الأخبار اللبنانية

الشيخ كمال الدين يولم على شرف الوزير كرامي

رأى الوزير فيصل كرامي أن “المفاوضات في هذه الأيام هي عنوان الوضع الحكومي والسياسي

في لبنان، فالكل يفاوض الكل، للوصول الى حكومة تتقاسم فيها القوى السياسية والحزبية المقاعد والوزارات”، ولكنه أكدّ رغم ذلك أنه من المطالبين بتسريع ولادة هذه الحكومة لأن “الرمد أفضل من اعمى، ولبنان بحاجة فعلية الى هذه الحكومة الجامعة التي ستسهم على الأقل في حقن الدماء وفي ضبط الخطاب التحريضي، وفي وضع سدود أمام شرور الفتن”.
وسأل كرامي:”هل سيغفر الطرابلسيون لمن حوّلوا حياتهم ودمهم وأمنهم وأرزاقهم الى سلع في السوق السياسي بأنتظار حصول صفقة يتم فيها التقاسم والتحاصص الذي لا علاقة لطرابلس به لا من قريب ولا من بعيد؟ هل مات الأبرياء وتدّمرت البيوت من أجل ثلاثة كلمات في بيان وزاري لا تقدّم ولا تؤخر في مسار الأحداث”؟
كلام الوزير كرامي جاء خلال مأدبة غداء أقامها رئيس محكمة طرابلس الشرعية السنية القاضي الشيخ سمير كمال الدين على شرفه وتكريماً له، وذلك بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف في مطعم دار القمر في طرابلس، حضرها رئيس المحاكم الشرعية السنية العليا في لبنان سابقاً الشيخ ناصر الصالح، الشيخ سامي ملك خطيب وامام مسجد الميناء العالي، الشيخ عبد الغفار الزعبي خطيب وامام مسجد الروضة وحشد من الخطباء والمشايخ والموظفين في دار الفتوى والمحاكم الشرعية في طرابلس والشمال وعكار.
بداية، رحّب القاضي الشيخ سمير كمال الدين بالوزير فيصل كرامي وقال ” أرحّب بمعالي الوزير فيصل عمر كرامي و أهنأه كما أهنأ الجميع بذكرى مولد رسولنا الكريم محمد، صلّى الله عليه وسلم، وأتمنى أن تعاد هذه الذكرى عليكم وعلى وطننا ومدينتنا بالخير والبركات”.
أضاف:” يسعدنا أن نستضيف الوزير كرامي و ان نكرّمه وخصوصاً في هذا اليوم المبارك، تعبيراً منا عن محبتنا وتقديراً على جهوده الطيبة التي يبذلها على مساحة الوطن وخصوصاً في طرابلس الحبيبة”.
ثم كانت كلمة للوزير فيصل كرامي قال فيها “ليست ذكرى مولد نبينا العظيم وسيد المرسلين محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، سوى مناسبة لكي نجدّد العهد مع أنفسنا، على أن نكون كما أراد لنا، خير أمة أخرجت للناس، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وننهل من سيرته العطرة أرقى القيم الإنسانية في كل ما قال وفعل، في اليسر والعسر، في اللين والشدّة، في الحزم والسماحة، وفي تواضع وكبرياء سيد الأنبياء.
اني في هذا الموقف العظيم، وأمام هذه الذكرى العظيمة، أجدّد العهد أمام الله عز وجلّ، وأمام رسوله الأكرم، بأن أكون كما ربّاني محمّد، صلى الله عليه وسلم، نصير الحق والعدل والعزّة والكرامة والسماحة والمحبة، والله ورسوله أعلم بما في القلوب”.
ثم تقدم كرامي بالشكر “الى سماحة الشيخ القاضي سمير كمال الدين، الأخ العزيز والصديق الأمين، والى أصحاب الفضيلة الأجلاء، الذين شرّفوني وأتاحوا لي أن أكون بينكم ومعكم في مناسبة نؤكد فيها جميعاً ان خير ما نهتدي به كتاب من نور وجلال هدانا اليه المصطفى، وخير ما نقتدي به سيرة من بهاء ونقاء تمّم لنا فيها ديننا ودستورنا ومكارم الأخلاق”.
أضاف:” وإني، قبل الخوض في أي شأن سياسي، أقول أن أكثر ما يؤلم في هذه المناسبة هو أننا قد غرقنا في مستنقع الخلافات والفتن وابتعدنا عن القضية المركزية التي تتعلق بأرض مقدسة هي أحوج ما تكون الى اجتماعنا وتوحيد جهودنا ومواقفنا في سبيل نصرتها، وأقصد طبعاً ما يجري في فلسطين المحتلة، حيث يستفرد العدو بالأخوة الفلسطينيين ويمضي في عملية ممنهجة لتهويد القدس الشريف، ولا يخفي أطماعه الجهنمية الرامية الى اجتزاء وتشويه هوية المسجد الأقصى وكل مقدساتنا التي لم تجد للأسف من يدافع عنها في أمة العرب والإسلام”.
وعن الشأن الحكومي قال كرامي “المفاوضات في هذه الأيام هي عنوان الوضع الحكومي والسياسي في لبنان، فالكل يفاوض الكل، للوصول الى حكومة تتقاسم فيها القوى السياسية والحزبية المقاعد والوزارات. وستحمل هذه الحكومة في حال تيسّرت ولادتها اسم حكومة الوحدة الوطنية او ما يشابه ذلك من تسميّات فقدت مضمونها الفعليّ وجوهرها، وصارت شكلاً فاضحاً من أشكال تقاسم السلطة وتسويات لربط النزاع الى حين، بأنتظار ما سيكون!
مع ذلك، أنا من المطالبين بتسريع ولادة مثل هذه الحكومة، فالرمد أفضل من العمى، وهي حكومة الممكن الذي لا مفر منه في أيام سوداء يواجه فيها لبنان الكثير من العواصف والتداعيات المتصلة بالصراع الدولي والأقليمي الدائر في المنطقة، ومركزه الأساسي سوريا. ولبنان بحاجة فعلية الى هذه الحكومة الجامعة التي لن تبني دولة ومؤسسات، فهذا حلم لم نصل اليه بعد، لكنها ستسهم على الأقل في حقن الدماء وفي ضبط الخطاب التحريضي، وفي وضع سدود أمام شرور الفتن. ولا أتردد في التمني بأن تسفر هذه المفاوضات نتائج ايجابية وننتهي من هذا التجاذب المقيت على السلطة، ومن كل الشعارات التي يتم رفعها في معركة السلطة”.
تابع :” ولكن، لا بد أن أسأل أسئلة الناس، في كل مكان في لبنان، وهي أسئلة لا أنتظر عليها أجوبة، فاللبنانيون يعرفون كل الأجوبة.
أسأل، على سبيل المثال، هل حسمت الطبقة السياسية وحزمت أمرها وقررت حصول الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية في أيار المقبل؟ الجواب لا يحتاج الى ذكاء، وهو “نعم”، نحن مقبلون برضانا على تفريغ الموقع الرئاسي لأننا عاجزون عن تطبيق نصوص الدستور، ولأن أصحاب الحل والربط في الداخل لا يحلّون ولا يربطون بدون ضوء أخضر من الخارج، وما أكثر من هذا الخارج!
وأسأل، هنا في طرابلس الجريحة والحزينة والسائرة الى المجهول، هل تستحق هذه المدينة كل ما جرى ويجري فيها، وكل جولات العنف والأقتتال، وكل أيام الغضب وغير الغضب، وكل التدمير لأقتصادها وأستقرارها وراحة أهلها،… هل تستحق طرابلس هذه “المكافأة” السوداء في لعبة التجاذب على السلطة والمغانم؟! هل سيغفر الطرابلسيون لمن حوّلوا حياتهم ودمهم وأمنهم وأرزاقهم الى سلع في السوق السياسي بأنتظار حصول صفقة يتم فيها التقاسم والتحاصص الذي لا علاقة لطرابلس به لا من قريب ولا من بعيد؟ هل مات الأبرياء وتدّمرت البيوت من أجل ثلاثة كلمات في بيان وزاري لا تقدّم ولا تؤخر في مسار الأحداث”؟
أضاف :”اني، بكل صراحة، أطلب من الطرابلسيين أن يرجعوا الى الأرشيف، ويقرأوا بدقة ما جاء في ما أطلق عليه اسم “إعلان طرابلس”، وهو بيان اتحفنا به منذ فترة قادة وسياسيون أتوا من كل المدن والقرى الى مدينتنا لكي يعطوننا درساً في السياسة ولكي يوظّفوا مدينتنا في لعبة المفاوضات. لكنهم هم أنفسهم اليوم جاهزون لرمي كل بنود الأعلان المذكور في سلة المهملات والهرولة الى المناصب والسلطات!
أسأل، وما أكثر الأسئلة، هل اقتنع الجميع بسحر ساحر، وبعد أن أدخلوا البلد في الكوابيس، بأن لبنان لا يقوم على الألغاء، وبأن أحداً لا يمكنه أن يلغي أحداً، وبأن الدستور لا يجيز أي صلاحية لأي مقام في الدولة بأبتكار الغائيات تفجّر أسس الكيان اللبناني؟ واستطراداً، هل كانت كل التهديدات بحكومة الأمر الواقع مجرد لعبة أدت الى شلل البلاد سياسياً واقتصادياً”؟
ثم قال: “أصدقكم القول، انني لحظة سأغادر هذه الحكومة، لن أكون نادماً أو آسفاً، فأنا أعطيت فيها كل ما كان بوسعي، وهو أمر لن أتحدّث عنه، خصوصاً في ما يتعلق بوزارة الشباب والرياضة وانجازاتها، واثقاً بأن النهج الذي أرسيته في عملي الوزاري هو نهج وطني بأعتراف الخصوم قبل الحلفاء، ولا فضل لي في ذلك، فهذا واجبي الذي يمليه عليّ ضميري ومفهومي للعمل العام وللمسؤولية، وهو تراث متصل نشأت عليه في البيت الذي أنتمي إليه.  بالمقابل، لا شي يدعو الى الأسف، ربما على العكس… فالسنوات التي عاشتها هذه الحكومة كانت سنوات معاناة. لقد تم استقبالنا بيوم غضب، واستمر الغضب وصار عنوان العمل السياسي والمواجهة السياسية للحكومة”.
أضاف :”حتى “النأي بالنفس” أيها الأخوة، كان معاناة، فهذه البدعة عطّلت الدور الفاعل لمجلس الوزراء بوصفه مركز القرار السياسي في البلاد. ولكن حتى النأي بالنفس، على علاّته، لم يرحم الحكومة من حرب ضروس منعتها من التصرف والحركة واداء واجباتها تجاه المواطنين.
ثم وصلنا أخيراً الى شهور طويلة من معاناة أدهى وأمرّ، هي معاناة تصريف الأعمال الذي لم يكن سوى مرحلة لتضييع الوقت حوّل الحكومة الى عبء على نفسها وعلى البلاد. وهنا، أقول بلا مواربة، ان موقع رئاسة مجلس الوزراء، أي الموقع السياسي السني الأول في تركيبتنا اللبنانية الطائفية، خسر الكثير من وهجه وهيبته، وكانت كل الضربات التي تلقاها للأسف من اولئك الذين يدّعون الدفاع عن مصالح الطائفة السنية… والحق انهم أخطأوا، وتمادوا في الأخطاء، وخسرنا نحن وهم ما لن نسترجعه إلا بالوعي والحكمة والأنفتاح الصادق على شركائنا في الوطن وتحصين موقع رئاسة مجلس الوزراء، وسواه من المواقع السياسية والدينية في الطائفة، مغلّبين المصلحة العليا على المصالح السياسية الصغيرة التي كادت تطيح بكل شيء”.
أخيراً ختم الوزير كرامي :”علّمني الرئيس عمر كرامي الكثير من فضائل السياسة التي أعتز بها ولن أحيد عنها، وأهمها ان المناصب عرض عارض ووهم زائل ولا تساوي جناح بعوضة، وان الموقع الحقيقي لمن يتصدّى لحمل المسؤولية هو بين أهله وناسه، وأن أكون جاهزاً دائماً لكي ألبّي نداء الواجب مهما كانت التضحيات… واني على هذا النهج أسير مهتدياً بقبس من منارات السيرة الخالدة لسيد المرسلين، سيدنا ونبينا محمّد، صلى الله عليه وسلم، الذي عاش ومات كريماً عزيزاً صابراً متفائلاً، لكأنه قال لنا أن أحب العبادات الى الله انتظار الفرج، والفرج قريب بأذن الله”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى