الأخبار اللبنانية

الرئيس نجيب ميقاتي : حان الوقت كي نتخذ قراراتنا بأنفسنا بما يخدم مصلحة وطننا من دون إنتظار مجريات الأحداث في الخارج

أكد رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي “أن لا سبيل للخروج من الإصطفافات الحالية إلا بتكريس الرأي الثالث الذي ينطلق من مصلحة البلد والخير العام”. وإذ رأى “أن كل طرف يريد أخذ البلد نحو الإتجاه الذي يناسبه مع أن لا دلائل على أن هذا الإتجاه هو الأفضل” إعتبر “أن الحل هو في إنتهاج خيار الوسطية وقوامه الخير العام والتجرد من الإعتبارات الشخصية وعدم الدخول في الإصطفافات القائمة” مشددا على “أن الوسطية مرتكزها الأساس إقتباس كل ما يخدم مصلحة الوطن بعيداً عن المساومة والكيدية والتعطيل”.

ورأى “وجوب المضي في سياسة النأي بالنفس التي إنتهجناها منذ بداية الأزمة في سوريا”، وقال “حان الوقت لكي نظهر نحن اللبنانيين إستقلاليتنا ونتخذ قراراتنا بأنفسنا بما يخدم مصلحة وطننا من دون إنتظار مجريات الأحداث في الخارج”.

لقاء في الجامعة الأميركية

وكان الرئيس ميقاتي يتحدث في خلال لقاء عقده مع طلاب الجامعة الأميركية في بيروت بعنوان ” قضايا القيادة وصنع السياسات في خلال الأزمات” وذلك بدعوة من “النادي الطلابي للقيادة ودائرة العلوم السياسية والإدارة العامة” في الجامعة.

عقد اللقاء في “قاعة سهيل بطحيش” في “مبنى وست هول” في الجامعة في حضور السيدة مي نجيب ميقاتي وعدد كبير من الأساتذة والموظفين والطلاب. وقد رحّب رئيس الجامعة الدكتور بيتر دورمان بالرئيس ميقاتي ثم تحدث وكيل الشؤون الأكاديمية الدكتور أحمد دلال فقال للطلاب: “إن مواهب الرئيس ميقاتي في القيادة متعددة الأوجه، لكنه تميّز بقيادته للبلاد في أوقات الصعاب والأزمات”.

وقال رئيس “النادي الطلابي للقيادة” أحمد المحيسن في كلمته “إن النادي يهدف إلى دعوة قادة في مختلف المجالات ليتعلم الطلاب من تجاربهم، وإن الرئيس ميقاتي هو قائد في السياسة والأعمال، ومن الطبيعي أن يدعوه النادي، ونحن نشكره على قبوله دعوتنا. في داخل كل منّا قائد، ونأمل بجهود النادي أن نمكّن الطلاب من الحصول على فرص القيادة. نحن الطلاب نتطلّع لبدء مسيرتنا المهنية وتأدية أدوار قيادية مهمة في لبنان والمنطقة، ونعتبر أن الرئيس ميقاتي، الذي هو عضو في مجلس أمناء جامعتنا، هو الشخص المثالي لندعوه، فقد أثبت أنه بجيد إدارة الأزمات، كما فعل في العام 2005 وكما حاول أن يفعل في العامين الفائتين. وقد رغبنا إليه أن يشاركنا في تجربته في المنصب، وأن يروي لنا كيف تؤثّر تركيبة لبنان المذهبية في صنع السياسات. أردنا أيضاٌ أن نعرف نظرته إلى ما حقّقت حكومته لدعم سياسات الشباب، وذلك أملاً أن ينصحنا بما يجب أن نقوم به من أجل مستقبل أفضل ومن أجل المصالحة في لبنان”.

وقال رئيس دائرة العلوم السياسية والإدارة العامة في الجامعة الأميركية البروفسور توماس هاس ” إن الدائرة ملتزمة بإعطاء الطلاب فكرة من أرض الواقع حول مجريات عمليات السياسة العامة، لذلك يسعدنا أن يكون الرئيس ميقاتي بيننا اليوم. وبإطلاعنا على تجربته الشخصية في القيادة، فهو يساعد الحضور على إمتلاك إدراك أفضل للتحديات المتنوعة التي يواجهها صنّاع السياسات اللبنانيون”.

الرئيس ميقاتي

ثم تحدث الرئيس ميقاتي فقال : في كل مرة أدعى فيها إلى لقاء في الجامعة الاميركية، أشعر بسعادة لأنني أعتبر الدعوة فرصة للتواصل مع الجامعة وأهلها، أتبادل وإياهم الآراء، ونفكر معاً بصوت عال في ما هو أفضل لأوطاننا ولمستقبل شبابنا . إن الجامعة الأميركية التي حضنتنا طلاباً، لها علينا واجب الوفاء كي تبقى، كما أرادها مؤسسوها، ومن تعاقب على المسؤولية فيها، نقطة إلتقاء، وباباً مفتوحاً على الآفاق الرحبة في مسيرة الحياة.

وقال : لقاؤنا اليوم ينعقد في مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان والمنطقة، حيث العواصف تهب من كل الإتجاهات، مما يحتِّم علينا التحلي بأكبر قدر من الحكمة والبصيرة لتمرير هذه الأزمات المختلفة والمتعددة الوجوه والأشكال التي قد تسقط الكثير من المكتسبات والإنجازات التي تحققت خلال السنوات الماضية في مسيرة السلام والوفاق اللبناني، والتضامن بين أبناء الوطن الواحد، وقد تعرضت بالتالي التجربة اللبنانية الفريدة والمميزة، إلى هزات قوية ستكون لها تداعيات، ليس في لبنان فحسب، بل في دول أخرى قريبة وبعيدة.

وتحدث عن موضوع اللقاء فقال: إن الأزمات الكبيرة تستدعي سياسة إستثنائية ومختلفة عن تلك التي تتخذ في الأوقات العادية من حيث القرارات وزمن وسرعة إتخاذها. والأساس في هذا الموضوع توافر رؤية واضحة وفريق عمل نشيط.

ولفت إلى “أن موقف الأزمة يتطلب قراراً سريعاً ينبغي إتخاذه، لأن الأزمة قد لا تتيح الوقت الكافي للتشاور”. وأعطى مثلاً على ذلك “موقف النأي بالنفس الذي إتخذه لبنان في الأمم المتحدة في شأن الوضع في سوريا، والذي جنّب لبنان أزمة كبيرة”. وقال ” يجب المضي في هذه السياسة لإبعاد لبنان عن كل مشكلات المنطقة، كما حان الوقت لكي نظهر نحن اللبنانيين إستقلاليتنا ونتخذ قراراتنا بأنفسنا بما يخدم مصلحة وطننا من دون إنتظار مجريات الأحداث في الخارج”.

وأشار إلى أن موقف الأزمة يتطلب أيضاً “التوفيق بين المصالح المتعارضة من أجل تحقيق المصلحة الوطنية” وقال ” هذا ما قمت به بضمير حي وبما يناسب المصلحة اللبنانية دون سواها”.

ولفت إلى أن “الشباب هم الأمل وعليهم إتخاذ القرار بالتغيير وإيجاد الحافز الأساسي لذلك”. وأشار إلى ” أن الهوة كبيرة اليوم بين الدولة والشباب، ولا يمكن ردمها إلا بإصرار جيل الشباب على تحقيق التغيير المنشود والبدء بذلك بخطوات مدروسة، وبالمحاسبة التي تنطلق من الإقتراع في الإنتخابات النيابية “.

وأشار إلى إستمراره في نهج الوسطية وقال :” كل طرف يريد أخذ البلد نحو الإتجاه الذي يناسبه، مع أن لا دلائل على أن هذا الإتجاه هو الأفضل. من هنا فإنني أعتبر الحل في إنتهاج خيار الوسطية، وقوامه الخير العام والتجرد من الإعتبارات الشخصية، وعدم الدخول في الإصطفافات القائمة. فالوسطية عليها أن تقتبس كل ما يخدم مصلحة الوطن بعيداً عن المساومة والكيدية والتعطيل “.

ورداً على سؤال قال “بعد كل التجارب التي مررنا بها أؤكد أن لا سبيل للخروج من الإصطفافات الحالية إلا بتكريس الرأي الثالث الذي ينطلق من مصلحة البلد والخير العام”.

وعن رؤيته لقانون الإنتخاب قال : إن وضع قانون للإنتخاب يدمج بين الأكثرية والنسبية ضروري جداً للبنان، ويشكِّل بداية منطقية لإعتماد خيار النسبية بمفردها في المستقبل.

ورداً على سؤال عن الإخفاقات التي ترافق الربيع العربي قال : هناك عدة إخفاقات أولها إعتقاد المسؤول، الذي أتى إلى السلطة بعملية ديموقراطية، أنه قادم بإنقلاب يتيح له التصرف بمنطق الآحادية ومن دون النظر إلى من حوله. وثاني هذه الإخفاقات هو الخلط بين الدين والدولة، فالدين سلوك وممارسة، وأنا من الأشخاص المؤمنين وأمارس كل واجباتي الدينية، لكن هذا الأمر يتوقف عند عتبة بيتي، ويتحول في الخارج إلى سلوك وممارسة، وهذا النهج يجب أن يكون سائداً. أما الإخفاق الثالث فهو الخلط بين السياسة والإقتصاد، وعدم فتح الأسواق الإقتصادية على بعضها البعض لتوفير فرص عمل جديدة للشباب العربي، حيث نرى أن كل طرف يلجأ إلى الإقتصاص من خصمه السياسي بالإقتصاد مما يضيع فرص نمو كثيرة على العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى