إجتماعيات

زواج القاصرات اغتيال للطفولة

بقلم الدكتورة الدكتورة رانيا الكيلانى أستاذ علم الاجتماع الثقافي بجامعة طنطا

زواج القاصرات، الزواج المبكر، زواج الأطفال هي مسميات متعدّدة لآفة مجتمعيّة موروثة في المجتمع المصري، وتشهد هذه الظاهرة تزايداً كبيراً في المناطق الريفية بسبب سوء الأوضاع والظروف الاقتصاديّة الصعبة التي يعيشها أهل الريف، بالإضافة إلى قلّة الاهتمام بعواقب ومخاطر هذا الزواج وعدم إدراك تبعاته، والاعتقاد السائد لدى العديد من الأُسر الذين يؤيّدون هذا الزواج بأنّه حماية لبناتهنّ وسترة وعفة لهم ، كل ما سبق أمور تؤدي إلى ارتفاع نسبة زواج القاصرات وتدفع باتجاهه، دون النظر إلى الآثار السلبيّة التي تتبع مثل هذه الزيجات بسبب عدم النضوج العقلي والجسدي للفتيات وعدم إدراكهن للمعنى الحقيقي للزواج وما يتبعه من أعباء ومسؤوليات شديدة الخطورة.
يعتبر زواج القاصرات اغتصاب بحق طفولة الفتيات القاصرات واعتداء على كرامتهم الإنسانية، وهو جريمة مكتملة الأركان لما يخلفه من آثار نفسية وجسدية على أطفال مازالوا بحاجة إلى من يرعاهم لا من يقومون برعايته، وذلك لأنهم فتيات بعمر الزهور تتحملن أعباء لا قدرة لهن عليها، ولا تستوعبن دورًا فرض عليهن.
إن زواج الفتيات القاصرات في سن الطفولة يعد بمثابة اغتصاب مقنن واغتيال لبراءتهم ومنعهم من الاستمتاع بالحياة، فهو ظاهرة منتشرة جدًا والإحصائيات الرسمية بمصر من واقع المسح السكاني لعام 2005 أكدت أن مصر بها 14% من الزوجات أطفال أعمارهن دون الـ15 عاما، وحتى وقت قريب كان هناك 300 حالة زواج أطفال يوميا تسجل بالشهر العقاري وترتفع إلى 500 حالة فى فصل الصيف وهو ما يسمى الزواج السياحي وهناك حالات يتم رصدها يوميا.
وتوجد العديد من الآثار السلبية لهذا النوع من الزواج ومن أهمها أن الفتاة القاصر تكتئب فى وقت مبكر بعد رؤيتها لمن فى سنها يلعبن ويمرحن ويستمتعن بالحياة وهى محملة بالمسئوليات وتغتصب تحت بند الزواج، فأحيانا تعانى آثارا نفسية لا تقل عن الاغتصاب ويترتب عليه الانحراف وممارسة البغاء، فثالث تجارة بالعالم بعد السلاح والمخدرات تجارة البغاء ومعظمهن تزوجن صغارًا، بالإضافة إلى ارتفاع التسرب من التعليم، مما يرفع نسبة الأمية، كذلك يترتب على الزواج المبكر طلاق مبكر وعند الخلفة يحدث تشرد لأطفالها، بالإضافة لشعورها بعدم التكيف العاطفي فهي طفله تحتاج من يرعاها لا من ترعاهم فليس لديها استعداد نفسى أو جسدي لعملية الزواج.
وما أؤكده هو أن زواج القاصرات يعتبر نوع من أنواع الإساءة الجنسية للفتاة القاصر لأنها تعد مطمعًا للآخرين باعتبارها تزوجت بسن صغيرة فهي فريسة لأي شخص فى مرحلة الزواج أو حتى وهي متزوجة، بالإضافة لافتقادها لثقافة التعامل سواء بالرضاعة أو التربية، بل ثقافة التعامل مع نفسها بمراحل الحمل، ففي مصر 5 آلاف حالة وفاة سنويا من زواج الأطفال، بالإضافة لعدم وجود تكافؤ مع ارتفاع البطالة، ونسبة المرأة المعيلة بالمجتمع نتيجة الطلاق المبكر، بالإضافة إلى أنها فى الكبر قد تحرص على إعادة إنتاج السلوك أي تزويج بناتها بسن صغيرة للتخلص من مسئوليتهن.
ويجب أن تقوم وسائل الإعلام والإذاعة والتليفزيون بتناول الظاهرة وإعداد أعمال درامية مكثفة كالمسلسلات والأفلام وبعض الإعلانات، بالإضافة إلى دور رجال الدين لمواجهة تلك الظاهرة، فالوأد النفسي قد يكون أشد وطأة من الوأد الجسدي، قال تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»، فى إشارة إلى أهل الاختصاص، بمعنى سؤال الأطباء عن السن المناسبة لزواج الفتاة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى