المجتمع المدني

بالتعاون بين المجلس الثقافي للبنان الشمالي ومؤسسة الصفدي:

تكريم كوكبة من المربين الكبار في طرابلس في عيد المعلم لمناسبة عيد المعلم، نظم المجلس الثقافي للبنان الشمالي بالتعاون مع “مؤسسة الصفدي” حفلاً تكريمياً لأربعة من المربين الكبار في طرابلس (الأستاذ فؤاد مطرجي-مؤسس التعليم المهني والفني في الشمال، الأب كرمللو فنيانوس-رئيس دير الكرملية ومدير مدرسة الآباء الكرمليين في طرابلس، المربية صباح القرق فنج-المديرة التربوية لمدارس روضة الفيحاء، والأستاذ شفيق حيدر-مدير الثانوية الوطنية الأرثوذكسية في الميناء)، وذلك تقديراً لجهودهم وعطائهم، وتشجيعاً لغيرهم على الاقتداء بمسيرتهم ومناقبيتهم. وقد أخذ المجلس والمؤسسة على عاتقهما القيام بهذه اللفتة الحضارية التي انطلقت السنة الماضية مع تكريم كبار الأطباء في طرابلس. وتخلل الحفل عرض مصور لأبرز المحطات في مسيرة المكرمين المهنية. وقد حضر حفل التكريم إضافة إلى السيد أحمد الصفدي ممثلاً معالي وزير المال محمد الصفدي، والمكرمين، السيدة لبنى عقيلة الوزير جان عبيد، الوزير عمر مسقاوي، الرائد شهاب سيف ممثلاً المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي، رئيس بلدية الميناء السفير محمد عيسى، مدير المجلس الثقافي للبنان الشمالي الدكتور نزيه كبارة وأعضاء المجلس، المدير العام لـ”مؤسسة الصفدي” رياض علم الدين، وحشد كبير أصدقاء وتلامذة المكرمين، وعائلاتهم وممثلين للمجتمع المدني. وقد تولى التحدث عن المكرمين الأربعة كل من: الدكتور سعدي ضناوي عن الأستاذ فؤاد مطرجي، الدكتور ميخائيل مسعود عن الأب كرمللو فنيانوس، الأستاذ محمد رشيد ميقاتي عن السيدة صباح قرق فنج، والنائب نضال طعمة عن الأستاذ شفيق حيدر.
كلمة المجلس والمؤسسة
بعد النشيد الوطني وكلمة ترحيب من عضو المجلس المربية مهى حمزة ضناوي، ألقى الدكتور نزيه كبارة كلمة المجلس الثقافي للبنان الشمالي ومؤسسة الصفدي، فاعتبر أن المكرمين “مربون، كانوا ولا يزالون أمناء على الرسالة التي كرسوا حياتهم من أجلها، وعلّموا بشغف، وأداروا مؤسسات تشهد على نجاحهم، وغرسوا في نفوس تلاميذهم أمثولات وقيماً من الأخلاق الرفيعة والمواطنية، وارتضوا بهم مدارج في السلم الإجتماعي، وخرّجوا من صاروا محامين وأطباء ومهندسين، ورجال أعمال وصناعيين، وقادة سياسيين واجتماعيين، لينهض بهم بلدهم، فأرضوا ضمائرهم، وكانت فرحتهم الكبرى أن يروا غرساتهم التي غرسوها في تربة الوطن، تنمو وتعلو وتتسامى، تزهر وتثمر ويحلو العطاء منها والجنى”. أضاف: “ليس بدعاً أن نكرم اليوم أربعة من أعمدة الهيكل، ومن ركائز الصرح التربوي الذي به نفاخر، وإليه نقتدي… لقد كرموا هم أنفسهم بالتزامهم الرسولي في صناعة الإنسان وإنمائه جسداً وعقلاً وروحاً”. وختم معبراً عن سعادته بتمثيله المجلس الثقافي للبنان الشمالي ومؤسسة الصفدي “التي شرفتني بتكليفي الحديث باسمها، شاكراً لكم جميعاً تلبيتكم دعوتنا وحضوركم هذا الاحتفال ومشاركتكم إيانا في تكريم من نكرم”.
الدكتور سعدي ضناوي عن الأستاذ فؤاد مطرجي
ثم تولى الدكتور سعدي ضناوي التحدث عن الأستاذ فؤاد مطرجي، الذي اعتبر أن “من نكرم هو أكبر من التكريم كله، ومن كل تكريم، فالتكريم قول، والقول كلام ينزلق على منحدر الأيام، وهو صاحب فعل متجذر في أرض الحق، باق بين سطور التراث”. أضاف: “فؤاد نبيه مطرجي، راهب التعليم المهني، كما لقبوك، مؤسس التعليم المهني في طرابلس والشمال، أستاذ الأساتذة كما سموك، أيها المتجرئ على استحداث أول مهنية مختلطة في لبنان، مضيفاً إلى ألقابك، لقباً آخر هو نصير الجنس اللطيف. وأنا أقول: لم تؤسس يا فؤاد مطرجي المدرسة، ولا الفنية العالية، ولا الفنية المختلطة، بل أنت ضمير التعليم المهني، أعطيته الحياة في بلدك طرابلس، وجعلته ينبض حيوية في كل لبنان، بذلك تشهد سيرتك”. ثم تحدث عن مسيرة فؤاد مطرجي التربوية منذ ولادته وتحصيله العلمي وترقيه سلم المسؤوليات في محطاتها الكبيرة، أبرزها ترقيته استثنائياً في العام 1952 … ووصفه بصاحب الكاريزما المحبوبة الذي كلما تحدثت عنه أستعيد ثقتي بنفسي وبالإنسان، ونيله العديد من الأوسمة، بينها أكبر وسام في وزارة التربية، وسام المعارف المذهب من الدرجة الأولى تكريماً له… وختم متوجهاً إلى المكرم بالقول: “أنت لست أستاذاً ولا أستاذ الأساتذة كما دعوك، إنما أنت جيل كامل من الأساتذة، لأن الجيل وحده يتسع معه المجال ليؤسس ويبني، ويعمر ما يبنيه، ويبث فيه بذور الازدهار.. وأنت وحدك أسست وبنيت وعمرت ما بنيت، وبثثت في ذلك كله روحك وإرادتك، فتجذرت البذور ونمت منها البراعم والفروع، وتألق الإزدهار”.
الدكتور ميخائيل مسعود عن الأب كرمللو فنيانوس
أما أستاذ الأدب العربي في الجامعة اللبنانية الدكتور ميخائيل مسعود، فقد تولى التحدث عن الأب كرمللو فنيانوس، فقال: أعترف أنني كنت أطمع في الكلام على السرب بأكمله، لأختصر حكاية العصر الذهبي للمدارس في عاصمة الشمال، أو اطلق العنان لقلمي في وصف كوكبة فرسان العلم والعمل والأخلاق والتربية والتوجيه والأدب. وعن الأب كرمللو قال: هو إبن زغرتا مولداً وأصالة، وإبن طرابلس علماً وتحصيلاً وتعليماً وصداقة وعطاء، وإبن الإنسانية السمحاء محبة وصدقاً وأخلاقاً عالية”. ثم تناول مسيرة الأب كرمللو منذ دراسته في مدرسة الآباء الكرمليين في طرابلس حتى العام 1955، واختصصاته اللاهوتية والتربوية، أبرزها تخصصه في التربية الطلابية في بلجيكا….”. أضاف: سبق أن علمت إلى جانبه، فصادقني وآخاني، وأسقط مؤونة التكلف بيني وبينه، وعلمني المحبة والتواضع والصدق والترفع، وما يزال سباقاً في هذه الميادين”. وقال: “إن هذا الإنسان الكبير قد خلق ليكون راهباً متقشفاً خاشعاً محباً، كما كان رهبان أيام زمان، أحب الفقراء وكان يوزع على المحتاجين ما تسنى له من إعانات تأتيه من تلامذته الميسورين، آمن بالمحبة والوحدة الوطنية ولم يفرق بين طالب وطالب…”. وذكر العديد من الاوسمة وشهادات التقدير التي نالها الأب كرمللو، أبرزها من الحكومة الإيطالية، ومن وزارة التربية اللبنانية…
الأستاذ محمد رشيد ميقاتي عن السيدة صباح قرق فنج
وتولى المدير العام لثانوية روضة الفيحاء الأستاذ محمد رشيد ميقاتي التنويه بمسيرة المربية صباح قرق فنج، مستهلاً كلمته بتويجه الشكر الكبير “إلى المجلس الثقافي للبنان الشمالي ومؤسسة الصفدي على هذه اللفتة الرائعة في عيد المعلم لأننا على يقين أن مجتمعاً يوفي أهل الفكر والعلم حقهم هو المجتمع الذي يبصر نور الحضارة ويشق طريق النهضة”. ثم تحدث عن السنوات التي أمضاها مع المكرمة في العمل سوياً في ثانوية روضة الفيحاء “التي خولتني ان أكتشف شمائل هذه السيدة المعطاء ومزاياها المتألقة، وهي التي بدأت عملها مع الروضة عندما كانت مدرسة صغيرة”. أضاف: “السيدة صباح بدأت في عملها التربوي في العام 1973 وكانت تقدم ذاتها بإخلاص في تدريس اللغة الفرنسية والتنسيق لها، وكان همها الدائم رفع مستوى الطالب اللغوي وتأهيل الهيئة التعليمية بالتعاون مع المؤسسات الثقافية الفرنسية”. ووصفها بالمواكبة لكل جديد بتنبه ديناميكي وتواصل مع روح العصر، بحدس إبداعي عن طريق التنسيق ودروس المساندة والانشطة المتعددة والمعارض العلمية والفنية والثقافية، وهكذا وبفضل جهودها وتعاونها مع الجميع أصبحت الروضة صرحاً تربوياً راسخ الجذور ومنارة تربوية تشرق في مدينة العلم والعلماء”. ولفت إلى أن صدى نجاحها تعدى طرابلس ولبنان ليأخذ بعده العالمي، وقد تمثل ذلك بتكريمها من قبل السفارة الفرنسية عام 2006، حيث قلدت وسام السعفة الاكاديمية الفرنسي برتبة فارس تقديراً لجهودها في نشاطات الفرنكوفونية العالمية. وختم بالقول: لقد أطلقتُ في ذلك الحين على السيدة صباح لقب “فارسة الروضة” وأود أن اخاطبها اليوم بهذا اللقب قائلاً: حفظك الله أيتها الفارسة، فإن أياديك البيضاء وإنجازاتك الكبيرة لا تزال تفعل فعلها في ازدهار الروضة وتطورها”.

… والنائب نضال طعمة عن الأستاذ شفيق حيدر
ثم تحدث مدير الثانوية الوطنية الأرثوذكسية في عكار النائب نضال طعمه عن الأستاذ شفيق حيدر، مستهلاً كلمته بتوجيه التحية للمعلمين في عيدهم، “لقدرتهم على المحافظة على وحدتهم التربوية والنقابية، وفي صونها عصية على الانقسام السياسي الأعمى”. وتوجه بالشكر للمجلس الثقافي للبنان الشمالي ومؤسسة الصفدي “لأنهما اتاحا هذه الفرصة وتبنيا مسؤولية تكريم أصحاب الخبرات”. وعن المكرم قال: “تجاربك المثمرة أغنت حقولاً كثيرة، ولم تقتصر على إدارتك الحكيمة، للثانوية الوطنية الأرثوذكسية في مار الياس الميناء”. أضاف: “كما نزعتني فكرة تضلعه باللغة العربية، فالظاهرة ليست مجرد مهارةن وليست قصة علوم مكتسبة، او معارف متراكمة، بل القضية قضية هوية وانتماء، فاللغة هي الشخص، والشخص بلغته يعبر عن جذوره، أصوله، انتمائه، حِلمه، وحُلمه”. وفي كل هذه التسميات تلتمع مشرقية شفيق حيدر، وتتجلى مواقفه الرافضة لكل محاولات التغريب. فهو المجروح باغتصاب فلسطين، وبتشريد أهلها، وسلب أبنائها هوية الانتماء، وحق المواطنة، وهو نصير الحرية وأبو الاحرار…”. وقال: “على المستوى الشخصي، تذهلك أخوة تجتاز المناطق والانساب وكل جغرافيات الانتماء.. أحسست بمؤازرته في اكثر من موقف… وعلمني فن العطاء… كان معلماً يمارس المشيخة كما كتب هو بنفسه في مجلة النور عام 98، فلا قسوة في التصرف والكلام، ولا علامة تؤدي إلى ربح او خسارة”. وقال: “وإذ شغل الأخ شفيق حيدر منصب الامانة العام لحركة الشبيبة الأرثوذكسية، وكان وما زال من النهضويين فيها، فقد صبغ تجربته بأهمية العودة إلى المناهل الأصيلة للكنيسة الأرثوذكسية،…”. وفي مجال اللعبة التربوية قال عن المكرم: لا نبالغ إذا قلنا أننا نجد في فكر الأستاذ شفيق حيدر جملة قضايا، نستمدها من السلوكيات اليومية، ومن كلماته وكتاباته وتوجيهاته، لنجد أنفسنا أمام خصوصية تربوية ذات رؤية خاصة، تملك في ذاتية مكوناتها إمكانية الحركة الدائم في إطار الخلق والإبداع بعيداً عن التقليد والمحاكاة. وأهم ما أجده شخصياً في الخلاصات التي نستمدها من فكر شفيق حيدر، رفض القوالب الجاهزة، والتعميمات، وتعهد الطلاب كأبناء بنمون بالعلوم والمعارف وتنمو بهم أيضاً، ونراه يحذر من مجرد تحويل عقولهم إلى مستوعبات جامدة، تلقى بها المعلومات…”. وختم بالقول: أعتز بصداقتي لك يا أستاذ العزيز، وأرى أن هذا لالقاء هو ثمرة لجهود وتعب أكثر من نصف قرن شاهد لعطاءاتكم وتألقكم، ولكنه محفز حقيقي للمضي قدماً في درب الجهاد… وما زال جرح الوحدة كل انواع الوحدة غريب وصعب..”.
بعد الكلمات، تم تقديم الدروع التذكارية للمكرمين الأربعة، وأخذت الصور التذكارية. وكان كوكتيل بالمناسبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى