعددة الأصوات وبهذا التداخل بين التاريخي والسياسي والاجتماعي والثقافي، يُدخلنا إلى عالمه الروائي الذي يرصد حياة مجتمع خلال النصف الثاني من القرن العشرين”.
دراسة الدكتور حلوة عن الروائي د. رشيد الضعيف
أما د. حلوة فقط استعرض في مداخلته، مدونة د. رشيد الضعيف الروائية، التي تضم بضع عشرة رواية، بدأت مع “المستبد” 1983 ولتنتهي حتى هذا التاريخ مع “اوكي مع السلامة” 2008. وقال: “إن الضعيف تحول من عالم الشعر، عالم بداياته، إلى الرواية لأنها هواء هذا العصر ومتنفسّه”. وتوقف عند أهم المحطات التي ميزت أدب الضعيف الروائي: عدم تبشير الضعيف بمدرسة روائية ولا بتيار روائي، فلسفته تقترب إلى عفويته وتلقائيته في كتابة الرواية، كتابته متواضعة، فلسفته تقترب من المحكية اليومية سعياً منه إلى مخاطبة “الأمي والعامل والفيلسوف”، يتلبّس الضعيف الشخصيات التي يكتبها مستخدماً إسمه أحياناً فينسبه لأبطال روايته تكثيفاً لمتعة القارئ الذي يخيل إليه أنه يقرأ سيرة ذاتية، احتفال رواياته بـ”هُوامات” الجنس ومشهدياته وتعابيره وذلك من منطلق ان الجنس جزء من الحياة وعدم الفصل بينه وبين الحب. وهو يرى أن الجنس ممارسة إنسانية وليست أخلاقية. وأشار إلى أن “ثمة انعطافة في مسار الضعيف الروائية تمثلت في رواية “معبد ينجح في بغداد” 2005، التي تستعيد اجواء الكتب التراثية، ولا سيما كتاب “ألف ليلة وليلة” و”الأغاني” للأصفهاني، … وقد اتهم من قبل بعض النقاد، أن عينيه كانت على الترجمة لدى كتابته هذه الرواية”. وأنهى د.حلوة مداخلته قائلاً: “إن الإبداع الزغرتاوي في فن الرواية يرقى إلى عقودٍ خلت، فقد بدأ مع الأب مخائيل معوض في سنيتنيات القرن الماضي، مروراً بالروائي والإعلامي جورج فرشخ ود. أنطوان الدويهي ود. جبور الدويهي، وهو لن يحط رحاله مع د. رشيد الضعيف”.
مداخلات الروائيين السفير زيادة والدكتور الدويهي
ثم اختتمت الندوة بمداخلتين لكل من الروائيين السفير خالد زيادة والدكتور جبور الدويهي. فبعد توجيههما الشكر لـ”مؤسسة الصفدي” على تنظيمها هذه الفعالية الفكرية الهادفة إلى التعريف بالمبدعين من أبناء الشمال، نوّه السفير زيادة بالمجهود الكبير الذي بذلته الباحثة سحر الأسمر “لجهة قراءتها الأعمال بهدف الدراسة والتعليق، وهو ليس بالأمر السهل”. واعتبر وجوده في هذه الندوة باللحظة الفريدة التي أتاحت له اللقاء “بأصدقاء أعزاء. “لقد استعدت في هذه اللحظة الأزمنة الحاضرة في مؤلفاتي، واستعدت لحظة الكتابة، واللحظة التي أنشأت الكتابة، أي الطفولة. فتجولت في هذه الأزمنة وعشت لحظات فريدة معكم”. وأوضح للباحثة الأسمر أسباب عدم ذكره الأمكنة بأسمائها في الثلاثية فقال: “في الكتابة لا يهم إسم الشارع بل الخصائص، وقد اخترت أسماء وهمية ومزجتها باعتبار أنها مشتركة ومتشابهة في المجتمع العربي، فتحدثت عن المدينة العربية بشكل مطلق. أما في كتابي “حكاية فيصل”، فقد اعتمدت الجدية والتسلية، وأنا أرى أن شخصية فيصل عكست تلك المرحلة”. ولفت إلى أنه يفكر في الكتابة عن شخصيات أخرى.
اما الدكتور الدويهي، فقد عبر عن تأثره الشديد بالتحليل الذي قدمته الباحثة الأسمر عن رواياته، وعن فرحته بوجوده في طرابلس التي يحبها. وقال: “إن هاجسي الأساسي في كاتبة رواياتي هو إمتاع القارئ كما أتمتع أنا بالكتابة، مع الاهتمام بترك إمكانات التوتر موجودة لعدم إضجار القارئ”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى