الأخبار اللبنانية

نحّاس: كلام الصفدي “فشة خلق”.. وأوساط الصفدي ترد

زاد من «بؤس» المشهد النيابي، القنبلة التي فجرها وزير المالية محمد الصفدي في مقابلته التلفزيونية الاخيرة والتي كشفت عن خلاف عميق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يمضي اجازة عائلية في لندن، واصابت شظاياها الجسد الحكومي، وعمقت بالتالي، من جراحه التي يئن تحت وطأتها منذ وقت طويل، وربما منذ اللحظة الاولى لتشكيل هذه الحكومة من مكونات غير مؤلفة او متجانسة.

واذا كان لافتاً ان قنبلة الصفدي انفجرت قبل ثلاثة ايام من موعد جلسات المناقشة النيابية، واعطت لنواب المعارضة، فرصة لشن هجوم مركز على الحكومة، بمختلف انواع الاسلحة المشروعة، وتحميلها مسؤولية ما وصلت الاوضاع في البلد على مختلف الصعد، الحياتية والمالية والاقتصادية فضلاً عن الأمنية، فان الخلاف الذي ظهر إلى العلن بين الرئيس ميقاتي والوزير الصفدي، يعكس استناداً إلى معلومات أوساط سياسية مطلعة، مدى تراجع العلاقة الشخصية بين الرجلين، وغياب التفاهم والتنسيق في ما بينهما، وايضاً بين مكونات الحكومة، حيال الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية.

وتُشير هذه الأوساط لصحيفة “اللواء” إلى أن الصفدي الذي يؤخذ عليه توتره السياسي في هذه المرحلة خصوصاً، كان يحاول أن يأخذ لنفسه مساراً مستقلاً في رؤيته للتطورات السياسية في البلد، يميزه عن حليفه المفترض الرئيس ميقاتي، عله ينجح في تقديم أوراق اعتماده إلى قوى 8 آذار، في حال أخذت هذه الأخيرة قراراً بالتخلي عن الرئيس ميقاتي، انطلاقاً من الملاحظات العديدة لهذه القوى، والتي لم يخفها حتى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مؤخراً، على أداء رئيس الحكومة، وتنتظر بالتالي الفرصة السانحة لذلك بعد اتضاح صورة المشهد السوري وانعكاساته على الساحة اللبنانية.

وتعتقد هذه الأوساط، أن قضية استئجار بواخر الكهرباء، لم تكن هي «القشة» التي قصمت ظهر حامليها، إن كانت قد دفعت الأمور إلى أقصى درجات التأزم بين الرجلين، بل إن وراء الأكمة الكثير من الأمور المخبأة، ومنها على وجه التحديد المشاريع الانمائية العائدة إلى مدينة طرابلس، والخلاف حول مشروع الموازنة، حيث كانت للرئيس ميقاتي رؤية اقتصادية مختلفة تماماً عن رؤية الصفدي الذي يخشى من «ضمور» رصيده الطرابلسي في حال تحقق ما يخشى منه الاخير من تفاهم بين رئيس الحكومة وقوى 14 آذار على تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسته يستبعد منها هو شخصياً، للاشراف على الانتخابات المقبلة، علماً ان قوى 8 اذار لا تزال حتى الساعة متمسكة ببقاء الحكومة الحالية، فيما لا تمانع قوى 14 آذار من الائتلاف مع ميقاتي لتأليف حكومة تكنوقراط، انطلاقاً من قناعتها بأنه ممنوع على هذه الحكومة الاشراف على الانتخابات لاعتبارات عديدة، علماً ان ميقاتي يحرص على عدم اتخاذ موقف في هذا الشأن، الا إذا تأمن توافق، أو حصل انقلاب داخل الاكثرية الحالية أدى الى انفراط العقد الحكومي.

وفي المقابل، تقول أوساط الصفدي لـ”اللواء” انه لم يكشف في المقابلة التلفزيونية الخميس، سوى جزءاً بسيطاً من «رأس جبل الجليد». وهددت هذه الأوساط، بأن وزير المال، في حال رأى ضرورة، سيعقد مؤتمراً صحفياً يكشف فيه بالتفصيل كل ما وصفته بمخالفات وارتكابات رئيس الحكومة.

من هنا، فإن السؤال الذي يطرح بعد انفجار الأزمة بين الحليفين الطرابلسيين، مخلّفة ردود فعل شعبية في الشارع الطرابلسي، حيث كان لخطباء المساجد مواقف ضد الصفدي أمس الجمعة، هو أي تداعيات متوقعة على الوضع الحكومي، وتالياً على مسار جلسات المناقشة؟

وفي ظل صمت الرئيس ميقاتي ورفضه التعليق حتى الآن، فإن حليفيه الوزيرين الطرابلسيين أحمد كرامي ونقولا نحاس حاولا التخفيف من وطأة الآثار السلبية المتوقعة لخلاف الرجلين وخصّ الوزير نحاس صحيفة «اللواء» بتعليق استبعد فيه أية تأثيرات لما حصل على الصعيد الحكومي، على اعتبار أن ما قاله الصفدي يمكن النظر إليه كـ«فشة خلق» إذا صح التعبير، خاصة وأن كلامه لم يكن مبنياً على أدلة، وإنما نتيجة ما سمعه من أخبار لم تثبت صحتها مطلقاً، «أضف إلى ذلك أنني لم أقل أبداً أن وزير المالية لا يؤتمن».

واعترف نحاس في المقابل، أن الوضع المالي للدولة صعب ودقيق، خاصة بعد الزيادات على الأجور في كافة الميادين، ما يزيد من حجم الانفاق في مقابل ضآلة المداخيل، وهذا يعني أننا في وضع لا نحسد عليه، مشيراً إلى أن الاتصالات الجارية حالياً تركز على إيجاد الحلول المناسبة لقضية الـ 8900 مليار ليرة، لأن المشروع الذي أحالته الحكومة إلى المجلس النيابي خضع لتعديلات أساسية في اللجان.

وفيما لم يشأ الوزير نحاس، أن يحدد موقفاً من موضوع إصدار مشروع القانون بمرسوم، مكتفياً بالقول أنه يعوّل على حكمة رئيس الجمهورية، التي يعتبرها أساسية في معالجة هذا الملف، «ونحن نترك له أن يقيّم الأمور ويتخذ القرار المناسب»، فإن مصادر مطلعة تعتقد أن ما أثير عن وجود أزمة في دفع رواتب موظفي القطاع العام في شهر أيار المقبل، تبدو جدية في جانبها الدستوري والقانوني، ولكنها في جانبها المالي مفتعلة لابتزاز الرئيس ميشال سليمان الذي يتوجه اليوم إلى أوستراليا ودفعه إلى توقيع مشروع القانون وإصداره بمرسوم، من دون تشريع قضية الـ 11 مليار دولار التي تم إنفاقها خلال أعوام 2005-2010، علماً أنه من دون تشريع هذه القضية لا يمكن إنجاز موازنة 2012 إلا بعد إقرار قطع الحساب الذي أحالته الحكومة بموجب مشروع الى المجلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى