الأخبار اللبنانية

تحالف متحدون وجمعية صرخة المودعين:

قرار جديد لصالح المودعين بوجه فرنسبنك: الشيك المصرفي لا يبرئ ذمة المصرف

القضاء بدأ بالتحرك وتوجهات القاضية عناني جد صائبة

قرار جديد تتخذه الغرفة الثانية في محكمة بيروت الابتدائية برئاسة القاضية منى صالح وعضوية القاضيتين أدلين صفير ولارا القتات أمس في ٢١ حزيران ٢٠٢٢ يصب مباشرة في صالح المودعين ويضع حداً للتعسف الذي تمارسه المصارف بشأن القوة الصرفية والتنفيذية للشيك المصرفي، ينضم إلى قرارات نوعية أخرى من “قاضيات” يجسّدن الأمل المتبقي في القضاء.

فقد اعتبر القرار أن الشيك في الظرف الذي يمر به لبنان لا يعد وسيلة لإبراء ذمة المدين (المصرف)، وبالتالي فإن لجوء البنوك تعسّفاً إلى وسيلة إقفال الحسابات وإيداع شيك مصرفي بالمبالغ المودعة لدى كاتب العدل لا يعد إيفاء للدين منطوياً بطبيعة الحال على سوء نية فحسب، لا بل يمكن إبطال فسخ العقد وإعادة فتح الحسابات والذهاب باتجاه تعويضات وازنة للمودعين المدّعين.

الجدير ذكره في هذا السياق هو أن قرار المحكمة المشار إليه يثبّث ما ذهبت إليه رئيسة دائرة التنفيذ في بيروت القاضية مريانا عناني، التي قضت قراراتها سيّما القرار رقم ٢٠٢٢/٧٧ بإلقاء الحجز الاحتياطي على موجودات فرنسبنك بعد تأكيد عدم اعتبار الشيك وسيلة إيفاء أو إبراء للذمة نتيجة تقدير القاضي الموضوعي للحال التي يمر بها لبنان مالياً واقتصادياً.

وفي حيثيات القرار الذي صدر في إطار الدعوى التي أقامها السيد سمير طرابلسي بوجه مصرف فرنسبنك، فقد حكم بإبطال فسخ العقد بإرادة منفردة من قبل المصرف وألزامه أي فرنسبنك بتحويل مبلغ ٤٥ مليون دولار أميركي إلى حساب المدعي في فرنسا.

وأهمية القرار المذكور أنه تطرق بشكل واضح وصريح لعدد من المسائل كالآتي:

١. دور القاضي في تحديد الظروف المرافقة لتنفيذ القوانين وعدم تثبيت سريانها بصورة مجردة عن الواقع بل العبرة في إمكانية تنفيذها.

٢. إثبات سوء نية المصرف (فرنسبنك) عند قيامه بفسخ العقد وإقفال حساب المودع (المدّعي) وإيداعه شيكاً مصرفياً لدى الكاتب العدل إثر مطالبة المودع بتحويل وديعته إلى الخارج.

٣. لا ترى المحكمة أن تعاميم مصرف لبنان منعت المصارف اللبنانية من إجراء عمليات التحاويل بالعملة الأجنبية إلى خارج لبنان، فإن قانون الدولار الطالبي مثلاً وإن كان قد حدد سقفاً للتحويلات إلى الخارج، فإن هذا التحديد محصور أيضاً بفئة من المودعين لمواكبة الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وبالتالي فإن القانون المذكور لم يصدر ليمنع المصارف من تحويل الودائع بالعملات الأجنبية خارج الأراضي اللبنانية بناءً لطلب المودع.

٤. لا يحق للمصرف بصورة استنسابية مفاضلة عميل على آخر وتحويل ودائع عميل بالعملة الأجنبية خارج لبنان وعدم إجابة طلب عميل آخر بتحويل ودائعه إلى الخارج، كون السلطة التشريعية هي وحدها المخوّلة بذلك عن طريق إصدار قوانين عامة وشاملة بهذا الخصوص.

٥. في ضوء الشروط التعجيزية لتسييل الشيكات المصرفية أو إيداعها في مصرف مغاير للمصرف الصادرة عنه (المدّعى عليه)، فإن هذا قد أصبح من ضروب المستحيل باعتبار أن المصارف وفي الظروف الراهنة ترفض قبول إيداع الشيكات لديها، كما ترفض فتح حسابات جديدة لا سيما بالعملة الأجنبية، الأمر الذي يعيق حرية المدعي العميل بالتصرف بأمواله والاستفادة منها بشكل فعلي، ما يؤدي إلى القول بتعسف المصرف المدّعى عليه وسوء نيته وإساءة إستعماله لحقّه في منع المدعي (المودع) من التصرف بودائعه بشكل طبيعي.

٦. إبطال العرض والإيداع الفعلي للشيك لدى كاتب العدل وفتح السحابات سنداً لنص المادة ٢٤٨ من قانون الموجبات والعقود، والأهم إقرار تعويضات مالية للمودع المدّعي عن فسخ العقد تعسفاً.

ختاماً، قد يتعرّض قرار المحكمة المذكور للطعن عن طريق الاستئناف والتمييز وغيرها من المماطلات في القنوات القضائية، إنما من الاهمية بمكان وضع اللبنة في محاكم البداية لبدء مسار آخر مختلف في التعاطي مع ملفات المودعين عسى أن يعيد ذلك للقضاء دوره المفقود على مقصلة المال والسياسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى