المقالات

لبنان… إلى أين؟ كتب:عبدالله خالد-10

تصاعدت وتيرة الفراغ في قصر بعبدا بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان لأن النصاب الدستوري المطلوب لبدء عملية الإنتخاب لم يتحقق رغم تكرار دعوة النواب من قبل رئاسة المجلس دون جدوى. وكان فريق 14 آذار قد رشح قائد القوات اللبنانية سمير جعجع بينما التزم فريق 8 آذار بترشيح العماد ميشال عون. وفي محاولة لكسر الجمود وتأمين النصاب القانوني لبدء عملية انتخاب الرئيس الجديد رشح الرئيس سعد الحريري الوزير سليمان فرنجية أملا أن يضعف هذا الإختيار فريق الثامن من آذار وأن يشكل مكسبا لفريق 14 آذار بإنضمام شخصية بوزن فرنجية لصفوفه. وكان يكفي أن يحضر فرنجية جلسة الإنتخاب لتأمين النصاب وبالتالي أن يصبح رئيس الجمهورية المنتخب. ولكنه رفض الحضور التزاما بفريقه السياسي مقدما نموذجا يحتذى في تقديم مصلحة التيار الذي ينتمي إليه على حساب مصلحته الذاتية.
في الجانب الآخر كان البعض يتحدث عن ضرورة تحقيق وحدة الصف المسيحي التي تتطلب التوافق بين العماد عون وسمير جعجع وهكذا تم توقيع “اتفاق معراب” بينهما أدى إلى التوافق على ترشيح العماد عون للرئاسة مقابل إقرار الشراكة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وسرعان ما برزت ملامح تسوية بين العماد عون وسعد الحريري قوامها وصول عون لرئاسة الجمهورية مقابل استمرار سعد الحريري في رئاسة الحكومة وبذلك تم اكتمال النصاب وانتهى الفراغ في قصر بعبدا لتأخذ اللعبة السياسية مسارا مختلفا بعد أن تأكد تماسك فريق الثامن من آذار مقابل سعي جاد من قبل الحريري وجعجع لكسب ود الرئيس عون وهكذا بدأ عهد الرئيس عون مدشنا نوعا جديدا من التعامل السياسي في ظل تنامي تماسك فريق 8 آذار ومساع جادة لخلخلته عبر قوى 14 آذار.
الأمر المؤسف أنه على الرغم من أن الجميع يزعم دعمه لإتفاق الطائف إلا أن هذا الإصرار لم يتحول إلى عمل جاد وكل ما حصل هو الإنتقال من مرحلة رفض إحداث التغيير المطلوب إلى مرحلة التسويف والمماطلة في تحقيق هذا الهدف وهكذا تعززت الطائفية السياسية بدلا من أن تلغى عبر إقرار المواطنة التي تشكل المدخل لتحقيق الدولة المدنية الديمقراطية التي تحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين مكونات الوطن كما تعززت عبر عدم إلغائها الفرصة مجددا لعودة طروحات الحياد والفدرلة ليصبح من حقنا أن نتساءل أين أصبح تحرير مجلس النواب من الإنتماء الطائفي وتشكيل مجلس الشيوخ الذي يفرض التوازن بين مكونات الوطن وأين أصبح إقرار اللامركزية الادارية والإنماء المتوازن وغيرها من القوانين التي يفترض أن تكون قد أقرت بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على تحول اتفاق الطائف إلى دستور جديد للبنان.
لقد أمل اللبنانيون أن يشكل نهج الطائف المدخل لرفع الغبن عن بعض اللبنانيين وإزالة الخوف لدى البعض الآخر وبدلا من التركيز على هذا الأمر كأولوية مطلقة بدا البعض يسعى للعودة بلبنان إلى ما قبل الطائف بدلا من الإصرار على تحقيق المواطنة بإعتبارها خشبة خلاص الوطن… وإذا كنا نعيش اليوم أكثر من أزمة على أكثر من صعيد فإن إيجاد الحلول لها يفترض وفاقا وطنيا حقيقيا وليس مشاريع تعزز التناقضات وتحيي أوهام الشرذمة… وهذا يحتاج لحديث آخر.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى