الأخبار اللبنانية

عون نحترم وحق الإختلاف ولكننا لا نستطيع أن نقبل من لا يقبلنا

زار الطلاب الفائزون إثر إعلان نتائج الانتخابات الطالبية في الجامعة اليسوعية، دارة النائب العماد ميشال عون في الرابية، الذي “هنأهم على الفوز”.
وبعد اللقاء قال النائب عون:”أهنئكم على الإنتصار الباهر الذي حققتموه في الجامعة اليسوعية، أهنئكم على عدة أمور. أولا، بنشاطكم اليوم، ذكرتموني بالطلاب الأوائل الذين انضموا إلى المقاومة في التسعينيات، فقد عادت الجامعة اليسوعية ومعها باقي الجامعات لتأخذ من جديد الروح الأساسية في النضال، وهذا الأمر يجعلني أطمئن على مستقبل لبنان، لأن الحيوية التي تظهر في الجامعات اليوم، ستستمر ولن تنكفئ. من الممكن أن تكون قد مرت بمرحلة ركود قصيرة، ولكنني أرى اليوم أن الشعلة أُضيئت من جديد. أنتم الجيل الذي يعمل من أجل النهضة، لأن الجامعات هي مختبر المجتمعات، فعندما تتمتع الجامعات بالشباب المتضامن، والحيوي، والقوي والمفعم بالحياة، فذلك يدل على أن الوطن يتمتع بنفس المزايا الموجودة لدى الطلاب”.

أضاف: “تكلموا عن جيلكم، فقالوا إنه بات مخدوعا، تحركه بعض الأحزاب السياسية بالغرائز. ولكن، ها أنتم تنتمون اليوم إلى تيار ذي خيارات عقلانية تخضع للمنطق وتعي الأحداث وتعرف جيدا مفهوم الوطن، وليس مفهوم فئة معينة من الوطن، وهذا هو الأهم، لأن بناء الوطن لا يتم من خلال بناء فئة معينة منه، إنما من خلال جميع مكوناته. وعلى هذه المكونات أن تعيش بتناغمٍ لكي تبني وطنها، وتدافع عنه وتحافظ على سيادته واستقلاله”.

وتابع: “الذين يتكلمون فئويا في لبنان، ويحرمون غيرهم من اتخاذ خيارٍ سياسي مغاير لخيارهم، لا يمكن أن يكونوا مواطنين صالحين، وبالتالي لا يستطيعون جذب المواطنين نحوهم. نحن اليوم نشكل رمزا للوحدة الوطنية، فنحن من يعمل على تحقيقها، ولن نلجأ أبدا الى اعتماد الخطابات التي نسمعها ممن يعتبرون أنفسهم خصومنا. ونحن لم نكن نشأ أن نعتبرهم خصوما في السياسة، إنما نحن نتنافس وإياهم في السياسة، ولكن الخطاب “الإباحي” الذي يعتمدونه ليس خطابا سياسيا على مستوى أناس مسؤولين يمثلون الوطن. كل منهم يتكلم من دون أن يقيم كلامه”.

وقال: “على الرغم من انحطاط العصر السياسي اليوم، سواء بالخيارات الخارجية، أو بالخطاب التحريضي، والإفتراء والتهجم الشخصي على من يعتبرونه خصما سياسيا، يبقى قسمٌ كبير من السياسيين ليقول لنا إن هناك مرحلة جديدة قادمة، وأنتم من تحضرون لهذه المرحلة. إبقوا على هذه الهمة، وحافظوا على نشاطكم، وبقدر ما تكونون متحدين، تستطيعون جذب الآخرين نحوكم، لأنه في النهاية، سيجدون فيكم ملجأ الخلاص الذي ينقذهم”.

أضاف: “هناك خطاب غرائزي يعتمده بعض السياسيين، فيحركون الغرائز ويتعاملون مع غيرهم من الغرائزيين. نحن نعيش اليوم في دائرة مطوقة بالنار، وأعني بذلك حوض البحر الأبيض المتوسط: من تونس وليبيا، مرورا بمصر وصولا إلى غزة فإسرائيل وسوريا أيضا. من شمالنا إلى شرقنا، نرى أننا مطوقون ببلدان مشتعلة، فقدت إستقرارها ولم تعد بعد إلى مرحلة الهدوء. الخطاب العقلاني الذي نعتمده في مجتمعنا وفي وطننا له الفضل في المحافظة على إستقرار الوطن، وإلا لكان تحول لبنان إلى أرض محروقة أسوة بأرض الآخرين، وجميعكم لا شك تسمعون وتقارنون الخطاب السياسي السائد في البلد، وتميزون جيدا من الذي يشذ عن الخطاب العقلاني، ومن الذي يدعو لحفظ الإستقرار والهدوء في لبنان. لطالما قلنا وذكرنا إننا مررنا بتجربة الحرب منذ السبعينيات، لذلك فإن خيار النسبة الأكبر من الشعب اللبناني هو مع الموقف العقلاني، الذي يعلم أن الأمور الداخلية لا يمكن أن تحل إلا عن طريق الحوار، تماما كما يحصل ضمن العائلة الصغيرة، فمشاكلها لا يمكن أن تحل عن طريق القتال، إنما بالتخاطب في ما بينها”.

وتابع: “ما نراه اليوم عند بعض الحركات المتطرفة ليس مقبولا على الإطلاق. نحن شعب يحترم حرية المعتقد وحق الإختلاف، ويحترم الآخر ويقبله كما هو، ولكننا لا نستطيع أن نقبل من لا يقبلنا، ولا نستطيع أن نلغي ذاتنا تجاه أشخاص لا يعترفون بنا”.

وقال: “هناك اليوم حركة تكفيرية في الشرق الأوسط ، تنمو تدريجيا في لبنان، وهي لا تقبل الآخر. نحن لا نميز بين مسلم ومسيحي ولا نميز في حرية المعتقد، فالإنسان حرٌ أن يعتقد كما يشاء، ولكن ما لا نقبله هو عدم الإعتراف بنا من قبل الآخر، لأنه عندها سيقع الصدام بدون أدنى شك. ومع الأسف عندنا قسم من اللبنانيين يدعون القوة والرجولة في كل يوم، لا يقبلون الآخر، ويتعاونون مع من لا يقبلون الآخر! ولست أعلم بأي معادلة سيعيشون مع بعضهم في المستقبل. بالأمس قلت عن أحدهم إننا كنا نسعى لمنحه “جائزة نوبل” للسلام، فعندما يخاطبنا أحد بحديث خال من المنطق وكله افتراء وادعاء وتجن على الآخرين، كما لو كان آتيا من عالم آخر، لا يمكننا أن نجيبه بجدية إنما بمزحة أو ضحكة إذ لا نستطيع أن نعطيه طابعا جديا، لأن من يسمعنا من الناس سيظن أن ثمة تكافؤا في معنى الكلام والخطاب. لا أريد أن أقول إننا نجيبه بسخرية فذلك كثير، ولكننا نعتبرها مزاحا على علو شاهق”.

وختم: “لا تهتموا بالمظاهر إنما بجوهر الشخص والإنسان. نحن مكونات مختلفة ضمن المجتمع اللبناني نتعاون مع من يتعاون معنا ونمد يد المساعدة لمن يحتاجنا، كما يساعدنا الآخر بدوره عندما نحتاجه. هذا هو الوطن. لكن عندما ينظر الشخص إلى الخارج كثيرا يكون قد شرد وأصبح خارج الحدود، ساعتئذ “العوض بسلامتكم” إذ لا نعود نستطيع الإعتماد عليه. عشتم وعاش لبنان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى