إجتماعيات

غادرتنا،كما والدك،في ريعان الشباب وداعًا،صديقي، وهيب جاك دوره ! كتب: د مصطفى الحلوة

عرفتُ وهيب دوره في يفاعته،وله من العمر ثمانية عشر عامًا،من خلال عضويته في”لجنة الجامعيين”،التابعة لِ”مؤسسة الطوارىء”،التي أنشأها النائب السابق سليم حبيب ،بداية تسعينيات القرن الماضي،لمساعدة موجات المتدفقين من أبناء الجنوب على طرابلس،جرّاء الإعتداءات الإسرائيلية المتمادية على قرى الجنوب وبلداته.وقد طلب والده إليَّ أن أواكبه في دراسته الجامعية،وأن أرعاه في موهبته الكتابية،فكان أن خصّصتُ له عمودًا دائمًا،في صحيفة “صوت الطوارىء”،التي كنتُ أُشرف عليها، وهي لسان حال “مؤسسة الطوارىء”،ناهيك عن عقد ندوات وإجراء تحقيقات صحفية.وقد أسفر وهيب عن فكرٍ نيّر وعن عمق رؤيا .وكان والده-وهو من أصدقاء النائب حبيب-ينتظر ،بفارغ الصبر،تخرّجه،ليمارس مهنة المحاماة أو يدخل السلك القضائي.ولكن من أسفٍ،كان للقدر أن يتخطّف الوالد ،عبر موت فجائي،وهو في عزّ شبابه،مخلّفًا عائلة ،لا مُعيل لها ولا سند !
عاندَ وهيب القدر،وحقّق حُلم المرحوم والده،وارتقى في السلك القضائي،وحاز مؤخّرًا شهادة الدكتوراه في الحقوق ،من الجامعة اللبنانية،وليغدو أحد أساتذتها.
رأيته،اَخرَ مرة،أمام بنك”سوسيته جنرال”،في طرابلس،واقفًا بين جموع كبيرة،منتظرًا دوره،بشكل نظامي! وقد تواعدنا على لقاء،لم يحصل،إذْ أن الجائحة الكوفيدية،راحت تشتدّ وتحصد الكثير من الأرواح.ولم أكن لأحسب أن هذه الجائحة اللعينة ستودي به إلى حتفه،وهو المعروف بحرصه الشديد وإلتزام التباعد المكاني.ولكنه القدر،الذي حلّ على العائلة، منذ ربع قرن ليدفع بوالده الى الأبدية،وهاهو القدر يضرب ضربته الثانية،فيلتحق وهيب بوالده !
أشهدُ،أمام الملأ،أنني لم أُصادف في حياتي إلّا قلّةً كوهيب،من ذوي الخُلُق الرفيع والإستقامة ونظافة الكف ،والعصامية والمثابرة،حتى نحت الصخر!
وداعًا،صديقي وهيب،محمّلًا إياك سلامي إلى صديقي المرحوم والدك! العزاء لزوجتك ولأبنائك،وجميل الصبر لوالدتك الصابرة، التي فجعها القدر مرتين،وذلك ما لا تحمله الجبال! وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
الصورة:تقرير عن”بيت الشيخوخة” في الميناء،وضعه وهيب،ونُشر في “صوت الطوارىء”،في أيار 1996.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى