الأخبار اللبنانية

الرئيس ميقاتي: الحوار لا يجوز ان يكون موسمياً بل فعل إيمان نمارسه يومياً

جدد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي” الدعوة الى التلاقي حول طاولة الحوار الوطني مطلع الاسبوع المقبل في القصر الجمهوري “. وقال “إن مثل هذه الفرصة المتاحة اليوم امام القيادات اللبنانية، تشكل الاطار الجامع الذي يمكن من خلاله طرح المواضيع المختلف عليها بحرية وموضوعية ومسؤولية، وصولا الى حلول تعكس التوافق الوطني الذي كان وسيبقى المِعبر الوحيد لحماية الوحدة الوطنية وتحصين الجبهة الداخلية وتمكينها من مواجهة التحديات من اين اتت”.

وشدد على “أن الحوار لا يجوز ان يكون موسمياً، أو تَرفاً نُقبل عليه أو نرفضه، تبعا لاهوائنا ومزاجنا ومصالحنا وحساباتنا، بل هو فعل ايمان يجب ان نمارسه يومياً اذا كنا نريد لوطننا ان يبقى ويستمر، واحداً، موحداً، منيعاً، قوياً، وقادراً على ممارسة دوره بحرية وسيادة وكرامة في محيطه والعالم”.

وكان الرئيس ميقاتي رعى قبل ظهر اليوم في السرايا إحتفالا لمناسبة اليوبيل الذهبي للمجلس الوطني للبحوث العلمية، في حضور: وزراء الخارجية والمغتربين عدنان منصور، الزراعة حسين الحاج حسن، البيئة ناظم الخوري، الصناعة وريج صابونجيان، الاعلام وليد الداعوق، والتربية والتعليم العالي حسان دياب. كما حضر النواب: عبد اللطيف الزين، كامل الرفاعي، وخالد زهرمان، عدد من النواب السابقين، سفيرة الاتحاد الاوروبي انجيلينا ايخهورست، وسفراء: ايطاليا، اسبانيا، تركيا، اوكرانيا، قبرص، الجمهورية الاسلامية الايرانية، وسلطنة عمان، والأمين العام لمجلس الوزراء ومفوض الحكومة لدى المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور سهيل بوجي، ممثلة منظمة اليونيسف في لبنان آنا ماريا لوريني وعدد من مديري المنظمات الدولية والمدراء العامين، رئيس مجلس ادارة المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور جورج طعمة والامين العام للمجلس الدكتور معين حمزة، الامين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء عدنان مرعب، رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين ،مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان صعب، بالاضافة الى رؤساء عدد من الجامعات في لبنان.

الرئيس ميقاتي

في بداية الاحتفال القى الرئيس ميقاتي كلمة مقتضبة إعتذر فيها عن عدم تمكنه من المشاركة في الاحتفال لارتباطات طارئة، وكلف الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي القاء الكلمة نيابة عنه.

وقال الرئيس ميقاتي: أحببت ان ارحب بكم اليوم، ولو بشكل سريع، وانا سعيد لأن نلتقي في مناسبات علمية. هذا هو الاحتفال الثالث الذي أرعاه في السرايا للمجلس الوطني للبحوث العلمية، وهذا يشكل مدعاة فخر وإعتزاز لي، لأن نلتقي دائما مع العلماء والمفكرين ونكرمهم، خاصة وأن هذا المجلس يحتفل بيوبيله الذهبي. لا بد في هذه المناسبة من أن نستذكر كل من ساهم في انشاء المجلس الوطني للبحوث العلمية، ونحيي القيّمين عليه اليوم. لقاؤنا اليوم مميز، خاصة  بوجود هذه النخبة، وكنت آمل أن ابقى معكم، ولكنني مضطر للمغادرة بسبب اجتماعات عمل ملحة.

وزير التربية

ثم القى وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب كلمة جاء فيها: لا شك أن عصر العولمة الذي نعيش فيه بأبعاده العلمية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية بات يشكل امتداداً طبيعيا لإنسياب المعارف والعلوم وتداولها بيسر في شتى أرجاء العالم بعد أن ساهمت الوسائل الحديثة والتقنيات المتطورة التي هي من أدوات وآليات العولمة في إزالة الحواجز والحدود بين المجتمعات بحيث أصبح العالم وكأنه وحدة جغرافية لا حدود لها.

تشير المعطيات إلى أن العلم يزدهر يوماً بعد يوم وأن المعرفة العلمية تزداد “كماً ونوعاً” وأن ليس هناك نهاية للإختراعات العلمية أو الإضافات التكنولوجية التي تتم حالياً بمعدل إختراع أو إكتشاف جديد يقاس بالدقائق، علماً بأن البشرية لا تزال في البدايات، من حيث عدد العلماء وعدد الإختراعات وحجم المعرفة العلمية ونوعيتها وتأثيراتها على الحياة والإنسان.

من هذا المنطلق تبدو لنا أهمية مؤسسات التعليم العالي ودورها في إنتاج المعرفة ونشرها خدمة للمجتمع. ولا تستطيع هذه المؤسسات أن تؤدي دورها في إنتاج المعرفة دون القيام بالأبحاث العلمية لأن ذلك يسهم في رفع كفاءة الهيئة التعليمية وتحديث معارفها مما يؤدي إلى رفع مستوى الخريجين الذين يؤلفون العمود الفقري لإقتصاد المعرفة. إن من المؤسف الإشارة إلى أن معظم جامعاتنا سواء في لبنان أو في العالم العربي عامة لا تحدد أهدافاً إستراتيجية للأبحاث العلمية، كما لم يكن للعديد من هذه الجامعات سياسات واضحة تهدف إلى تخطيط النشاطات البحثية لدعم التنمية الإقتصادية والإجتماعية والبيئية نظراً لما يعول على هذه الجامعات ومؤسسات التعليم العالي من دور أساسي في ميدان التنمية والتطوير، لذلك فهي مدعوة للإسهام في حل المشاكل الصناعية والتكنولوجية المزمنة أو الطارئة، لكونها تشكل عقبات رئيسية في سبيل تطور المجتمع، ولن يتأتى لها ذلك إلا بعد رسم إستراتيجية للبحث العلمي وإختيار طرائق تدريس تعتمد على الإستيعاب والتفكير التحليلي بدلاً من الحفظ الإستقرائي المتبع حالياً في الكثير من المؤسسات التعليمية التقليدية.

أضاف: إننا نعتبر هذه المنطلقات بمثابة الأساس للتوجهات الإستراتيجية في التعليم العالي في لبنان، والتي تمت ترجمتها على أرض الواقع من خلال مجموعة من القوانين ما زلنا نسعى لإقرارها في مجلس الوزراء ومجلس النواب، والتي تهدف بمجملها إلى تنظيم التعليم العالي وإدارته بما ينسجم مع الحاجات الوطنية ومقتضيات التنمية.  كما أننا نسعى لوضع معايير ومؤشرات خاصة لتنظيم التدريس في مستويات الماجستير والدكتوراه لضمان أن يكون هذا التعليم ذا فاعلية وإستجابة أكثر لمتطلبات التنمية، وذلك بالتعاون مع المعنيين في قطاع التعليم العالي وبالأخص الجامعة اللبنانية ورابطة جامعات لبنان.

وقال :إن مشروع قانون تنظيم التعليم العالي الذي تتم مناقشته حالياً في مجلس النواب قد ركز في كثير من جوانبه على أهمية البحث العلمي ووجوب مساهمة مؤسسات التعليم العالي في البحث عبر تكريس نسبة من موازناتها للبحث العلمي وتوفير مستلزمات هذا البحث لهيئاتها التعليمية وطلابها، وبذلك يستطيع أفراد الهيئة التعليمية الإطلاع على آخر المستجدات في ميادين إختصاصهم، كما أكد مشروع القانون على أهمية التقييم والتدقيق الدوري للمؤسسات وتجديد الإعتراف بالبرامج الجامعية مع إحترام الحرية الأكاديمية والإستقلالية لهذه المؤسسات. كما أن مشروع قانون إنشاء الهيئة اللبنانية لضمان الجودة في التعليم العالي سيسهم أيضاً وبشكل فاعل في تكريس آليات للتقييم الذاتي والتقييم الخارجي لمؤسسات التعليم العالي مما يضمن إستجابتها للمتطلبات الوطنية ويؤكد مواكبتها للتطورات العالمية.

وقال: على صعيد آخر فإن وزارة التربية والتعليم العالي ماضية قدماً بدعم مشاريع البحث العلمي عبر “برنامج سيدر” اللبناني الفرنسي وقد تم إختيار المشاريع البحثية التي سيتم دعمها هذا العام، كما سيصار قريباً إلى الإعلان عن قبول طلبات الترشيح للسنوات المقبلة، وقد إستطعنا عبر هذا البرنامج وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية تمويل ما لا يقل عن ثلاثمئة مشروع بحثي مما ساهم بنشر عدد كبير من الأبحاث المميزة التي جرت في الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة في لبنان. إن مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإنتاجية في لبنان مدعوة للمساهمة في شكل كبير في دعم البحث العلمي لما له من إنعكاسات إيجابية على إقتصاد الوطن، فمسألة تمويل البحث العلمي مسألة وطنية لا تستطيع الدولة اللبنانية توفير مستلزماتها كاملة وهذه هي الحال أيضاً في جميع دول العالم.

اضاف: ومن المؤسف القول أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي والتطوير إلى مجموع الناتج القومي الإجمالي للدول العربية لا تتجاوز 0.80 في المئة فيما هي على الصعيد العالمي تتجاوز 3 في المئة. ويبرز ذلك من خلال النمو الإقتصادي  في الدول التي ترتفع فيها مساهمات البحث العلمي والتي يوفر القطاع الإنتاجي التمويل الأكبر لهذه الأبحاث.

لا بد لنا في الختام من الإشارة إلى أن لبنان قد أدرك أهمية البحث العلمي منذ زمن بعيد، وقام بدعم البحوث العلمية في الجامعات من خلال المجلس الوطني للبحوث العلمية الذي تأسس قبل خمسين عاماً وقد تطورت أنشطة هذا المجلس في السنوات الأخيرة عن طريق دعم البحوث في العلوم الإنسانية وإدراجها ضمن برامجه نظراً لأهمية هذه الأبحاث في إيجاد حلول للمشاكل الإنسانية، وفي الإرتقاء بالثقافة الإجتماعية السائدة.

وزير الصناعة

بعد ذلك تحدث وزير الصناعة وريج صابونجيان الذي قال: مرّ خمسون عاماً على تأسيس المجلس الوطني للبحوث العلمية، فهنيئاً لنا بالانجازات التي حقّقها طوال هذه الفترة رجال فكر وعلم كبار تعاقبوا على تحمّل المسؤوليات فيه، وصولاً إلى الرئيس الحالي الدكتور جورج طعمه المتفاني في عمله والمتابع مسيرة الأبحاث العلمية من دون كلل أو ملل. وانطلاقاً من وعينا في وزارة الصناعة لأهمية البحث العلمي ولدوره المهم في تطوير القطاع الصناعي، عملنا على تأسيس شراكة بين الوزارة والمجلس الوطني للبحوث العلمية والجامعات اللبنانية والصناعيين. ويحرص الأمين العام الدكتور معين حمزة على تمتين هذه العلاقة بهدف تحديث المشاريع الصناعية الجديدة والقائمة على الابتكار والابداع. استراتيجيتنا هذه تقوم على دعم الطلاب الجامعيين وتبني مشاريعهم التخصصية وتجسيدها إلى ما يتلاءم مع الأغراض الصناعية، منتفعين من مختبرات الجامعات ومراكز الأبحاث فيها ومن خبرات أساتذتها الذين استفادوا من منح المجلس الوطني فتخصّصوا في الخارج قبل أن يعودوا إلى الربوع اللبنانية.

اضاف: لقد انهارت الحواجز أمام التطور النوعي والمتسارع الذي نشهده نتيجة الأبحاث والدراسات والاختبارات العلمية. هذه الثورة التكنولوجية علينا أن نواكبها، لأنه لحظة تأخرنا عن اللحاق بالحداثة، لن نقف مكاننا بل سنتخلف ويتقدمنا الآخرون. جديدنا اليوم، يصبح قديمنا غداً. وتكنولوجيا الغد تصبح مواداً للتلف بعد غد. هذا النمط المتسارع جداً في حياتنا العصرية، هو ثمرة الأبحاث المتقدمة التي يقوم بها علماء وباحثون كرّسوا وقتهم وفكرهم وعلمهم لهذه الرسالة. ولذلك من المهم توفير المزيد من الدعم للمجلس الوطني للبحوث العلمية وللجامعة اللبنانية ولمعهد البحوث الصناعية، من أجل خلق حركة تناغمية بينها سوف تؤدي حتماً إلى نقلة نوعية للأبحاث الصناعية والعلمية.

وقال: لا تتميّز الدول المتقدمة عن غيرها إلا كونها صناعية. والانتاج الصناعي المتمايز يحتاج إلى الأبحاث. فينجم عن هذه المعادلة شراكة متينة بين البحث العلمي والقطاع الصناعي. ونشدّد في هذا الإطار على أن تتوجه الأبحاث نحو الخير العام ولصالح البشرية جمعاء. لقد اقترحت قبل فترة إعطاء حوافز لدعم مراكز الأبحاث في لبنان، وذلك تشجيعاً من الحكومة على تطوير عمل هذه المؤسسات. أتمنى على دولة الرئيس تبني هذا الاقتراح لأن المردود الذي سينجم عنه سيطال الاقتصاد الوطني ككل. وأغتنم هذه المناسبة لأكشف عن قرب إطلاق نشاط مركز الإبتكار والتكنولوجيا المموّل بالاشتراك مع الاتحاد الاوروبي،ويهدف هذا المركز إلى ايجاد ودعم وسائل مستدامة للابتكار في المشاريع الصناعية الرائدة.ويبقى لبنان بلد الإشعاع العلمي والثقافي والحضاري. وسنثبت أننا نستحق وطننا من خلال تعلقنا به وعدم تشويه صورته. علينا إذاً المحافظة على الروح الوطنية المتأصلة فينا فنعطي بذلك هالة رفيعة لبلد الأرز ووطن الرسالة.

وزير الزراعة

ثم تحدث وزير الزراعة حسين الحاج حسن فقال: يهمني في هذه المناسبة التأكيد على ضرورة إيلاء البحث العلمي عامة والمجلس الوطني للبحوث العلمية خاصة الاهتمام الكافي من الدولة ومن الحكومة الحالية لناحية تطوير قدرات المجلس البشرية والمادية لما للبحث العلمي من اهمية في التطور والتقدم، ومن الضروري ان ينعكس هذا الاهتمام زيادة في الدعم المعنوي والمادي على السواء وقبل كل ذلك تحديد رؤية الدولة والحكومة للبحث العلمي وهو ما نفتقده في هذه الحكومة والحكومات التي سبقت وفي الدولة عموماً لكثير من القطاعات ومنها قطاع البحث العلمي، فلا خطة ولا برنامج ولا دعم ولا مال يمكن ان يكون الاستفادة منهم في الشكل الأمثل في ظل غياب الرؤية والمنهج.

اضاف: كما يهمني في هذه المناسبة ان أؤكد على ما قمنا به منذ سنتين ونصف وسوف نستمر فيه من تطوير التعاون والتنسيق بين المجلس والوزارات المختصة وبين الوزارات نفسها، وتكثر في الزراعة مجالات التعاون التي قمنا بها مع المجلس الوطني للبحوث العلمية، المياه، مكافحة التصحر، الغابات، استخدام الاراضي، الخرائط الجوية، تطوير زراعة الزيتون، الصيد البحري وذلك بالتعاون مع مؤسسات علمية عربية اقليمية ودولية متخصصة اضافة الى التعاون الذي بدأ وسوف يستمر مع المجلس في موضوع وطني مهم وهو سلامة الغذاء في الدور الذي اداه المجلس في الفحوصات المخبرية المتنوعة والمتعددة وأخص منها رواسب المبيدات والاشعاعات النووية.

وقال: أود ان اؤكد ايضاً على اهمية الاستمرار في تعزيز التعاون العلمي بين المجلس الوطني والمحافل العلمية العربية والاقليمية والدولية عبر البحوث المشتركة وتبادل الخبرات ومنح الدكتوراه وتوفير العديد من المختبرات البحثية المهمة للبنان التي توفرت بفعل المساعدات وليس بتمويل الدولة المقصرة في شكل فادح في تمويل البحث العلمي، فإذا كانت النسبة في دول العالم وصلت الى 3 او 4 في المئة، فنحن على الصفر فاصل واحد في المئة وربما اقل في مختلف الميادين من المختبرات وصولاً الى وضع لبنان في المكانة العلمية التي يستحقها الشعب اللبناني ويستحقها الباحثون اللبنانيون المتميزون في كل اصقاع الارض، فكم من جامعة في العالم، وهنا لا نتحدث عن لبناني واثنين بل عن عشرات اللبنانيين الذين يرفدون العلوم في العالم هجرة من وطنهم الذي هجرهم مرة بفعل السياسة والامن ومرة بفعل الاهمال العلمي والعلماء.

وختم: الى الامام قدماً في العيد الخمسين واليوبيل الذهبي للمجلس الوطني للبحوث العلمية، ولنرفع علم لبنان عالياً في سماء العلم والمعرفة والتطور كمقيمين وليس كمهاجرين وكمداميك اساسية في بناء الدولة والمجتمع والاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة، وكل عام وانتم بخير وكل يوبيل ذهبي وان شاء الله الى اليوبيل الماسي.

وزير البيئة

والقى وزير البيئة ناظم الخوري كلمة قال فيها: مناسبة طيبة واعتراف كبير بأهمية البحث العلمي ان نحتفل اليوم باليوبيل الذهبي لهذا المجلس الذي عمل على تأسيسه ومتابعة وتطوير اعماله نخبة من كبار علمائنا على امتداد السنوات الخمسين فتحية لهم جميعاً. تميز لبنان منذ ما قبل التاريخ بطبيعته الجميلة وبجباله واشجاره وتنوع المناخ ، وقد جاء ذكر لبنان وأرزه في الكتب السماوية كما تغنى الشعراء والكتاب على مر العصور بهذا البلد الجميل وانهاره وجباله وتنوع مناخه، واليوم لا يمكننا الا ان نعترف بأن هذا الميراث العظيم الذي ورثناه عن الآباء والأجداد لم نحسن المحافظة عليه عبر ممارسات عديدة وارتكابات متتالية اقترفناها بحق لبنان وبيئته على امتداد المئة سنة الأخيرة.

اضاف: هذه الارتكابات انعكست ولا زالت تنعكس سلباً على نوعية الماء والهواء والتربة كما انها تحد من قدرة الانظمة البيئية على التجدد ومقاومة الجفاف والتصحر كما الحد من القدرة على التأقلم مع الضغوط البشرية والمتغيرات المناخية المتزايدة، ناهيك عن الكثير من المشاكل البيئية الاساسية المتراكمة كحرائق الغابات والمقالع والكسارات العشوائية اضافة الى استمرار انجرافات التربة والتوسع العمراني الذي يدمر الغطاء النباتي ويفتت الأراضي الزراعية ويزيد من مخاطر التلوث العضوي والكيميائي لموارد التربة المحدودة والمياه السطحية والجوفية على حد سواء.

اضاف: لن أزيد الشكوى ولا القاء الملامة على احد انما أجدها اليوم مناسبة طيبة للتذكير بأهمية البحث العلمي لتقييم الوضع البيئي الحالي في قطاعات المياه والغابات والحياة البرية والتنوع الحيوي والزراعي ونوعية التربة والغذاء وتقدير المخاطر الطبيعية والصحية، نرجو ان تساعدنا نتائج البحوث العلمية على تحديد المناطق غير المتضررة واقتراح الحلول للحماية في المناطق الساخنة التي تحتاج الى الرعاية واقتراح التدابير والحلول، كما تحديد الأطراف المشاركة في المعالجة لدرء مخاطر التصحر وعكس اتجاهات التدهور.

وقال: ان لموضوع تقييم الاثر البيئي الذي تركز وزارة البيئة عليه أهمية قصوى في الوقاية من الاثار السلبية الناتجة عن المشاريع الانشائية والصناعية وغيرها، قد نكون قد قصرنا كثيراً في حماية البيئة نتيجة لأسباب بشرية ومادية متعددة الا اننا ومنذ استلامنا هذه الحقيبة قررنا معالجة المشاكل البيئية ووضع حلول لها بدءاً بوضع الاطار التشريعي والتنطيمي المناسب من خلال موافقة مجلس الوزراء على اربعة مشاريع قوانين هي: مشروع قانون النيابة العامة البيئية،مشروع قانون المحميات الطبيعية، مشروع قانون الادارة المتكاملة للنفايات الصلبة، مشروع قانون حماية نوعية الهواء، إضافة الى إقرار مجلس الوزراء لأربعة مراسيم هي مرسوم تقييم الاثر البيئي،مرسوم التقييم البيئي الاستراتيجي،مرسوم الالتزام البيئي للمنشآت، مرسوم المجلس الوطني للبيئة.

لقد أصدرنا ايضا القرارات التطبيقية لتنظيم مواقع الكسارات والعمل على اصدار القرارات المتعلقة بالصيد البري التي انجزت. اما على صعيد الكوادر البشرية التي تستلزمها خطة النهوض بالوزارة فقد تمكنا، بالتعاون مع مجلس النواب ومجلس الوزراء، من تنظيم مبارة محصورة للعاملين في الوزارة، واصدار مرسوم بتعيين خمسة رؤساء مصالح. في هذا الاطار يسعدنا التنويه بالتعاون القائم بين وزارة البيئة والمجلس الوطني للبحوث العلمية للإفادة من المشاريع القائمة في المجلس والممولة من الاتحاد الاوروبي لبناء وتعزيز المشاركة في تقييم ومراقبة البيئة البحرية وتلوث السواحل ومواجهة الكوارث وتصور الحلول لدرء المخاطر والدفاع عن البيئة وحماية حياة الانسان في لبنان.

وختم بالقول: نتوجه بالتهاني الى المجلس الوطني للبحوث العلمية في يوبيله الذهبي متمنين للمجلس بكافة كوادره الاستمرار في الانتاجية العلمية العالية التي أعتدنا عليها كما المزيد من العطاء لادارة سليمة ومستدامة للموارد الطبيعية في لبنان.

سفيرة الاتحاد الاوروبي

والقت سفيرة الاتحاد الاوروبي انجيلينا ايخهورست كلمة قالت فيها: انني سعيدة جداً بالتعاون بين المجلس والاتحاد الأوروبي. من الأهمية بمكان بالنسبة الي ان يسعى الاتحاد الاوروبي الى تعزيز الشراكات مع جيراننا في الجنوب في كل  القطاعات، ليس فقط من خلال الحوار السياسي والعلاقات التجارية والتعاون في مجال التنمية، وانما ايضاً في العلاقات بين الاشخاص بمن فيهم الشركاء الأكاديميون والعلميون ومجتمع الاعمال، وان افضل طريقة في مسار المعرفة هي العمل الجماعي .لا يشكل البرنامج الإطاري السابع الخاص بالتحاد الاوروبي والذي تبلغ موازنته الاجمالية 50،5 مليار يورو ويمتد لسبع سنوات (2007-2013) أكبر برنامج بحوث عام في العالم فحسب، بل هو ايضاً أكثر المظاهر الملموسة لجهود الاتحاد الاوروبي لتعزيز البحث التعاوني وتبادل المعرفة داخل قارتنا وخارجها.

اضافت: بالنسبة الى بلد مثل لبنان، حيث يتمتع الباحثون تقليدياً بخبرة ومعرفة علميتين صلبتين، فان  من شأن المزيد من التعاون البحثي ان يسمح للاتحاد الاوروبي بتدقق أكبر للأفكار والاشخاص وتحويل التكنولوجيا، كما انه يتيح فرصاً بحثية جديدة للمجتمعين العلميين الاوروبي واللبناني على السواء، وانني اتطلع الى ان نستكشف معاً طرق تحويل هذه الافكار الى خطوات ملموسة. ان التعاون هو الرابط الذي يجمع الاتحاد الاوروبي وهو أفضل استجابة في مواجهة الأزمات.

المجلس الوطني للبحوث العلمية

والقى رئيس مجلس ادارة المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور جورج طعمة كلمة عدد فيها نشاطات المجلس والمراكز التابعة له مشيداً بالمساعدات القيمة التي قدمها بعض المؤسسات الدولية والدول الصديقة للبنان في مجالات عديدة.

بدوره قال الامين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة في كلمته “ان لبنان يشهد، وتحديداً منذ عام 2000، تطوراً ملحوظاً وواعداً في عدد المنشورات العلمية وفي نسبة مشاريع التعاون بين اللبنانيين واقرانهم في الخارج”، مشيراً الى “ان الوقت قد حان للانتقال التدريجي من دعم البحوث الفردية الى دعم الوحدات والفرق البحثية العاملة في مواضيع استراتيجية مرتبطة بمشاريع التنمية الوطنية”، شاكراً لرئيس مجلس الوزراء “دعمه المستمر لقضايا البحوث والتنمية في لبنان”.

كلمة الرئيس ميقاتي

والقى الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي كلمة الرئيس ميقاتي وهنا نصها: يسرنا ان تشاركوننا في السرايا الاحتفال باليوبل الذهبي للمجلس الوطني للبحوث العلمية، هذه المؤسسة الوطنية التي اثبتت حضورها العلمي في المحافل والمنتديات اللبنانية، العربية، والدولية، وذلك بفعل حرفية عالية المستوى جهدت ومنذ انشائها في العام 1962، على تطويرها وتحديثها.لقد ارسى المجلس الوطني للبحوث العلمية مرجعية ترقى الى اعلى المستويات على صعيد البحث العلمي واعداد الموارد البشرية المتخصصة في مختلف مجالات العلوم وهو على مدار سنوات يوبيله الذهبي سعى لانشاء وتعزيز المراكز البحثية وتطويرها والمساهمة في اعداد الباحثين وافساح المجالات المادية والتقنية والفنية لتنمية معارفهم وردف الميادين العلمية في مساهماتهم واطروحاتهم، ناهيك عن تعاونه مع المؤسسات والصروح العلمية والجامعية، في لبنان والخارج، والذي يثمر، عاماً بعد عام، اجيالاً من المتفوقين والمبدعين.

وقال: لم يكن ربط المجلس الوطني للبحوث العلمية برئيس مجلس الوزراء من باب الصدفة، او لمجرد المعنويات، بل، القصد والهدف من ذلك، من جهة، التأكيد على دور المجلس في المساهمة برسم السياسات والاستراتيجيات العلمية والبحثية للدولة اللبنانية، ومن جهة اخرى، لاعطاء المجلس الموقع المتقدم الذي يحتاجه، كمؤسسة رسمية، لتطبيق برامجه وتحقيق مهامه المتنوعة والمتشعبة، بالتعاون مع مختلف الإدارات والمؤسسات العامة.واذا كان من مأثرة تستحق التسجيل لهذا المجلس، من بين مآثره التي لا تحصى، فلعلها الاشارة الى ان هذا الصرح العلمي، حافظ طيلة سنوات مسيرته، على تجرده وموضوعيته وشفافيته، وهو استطاع بذلك، رغم كل الظروف والصعوبات التي مر بها لبنان ومؤسساته العامة والخاصة، ان يبقى مؤسسة موحدة، متماسكة، نبراسها العلم وناموسها التواضع.

أضاف: إن أي بحث علمي في أي موضوع كان، لا بد ان تتوافر له المعطيات والمعايير العلمية التي يحتاجها، ليكون بحثاً مثمراً ومفيداً وواعداً. واني ارى، الى جانب هذه العوامل العلمية الضرورية، لا بد ان تتوافر ايضاً المناخات السياسية والأمنية الملائمة، التي تؤمن للباحثين الاستقرار النفسي الذي يمكنّهم من التفاعل والتجدد والابداع. واذا كانت من مهام الحكومة ان تحقق هذه الظروف الملائمة، فان ذلك لا يعفي القيادات السياسية من ان تتحمل بدورها قسطها من المسؤولية، لان حماية الاوطان وصيانة الاستقرار فيها هما فعل شراكة وطنية لا مكان فيها لمنكفئين أو مترددين، فالعمل الانقاذي يكتسب بعده الوطني متى كانت غاياته خير المجتمعات وهناء افرادها وتعزيز علمائها.

وقال: من هنا كانت دعوتنا المتكررة الى التلاقي حول طاولة الحوار الوطني مطلع الاسبوع المقبل في قصر بعبدا، ليقيننا بان مثل هذه الفرصة المتاحة اليوم امام القيادات اللبنانية، تشكل الاطار الجامع الذي يمكن من خلاله طرح المواضيع المختلف عليها بحرية وموضوعية ومسؤولية، وصولا الى حلول تعكس التوافق الوطني الذي كان وسيبقى المِعبر الوحيد لحماية الوحدة الوطنية وتحصين الجبهة الداخلية وتمكينها من مواجهة التحديات من أنى أتت .نعم، أيها الاخوة، ان الحوار لا يجوز ان يكون موسمياً، أو تَرفاً نُقبل عليه أو نرفضه، تبعا لاهوائنا ومزاجنا ومصالحنا وحساباتنا. انه فعل ايمان يجب ان نمارسه يومياً اذا كنا نريد لوطننا ان يبقى ويستمر، واحداً، موحداً، منيعاً، قوياً، وقادراً على ممارسة دوره بحرية وسيادة وكرامة في محيطه والعالم، لان الوهن الوطني يسهّل على الآخرين تجاوزنا وتهميشنا، وربما اتخاذ القرارات عنّا وفرضها علينا. وأملي ان تكون كل القيادات مدركة لهذه الاخطار وتعمل يداً واحدة على درئها.

وقال: إننا نشارك المجتمع العلمي في لبنان فرحته بهذه المناسبة، ونؤكد اعتزازنا بإنجازات المؤسسة الوطنية العلمية، وتصميم الحكومة على دعم مبادراتها في تعزيز مسيرة العلميين وحضهم على التوجه للمشاريع العلمية المنتجة والتفاعل بشكل مكثف مع متطلبات قطاعات الانتاج، الصناعية والزراعية، ومجالات الصحة العامة والبيئة. كما نهنىء الباحثين المتميزين المكرمين في هذا اللقاء على إنتاجاتهم العلمية، وفقكم الله.

جوائز

وفي نهاية الاحتفال جرى توزيع جوائز التميز في البحث العلمي للمكرمين، كما اقيم معرض لأبرز انجازات المجلس الوطني للبحوث العلمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى