النقيب الحسن خلال ندوةٍ حول كتاب “الذكاء الاصطناعي: تحديات قانونية وأخلاقية”

للتعمق والعمل معًا لوضع أطر قانونية وأخلاقية تليق بهذا العصر الرقمي المتسارع وهنأ الدكتورة سلوم على إنتاجها الفكري القانوني الأول من نوعه في لبنان
برعاية وحضور نقيب المحامين في طرابلس سامي مرعي الحسن، إحتفلت الدكتورة اودين سلوم بتوقيع إصدارها الجديد “الذكاء الاصطناعي: تحديات قانونية وأخلاقية”، وذلك بحضور معالي الوزير النقيب الأسبق رشيد درباس، النقباء السابقين: ميشال خوري، فهد المقدم، محمد المراد، ماري تراز القوال، نقيب المحامين في بيروت فادي المصري ممثلاً برئيس مركز المعلوماتية الاستاذ ماريو ابو عبد الله، أعضاء مجلس النقابة، عميد الجامعة اللبنانية البروفسور حبيب قزّي، مدير كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية الفرع الثالث البروفسور خالد الخير، مستشارة رئيس الوزراء لشؤون تكنولوجيا المعلومات والإتصالات الدكتورة لينا عويدات، ممثلة الشرق الأوسط في الإتحاد الدولي للعلماء الدكتورة منى الأشقر وعدد من الزميلات والزملاء المحامين ومحامين متدرجين وحقوقيين.
البداية بالنشيد اللبناني فنشيد النقابة ثم كلمة ترحيبية لمدير الندوة الأستاذ مصطفى العويك جاء فيها:” في عصرٍ تنقلب فيه كل الموازين ويتحكم فيه الذكاء الاصطناعي بتسيير شؤوننا، بات كل ثابت متغيّر، وكل متغيّر يدخل دائرة الاحتمالية ليصبح ثابتاً، من هنا كانت ضرورة التصدي لهذه البرامج الروبوتية بكتاب علمي يشرح تفاصيلها ويحدد ضوابطها ويسأل عن الأضرار التي قد تتركها وعلى من تقع مسؤوليتها، كما عن طبيعتها القانونية وكيفية تنظيمها لمواكبتها ضمن إطارات مضبوطة، وهو ما يجسده كتاب الزميلة الدكتورة اودين سلوم الحايك، “الذكاء الاصطناعي تحديات قانونية وأخلاقية” الذي ننتدي حوله اليوم، فعلى الرغم من مزاياه العديدة، الا ان الذكاء الاصطناعي لا زال محدودًا في جوانب مهمة، والحقيقة ان الذكاء الاصطناعي بكونه صورة من صور التقدم الرقمي، لا يضعنا أمام أزمة روبوتية تهدد الإنسان في مستقبله العملي فحسب، وإنما يدفعنا الى إعادة قراءة الأحداث والتطورات وادراكنا ووعينا للحياة والتكنولوجيا، وكيفية التفاعل معها، وهو بذلك يخرجنا من دائرة المتلقي الى دائرة المحرك، من العالم الرقمي الى التساؤلات الفلسفية عن مصيرنا كبشر ودورنا في المنظومة الكونية”.
الحسن
ثم كانت كلمة للنقيب الحسن جاء فيها:” يسعدني أن أكون بينكم اليوم للإحتفاء بإصدارٍ جديد يفتح آفاق النقاش القانوني والأخلاقي حول أحد أبرز تطورات العصر الحديث، وهو الذكاء الاصطناعي… كتاب الدكتورة أودين سلوم، بعنوان “الذكاء الاصطناعي: تحديات قانونية وأخلاقية”، يعالج قضايا تمسّ مستقبلنا المهني والقانوني، ويقدم رؤية متعمقة في هذا المجال الذي يزداد تعقيدًا مع مرور الوقت”.
وتابع:” إن أول ما يثير النقاش في الذكاء الاصطناعي هو كيفية وضع ضوابطٍ تضمن استخدامه بشكل آمن ومسؤول فالذكاء الاصطناعي ليس أداة محايدة؛ بل نتاج البرمجة البشرية التي قد تحمل تحيزات أو أخطاء، ولذلك، يجب أن تتبنى الضوابط القانونية مبادئ واضحة منذ مرحلة التصميم، تدمج القيم الأخلاقية التي تحفظ حقوق الإنسان وتمنع إساءة الاستخدام، وهذه الضوابط لا يجب ان تقتصر على الجانب التقني فحسب، بل يجب أن تشمل آليات المساءلة القانونية، خاصة في الحالات التي يؤدي فيها الذكاء الاصطناعي إلى قرارات أو أضرار ملموسة”.
وأضاف:” من القضايا المحورية في هذا الموضوع الشيّق هي عملية تحليل المعلومات التي يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي، فالسؤال الأهم هنا: كيف يتم جمع هذه المعلومات، ومن أين تأتي؟ فالذكاء الاصطناعي يعالج كميات هائلة من البيانات، لكنه يعتمد على جودة هذه البيانات، والمعلومات الصحيحة تقود إلى نتائج دقيقة، بينما تؤدي المعلومات المغلوطة إلى قرارات خاطئة، قد تكون لها عواقب وخيمة، لذلك، نحتاج إلى آليات صارمة للتحقق من مصادر البيانات، وتدريب الأنظمة على التمييز بين الصواب والخطأ لضمان مصداقية النتائج، ومن اهم التحديات والأسئلة، من يتحمل المسؤولية عن أفعال الذكاء الاصطناعي؟، هل المسؤولية تقع على المطورين الذين صمموا النظام، أم على المستخدمين، أم على الشركات التي تديره؟ في الحالات التي تُعطى فيها الأنظمة الذكية درجة من الاستقلالية، كأنظمة القيادة الذاتية أو التطبيقات الطبية، يصبح تحديد المسؤولية أكثر تعقيدًا. المساءلة القانونية هنا يجب أن تراعي طبيعة الضرر، وتفاصيل الحادثة، والأطراف المعنية، لضمان تحقيق العدالة.
وعن دور القانون اللبناني، قال النقيب الحسن:”هو كبقية القوانين في العالم، بحاجة إلى تحديث شامل لمواكبة التطورات التقنية، فهل يكفي القانون اللبناني لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي؟ الإجابة، مع الأسف، هي لا.لذلك لا بُدّ من وضع قوانين جديدة أو تحديث القوانين القائمة لتغطي كافة جوانب الذكاء الاصطناعي، من جمع البيانات إلى المساءلة القانونية. بالإضافة إلى ذلك، يجب توقيع اتفاقيات دولية لتوحيد المعايير القانونية بين الدول، نظرًا لأن الذكاء الاصطناعي يتخطى الحدود الجغرافية، ويؤثر على العالم بأسره”.
وختم:” ولا يسعنا في الختام إلا أن نتأمل في صورة رسمها دا فينشي قبل قرون. الذكاء الاصطناعي، كما أشار دافنشي، هو نتاج الإنسان، يعتمد على ما نزرعه فيه من قيم وأخلاقيات. إذا زرعنا جيدًا، وإذا عملنا على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تحترم الإنسان، فإننا سنحصد نتائج إيجابية تُسهم في بناء مجتمع أفضل. فالذكاء الاصطناعي أداة، لكنه في النهاية يعكس اختياراتنا ومسؤولياتنا، في الختام، أتوجه بالشكر والتقدير للدكتورة أودين سلوم على هذا العمل الرائد الذي يدعونا للتفكير والعمل من أجل مستقبل قانوني أكثر عدلاً وإنسانية. وأدعو الجميع، محامين وأكاديميين، إلى التعمق في هذه القضايا والعمل معًا لوضع أطر قانونية وأخلاقية تليق بهذا العصر الرقمي المتسارع”.
درباس
ثم كانت كلمة لمعالي الوزير النقيب درباس توجه فيها بدايةً بتحيةٍ للنقيب السامي الاحترام سامي الحسن وللمشاركين والحضور وتابع قائلاً:” بما أن نمو منسوب الذكاء لدى البشر مرهون بعوامل متعددة منها الموهبة والفطرة، وسعة الاطلاع وتمرين القدرات الذهنية، ومنها أيضًا عوامل السن التي تتنامى طردًا إلى حدّ معين، وتتراجع عكسًا بعد بلوغ ذلك الحد، فبالنسبة لي، شعرت بجهلي الفادح عندما شاهدت حفيدي يقرأ كتابًا عن الذكاء الاصطناعي، فلما طلبت إليه أن يشرح لي مبادئه المبسطة، غاص هو بالمصطلحات التي لا أفهمها، فيما هرعت أنا للعودة إلى جهلي الذي يقيني شر ذكاء لا قبل لي به.”
وأضاف:” الزميلة العزيزة الدكتورة أودين سلوم كانت توقع كتابها الجديد في إطار معرض الكتاب السنوي الذي تنظمه الحركة الثقافية في انطلياس من غير أن تبلغني بذلك- رغم الصداقة القديمة- فعاد الفضل لاقتنائي الكتاب إلى سعادة النقيب سامي الحسن الذي صادفته هناك فلفتني إلى الأمر، فرافقته إلى زواية التوقيع، وتكرم واشترى لي الكتاب من حر ماله، فشكرًا على فضله المادي والمعنوي، وهنيئًا للعروس أودين، بعريسها الجديد”، الدكتورة الاستاذة أودين، بكتابها الصعب هذا، دخلت إلى عالم لا يزال مجهولًا لدى الأكثرية من الناس بمن فيهم أهل القانون، ثم راحت تحاول فك مغاليقة، لتبسط للقارىء العادي الأمور وتضع علامات دالة لأصحاب الاختصاص من أجل الاستثمار الحميد في ذلك المنتج الرهيب، الذي يمكن أن يشكل أخطارًا كبيرة على حياة البشرية كلها.”
وختم:” الدكتورة أودين تقول لنا إن الذكاء الاصطناعي هو من وسائل الذكاء البشري، وليس بديلًا له، فكما قصرت الطائرات المسافات بين البشر، قصر الذكاء الاصطناعي الجهد ووضع نفسه في خدمة الإنسانية. إنه لا يبتكر ولا يخترع، بل تتم الابتكارات والاختراعات بوساطته الفعالة، ولكن الدكتورة اودين، تولي عنايتها الأصلية لترويض هذا المنتج وضبطه في قيود الأخلاق، لأن كل الأشياء التي سخرها الله لخدمة الإنسان، يمكن ان يساء استعمالها لأغراض شيطانية، إن أودين في كتابها الذي بذلت فيه مجهودًا جبارًا، تمسك بأيدينا لنسير معها بتؤدة في هذا الدرب الجديد خشية الانزلاق، وتحذرنا جدًا من الشياطين الكامنة على حواشي الطريق”.
ثم كانت كلمة للدكتورة عويدات جاء فيها:” يأتي هذا الكتاب في توقيت بالغ الأهمية، في ظل التطور السريع للذكاء الاصطناعي وتأثيره العميق على مختلف أوجه حياتنا، بما في ذلك الجوانب القانونية والأخلاقية التي تفرض علينا إعادة التفكير في العديد من المفاهيم القانونية التقليدية، فلا يمكننا أن نتجاهل أن مهنة القضاء والمحاماة كسائر المهن والقطاعات الحيوية، تعاني من خلل واضح في مواكبة هذا التطور المتسارع ميدانياً، فالاجتهادات القضائية والقوانين القائمة غالبًا ما تُظهر قصورًا في التعامل مع الحالات المستجدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى حالة من عدم اليقين القانوني، خصوصًا في ظل غياب إطار موحد ينظم هذه المسائل. هذا الخلل يتفاقم في المجتمعات التي تعاني من أزمات متعددة، كما هو الحال في لبنان، حيث العشوائية في الاجتهاد وتفاوت تطبيق القوانين باتا ينعكسان سلبًا على حقوق الأفراد وثقة المواطن بالقضاء، فإن التطور التكنولوجي، إن لم يُواكب بتحديث المنظومة القانونية والقضائية، قد يتحول من فرصة إلى تهديد، ما يضع مسؤولية كبيرة على عاتقنا جميعًا كمشرعين، قضاة، ومحامين، للعمل على بناء آليات مرنة وفعالة تستوعب هذا التغير الديناميكي.”
وختمت:” إن التعامل مع قضايا الذكاء الاصطناعي لا يحتمل الاستسهال. فكما أن الذكاء الاصطناعي يُصنَّف بدرجات من التعقيد، كذلك يجب أن تكون مقاربتنا القانونية دقيقة، ناقدة، ومسؤولة. لا يكفي أن نكتفي بالعبارات العامة، أو نؤجل الإصلاحات بحجة أن “الوقت ليس مناسبًا”. الوقت، بكل بساطة، لن ينتظر، وإن نقابة محامي طرابلس، بمبادرتها هذه، تُثبت أنها حاضرة في قلب المعركة التكنولوجية القانونية، وهذا ليس جديدًا عليها. فأنتم، بحضوركم اليوم، لا تُشاركون في حفل توقيع كتاب فقط، بل في بناء وعي قانوني جديد، أكثر استعدادًا لمواجهة المستقبل.
ثم ألقت الدكتورة الأشقر كلمةً تناولت فيها التحديات غير المسبوقة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، وكيفية تأثيرها، على القطاع القانوني، في كل تشعباته، المهنية، والتشريعية، مشددة على التحولات في المفاهيم، والمبادىء، والقواعد، التي لا بد من ان نشهدها مع التطورات التي تتسارع مع التطور المتسارع والمستمر لهذه التقنيات. كما أشارت الى انعكاس عدم قدرة القانون في وضعه الحالي على مواكبة المخاطر، لاسيما منها تلك التي تطرح على صعيد مساعدته للمجرمين السيبرانيين وغيرهم، من تطوير أساليبهم، واعتداءاتهم، والتلاعب بالادلة والآثار التي تترك على الانترت، ما يجعل امر مكافحة الجريمة اكثر صعوبة، حتى في الحالات التي يستخدم فيها هذا الذكاء لمساعدة الاجهزة الأمنية”.
وأضافت الى هذا، التحديات الكبيرة، على مستوى الامن الفردي والقومي، وعلى السلم الدولي، نتيجة الاسلحة الذاتية التشغيل، والتلاعب بالانظمة عبر التزييف العميق، ةالاخبار الكاذبة، والاختراقات السيبرانية، وتعزيز قوى الجريمة المنظمة، التأثير على الانتخابات، ما يفاقم المخاطر السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، فيؤثر في سلم القيم ضمن المجتمعات، كما عرضت لبعض القضايا المرتبطة باستخدامات جرمية لانواع من الذكاء الاصطناعي، وتطرقت الى آليات التشريع، وكيفية وضع القانون الاوروبي للذكاء الاصطناعي، والمفاهيم الجديدة التي ادخلها، اضافة الى المقاربة التي اعتمدت على ضبط استخدام هذا الذكاء، بناء على سلم مخاطر، يتدرج من الاستخدام المقبول، الى الاستخدام المحظور”.
وختمت، بتساؤل حول استعداد لبنان لتحول رقمي آمن وفاعل، في غياب إمكانات التحكم في أمن التقنيات التي ستستخدم، لاسيما في حال اللجوء الى الذكاء الاصطناعي في الخدمات الحكومية”.
الختام بكلمةٍ للدكتورة سلوم جاء فيها:” منذ فترةٍ طويلةٍ يُنظَرُ إلى مهنةِ المحاماةِ على أنَّها مجالٌ تقليديٌ، وها هي تشهدُ الآن تطوُّراً في ممارستِها بفضلِ التكاملِ المتزايدِ للذكاءِ الاصطناعي حيث يوفّرُ الذكاءُ الاصطناعيُّ للمحامينَ أدواتٍ قويّةً لتحسينِ كفاءتِهم وجودةِ خدماتِهم، في مواجهةِ التعقيدِ المتزايدِ للتقاضي، وانفجارِ البياناتِ المتاحة، تتّجهُ شركاتُ المحامينَ بشكلٍ متزايدٍ إلى الذكاء الاصطناعي، لتلبيةِ احتياجاتِ عملائِها بشكلٍ أفضل، لكنّ الأمرَ لا يخلو منَ التحدّياتِ، والقيود، والواقعُ أنَّ دَمْجَ الذكاءِ الاصطناعيِّ في الممارسةِ القانونيّة، يُثيرُ قضايا أخلاقيّةً وتقنيّةً ومهنيّةً تستحقُّ اهتمامًا خاصًّا. قبلَ اعتمادِ هذهِ التقنيّات، تحتاجُ مكاتبُ المحاماةِ إلى فهْمٍ واضحٍ للحواجزِ المحتمَلةِ لتحقيقِ أقصى استفادةٍ منها. أحدُ التحدّياتِ الرئيسيّةِ التي يفرضُها إدخالُ الذكاءِ الاصطناعيِّ في القطاعِ القانونيِّ، يتعلّقُ بالقضايا الأخلاقيّة”.
وأضافت:” غالبًا ما يتضمّنُ استخدامُ الذكاءِ الاصطناعيِّ في القطاعِ القانونيِّ معالجةَ البياناتِ الحسّاسةِ، سواءٌ كانَت مستنداتٍ سرّيّةً، أو ملفّاتِ عملاء، أو أسرارًا تجاريّةً، أو اتّصالاتٍ خاصّة، لذلك، فإنّ خطرَ تسريبِ البيانات، وإفشاءِ السرّيّةِ المهنيّةِ والقرصنة، يتزايدُ ويوجبُ على المحامي ضمانَ أمْنِ البيانات، وخصوصيّة المعلومات، عند استخدامِ هذا الذكاء، فمن الضروريِّ اختيارُ الأدواتِ التي تتوافقُ معَ أعلى معاييرِ الأمان، خصوصًا عندما يتعلّقُ الأمرُ بحمايةِ البياناتِ الشخصيّة، لئلّا يؤدّيَ عدمُ الامتثالِ لهذهِ المتطلّباتِ إلى عقوباتٍ قانونيّة، و يُضرَّ بسمعةِ المحامين، ويزعزعَ ثقةَ عملائِهم. فضلاً عن وجوبِ تقييمِ قضايا المسؤوليّة، والتحيُّز، والسلامة، والتكلفة، بعنايةٍ حتى يمكنَ استخدامُ الذكاءِ الاصطناعيِّ بشكلٍ أخلاقيٍّ وآمنٍ وفعّال. في هذا السياق، لا يُعَدُّ الذكاءُ الاصطناعيُّ بديلًا عنِ الحكمِ البشريّ ، ولكنّه أداةٌ قويّة، إذا أُتْقِنَ استعمالُها، أَمْكنَها تطويرُ مهنةِ المحاماة، معَ احترامِ قيمِها الأساسيّة، فمنَ المتعارفِ عليه أنَّه لا أمنَ ولا أمانَ مع أنظمةِ الذكاءِ الاصطناعيِّ، ومع شبكةِ الإنترنت بشكلٍ عامّ، فما يُنشَرُ للحظةٍ على الشبكة، قد يَنتشرُ إلى الأبد، والمعلومةُ التي تُعطى للذكاءِ الاصطناعيِّ تُخزَّنُ في مكانٍ ما في العالم، وقد تُستعمَلُ رغمًا عن إرادةِ صاحبِها، الخطورةُ كبيرةٌ، والحمايةُ تبدأُ منَ المحامي نفسِه الذي عليه أنْ يحفظَ السرّيّةَ، وأنْ يتمرّسَ في كيفيّةِ التعاطي معَ الأنظمةِ الذكيّةِ، عن طريقِ طرحِ المسألةِ القانونيّةِ علىيها، دونَ بيانِ معطياتٍ شخصيّةٍ، ودونَ تمكينِها منَ التعرُّفِ على هويّةِ الموكِّل، من خلالِ جمْعِ وتحليلِ البيانات”.
وتابعت:” يستمرُّ الذكاءُ الاصطناعيُّ في إحداثِ ثورةٍ في الصناعةِ القانونيّة، وتَعِدُ تطوُّراتُه المستقبليّةُ بمزيدٍ منَ التغييرِ في طريقةِ ممارسةِ المحامينَ لمهنتِهم.، وهذا الاستخدامُ المتزايدُ للنماذجِ الذكيّةِ في القانون، يُحتِّمُ وضْعَ مبادئَ تنظيميّةٍ مناسبة، يتعيّنُ على القطاعِ القانونيِّ نفسِه أنْ يأخذَ على عاتقِهِ زمامَ وضْعِ الأطُرِ التنظيميّةِ والأخلاقيّةِ التي تحكمُ استخدامَ الذكاءِ الاصطناعيِّ بشكلٍ آمنٍ، لحمايةِ حقوقِ الأفرادِ في مواجهةِ القراراتِ التي تتّخذُها الخوارزميّات.، فيجبُ إصدارُ قوانينَ منْ شأنِها تحسينُ مساءلةِ وشفافيّةِ الخوارزميّات، وحمايةُ البياناتِ الشخصيّةِ والأسرارِ التجاريّة، وبالتالي تحديدُ المسؤوليّةِ القانونيّةِ للجهاتِ الفاعلةِ التي تستخدمُ الذكاءَ الاصطناعيَّ، ويمكنُ أنْ يكونَ للمحامينَ دورٌ رئيسيٌّ يلعبونَهُ في تشكيلِ هذا التنظيمِ الخاصِّ للذكاءِ الاصطناعيّ، وجعْلِهِ أخلاقيًّا.، وهنا أدعو إليه اليومَ، منْ على هذا المنبر، أنْ يكونَ لنقابةِ المحامينَ في طرابلس دورٌ في وضع وتنفيذِ قوانينِ الذكاءِ الاصطناعي، وتعديلِ آدابِ مهنةِ المحاماةِ لتتلاءمَ معَ الأنظمةِ الذكيّة، والمساهمةِ في تطويرِ عملِ المحامين، وتوجيهِ المتدرّجين، وتعليمِهم وتدريبِهم على التقنيّاتِ الحديثة، فلطالما كانَت نقابتُنا سبّاقةً، والمطلوبُ اليومَ اتّخاذُ خطواتٍ استباقيّة، وعدمُ التوقّفِ عندَ الخطوطِ الدفاعيّةِ عنِ المهنةِ فقط، بهدفِ تحويلِ المنافسةِ إلى منافسةٍ على الحفاظِ على القيمِ المهنيّة، وعلى قيمةِ العملِ القانونيِّ ونوعيّتِه، حيث نصبو إلى أن تكونَ نقابتُنا السبّاقةَ في إصدارِ إرشاداتِ ممارسةِ مهنةِ المحاماةِ في عصر الذكاءِ الاصطناعيّ، وتطويرِ دورِ المحامي في عصرٍ باتَتْ فيه المهامُّ الفنّيةُ مؤتمتةً بشكلٍ متزايد، وبرزَتِ الحاجةُ إلى المهاراتِ البشريّة،سواءٌ لناحيةِ التفاوضِ والاستراتيجيّة، وتوقُّعِ المخاطر. سيكونُ محامو الغدِ مستشارينَ استراتيجيّين قادرين على الاستفادةِ منَ الأدواتِ التكنولوجية، و توفيرِ قيمةٍ بشريّةٍ مضافة”.
وختمت:” كل الشكر للنقيب المتميّز بهدوئِه ورصانتِه وحزْمِه، فقد آثرْتُم أنْ تبقى نقابةُ المحامين في طرابلس ملتقىً للفكرِ والعلم، فالشكرُ والتقديرُ لجهودِكم في جعْلِ هذا اللقاءِ استثنائيًّا ومميّزًا، ولإتاحةِ الفرصةِ لتبادُلِ المعرفةِ والخبرات، فأنتم مثالٌ للتّفاني والإخلاص ودعمُكم وتقديرُكم لي هو وسامُ شرفٍ أتزيّنُ به، والشكر لجميع المتحدثين والحاضرين، وكما ختمت كتابي أقول: الذكاءُ الخارقُ آتٍ لا محال، على حافّةِ الهاويةِ، وفي مواجهةِ المخاطر، هل سنكونُ الضحيّةَ أمِ المنارة؟، فالقرارُ لذكائنا البشريّ، ولإرادتِنا في الاستفادةِ منَ التطوُّرِ للحفاظِ على مهنتِنا .
ثم وقعت الدكتورة سلوك كتابها، وإختتمت الندوة بحفل كوكتيل للمناسبة
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development