المقالات

هل سفراؤنا في الخارج ياقوت أزرق؟ بقلم/ توفيق أبو شومر

عَتِبَ عليَّّ أحدُ المُتابعين لنقدي السفراء الفلسطينيين في إحدى وسائل الإعلام، لأنني قارنتُ كثيرين من السفراء الفلسطينيين والعرب، بالسفراء الإسرائيليين في مجال متابعة القضايا التي تَمسُّ بنا وبهم.وغلَّبتُ السفراءَ الإسرائيليين على سفرائنا الفلسطينيين في مجالات المتابعة، وخدمة الوطن!

فقد قُلتُ:

إن السفراء الإسرائيليين بارعون في ملاحقة الأحداث ومتابعتها إلى نهاية مراحلها، بينما نحن نكتفي في الغالب الأعم بمتابعة الأحداث في البداية إعلاميا، نردُّ على ما نتعرض له من انتقاد في الخارج بلغتنا الخطابية أمام أهلنا!! كأننا نُبَرِّئُ أنفسنا أمام أهلنا فقط، ولا نتابع الحدث بعدئذٍ، ونضمُّهُ إلى قائمة الأحداث السابقة ونطويه في موسوعة النسيان.

كما أن بعض سفرائنا لم يكتفوا بالكسل والنسيان والاكتفاء بالمناصب والميزانيات، بل أساءوا أيضا لوطنهم إساءات كثيرة!!

وما يزال أبرز اتهام وهو [ خيانة الأمانة] يواجه وزير خارجية إسرائيل( أفيغدور ليبرمان) لأنه أوصى( بطرفٍ خفي) بتعيين زئيف بن أريه سفيرا لإسرائيل في جمهورية لاتفيا!!

إن سفراءُ إسرائيل يُطاردون الأخبار والتعليقات ، ثم يقومون بعلاجها وإرسال التقارير إلى الجهات المختصة لمتابعتها، وتكليف الجهات المعنيَّة بعلاجها، وإرسال التقارير عنها، ونشرها في وسائل الإعلام، ولفت انتباه اللوبي اليهودي في بلدان العالم لملاحقتها!!

ولعل أفضل المتابعين الذين يعرفون أدوارهم بدقة هم سفراؤها في الخارج، فهم متحركون أكفاء في هذا المجال، يعرفون معنى[ السفارة].

فالعرب للأسف أجادوا تفسير المعنى الُلُغوي للسفارة، ولكن أحفادهم –نحن- اكتفينا بتعليب معاني السفارة وتجميدها في ثلاجات الكتب والقواميس، فجعلنا السفارات ميدالياتٍ ونيشاشينَ!!

ومما جاء في معنى السفارة في القاموس العربي:

سَفَرَ أي أضاء وأشرق وأكثرَ من السفر والترحال، ومن معاني السفر أيضا كَنَس الأرضَ بحثا وكّتبّ كتابا، وكذا من معاني السفارة الحربُ اشتدت، والنارُ التهبت، والسَفَرةُ في القرآن هم من يُحصون أعمال البشر كما جاء في الآية( بأيدي سفرة كرامٍ بَرَرة) والسافير من أندر الجواهر في الأرض [ الياقوت الأزرق]!!

فهل هذه المعاني تنطبق على سفرائنا الفلسطينيين والعرب في العالم؟

سؤال يحتاج إلى إجابات، فهل هم كالمعادن الثمينة، ممن يعرفون مهمات سفاراتهم في الخارج؟ أم أنهم موظفون نالوا حُظوةَ الرؤساء والمسؤولين وكُوفِئوا على ولائهم، أكثر مما مكافأتهم على قدراتهم وكفاءاتهم ونشاطهم؟

وهل هم أيضا يكنسون المكان الذي يرتحلون إليه بحثا عن مجالات تعزيز الأوطان، فيُحصون الجالياتِ الفلسطينية والعربية في أماكن عملهم، لغرض توظيفهم لخدمة قضاياهم؟

أم أن أكثرهم ينشغلون بجني ثمار المنصب الرفيع في احتكار البعثات الدراسية، وتأسيس الشركات التجارية، وتعليم أبنائهم وأقاربهم الفاشلين على حساب المتفوقين من أبناء الوطن وكذلك الحصول على جنسيات البلدان العاملين فيها؟

وهل هم يدركون بأن سنوات عملهم في السفارات تشبه عاملي مناجم الياقوت الأزرق، يبحثون عن الجواهر والدُرَر الوطنية لتعزيز وتقوية وإغناء الوطن؟

أم أنهم يحسبون فترة تعيينهم في السفارة بحساباتهم البنكية وثرواتهم العقارية؟

أسئلة لا تعني أنها تشمل كل سفرائنا في الخارج، فما يزال كثيرون من المجتهدين يحققون الربح الوطني ويعززون نضالنا، غير أن ظاهرة الاقتتال على السفارات، وتعيين الموالين وإرضاء(الحردانيين) بتعيينهم سفراء، وإقصاء المنافسين وإبعادهم عقابا لهم بمنحهم سفارة في بلدٍ ناءٍ،  بغض النظر عن كفاءاتهم وقدراتهم، ما تزال هذه الظاهرة تستثيرني دائما وتجعلني أطلب التدقيق في تعيينات السفراء الفلسطينيين في الخارج، واعتبار هذا الأمر مقدسا وطنيا، غير خاضعٍ للشقاق والخصام بين القيادات الفلسطينية!!

لقطة أخيرة:

نشرتْ صحيفة يديعوت أحرونوت يوم أمس 19/2/2013 الخبر التالي من مراسل الصحيفة إيتمار إيخنر:

“بينما كان سفير إسرائيل في اليابان (نسيم بن شتريت) يتجول في محطة القطارات رأى كتابا عليه صورة هتلر والصليب المعكوف، فاشتراه ثم قرأه ثم اتصل بدار النشر التي طبعته والتقى مع الناشر وتفاوض معه، ثم أقنعه بأن نشر الصورة والرسوم التي بداخله اعتداء على يهود العالم وهو يدخل في تهمة اللاسامية!

فما كان من الناشر إلا أن اعتذر للسفير، ولم يكتفِ السفيرُ باعتذار دار النشر، بل جعلَ دار النشر تُصدر كتابا جديدا يتحدث عن أنبياء بني إسرائيل وقصصهم الواردة في التوراة، حتى يزول اتهام الناشر بأنه لا سامي.

وأطاعَ الناشرُ أوامر السفير الإسرائيلي وأصدر النشرُ بالفعل الكتابَ الجديد”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى