المقالات

عِنْدَمَا اختُطِفَ أُرْدُوغَان فِي لُبْنَان – بقلم الشيخ بلال سعيد شعبان

يُكِنُّ اللبنانيون مع العرب والمسلمين الكثير من المحبة والاحترام لتركيا بشخص رئيس وزرائها السيد رجب طيب أردوغان .

ولا عجب فهو يقوم بما لا يجرؤ عليه الكثيرون من القادة والرؤوساء فهو واحد ممن قرن القول بالفعل فاستأصل الفساد في بلاده ورفع قيمة الإنسان فيها وحولها من بلاد مُرتَهَنة مُهملة مَنْسية إلى دولة تقوم بدور سياسي إقليمي يليق بها وبتاريخها فمن العراق إلى سوريا إلى إيران إلى لبنان إلى غزة حركة نَشِطَةٌ دؤوبة لِلَأمِ من انْكسر ورَأْبِ ما انْصَدَع ولكن هيهات.

وإن ننسى فلا ننسى موقفه في دافوس عندما أهان رأس الأفعى الصهيونية وقال ما قال “Live” على الهواء أمام كل الفضائيات دفاعا عن فلسطين وعن غزة العربية ثم انسحب، بينما لم يجرؤ العربي عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية يومها على الانسحاب فذلك قد يؤدي إلى حرج دبلوماسي لشمعون بيريز وتلك جريمة لا تغتفر.

كان الداعم لغزة بالقول والفعل فعندما تخلى عنها الأخ العربي الأكبر وبخل عليها القريب قبل الغريب ولم يبخل عليها الأخ التركي بالدم والموقف والمساعدات.

انتظره الفلسطينيون في مخيمات لبنان بفارغ الصبر انتظروا قدوم الطيب ليحتفوا بشخصية رجولية استثنائية في زمن عز فيها الرجال … انتظره الكبار والصغار ليحكي لهم عن ملحمة مرمرة في بحر غزة ليروا لون الوطن في عينيه.

انتظروه ليحدثهم وهو العجمي التركي عن حقيقة حلم الأمة في تحرير القدس والوقوف إلى جانب القضية المركزية التي تناساها الكثيرون بعدما خرجوا إلى الخدمة في مشروع آخر ، ولكنه … لم يأت.

انتظروه اللبنانيون هناك في الجنوب عند الوهاد والتلال ليعبروا عن حبهم له كمقاوم تماما كما عبروا عن حبهم لنجاد فكلاهما لم يمنعه كرسي الحكم والموقع الرسمي من قول كلمة الحق في وجه السلطان الجائر ولكنه، عجبا …لم يأت.

انتظرناه في طرابلس… طرابلس الجامع الحميدي… والمدرسة الحميدية … طرابلس الأثر النبوي الذي قدمه السلطان عبد الحميد لهذه المدينة المحُببّة إليه …لنعبر له عن حبنا عن إعجابنا كحركات إسلامية بتجربته الرائدة… إنتظره الوزارء والنواب والسياسيون، معارضين وموالين، سابقين وحاليين ولاحقين، انتظره طلاب المدارس رفعوا له اللافتات والبيارق والرايات إنه حفيد السلاطين.

تباحث الجميع في  كيفية استقباله ، أين يليق اللقاء به ؟ في المسجد المنصوري الكبير ؟… لا تتسع شوارع المدينة القديمة هناك لحشد استثنائي جاء لاستقبال ضيف استثنائي، توافق الجميع على أن يكون اللقاء في باحة المعرض فلا توجد أرض فلاة تتسع لمستقبليه سوى المعرض … فالكل يريد أن يعانق …أن يُقَبل …أن يقول له شكرا على موقفه في دافوس … في غزة … في بيروت … أثناء العدوان … بعد العدوان … إنه الطيب … إنه أوردوغان … إنه طيف السلطان محمد الفاتح … إنه مَلْمَحُ السلطان عبد الحميد … إنه ابن طرابلس ، كيف لا فمعظم ما فيها يحمل بصمة عثمانية من الأسواق إلى الحمامات والخانات والقِباب والمدارس والكتاتيب … انتظرناه  طويلا … طويلا … ولكنه لم يأت..

حار الجميع في لغز غياب الضيف العزيز، وأطلقوا العنان لتكهناتهم وتحليلاتهم… فلبنان بلد غير مستقر أمنيا في هذه الأيام … فقالوا حتما اختطف … إنها الضاحية الجنوبية… حتما الضاحية …ومن سواها يفعل ذلك …  

وما هي إلا ساعات حتى ظهر الطيِّب… لم تكن الضاحية من فعلها هذه المرة بل آخرون … اخْتَطَفُوْهُ ليشارك في مهرجان إنتخابي يعيد الأكثرية لــ 14 آذار في الشمال… وكأن الانتخابات غدا … اصطحب إلى هناك عنوة ليقول للناس “السما زرقا” … “ولعيونك يا شيخ سعد” ، مشهد انتخابي بامتياز …

حدثهم أوردوغان عن غزة وتوعد إسرائيل من هناك من أقاصي عكار

فقيل له : ما لنا ولغزة الآن … فنحن في مهرجان من مهرجانات المحكمة الدولية …

فسألهم قائلا : أهي محكمة من أجل غزة ؟!

– وأي غزة ، إنه مهرجان للحقيقة …

– حقيقة أن القدس عربية الهوى والهوية ؟أنا كتركي  أشهد بذلك .

– إفهم عربي يا أوردوغان… أنت هنا لأنك سني … ويجب أن تقف معنا … هنا 14 آذار …هنا التيار الأزرق … هنا العروبيون الجدد … هنا تصبح فلسطين جزئية من الجزئيات وتفصيل من التفاصيل … هنا يصبح جعجع أخا لنا في النضال … ويصبح الفلسطيني أخو الشليتة.

– ويهتف أوردوغان “لن ننسى غزة وسنبقى نقول للقاتل يا قاتل”  … ويهتف من يهتف : بالروح بالدم نفديك يا سعد

يقول أوردوغان إن الدم العثماني صبغ بياض بحر غزة بالأحمر القاني… وطيبنا يقول لهم “السما الزرقا” …

الطيب يتحدى العدو الإسرائيلي … وطيبنا يتحدى أهله ويتوعدهم بالمحكمة …

أُخِذَ الطيب مخفورا إلى هناك ليقول الخاطفون لمن يهمه الأمر لكم نجادُكُم … ولنا نَجَادُنَا … ولكنهم نسوا أن أوردوغان هو منتفض في غزة ومقاوم في لبنان ونووي في إيران ورافض للفتنة في العراق ومعارض في المحافل الدولية

انتظرناه وننتظره في طرابلس المسلمة العربية السنية المقَاوِمة طرابلس لبنان ..طرابلس الشام ..طرابلس العثمانية… لنقول له نحبك فأهلا وسهلا بك … بكل لغات أهل الارض لكنه لم يأت بعد…

فإلى أهل النخوة والغيرة نوجه نداء فنقول : فُقِدَ

– الطيب : رجب أوردوغان

– الوظيفة : رئيس وزراء

– المواصفات : جذور إسلامية راسخة.

– العلامات الفارقة : أَنَفَةٌ عُثمانية وعِزّة سُلْطانية.

– سِجِلّه : مُشَاكِس ، يَصْرُخُ دَوماً في وَجْهِ المحتَلين والغاصبين.

– آخر مرة شوهد فيها : بين قصري بعبدا وقريطم وقيل قرب قصر عين التينة.

– الخَاطِفُ المشْتَبَهِ بِهِ : خبير أرصاد جوية يُراقب دَوْمَاً زُرْقَةَ السماء وتَغَيُّرَ المناخ الدَوْلِي.

– سبب الاختطاف : حاول أن يجمع بين وجهات النظر ويعيد توجيه البوصلة صوب فلسطين.

– فيرجى ممن يعرف عنه شيئا أن يتصل على العنوان التالي:سفينة مرمرة مقابل بحر غزة المياة الدولية.

– أو الاتصال بأقرب موقع من مواقع المقاومة في أمتنا في لبنان أو فلسطين أو العراق

ونحن لكم من الشاكرين

محبوه الذين فجعوا بتغيبه في لبنان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى