ثقافة

حُرِمَت على الجميلات l المحامي عبدالله الحموي

اتصل بها وقال: “قد صَدَر السجل العدلي الخاص بِكِ, هو الآن بحوذتي”.
قالت: “شكراً جزيلاً, قد أتعبتك. أمن الممكن أن ترسِلهُ عبر البريد لو سمحت”؟
قال: ” لَيسَ قبلَ أن نتحاسَب”.
تعجَبت وقالت: “حِساب؟ هي مُعامَلةُ بسيطة . كُنتُ أظن بأن ما يَربطُ بيننا فوق كل اعتبار”.
قال: “هو كذلك. لكن ليس مع حَسناء مُثلِكِ. غَبِيٌ مَن لا يستَغِل موقفاً كهذا”.
قالت: “وكَم تريد من أتعاب”؟
قال: “لن آخُذ بعينِ الاعتبار مَشقَةٍ وفرتها عليكِ حين أسقطتُ عن كاهِلِك مَشقَةِ السفر”.
قالت: “هُو أمرٌ تُشكَرُ عليه. ما هو المطلوب إذن بعد مقدمة “ابن خلدون” هذه”؟
قال: “رسم الطابع المالي, وقيمته أربعة آلاف ليرة”.
قالت: “أنت تمزح , مبلغ كهذا لا يتعدى ثمن فنجان قهوة”.
قال: “لم ينتَهِ الحسابُ بعد”.
قالت: “يا الهي,كُل هذا من أجل خدمةٍ بسيطة. لو كُنتُ أعرف أنك سوف تستبدُ بي بهذا الشكل لقطعت المسافة بين ” بيروت” و ” طرابلس” مراتً ومرات”.
قال: “ما زال للحساب بقية, لا تنسي فوائد المبلغ”.
قالت: “هذا شيء كثير. منذ متى صرت تتقاضى الربا يا إمام عصرِكَ والزمان”؟
قال: مُذ وقعتُ عيناي عليك. ففي الحُب يَحلُ الربا, بل يؤخَذ أضعافاً وأضعاف”.
قالت: “أشتَّمُ في كلامِك رائحة غزل”.
قال: “كيف لا, والأخرس حين يراك تنفكُ عُقدَة لسانِه. فكيف هو الحالُ بشاعِر”. ؟؟
قالت: “وما هو حِسابُك يا شاعِر النساء”؟
قال: “كيف لا أكون كذلِك وأنتِ عندي كُل النساء”؟
قالت: “أشربت شيئاً من الكحول أو أصابك من الجنونِ مس .. ما هذا الذي تهرفُ بِه عند الصباح”؟
قال: “حاشا لله أن أقرب خَمراً أو أجدِفُ في الكلام. لكن, من قال أن مبعَثَ السُكر الوحيد هو خَمرٌ مُعتَصَر. أين ذهبت خَمرةُ الحُبِ والجمال”؟
قالت: “اختصر, ولا تُسكِرني بِكلام لا قِبَلَ لي به. قل لي ما حِسابُك”.
قال:”أربعة آلاف ليرة رسم الطابع المالي وأربعة آلاف أخرى “فوائد” المبلغ”.
قالت: “سأرسلها لك عبر البريد ومعها كلفة إرسال المستند”.
قال: “بل أستلِمُها مِنكِ يداً بِيَد”؟
قالت: “كيف أفعل ويفصل بيننا مسافة طويلة”؟
قال: ” لِكُلِ مُشكِلَةٍ حل.سأجد طريقة مناسبة لاستلام دفعة مِنكِ كُل يوم”.
قالت: “دفعة؟ وهل يتحمل مبلغ تافه كهذا نظام تقسيط؟
قال: “طبعاً إن كنتِ أنتِ المَدينة. لو كان المدين غيركِ لسامحت”.
قالت: “وكيف يُفتَرض أن يتم هذا التقسيط”؟
قال: “بموجِب ثمانية آلاف دفعة. كل يومٍ دفعَةً مقدارها ليرة واحدة حتى سَداد كامِل الدين”.
قالت: “يا الهي, هذا تقسيط مرهق. قد يُدرِكُني الموت قبل الانتهاء مِن السَداد “.
قال: “ليست مُشكِلَتي. هذا شرطي وإلا قد اتخذ بِحَقِكِ أي إجراء يحفظ حقي”؟
قالت: “لا تقل أنك سوف تَحجُز على أموالي”.
قالت: ” ما قيمة المال إن وُجِد الجمال؟ بل أحجز على شَخصِ المَدين”.
قالت: أتَحجِزُ عليّ؟؟
قال: بالتأكيد. فَحبسُكِ أمرٌ واجب ، أقله من باب درء الفتنة وحِرصاً على عقول العقلاء قبل الجهال.. لا تنسي بأنكِ ارتكبتِ جُرما, وهُوَ أمر مدُون في متن سِجِلكِ العدلي”.
قالت: “لكن ما أعرِفُه أن سجلي العدلي نظيف فأنا مواطِنَة تحترم القوانين”.
قال: ليس كل القوانين,جميلتي. لا تنسي قوانين الحُب. قد ورد في مَتن السِجل أنكِ ” عزباء” وهذا بحد ذاته جريمة تستَحِق أقصى العقاب”.
ضحِكَت وقالت: “وما عقوبة هذا الجُرم”؟
قال: “السجن المؤبد في أحضانِ الزوجية. ولا حَق لكِ سوى اختيار “الجلاد”.
قالت: “أمِن سبيل لمراجعة أو طعن أو حتى إخلاء سبيل”؟
قال: “يغلق الحُسن في وجهِ صاحبته كل أبواب الاعتراض والطعن. صدر الحُكم وانتهى الأمر: المراجعة حُرِمَت على الجميلات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى