المقالات

أجهزة الاستخبارات الفرنسية والتركية والسعودية والقطرية والأردنية تنشط في لبنان. مساعٍ لتوحيد المجموعات التكفيرية بقيادة الرافعي – بقلم: حسان الحسن

مما لا شك فيه أن السبب الأساسي للمخاطر التي تتهدد لبنان راهناً، هو انتقال القرار

لدى الطائفة السنية من بعض الساسة إلى “أمراء الأزقة والزواريب”، وأن زعماء هذه الطائفة فقدوا السيطرة كلياً على “الشارع السني”، وهذا ما تؤكده الحوادث الأمنية المتنقلة التي وقعت أخيراً، لاسيما في طرابلس وصيدا وعرسال، حيث كان يطغى حضور تيار “المستقبل”.

وعلى ما يبدو أن بعض الدول التي تنشط على خط الأزمة السورية، آثرت التعاطي المباشر مع “أمراء الزواريب” في مناطق الثقل السني، بدلاً من التعاطي معهم بالواسطة عبر “المستقبل” وسواه. وقد يحقق الإشراف الأمني المباشر على عمل المجموعات التكفيرية في لبنان نتائج عملانية أجدى، تخدم سياسة الدول المذكورة وتحقق مصالحها، خصوصاً في حربها على الجارة الأقرب أي سوريا. إضافة إلى أنه يخفف من عبء التكاليف المالية المخصصة للمجموعات المسلحة، من خلال تقاضي قادة هذه المجموعات مخصصاتهم المالية مباشرة عبر ضباط مخابرات هذه الدول من دون المرور ببعض الساسة أو التيارات التي كانت تتقاسمهم الأموال.

لا ريب أن تفعيل دور “أمراء المحاور” أسهم في تشتت الطائفة السنية وأفقدها دورها الوطني، وحوّل مناطقها إلى بؤر مسلحة خارجة على القانون، وقواعد لاستهداف الجيش والقوى الأمنية وتهديد صيغة العيش الواحد والاعتداء على أمن الدول الصديقة، وصندوق بريد لتوجيه الرسائل الإقليمية، كما جعل هذه الطائفة “من دون رأس”. وهنا يُطرح سؤال بديهي “ما هي قدرة تأثير الرئيسين نجيب ميقاتي وسعد الحريري على سبيل المثال لا الحصر على المسلحين التكفيريين المنتشرين في عرسال وطرابلس وعكار وسواها؟”. ورداً عليه يمكن القول إنهما أصبحا أشبه برجلي أعمال مموّليَن لبعض المجموعات للحفاظ على وجودهما السياسي، وتعزيز حضورهما الانتخابي ليس إلاّ.

وفي هذا الصدد، تكشف مصادر واسعة الاطلاع أن كلاً من أجهزة الاستخبارات الفرنسية والتركية والسعودية والقطرية والأردنية تنشط في لبنان، خصوصاً في المناطق ذات الغالبية السنية، إسهاماً في تعميم حال الفوضى والاقتتال في المنطقة، في محاولة لفرزها مذهبياً وإعادة رسم خارطتها بما يتناسب مع مصالح دول الغرب و”إسرائيل”، على حد قول المصادر.

وفي سبيل تعميق الانقاسمات المذهبية في لبنان، تكشف مصادر إسلامية طرابلسية أن أجهزة الاستخبارات العربية الناشطة على الساحة الطرابلسية تسعى إلى توحيد المجموعات التكفيرية في طرابلس بقيادة الشيخ سالم الرافعي، لاسيما بعد التقدّم الميداني الذي حققه الجيش السوري في “القصير” بمساندة حزب الله، وذلك في محاولة لتكريس حالة معادية لسورية والمقاومة في شمال لبنان. وتشير إلى أن المدعو “أبو عبد الله القطري” الموجود منذ مدة في طرابلس هو أحد أبرز مموّلي هذا “المشروع”.

وتلفت المصادر إلى أن لديها معلومات تفيد بأن المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي سيؤدي دوراً في مجال الإشراف الأمني على عمل المجموعات المذكورة، بعد توافق كلّ من السعودية وقطر على ذلك، الدولتين اللتين جمعتهما “مصيبة القصيّر”، على حد قول المصادر.

وترى المصادر أن الهدوء النسبي الذي يسود محاور الاشتباكات في طرابلس، مرشح للاشتعال في أي وقت، في ضوء غياب الغطاء السياسي لدور الجيش اللبناني في الحفاظ على السلم الأهلي وملاحقة المسلحين الخارجين على القانون.

ولعلّ ما يثير الربية في تطورات حوداث طرابلس، هو الاستهداف المباشر للجيش، من خلال الاعتداء على عناصره وآلياته، لثنيه عن دوره وانسحابه من شوارع المدينة، لتحويلها إلى “إمارة” مماثلة لـ”إمارة أعزاز” وسواها.

أما في شأن فتح “جبهة جبل محسن- باب التبانة”، فليس لها بالتأكيد أي ترابط استراتجي- عسكري مع “القصير”، بل هو ناجم عن فشل “التكفيريين” في الوصول إلى تماس مباشر مع حزب الله، وتحديداً في جبال الضنية وأكروم المتاخمة للهرمل، بحيث تم إحباط محاولات تسلل عدّة لمسلحين حاولوا الوصول إلى جرود الهرمل، في محاولة للردّ على مشاركة الحزب في الدفاع عن اللبنانيين في “ريف القصير”، وعندها عاود التكفيريون فتح الجبهة التقليدية بين “الجبل والتبانة”، لإبقاء النار مشتعلة حول سورية ومن أجل استمرار التحشيد المذهبي ضد المقاومة بانتظار ما تؤول إليه التطورات الميدانية في سورية والمباحثات الدولية في شأن الأزمة فيها، والتي ستنعكس حتماً على المنطقة سلباً أم ايجاباَ

موقع tayyar.org

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى