التحقيقات

هموم المواطن خلال العام الدراسي تفرض تخفيف الأعباء ورفع مستوى التعليم

لا تنحصر هموم المواطن خلال العام الدراسي بمشكلة تأمين الأقساط للمدرسة أو الثانوية أو المهنية أو الجامعة بل تتعداها إلى مسألة منهجية التعليم والتربية وماذا يتلقى الطالب من معلومات ومعارف. هل تغدي فيه روح الانتماء إلى الوطن والانفتاح على العالم بدلاً من الانتماء الطائفي والحزبي الضيق وهل تنمي فيه العقل المفكر والمبدع بدلاً من الاجترار والتقليد والتبعية.
بالإضافة إلى مشكلة مستجدة هي مرض انفلونزا الخنازير (H1N1) الذي يقلق إدارات المدارس والأهالي وقد اضطرت مدارس في بعض المناطق اللبنانية إلى إغلاق صفوف ظهرت فيها عوارض انفلونزا.
هذه الهموم والضغوط، كيف السبيل إلى مواجهتها؟ ما هي الإجراءات التي تقوم بها المدارس والثانويات والمهنيات لتخفيف هذه الضغوط عن الأهالي والطلاب؟ ما هو المطلوب من الدولة لتخفيف الأعباء ورفع مستوى التعليم؟
أسئلة وجهناها إلى عدد من مدراء المدارس والثانويات والمهنيات والأهالي والطلاب فكانت الآراء التالية:

ثانوية ومهنية الشمال
الأستاذ محمد الوزة مدير ثانوية ومهنية الشمال قال: “لا توجد زيادة في الأقساط، فالأقساط مدروسة وفي متناول الجميع. والنتائج جيدة والنجاح يقارب 100% وأشكر دولة الرئيس نجيب الميقاتي لمساهمته مع الطلاب ولا يوجد دعم من قبل الدولة للثانوية والمهنية. وكل الاختصاصات موجودة في الثانوية والمهنية. ويصل عدد الطلاب إلى 1200 طالب من جميع الفئات الاجتماعية ومن مختلف مناطق طرابلس والشمال”.
أضاف: “إن مستوى التعليم في لبنان جيد، ولكن يجب أن تكون درجة الاستيعاب لدى الطالب جيدة. والمسؤولية تقع على الطلاب وأهاليهم، فالتلميذ الذي يتابعه الأهل وينجح ويصل إلى مراتب عالية. والمدرسة التي لا تقوم بدورها يحجم عنها الناس. ولقد كرمتنا جامعة الدولة العربية في احتفال وقدم وفد رفيع المستوى من جامعة الدول العربية درع وشهادة تقدير لي بصفتي مدير ثانوية ومهنية الشمال ودرع تقدير لوكيل مدير مهنية وثانوية الشمال الأستاذة زينة الوزة. وقد شارك في الاحتفال وفد أكاديمي من السفارة الفرنسية ومسؤولون من منظمة الأونروا”.

معهد المنارة التقني
الأستاذ بسام عثمان (معهد المنارة التقني) قال: “نظراً للأوضاع الراهنة والظروف الاقتصادية الصعبة والضغط الاقتصادي والاجتماعي اللذين يعانيهما الأهالي لم يطرأ في المعهد أي تعديل في أقسامه الدراسية. ويقدم المعهد بعض المساعدات لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال إجراء حسومات حسب ما تدعو الحاجة. وبما أن التعليم رسالة فإن المعهد، بغض النظر عن طبيعة الأقساط المتدنية، مثابر على اعتماد أفضل المدرسين المتخصصين لتبقى صورته زاهرة كما اعتادت الناس عليه، إذ أنه يحقق نجاحات باهرة في الامتحانات الرسمية تصل إلى 100% في بعض الاختصاصات”.
أضاف: “أهم الاختصاصات في المعهد: المحاسبة، المعلوماتية، التربية الحضانية بالإضافة إلى اللغات والكومبيوتر والماكياج والتزيين النسائي. والمعهد يشجع على التعليم المهني والتقني لأن المتخرجين يحصلون بسهولة على وظائف إن كان في المؤسسات العامة أو الخاصة. فالفروع المهنية مطلوبة في سوق العمل. ويعتمد المعهد على التمويل الذاتي في ما يخص النفقات. أما ما يخص تأمين فرص عمل فإن المعهد له شبكة من العلاقات مع العديد من المؤسسات الخاصة التي تتيح له تأمين فرص العمل لطلابه المتخرجين”.

ثانية S.A.F.E.E.D
الدكتور صفوح دندشي مدير ثانوية S.A.F.E.E.D التخصصية للديسلكسيا والاحتياجات الخاصة قال: “الرسوم لدينا مرتفعة نسبياً ولكنها محكومة بالموازنة التي نقدمها لوزارة التربية. وأقساطنا نوعان: قسط تربوي وتعليمي وقسط علاجي. وتتراوح الأقساط السنوية بين مليونين و3 ملايين ليرة للقسم التعليمي. وهذه الأقساط تغطي المصاريف وخدمة الرواتب ونحن نقسم الأقساط إلى ثلاث دفعات مثل أغلب المدارس. وثانوية S.A.F.E.E.D تابعة للجمعية العلمية للتربية وتنمية البيئة. وقد بدأت الثانوية في العام الدراسي 2007-2008. والأقساط لا تكفي لتغطية خدمة الرواتب وتستعين بمالية الجمعية لتغطية العجز. وقد قدمنا طلبات لجهات داعمة محلية وخارجية ولم نر منها شيئاً سوى الردود والوعود الخجولة. مع التشديد على أنه سبق لنا أن نشرنا دراسة بيّنا فيها أنه عند أول بادرة انقطاع معونات التسجيل والكتب المجانية سوف تحدث كارثة تربوية تتمثل بانسحاب عدد كبير من التلاميذ الذين لديهم رسوب متكرر”.
أضاف: “مدرستنا لا تبيع الكتب والقرطاسية للتلاميذ حرصاً على مصلحة المكتبات. علماً بأن مراويل الروضة نوزعها مجاناً. وأشير إلى أن الرابطة الثقافية أظهرت دعماً معنوياً لنا وقدمت لنا مشكورة أحد الأجنحة في معرض الكتاب السنوي للتعريف بنشاطنا وزارنا النائب سمير الجسر في جناحنا وتعرف إلى إنتاج طلاب الديسلكسيا في S.A.F.E.E.D أما نسبة النجاح في الثانوية نجاحاً 100% والحمد لله، وخاصة في مجال الإعاقات الذهنية التعليمية. وأصبح المتخرجون من هذا القسم قادرين على العمل والإنتاج بشكل طبيعي والاستقلال المادي. مع العلم بأن مدرسة الديسلكسيا هي الأولى والوحيدة من نوعها في العالم العربي”.

الأقساط مرتفعة
يحي حجازي قال: “لم يكف المواطن اللبناني ما يتحمل من أعباء جسيمة تكاد تحطم حياته وتشل تفكيره حتى يأتي موسم المدارس الذي يبدأ فيه الأهل بالتخبط والضياع. الهم الأول هو رسم التسجيل الذي يكاد يكون نصف قسط مدرسي. ثانياً: الأوتوكار. ثالثاً: القرطاسية. رابعاً: الملابس الرياضية. خامساً والأهم: القسط المدرسي الذي بات يهدد كيان العائلة بأسرها وكل عام تطالعنا المدارس بزيادات معلومة وغير معلومة. لماذا؟ لا ندري. إلى من يشكو الأهل همومهم ومن يتحمل تلك الأعباء؟ هل المدرسة الرسمية هي البديل؟ ممكن، ولكن الجميع مطالبون دون استثناء برفع المستوى التعليمي في مدارس الدولة الرسمية مع التشديد والرقابة الفاعلة من الجهات التفتيشية التي لها أثر كبير في ضبط الإدارات المدرسية الأمر الذي يكون له انعكاس مباشر على الهيئة التدريسية التي يمكنها أن تقوم بدورها على أكمل وجه. عندها يستطيع المواطن أن يتوجه وله ملء الثقة بأن النجاح حليف أبنائه دون أن يتحطم هو وعائلته في جحيم الأقساط المدرسية التي لم يعد لها سقف ولم يعد للجان المؤلفة من الأهل دور فاعل لأنها صورة بدون صوت. فالدور المهم هو لأصحاب الشأن وأصحاب المال. والويل كل الويل لمن لا يملك المال لتسجيل أولاده في مدرسة يمكنها أن تساعد في بناء مستقبل الأبناء”.
أضاف: “إننا نناشد الدولة تشديد الرقابة على المؤسسات التربوية الخاصة الطامعة في حال المواطن كما نطالبها بتشديد الرقابة على المدرسة الرسمية لكي يتسنى للجميع الحصول على مقعد دراسي دون أن تهدر كرامته”.

المال والواسطة
هلا الأسمر قالت: “إذا لم يكن لدى المواطن مال وواسطة فلا يمكن أن يسجل أولاده في المدارس الخاصة. والمطلوب من الدولة تأمين فرص عمل والاهتمام بالتلاميذ الناجحين والمتفوقين وإعطاء أهمية للشهادات الرسمية في المدارس الرسمية”.
أضافت: “إن ما يدفع المواطنين إلى تسجيل أولادهم في المدارس الخاصة هو أن مستوى التعليم في هذه المدارس أفضل لأن هذه المدارس تهتم بالتلاميذ خلافاً للمدارس الرسمية التي لا تهتم بالتلاميذ ولا تتابعهم. فالمدارس الخاصة تتابع التلاميذ من خلال الأهل. والمطلوب من الدولة إفساح المجال أمام الأشخاص الذين لم يستطيعوا متابعة دراستهم لإكمال دراساتهم الثانوية أو الجامعية”.

مرض أنفلونزا الخنازير
رودالين اللهيب (طالبة) قالت: “إن احتكار بعض المكتبات لأسعار الكتب والطلاب. وقد تم إعفاء تلاميذ المدارس الرسمية الابتدائية والمتوسطة من رسوم التسجيل. أما المدارس الثانوية “فالله يعين الأهل” وهنالك الخوف من مرض أنفلونزا الخنازير وعدم قدرة المدارسة الرسمية على التوعية الكاملة للطفل”.
أضافت: “عندما تضع الدولة تسعيرة واحدة للكتب وعندما تقوم بتخفيف أسعار القرطاسية بالإضافة إلى التوعية العامة والشاملة للتلاميذ والأهل حول مرض أنفلونزا الخنازير يتحسن الوضع. ويجب إبعاد المحسوبيات والواسطات عن التعليم لإفادة التلميذ والمجتمع. ويجب رفع مستوى التعليم الثانوية من خلال تبسيط الشرح الذي يؤديه الكتاب والأستاذ”.

مدارس خاصة تجارية
رانيا شوقي قالت: “على المدارس الخاصة أن لا تكون تجارية. وعلى المدارس الرسمية أن تهتم بالطلاب أكثر. وهنالك غلاء بالأقساط والكتب والقرطاسية. والمدارس الخاصة تتطلب كثيراً فوق طاقة الأهل. وعلى الدولة تخفيف الأعباء عن المواطن ويجب تجديد المعلمين بدلاً من الإبقاء على المعلمين كبار السن. ويجب إعطاء الدور للمعلمين الجدد لأن المعلمين كبار السن لا يستطيعون أن يتماشوا مع المنهج الجديد”.

الخاصة تهتم بالتلاميذ
وفاء الرشيدي قالت: “كل شيء صعب علينا. فالأقساط مرتفعة وكذلك رسوم التسجيل والأوتوكار (50$ على الولد) والكتب والقرطاسية واللوازم المدرسية. ولدي 3 أولاد في المدارس الخاصة. وقد وضعت أولادي في المدارس الخاصة لأنها تهتم بالتلاميذ من حيث التعليم والتربية والصحة. والمطلوب من الدولة أن تشعر مع المواطن وأن تساعد الولد كي يكتسب العلم الجيد وأن تضمن مستقبله من خلال تخفيض الأقساط وتوفير فرص عمل”.
أضافت: “لو أن الدولة تدعم التعليم من كل النواحي لما وضعنا أولادنا في المدارس الخاصة. ففي المدارس الخاصة لجان أهل وطبيب وصيدلية وطبيب نفساني ولباس موحد. وبرأيي إن مستوى المعلمين في المدارس الرسمية أقل”.

المطلوب مجانية التعليم
أحمد أيوب قال: “الكتاب المدرسي يجب أن يكون مجانياً ويجب أن يكون التسجيل مجانياً مما يخفف الأعباء عن الأهل. ويجب أن تعمل وزارة التربية على هذا الأمر، فالمدارس الرسمية في لبنان ملتزمة بتعليم أطفال لبنان كي لا يذهبوا إلى الشارع. والمدرسة الرسمية مجبرة على تعليم الأولاد حتى سن الرابع عشر”.
أضاف: “لتحسين التعليم يجب أن تقوم الدولة بما يلزم لتوفير العلم وتأمين مستقبل الأولاد من خلال إيجاد فرص عمل بعد إنهاء دراساتهم الجامعية. ويجب أن تؤمن الدولة الطبابة للتلاميذ في ظل مرض أنفلونزا الخنازير والوضع الاقتصادي السيء”.
إن تخفيف الأعباء المدرسية ورفع مستوى التعليم والتربية يحتاجان إلى إرادة وقرار وجهود من قبل المعنيين بالموضوع وبخاصة وزارة التربية وإدارات المدارس الرسمية والخاصة والمجتمع.
تحقيق : أسامة اسماعيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى