إجتماعيات

المخدرات: التحدي الأكبر أمام شبابنا ومؤسسة “جاد” في مواجهة الآفة بقلم الدكتور جيلبير المجبر

المخدرات ليست مجرد تهديد على الصحة الفردية، بل هي آفة تؤثر على كل أسرة، وتدمّر نسيج المجتمع بأسره. هي التحدي الأكبر الذي يواجه شبابنا في الوقت الراهن. تأثيراتها السلبية تصل إلى الجيل الجديد، وتسبب له الانهيار النفسي والجسدي، إضافة إلى تدمير الأسر والعلاقات الاجتماعية. وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المجتمع.

أسباب انتشار المخدرات بين الشباب

المخدرات لا تقتصر على فئة معينة، بل تستهدف الجميع، ولكن الشباب هم أكثر الفئات عرضة للخطر. من أبرز الأسباب التي تجعل الشباب يقع ضحية لهذه الآفة هي البطالة، التي تزرع الإحباط والفراغ النفسي، مما يدفع البعض منهم للبحث عن حلول للهروب من الواقع، فتأتي المخدرات كملاذ وهمي.
كذلك، يعد غياب التوجيه الأسري والاجتماعي من أبرز العوامل التي تسهم في زيادة انتشار المخدرات بين الشباب. فبدون إشراف ورعاية كافية، يصبح الشباب عرضة للانحراف والتوجه إلى ممارسة سلوكيات مدمرة.

دور الأسرة في الوقاية من المخدرات

الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء شخصية الأبناء. هي الحاضن الأول، والموجه في الحياة. لكن في الكثير من الأحيان، يغيب الاهتمام الكافي من الأهل تجاه موضوع المخدرات، ما يزيد من تعرض الشباب لهذه الآفة. لذا، على الأهل أن يكونوا قدوة حسنة، وأن يتعاملوا مع هذا الموضوع بكل جدية واهتمام، ويعلموا أولادهم الآثار المدمرة للمخدرات.

يجب أن يتعلم الآباء كيف يكتشفون العلامات المبكرة لتعرض الأبناء للمخدرات وكيفية التعامل مع هذه الحالات بأفضل الطرق الممكنة.

مؤسسة “جاد” ودورها الحاسم

مؤسسة “جاد” (جمعية مكافحة المخدرات) تعد أحد الأعمدة الأساسية في المعركة ضد المخدرات في لبنان والوطن العربي. تقوم هذه المؤسسة بدور جبار في التوعية، وفي تقديم الدعم والعلاج للأشخاص المتأثرين بالإدمان. من خلال برامج توعوية ودورات تدريبية، تسعى “جاد” لرفع الوعي حول مخاطر المخدرات بين مختلف فئات المجتمع، وخاصة الشباب.

ومع ذلك، ورغم هذه الجهود المستمرة، لا يزال الواقع يتطلب المزيد من الدعم المالي واللوجستي لهذه المؤسسة. الدعم الذي تحتاجه “جاد” ليس فقط من الدولة، بل من جميع شرائح المجتمع المدني لتوسيع نطاق تأثيرها وضمان وصول برامجها إلى أكبر عدد من الشباب والفتيات.

التحديات التي تواجه “جاد”

رغم العمل الجاد الذي تقوم به مؤسسة “جاد”، فإنها تواجه العديد من التحديات. في مقدمتها نقص الموارد المالية، ما يجعل قدرتها على توسيع برامجها محدودة. على الرغم من هذا الواقع الصعب، تبذل “جاد” جهودًا حثيثة، لكن الجهود الفردية لا تكفي في مواجهة هذه الآفة. يتطلب الأمر مشاركة جميع الجهات المعنية في المجتمع والدولة لضمان نجاح هذه المبادرات.

“حاميها حراميها” – التحديات الإضافية

للأسف، لا يمكننا إغفال وجود جهات متورطة في ترويج المخدرات، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. هذه الظاهرة تجعل مكافحتها أكثر تعقيدًا. بعض من يجب أن يكونوا حماة من هذه الآفة قد يكونون أنفسهم جزءًا من المشكلة. وهنا تظهر الصعوبة الحقيقية في التصدي لها: المسؤولون الذين يجب أن يحاربوا المخدرات، قد يكونون هم من يقوّضون هذا الجهد!

التكاتف المجتمعي هو الحل

محاربة المخدرات تتطلب جهودًا جماعية لا تقف عند حدود التوعية فقط، بل تتطلب مشاركة الجميع: الأسرة، المؤسسات التعليمية، المجتمع المدني، والدولة. لا يمكن أن نكتفي بحملات موسمية أو جهود فردية غير منسقة، بل يجب أن يكون هناك استراتيجية وطنية طويلة الأمد تضمن استمرارية في التوعية، وكذلك دعم حقيقي للمؤسسات التي تعمل في هذا المجال مثل “جاد”.

من خلال التكاتف بين الجميع، يمكننا حماية شبابنا من هذه الآفة والحد من انتشارها، مما يضمن مستقبلًا أفضل لأجيالنا القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى