نقابات

محاضرة بعنوان “اللامركزية الإدارية ما لها وما عليها” : الوجه الحقيقي للديمقراطية الصحيحة

برعاية وحضور نقيبة المحامين في طرابلس ماري تراز القوال، نظم مركز التدرج والتدريب في النقابة محاضرة بعنوان ” اللامركزية الإدارية ما لها وما عليها”، القاها مفوض قصر العدل في النقابة الأستاذ مروان ضاهر و رئيس لجنة اللامركزية الإدارية في نقابة بيروت ومقرر هيئة دعم اللامركزية المحامي فادي بركات، بحضور أعضاء مجلس النقابة الأساتذة : منير الحسيني ، محمود هرموش، جمال اشراقية، عضوا الهيئة الإدارية لمركز التدرج الأستاذان: زهرة الجسر وفراس الشيخ، عدد من المحامين ومحامين متدرجين وحقوقيين وذلك في القاعة الوسطى في دار النقابة.

بعد كلمةٍ ترحيبية، إفتتح الأستاذ ضاهر محاضراته قائلا:” في مطلع كل عهد تتكلم الناس عن الإدارة والإصلاح الإداري واللامركزية الإدارية. وتنتهي ولاية العهد وتتعاقب الحكومات ويبقى الحديث عن هذا الموضوع الشغل الشاغل لجميع رجالات السياسة والإدارة وأهل الفكر والعلم. فما هي إذن اللامركزية الإدارية؟، تعتمد الدولة في تخطيط سياستها الإدارية وتنظيم جهازها الإداري وتسيير مرافقها العامة نظام المركزية الإدارية أو نظام اللامركزية الإدارية أو غير ذلك من الأنظمة التي تتلائم مع سياستها العامة. والمركزية واللامركزية وجهان من أوجه التنظيم الاداري الأكثر شيوعا في دول العالم الحديثة وتمارس الدولة سلطتها الإدارية من خلال أحد هذين النظامين أو كليهما، فإذا كانت المركزية الإدارية تعني انفراد السلطة المركزية بواسطة أجهزتها المركزية المتواجدة في العاصمة، المركز، أو في المحافظات والأقضية، بممارسة جميع المهام ذات الطابع الوطني العام وتلك ذات الطابع المحلي، فاللامركزية، على عكس ذلك تقضي بتوزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة وهيئات عامة أخرى، محلية أو مرفقية، تباشر وظيفتها تحت إشراف ورقابة سلطة المركزية.

وتابع:” تظهر اللامركزية الإدارية بصور مختلفة وأول صورة عرفت لفكرة اللامركزية الإدارية هي الصورة الإقليمية أو المحلية، وكانت البلدية النموذج الطبيعي لصورة اللامركزية الإدارية الإقليمية أو المحلية، والتي إتخذت مع مرور الزمن تنظيماً قانونياً وكياناً مستقلاً معترفاً به من الدولة واتخذت طابعا مؤسسياً يتمتع بالوجود القانوني وبالشخصية المعنوية وبالإدارة الذاتية. وما لبثت كيانات أخرى امام الحاجة وازدياد أعباء الدولة، أن اتخذت هذا الطابع كبعض المدن والمحافظات والأقاليم. ففي لبنان تشكل البلدية واتحاد البلديات نموذج لللامركزية الإدارية الإقليمية. أما في فرنسا على سبيل المثال، فتنقسم الوحدات اللامركزية الإقليمية الى محافظات ومدن وقرى يطلق عليها تسمية البلديات.
وفي مطلع القرن العشرين وبتغيير المفهوم السابق لدور الدولة وانتقالها من دولة الشرطي الى دولة الإنماء والرفاهية مرورًا بدولة العناية ظهرت صورة أخرى لللامركزية الادارية تقوم ليس على أساس إقليمي بل على أساس توزيع الوظائف الإدارية وفقاً لطبيعة النشاط وللحاجة التي يراد اتباعها، فكانت اللامركزية المرفقية أو الفنية ، وتشكل المؤسسات العامة نموذجا لللامركزية المرفقية.

ليتحدث بعدها عن الإختلاف بين اللامركزية الإدارية الإقليمية عن اللامركزية الإدارية المرفقية في عدة أمور أهمها :
يمكن أن توجد اللامركزية المرفقية في دولة تطبق النظام المركزي أو اللامركزي، بينما لا يمكن تحقيق اللامركزية الإقليمية في دولة تطبق نظام المركزية الإدارية أو في دولة غير ديمقراطية ذلك أن اللامركزيةالاقليمية نظام إداري ملازم للديمقراطية.
يمكن للهيئات اللامركزية المحلية أن تنشىء مؤسسات عامة محلية وتمنحها الشخصية المعنوية لإدارة بعض المرافق الخاصة بالوحدة الإدارية التي تقوم عليها، كمجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت ضمن نطاق ووصاية وإشراف محافظة بيروت.‏

  • للهيئات اللامركزية المحلية اختصاص عام يشمل جميع الشؤون والمرافق المحلية، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك،‏ ضمن نطاقها الجغرافي، بينما اختصاص الهيئات اللامركزية المرفقية محدد يقتصر على إدارة مرفق أو مرافق عامة معينة ولا يرتكز بالضرورة على نطاق جغرافي معين.

وتتطلب اللامركزية الإدارية الاقليمية وجود شروط أو عناصر معينة تتحقق بتوافرها وهي ثلاثة:
الاعتراف بوجود مصالح محلية متميزة عن المصالح الوطنية:
أ‌- فالعلاقات الخارجية والشؤون الدفاعية تعتبر ذات طابع قومي لأنها تتعدى في أهدافها النطاق المحلي. اما ‏ تلك التي تقتصر على نطاق جغرافي محدد وتعتبر شأنا محليا خاصا فهي ذات طابع محلي مثل شؤون النظافة وإنشاء الحدائق والساحات العامة . ويحدد القانون هذه وتلك. ‎

ب‌- قيام أجهزة محلية تؤمن المصالح المحلية:
يجب أن تشرف على المصالح المحلية وتتولاها هيئات محلية مختارة من البيئة المحلية وتشعر بالانتماء الى المجتمع المحلي فالاختيار يجب أن يتم ليس فقط من البيئة المحلية ولكن بواسطة أبناء البيئة المحلية.
ج- إحتفاظ السلطة المركزية بحق الرقابة على الهيئات المحلية:
إذا كانت اللامركزية نوع من الإدارة الذاتية إلا أنها لا تعني الاستقلال التام عن الدولة . فالاستقلال هنا هو استقلال الأجهزة والاستقلال في ادارة الشخص المعنوي اللامركزي ضمن الحدود التي يعينها القانون مع البقاء في إطار الدولة الواحدة. ” فاللامركزية الإدارية بمفهومها الصحيح ليست تبعية وليست استقلالا. فهي ليست تبعية من حيث أن علاقتها بالسلطة المركزية ليست علاقة رئاسية ولا علاقة خضوع بعنى أنه ليس للإدارة المركزية سلطة تسلسلية على الإدارة اللامركزية . وهي ليست استقلالاً بمعنى أن الوحدات الإدارية الاقليمية لا تكون كيانات مستقلة قائمة بذاتها وتتمتع بسلطات الدولة الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية.

فاللامركزية إذن هي وسط بين الاثنين وتقع بين نقيضين : المركزية و الفدرالية.
يتحقق ارتباط السلطة اللامركزية بالسلطة المركزية عن طريق ما يسمى بالوصاية الإدارية أو الرقابة الإدارية التي تمارسها السلطة المركزية على السلطات اللامركزية من أجل حماية المصلحة العامة واحترام القانون.
وتكون الوصاية أو الرقابة الإدارية من السلطة المركزية على أشخاص الهيئات اللامركزية ومقرراتهم لجهة تصديقها وحق توقيفها وإلغائها وحق الحلول محلها.
وهكذا فاللامركزية الإدارية نظام إداري متطور يؤمن حداً ادنى من الحريات وينمي الشعور بالمسؤولية وبالأهمية، ولهذا تأثيره الكبير، من الناحية النفسية على الأقل ، لأنه يؤدي الى إذكاء روح المشاركة في الحياة العامة وإذكاء روح التضامن والى التفاعل بين طبقة الحكام والمحكومين ضمن إطار الدولة الموحدة.

‏ولهذا النظام حسنات وسيئات ، فمن حسناته من الناحية الإدارية:
‎١- تخفف اللامركزية الإدارية الإقليمية ( البلديات) من أعباء السلطة المركزية باعتبار أن الوظيفة الإدارية في هذا النظام تتوزع بين السلطة المركزية والهيئات المحلية.
‎٢‏ – يؤدي اعتماد نظام اللامركزية الإدارية الإقليمية الى نمو وازدهارالأقاليم وأطراف الدولة أسوة بالعاصمة لأن ممارسة السلطة الإدارية من قبل السلطات المحلية يؤدي الى التحسس بمشاكل البيئة المحلية وعدم إهمال حاجاتها، الأمر الذي يقرب درجة النمو والحضارة بين أبناء الدولة الواحدة والمجتمع الواحد من سكان العاصمة وسكان الاقاليم.
‎٣‏ – يؤدي اعتماد نظام اللامركزية الإدارية الاقليمية وبالتالي وجود هيئات محلية منتخبة من السكان المحليين وعلى مقربة منهم، الى اختصار الوقت في البت بمعاملاتهم وقضاياهم والى تبيسط الإجراءات وأساليب العمل والى اقتصاد في النفقات التي يتحملها المواطنون.
ومن سيئات اللامركزية الإدارية من الناحية الإدارية أيضاً:
1- قد تجر اللامركزية الإدارية الاقليمية الى تغليب المصالح الاقليمية المحلية على المصالح الوطنية العامة، وقد تلعب الحزبية المحلية في هذا الجال دورا سلبيا يؤدي الى تعطيل دور الهيئات المحلية وبالتالي إنتفاء الغاية التي من أجلها أنشئت هذه الهيئات المحلية.
2- ‏ قد لا تستطيع اللامركزية الإدارية الاقليمية مواكبة متطلبات الحياة العصرية ، اقتصاديا واجتماعيا عند افتفارها للامكانات البشرية والمالية والفنية والتي غالبا ما تحول دون وضع خطط إنمائية شاملة.
‎3- يؤخذ على اللامركزية الادارية الاقليمية أنها تؤدي الى المساس بوحدة الدولة الإدارية نظرا لتوزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية من ناحية والهيئات اللامركزية من ‏ناحية أخرى . لكن يرد على هذا المأخذ بأن الرقابة الإدارية التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات المحلية كفيلة بضبط تجاوزاتها وإبطال أعمالها المخالفة للقانون والتي لا تنسجم والصالح العام هذا من الناحية الإدارية .

أما من الناحية الاجتماعية :
تخلق اللامركزية الإدارية الاقليمية من الناحية الاجتماعية نوعا من التضامن بين أبناء الوحدة المحلية، كما تخلق نوعا من الحياة المشتركة فيما بينهم بحيث تتشابك المصالح وتتوحد الاتجاهات والأهداف.

أما من الناحية السياسية:
سيكرس نظام اللامركزية الإدارية الاقليمية، حرية واستقلال السلطات المحلية بإدارة نفسها بنفسها . ويرتبط هذا النظام بفكرة الديمقراطية السياسية التي تتجسد على صعيد الوطن بمشاركة الشعب في الحياة السياسية الوطنية عن طريق اختيار ممثليه ، وعلى الصعيد المحلي بمشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم المحلية عن طريق انتخاب هيئاتهم المحلية. لكن يؤخذ على هذا النظام أنه يساعد على نشوء الحزبيات المحلية الضيقة ونمو النزاعات السياسية والخلافات العائلية التي تؤثر تأثيرا كبيرا في فعالية النظام اللامركزي. كما يقوم هذا النظام على خلق مجموعة من الوحدات الإدارية المستقلة داخل الدولة، الأمر الذي يهدد وحدة الدولة السياسية والقانونية خاصة إذا ما أهملت هذه الأخيرة رقابتها على الهيئات المحلية وأحكمت وصايتها عليها، لا سيما إذا كانت الدولة تمر في ظروف تكون فيها وحدتها مهددة.
تجدر الاشارة أخيراً الى أن اللامركزية الإدارية لا تقتصر فقط على البلديات والمؤسسات العامة وانما تتعدى ذلك الى اتحاد البلديات‎ والمختارين والهيئات الاختيارية وأخيراً الى مجلس القضاء الذي نص عليه اتفاق الطائف ولم توضع النصوص التي تضعه موضع التنفيذ.‎‏
‏فقد تضمنت وثيقة الوفاق الوطني حلولاً ترمي الى تسهيل المعاملات الإدارية، وإشراك المواطنين في إدارة شؤونهم دون الاضرار بوحدة الوطن وهي، إذ شددت على دولة مركزية تقوم على وحدة الوطن والشعب والمؤسسات في إطار هوية عربية ووطن نهائي مستقل.
نصت، في الفقرة الرابعة من البند الأول، وتحت عنوان << اللامركزية ‎الإدارية>> على ما يلي:
اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة على مستوى الوحدات الإدارية الصغرى <<القضاء وما دون عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرأسه القائمقام تامينًا للمشاركة المحلية>>.
لعل الهاجس الذي أوحى النص المذكورهو هاجس تنمية، هاجس إصلاح للدولة وإدارتها، هاجس تحديث لمؤسسات الحكم بما يكفل إشراك الشعب، بصورة فعلية ومنظمة، في إدارة شؤونه المباشرة. ‏
‏وريثما يصدر قانون إنشاء مجلس القضاء يحدد صلاحياته ونطاق عمله وطريقة انتخاب أعضائه وكيفية تمويله وسائر شؤونه الإدارية والمالية والتنظيمية، فإننا نرى أن يلحظ قانون إنشائه النقاط الاساسية التالية:
‏1- تطعيمه بعناصر معينة من أهل الاختصاص ومن رجالات النقابات الحرة بالاضافة الى الأعضاء المنتخبين .
‎٢‏ – أن يكون انتخاب أعضاء مجلس القضاء بالتصويت العام المباشر .بمعزل عن أي انتماء ديني أو مذهبي.
‎٣‏ – أن يكون الناخبون من المقيمين فعليا في القضاء لا من تقيدت أسماؤهم في لوائح الشطب الخاصة بكل قضاء
‎٤‏ – أن يتمتع مجلس القضاء بالشخصية المعنوية وبالاستقلالين المالي والإداري .
‎ ‏5- أن يمارس مجلس القضاء الرقابة على أعمال الوحدات الاقليمية القائمة في القضاء وأن يشرف على تنفيذ الأشغال والمشاريع المقررة للقضاء وأن تشمل صلاحياته كل ما يختص بالعمران والانماء والأشغال والصحة والاسكان والتربية وسواها .

‏وختم قائلا:” إن اللامركزية أمر لا مفر منه في أية دولة من دول العالم ، إنها الوجه الحقيقي للديمقراطية الصحيحة، فكما يقول ‏أحد العلماء الإداريين “الحكم الصحيح هو الذي يمارس عن بعد،‏وأما الإدارة الصحيحة فهي التي تمارس عن قرب”.

ليبدأ بعدها الأستاذ بركات محاضرته متحدثاً عن اللامركزية ضمن شقّين نظري وعملي.

أما عن الشق النظري فقد تناول الأستاذ بركات المرحلة التاريخية الممتدة منذ تكون المجتمعات بشكلها البدائي من عائلات وعشائر وقبائل وصولاً الى المدينة الدولة “cite etat” ومنها الى الدولة الحديثة بنوعيها البسيط والمركب، مروراً بالمفاصل التاريخية الأبرز والتي اسهمت بشكل مباشر في تطور وتحول هذه المجتمعات إن كان من حيث مصدر السلطة ، بدءاً بالسلطة المستمدة من الآلهة وصولاً الى سلطة الشعوب والتي تطعّمت بالثورات الكبرى من فرنسية واميركية وغيرها، وإن من حيث الأنظمة السياسية المختلفة لكل مرحلة تاريخية ولكل نوع من الدول.
ولم يكن هذا السرد التاريخي إلا مقدمة مهّد من خلالها الاستاذ بركات الطريق للحضور وجعل منها القاعدة التي بنى عليها أسس محاضرته والتي سلط الضوء فيها على مفهوم اللامركزية معرفاً اياها بأنها تنازل السلطة المركزية عن بعض من سلطاتها الى هيئة محلية منتخبة تتمتع بهامش من الاستقلال الاداري والمالي. وان الذي يحول دون تمتعها بالاستقلال التام هو حق الرقابة الذي يبقى والحالة هذه في يد السلطة المركزية.
كما تطرق الاستاذ بركات الى التعريف والتمييز بكافة اشكال وصور اللامركزية وقد شدد على تلازم اللامركزيتين الادارية والمالية اذ ان كل واحدة منهما تحتاج الأخرى كي تؤتي بفعاليتها، فلا ادارة من دون تمويل يغذي صناديقها وبالتالي مشاريعها، كما أن المال دون الادارة لن ينفع هذه الوحدات بشيء بل سيكون مصير هذه الاموال حتماً هو الهدر.
ثم انتقل الاستاذ بركات بعدها الى موضوع حساس جدا ويثير الكثير من اللغط ألا وهو التفرقة بين اللامركزية الادارية واللامركزية السياسية، مسهباً في شرح الفيديرالية تاريخاً ومفهوماً، محذراً من خطورتها على لبنان.
أما بالنسبة للشق العملي ، فقد خصص له الاستاذ بركات الجزء الثاني من محاضرته، الذي تسعى اللجنة والنقابتين متعاونتين لتحقيقه، والذي تصبو من خلاله لتحقيق ثلاثة اهداف:

  • الأول توعوي يهدف الى توعية الافراد على اختلاف فئاتهم وانتماءاتهم على اللامركزية.
  • الثاني تنفيذي يهدف الى وضع خطط قابلة للتطبيق بحيث تكون أقرب ما يكون الى تلبية حاجات وتطلعات المواطنين،
  • أما الهدف الثالث فهو ذو طبيعة توجيهية، تتمكن من خلاله اللجنة من وضع ارشادات أو توجيهات عامة (directives generalles) لمشروع اللامركزية المطروح في مجلس النواب والذي وضعته لجنة قام بتشكيلها الرئيس ميشال سليمان.
    وإنه وعلى الرغم من ضرورة الاعتراف بالمجهود والعمل الذي قامت به هذه اللجنة، إلا أنه، وفي تقييم موضوعي بحت، ولسوء الحظ ونقص التخطيط ، جاء المشروع مشوباً بالكثير من الثغرات والفجوات التي تجعل من التصويت عليه واقراره ومن ثم تطبيقه “بصورته الحالية” أمراً مستحيلاً. فأغلب القوانين التي تقر لا تكون مبنية على دراسات موضوعية وعلمية تقوم بها جهات مختصة ومحايدة ومهنية، لا بل انها تتم دون اسس ودراسات واحصاءات علمية، وكلنا نعلم نتائج هذه المشاريع الكارثية وما جلبته علينا من ويلات ومشاكل ومن هذه القوانين على سبيل المثال لا الحصر قانون الايجارات الشهير وقانون سلسلة الرتب والرواتب وحق الوصول الى المعلومات وحماية المستهلك وغيرها، وان مشروع قانون اللامركزية بصورته الحلية المطروحة لا يشكل استثناء عن هذه الأخطاء.
    من هنا، انطلقت لجنة اللامركزية ونقابتي المحامين في بيروت وطرابلس وبإشراف مركز الابحاث في الجامعة اللبنانية، بالتحضير لاستطلاع رأي ميداني، يقوم بتنفيذه محامون منتسبون الى احدى النقابتنين، يجمعون البيانات والاجابات عن اسئلة الاستبيان الموحد وذلك بعد اختيار علمي ودقيق للعينة الممثلة، كل ذلك كما ذكرنا بمتابعة واشراف اكادميين، لتكون في النهاية نتائج هذا الاستطلاع للرأي بمثابة قاعدة علمية سليمة تبنى عليها ركائز مشروع قانون اللامركزية وتكون منارة لما سوف يليها من مشاريع.
    وختم الاستاذ بركات محاضرته بفتح باب التطوع امام المحامين وحثهم على المشاركة بهذا العمل النقابي الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى