الأخبار اللبنانية

جو حبيقة: ندعو إلى إقرار قانون إنتخابات عصري على أساس النسبية

رأى رئيس حزب “الوعد” انه “بعد مضي عشر سنوات على جريمة اغتيال الياس حبيقة ، لا شيء يدل الى اليوم على أن الملف الذي أودع أدراج القضاء فارغا سيجد من يمسح غباره ويعيد اليه الروح، ربما لأننا ما زلنا نعيش زمن اللا عدالة، أو ربما لأن المفترضين قيمين ومعنيين، تنقصهم جرأة الإقدام. علما أننا على مدى السنوات العشر لم نعدم خطوة إلا وخطوناها وبابا إلا وطرقناه، من رأس الهرم المعني الى قاعدته، من دون أن نلقى أي جدية”، موضحا انه “على الرغم من فضاحة الاهمال الذي تم التعامل به مع الجريمة منذ وقوعها، فإننا ومع تسجيلنا لكل التقصير الأمني والقضائي ومرارة شعورنا باللا مبالاة السياسية، لن نستسلم لأي أهواء من أين أتت. فالمؤمن بهذا الوطن ويعمل مخلصا لأجله، لا يرتمي في أحضان الخارج، وهذا ما نرفضه، بل يسخر موقعه ونفوذه في سعي صادق يبني المؤسسات الوطنية ويحصنها بدل التمادي في التشكيك بها”.

وقال في ذكرى اغتيال والده الوزير السابق الياس حبيقة “لأننا لا نرضى بغير ذلك ولأننا أصحاب حق، سنبقي على ثقتنا بنزاهة القضاء اللبناني وقدرة الدولة على النهوض لتتخلص من هشاشتها، وليكون لنا دولة عادلة مستعدة لكشف القتلة وجلاء الحقيقة، لأننا ندرك أن غير ذلك سيوقعنا في متاهات خبرنا شهود زورها، إزاء جرائم مماثلة، الذين استغلوا دماء الشهداء وأحباءهم ليدخلوا البلاد في دوامة الصراع بعدما أشبعوا الشارع حقدا وتحريضا وانقسامات”، مشددا على ان “لا قطعا، لم نكن يوما ولن نكون أبدا أداة استغلال بيد أحد، أيا تكن نتائج الكسب. فكيف إذا كان الاستغلال توظيف دماء غالية في رفع منسوب الشرخ والتوتر على الساحة الوطنية أو في الفوز بموقع في السلطة على الحلبة السياسية”.

واكد “اننا لن نكون على الرغم من فداحة خسارتنا، إلا جنودا في خدمة كل ما يجمع، حتى ولو كان البعض يحتسب البطولة اليوم في كل ما يغذي زرع الشقاق وتحريك الغرائز ورفع أسقف التحريض والتخوين. لن نكون، إلا على صورة شهيدنا الذي كان الأجرأ في اتخاذ قرار وقف الحرب والشروع في السلام وبناء الدولة واعادة اللحمة بين اللبنانيين”، مشيرا الى ان “مواقفنا كانت تضحي بالمصلحة الخاصة خدمة للمبادىء العامة، فهذا لا يبرر للبعض استسهال احتسابنا من باب التحصيل الحاصل، لأن الجولات الرابحة لا تخاض بتغييب من التزم الدفاع عن القيم والمبادىء والكرامات”.

واذ رأى ان “المتفائل لا ينظر الى الوطن بضيق حجمه، بل بكون ساحته تتسع للجميع ووحده خيار الانصهار الوطني قادر على تحقيق ذلك”، دعا “من بيدهم القرار، الى أن يقرنوا أقوالهم بالأفعال ويبرهنوا أنهم صادقون في طرحهم بتطوير النظام السياسي من خلال إقرار قانون انتخابي عصري غير طائفي يعتمد النسبية، يضمن وحده انتاج شراكة وطنية حقيقية لا يضيع معها صوت أو تغيب شرائح أساسية. لا ان يبقى طرحهم للنسبية مجرد قفازة لتجميل صورتهم في المجتمع، فيما يعملون في الخفاء على ضخ الإنعاش في قوانين تعود بنا نصف قرن الى الوراء، تحصنهم في مواقعهم وتقطع الطريق على أي تجدد أو تطوير”.

وتابع: “في مجتمع معافى، قد ينتظر الكثيرون من الناس موقفا في صندوقة الاقتراع، يحاسب المتلاعبين على الأقوال والأفعال. لكن المستغرب عندنا أن الحساب يسقط يوم الاستحقاق أمام مشاهد مسرحية وعود جديدة قديمة، أبطالها اللاعبون أنفسهم، وعنوانها ثقافة نعمة النسيان”.

وشدد على ان “ما يدفعنا الى التمسك بالنسبية، كونها تتيح شراكة للجميع وتقضي بدرجة أولى، وهذا الأهم، على مفاعيل كل خطاب تحريضي وتبدد أحلام الساعين الى تعزيز إمارات الطوائف التي لا تهدد صيغة التعايش وحسب، بل وتمزق وطن الرسالة وتقضي على أسس الكيان. وكمسيحي اتكلم، وكواحد ممن لا يتنكر لمآثر من صنعوا تاريخ لبنان الكبير، فلا أرى مستقبلا آمنا لوجودنا، سواء في لبنان أو في المنطقة، سوى بالانفتاح والوحدة ورفض كل ما هو غريب عن تراثنا وحضارتنا أيا يكن مصدره، بعدما بدأ يتبين أن ما غلف بتسميات يسهل تسويقها وتجرعها، إنما يخفي أهدافا لا تقود إلا الى واقع يؤسس للتفتيت والفوضى وانعدام الاستقرار، يكون المسيحيون أولى ضحاياه”.

واردف: “اليوم في الزمن الذي يعبر فيه لبنان والمنطقة اختبارا مصيريا، ترانا أمام تحد يرسم الحاضر والمستقبل. فإما النجاة، إذا أحسن توظيف المتغيرات في خدمة الرسالة الحضارية والانسانية التي ميزت شرقنا وحفظت تراثه، وإما الإنزلاق الى الفوضى واللا استقرار، إذا كتبت الغلبة لمنطق الاستسلام وغرقنا في لعبة الدم والتحريض الطائفي التي تضمن انتصار خطط التقوقع والتفتيت. وإزاء ما يجري في سوريا يفترض بنا أن نعي أن مسؤوليتنا الوطنية، لا تحتم علينا فقط ألا نؤدي أدوارا رفضناها وقاتلناها في حينها أتت من خارج الحدود إحتسبناها تدخلا يغذي الخلاف ويسعر التقاتل في ما بيننا، بل تقتضي منا موقفا إيجابيا وبناء يسهم بإخلاص في وأد الفتن ووقف مسلسل الخراب والفوضى والدمار في بلد امتدادنا الجغرافي الحيوي الوحيد ومنفذنا الى عمق الشرق”.

واوضح ان “ما يقلقنا جميعا في حراك الداخل، هو رهان البعض على ما يشهده الخارج، وكأن المرات السابقة لم تعلمه دروس قواعد الاعيب الكبار ومصالحه، حتى يجازف اليوم مرة جديدة بأثمان ستكون بالتأكيد باهظة أكثر، في أمننا واستقرارنا واقتصادنا وفي تماسك مجتمعنا”.

واذ طالب ب”اسقاط كل الحسابات الضيقة”، دعا الى “أن نتوحد حول مكامن قوة لبنان وحمايته، أي – الجيش والشعب والمقاومة – وألا نسمح للاختراقات التي تتهددها من النفاذ، لأن في سقوط هذه المكامن لا نفتقد الاستقرار فحسب، إنما السيادة والقرار التي من دونهما لا كرامة ولا حرية ولا احترام حتى لأبسط حقوقنا كإنسان. حمى الله لبنان، وبرد رؤوسا حامية فيه، ليسلم لنا ولأولادنا من بعدنا وطن ينتمون اليه، لا بطاقة عبور تمنحهم صفة لاجيء على أبواب العالم جراء أخطاء من لا يزال الى اليوم يغامر ويقامر ويرفض أن يتعلم”.

وختم مستذكرا الشهيد حبيقة “بعد مرور أكثر من ربع قرن، في صرخته في العام 1985 يوم رفض كل الامتيازات التي منحته إياه الحرب وسلطة الميليشيات، وسار نحو السلام وبناء الدولة: نريد المسيحيين أبطالا للوحدة، لا شهداء لمشاريع التقوقع والتفتيت، واسمحوا لي أيضا أن أتوجه اليه والى كل من أحبه: أننا نأمل ونجهد كي نكون على مستوى تطلعاته وتبصره”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى