المجتمع المدني
سجن طرابلس بين المرجو والواقع”


بعد النشيد الوطني اللبناني تحدثت رئيسة الجمعية اللبناني الخيرية للإصلاح والتأهيل فاطمة بدرا فقالت:” قد يكون سجن رومية تحت المجهر الإعلامي بشكل دائم كونه السجن المركزي في العاصمة ويضم العدد الأكبر من السجناء ، لكن سجن طرابلس المركزي في القبة البعيد عن أعين الإعلام والذي لا تتجه الأنظار إليه إلا في ما ندر ، يعتبر أحد أسوأ السجون في لبنان سواء من حيث الإكتظاظ حيث فاق عدد نزلائه ال 900 سجينا في حين أنه لا يتسع لأكث من 400 سجين ،والأكثر من ذلك أن أقل من مئتي سجين يمضون محكوميتهم فقط، ومن تبقى هم من الموقوفين وهذا يتطلب الغسراع في البت بملفات هؤلاء وتسريع محاكمتهم” .
أضافت :”إننا اليوم في الجمعية اللبناني الخيرية للإصلاح والتأهيل إذ نضيىء على هذه الأزمة الخطيرة فإننا نسعى إلى وضع الإصبع على الجرح ،علنا نصل إلى حلول ناجعة أو توصيات بما يساهم في نزع فتيل الإنفجار عسانا في ذلك أن نقوم بأهدافنا التي تنادي بالإهتمام بالسجناء وعائلاتهم ومكافحة الجريمة والمخدرات وعمالة الأطفال والبطالة والفقر في هذا الإطار بدأنا في منتصف الشهر المنصرم بتنفيذ مشروع التدريب المهني ضمن مشروع تأهيل الشباب الذي ينفذه المعهد العربي لإنماء المدن”.
كما تحدثت القاضي أماني حمدان المحامي العام الإستئنافي في الشمال فأوردت النصوص القانونية الضامنة لحقوق السجين وما تضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في العام 1948 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1990 ،وتناولت النظام القانوني للسجون في لبنان، وعن واقع سجن طرابلس قالت:” بحكم موقعنا كمحام عام إستئنافي دأبنا بشكل دوري على القيام بجولات تفقدية لسجن طرابلس المعروف بسجن القبة ،وتجدر الإشارة إلى أن سجن طرابلس أنشىء أساسا ليكون إسطبلا ومن ثم إستعمل سجنا وهو عبارة عن إنشاءين متقابلين أحدهما مخصص للرجال ويضم ست عشرة غرفة والآخر مخصص للنساء ويضم إحدى عشرة غرفة ، وما أن تطأ قدماك مدخل السجن حتى تشعر بعبء وثقل معاناة السجناء بداخله “.
وعددت أهم المشاكل التي يعاني منها سجن القبة ومنها الإكتظاظ في أعداد النزلاء وغياب الشروط الصحية الأساسية والنقص في الخدمات وفي المواد الغذائية وعدم فرز بعض السجناء عن الآخرين كفصل الموقوفين عن المحكومين إضافة إلى النقص الفادح في عديد العناصر وقالت:”إن قضية سجن طرابلس تتعلق بالكرامة الإنسانية ولا بد من إلتفاف جميع أطراف المجتمع المحلي للنهوض بها على أساس سليم معافى ودعمها ومساندتها واجب مفروض مما يتطلب الإسراع في معالجة المشاكل التي تواجهها قبل فوات الأوان “.
وإقترحت بناء سجن جديد تراعى فيه المعايير القانونية للسجون بحيث يكون قابلا للسكن صحيا ونفسيا ويتضمن مشاغل وقاعات للرياضة ومساحات نزهة ،وبناء سجن لذوي الخصوصية الأمنية والسجناء الخطيرين والمتميزين بالعدائية والشغب.
وتحدث المحامي محمد المراد ممثلا نقيب المحامين في طرابلس بسام الدية فتساءل :”هل نحن فعلا في لبنان مصممون ومقتنعون ومؤمنون بثقافة الكرامة الإنسانية؟ وهل أننا مؤمنون بأن من الواجب المحافظة على كرامة الإنسان وحقوقه وصونها ؟ طبعا أن الإختراق للواقع الإنساني الحزين الذي وصفته الكثير من التقارير والكثير من اللقاءات والإجتماعات ومنها تقارير وزارتي الداخلية والعدل اللجان والمنظمات الحقوقية والأهلية تشير أن هناك إجماعا على توصبف السجن المركزي في رومية تنطبق علية بالحد الأدنى المواصفات الفنية لشروط أبنية السجون ،وما عدا ذلك في لبنان لا يمكن على الإطلاق أن يوصف اليوم في القرن الواحد والعشرين بأنه سجن سواء بالقبة أو غيرها” .
وقال:” هذا التوصيف يدفعنا إلى مسألة مهمة وهي مسألة الإزدحام ، ففي سنة 1996 صدر مرسوم ببناء ثلاثة سجون في صيدا وطرابلس وزحلة ،ولا أريد أن أدخل في المواصفات الفنية والعالمية للمباني وإدارتها ولكن هناك واقع مأساوي ومخيف وأكبر دليل على ذلك هو حركات التمرد في داخل السجون “.
وإقترح خطة قصيرة المدى إلى حين بناء سجون جديدة ،تتضمن الإسراع في معالجة التوقيف الإحتياطي وتحديد سقفه والذي تحقق في بقانون أصول المحاكمات الجزائية ومشكلة الإزدحام تعود بالدرجة الأوللى إلى قضية التوقيف الإحتياطي وهناك الكثير من الأفعال لا تستدعي التوقيف الإحتياطي أو الإحتجاز وهذه الأمور تحصل على مستوى كل لبنان وكما قال وزير العدل منذ أيام (الحرية هي الأساس والسجن هو إستثناء) فإذا ما طبقنا هذا العنوان خلال قانون أصول المحاكمات الجزائية نرى أن الكثير من الجرائم والكثير من المساجين ترتبط قضيتهم بالتوقيف الإحتياطي .
وتابع :هناك بعض التوقيفات تحصل بسبب عدم تمكن بعض السجناء من تكليف محامين للدفاع عنهم وليس هناك من يتابع قضيهم وهنا يمكن للسلطة القضائية بالتعاون مع نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس إيجاد حل لهذه المسألة الأمر الذي يخفف من مشكلة التوقيف وبالتالي معالجة بعض أسباب الإزدحام وعلى هذا الصعيد هناك رصد لجزء من ميزانية نقابة المحامين في طرابلس لدعم هذه القضية .
وقال:هناك ملف معروف يتعلق بموضوع الموقوفين الإسلاميين حيث ما يزال 116 شخصا يخضعون للتوقيف بعد أن تم إخلاء سبيل 150 شخصا منهم والكل يجمع أنه ليس هناك من مكان لمحاكمة هؤلاء وهم جميعا ضمن ملف واحد ولا يمكن إعتماد مبدأ التجزئة والفصل بقضيتهم وهناك إضطرار لمحاكمة الجميع دفعة واحدة ،وما يزال البحث يجري منذ العام 2009 عن مكان يصلح لهذه المحاكمة ،وفي حال تأمين ذلك فمسألة إعداد ملف الخصومة والإدعاء يتطلب أكثر من سنة في حين أن هناك موقوفين في هذه القضية قد مر على توقيفهم أكثر من أربع سنوات ، فأين نحن من المحاكمة العادلة والسريعة؟ وبالتالي هذا الملف كما غيره من الملفات يسهم في مسألة الإزدحام بوجود عدم إمكانية تأمين محاكمة لهؤلاء وبالتالي عدم إمكانية تخلية سبيلهم .
وتحدث القاضي المنفرد في بعبدا محمد رضا رعد فلفت إلى أن عدد الموقوفين والنزلاء في سجن القبة إرتفع من 614 في مطلع العام الحالي 2011 إلى 930 نزيلا حاليا وذلك بسبب نقل عدد من الموقوفين في سجن رومية بعد حالات التمرد التي حصلت فيه إلى سجن طرابلس الأمر الذي ساهم في زيادة حدة الإزدحام والإكتظاظ وأشار:” أن 350 من الموقوفين في سجن طرابلس لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة ،ورأى أن سجن طرابلس لا يستوفي المعايير الدولية والإنسانية الواجب توفرها في السجون حيث أقر مؤخرا إعتماد بمبلغ 19 مليار ليرة لبناء سجنين جديدين في طرابلس وصيدا تتطابق فيهما المعاييير الإنسانية مع الواقع
ما يحفظ للسجين كرامته ويساعده على الخروج من سجنه إلى المجتمع مواطنا مؤهلا لمتابعة مسيرته كإنسان .
وقال:”أن إدارة السجون في لبنان أنيطت إستثنائيا ومنذ العام 1949 بوزارة الداخلية ، وقوى الأمن الداخلي أخذت على عاتقها تلك المهمة ريثما يتم إستحداث الإدارة المختصة في وزارة العدل ،وكلنا يعلم الأسباب التي حالت دون إنتقال هذه الإدارة من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل ، ولكن المهم أن تلك الأسباب قد زالت وبدأنا مرحلة إنتقالية بالتعاون مع وزارة الداخلية والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وبالمساعدة الفنية من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ، ضمن إطار مشروع تطوير العدالة الجنائية في لبنان لتأمين هذا الإنتقال وقد تم تأليف لجنة مشتركة بين وزارتي الداخلية والعدل لمواكبة نشاطات هذا المشروع وتأمين أهدافه والتي تتلخص في تطوير القدرات التشريعية والمؤسساتية في وزارة العدل وفي مجال السجون ودعم الظروف المعيشية والبرامج الـتأهيلية في السجون وتعزيز قدرات المعنيين فيها بمساهمة كل من الدانمرك وهولندا حيث تم إنجاز المراحل الأولى من هذا المشروع وسيحتفل لبنان إن شاء الله بولادة جديدة لإدارة السجون ، وإذا كانت الصعوبات كبيرة فإن الإرادة ستكون أكبر وإذا كانت الطريق طويلة فإننا بالتأكيد سنجتازها بهمة جميع المعنيين في هذا المجال ودون إستثتاء ، وقناعتنا ستبقى راسخة وبقوة على قاعدة أن سيادة الأوطان من سيادة الإنسان.
كما تحدث مقرر لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب غسان مخيبر فقال:”هذه القضية لا تعني فقط السجناء وذويهم بل تعني كل المجتمع اللبناني ن لأن السجون في آخر المطاف هي حلقة من حلقات العدالة ، فإذا إعتلت إدارة السجون إعتلت العدالة وأصبح المجتمع اللبناني في خطر في عدالته وأمنه ،وأؤكد هنا أن من يعتني بالسجناء لا يشجع على الجريمة بل هو في مقدمة من يسعى للوقاية منها وهي تحصين المجتمع من آفة هي كبيرة جدا ،إنما الواقع هو بعيد جاد وبعيد كثيرا عن المرتجى ،والمرتجى إن حسب النصوص العالمية ،كما هي بعيدة كل البعد عن حاجة لبنان وتطوير عدالته وتطوير إدارة سجونه “.
وأورد مخيبر ثلاث ملاحظات حول نوعية السجون في لبنان السيئة والسيئة جدا واللاإنسانية ، حيث سجن طرابلس هو من السجون السيئة جدا ذلك أن هناك سجونا لاإنسانية كنظارة الأمن العام الواقعة تحت الطريق قرب وزارة العدل والسجون السيئة وهي ربما سجن رومية الذي يبقى سجنا من خمس نجوم قياسا على باقي السجون في لبنان ،أما الملاحظة الثانية فهي تقصير الدولة سواء في إدارة السجون وفي إقامة العدالة ،أما الثالثة فهي أن السجون وهي حلقة من حلقات العدالة فقد لاحظنا في لجنتي حقوق الإنسان والإدارة والعدل النيابيتين أن الإهتمام بالسجون قد بدأ ولو بعد حين ويأتي هذا الإهتمام من قبل وزارتي العدل والداخلية بعد عشرات السنوات من الإهمال ومن التقصير للدول في جميع مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية “.
وأشار إلى المقترحات على المدى الطويل والمتوسط حيث سبق له أن أوردها في تقرير من مئة صفحة تتضمن 14 صفحة من التوصيات ، وقال نعم الدولة خطت خطوات إيجابية وقد أكدت للسجناء الذين ألتقيهم إسبوعيا تقريبا ،ولكن أركز اليوم على الحلول الفورية والمباشرة تتناول المشكلة الأولى في السجون وهي الإكتظاظ الناتج ليس فقط من الأبنية بل من تقصير القضاء ، والرقم الذي يجب أن نتوقف عنده ليست النسبة المئوية المرتفعة للموقوفين اليوم في سجون لبنان وهي تلامس ال65 بالمئة ولكن الرقم الأخطر هو أن القضاء اللبناني والنيابات العامة وقضاة التحقيق يوقفون ما يقارب الأربعين ألف شخص بالسنة في كافة السجون اللبنانية وما يتم البت به من دعاوى وتوقيفات لا يتعدى الأربعة آلاف في حين أن 36ألف قضية توقيف لا يتم البت بها وهذا الأمر يؤشر إلى موقف خطير من القضاء لأنه يبدو لي أن القضاة والنيابات العامة وقضاة التحقيق قرروا أن لا يطبقوا القانون وأن يعتبروا أن المبدأ هو التوقيف والإستثناء هو الحرية بينما القانون يؤكد على العكس وقد تحول التوقيف الإحتياطي من أداة لضمان حسن تنظيم وإدارة المحاكمات إلى عقاب بذاته لا سيما التوقيفات التي تحصل في نهاية الإسبوع ،فيوقفون الشخص يوم الجمعة إلى يوم الإثنين .
أضاف:”ان هناك حالات تافهة للتوقيف ،فعلى جدول الموقوفين في سجن رومية وجدت شخصين موقوفين للعبث في النفايات ،لماذا يتم توقيفهما لا أعرف؟ وكلنا يعلم ما هو المراد من العبث بالنفايات في هذا الواقع المعيشي الصعب ،وفي بعبدا تم توقيف أحد الشبان أكثر من ثلاثة أسابيع لقيامه بسرقة عصفور بالرغم أن صاحب القفص لم يدع عليه ، قد نتفق وقد نختلف على توصيف الجرم ولكن ما ضرورة التوقيف الإحتياطي هنا ، وبالأساس يجب أن يكون التوقيف الإحتياطي معللا ،وهناك أزمة في القضاء، والقضاة لا يعللون وهناك قراءات مختلفة للقضاة حول النص الواحد والأمر يحتاج إلى نقاش عميق مع قضاة التحقيق في النيابات العامة لأنهم أخذوا ” كسرة “غلط في تطبيق القانون وبالتالي لا يعللون أسباب قرار التوقيف الإحتياطي “.
تابع:”لقد إتفقنا مع وزير العدل على إجراء حوار جدي مع القضاء الذي يفترض أن يكون سلطة مستقلة وبالتالي ليس بإمكان أحد أن يملي على القضاء التدبير المناسب سوى أن يتحمل تبعة الإسراف أو المخالفة في الاصول ولا أريد أن أرى قضاة يحالون على التأديب بسبب من مخالفات بل أن نتفق مع القضاة كيف يمكن تطبيق المادة 107 من أصول المحاكمات وما هي الشروط للتوقيف الإحتياطي “.
وأعقب ذلك نقاش مطول وحفل كوكتيل.
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development