الأخبار اللبنانية

بو جودة ترأس رتبة دفن المسيح في الزاهرية في طرابلس

ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده رتبة سجدة الصليب في كاتدرائية الملاك ميخائيل في منطقة الزاهرية في طرابلس، عاونه خادم الرعية المونسنيور بولس القطريب والخوري جوزيف غبش، في حضور حشد من المؤمنين.

وألقى بو جوده عظة قال فيها: “الله الذي هو محبة، خلق الإنسان بمحبة، ولم يرد أن يتركه فريسة بين أيدي الشيطان بل قرر أن يخلصه، وأن يعيد خلقه من جديد نوعا ما. ولنا في نبوءة حزقيال مثل وأمثولة حول ذلك، إذ أن الرب يعلن على لسان نبيه أن الأموات سيعودون إلى الحياة، ويرسم لنا صورة شهيرة عن ذلك، هي صورة العظام اليابسة التي تعود إليها الحياة”.

أضاف: “الصورة التي يعطيها حزقيال، تعطينا تعليما واضحا وجليا حول إرادة الرب في أن يعيد إلينا الحياة، وهو من أجل ذلك أرسل لنا إبنه الوحيد الذي أخذ طبيعتنا البشرية وعاش معنا على الأرض، وعانى ما عاناه من آلام وعذابات إلى درجة أنه مات من أجلنا على الصليب، لكنه إنتصر على الموت بالقيامة، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور، على ما تقول الليتورجية البيزنطية. بموته على الصليب، وبقيامته من بين الأموات أعطانا المسيح المعنى الحقيقي للموت الذي لم يعد ذلك الأمر المخيف الذي يدعو إلى الإحباط واليأس، بل أصبح مرحلة عابرة في حياة الإنسان، ونوعا من رقاد على ما قال السيد المسيح عندما أبلغوه عن موت صديقه لعازر: “إن صديقنا لعازر قد رقد وأنا ذاهب لأوقظه”.

تابع: “المسيح الذي أخذ طبيعتنا البشرية تضامن معنا في كل شيء ما عدا الخطيئة. فلقد تعذب وتألم وحمل الصليب، وصار شبيها بالعبد الذي وصفه أشعيا في الفصل الثالث والخمسين من نبوءته: من الذي آمن بما سمع منا ولمن كشفت ذراع الرب؟ فإنه نبت كفرع أمامه وكأهل من أرض قاحلة، لا صورة له ولا بهاء فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه. مزدرى ومتروك من الناس، رجل أوجاع وعارف بالألم ومثل من يستر الوجه عنه. لقد حمل هو آلامنا وإحتمل أوجاعنا فحسبناه مصابا مضروبا من الله ومذللا. طعن بسبب معاصينا وسحق بسبب آثامنا، نزل به العقاب من أجل سلامنا، وبجرحه شفينا… عومل بقسوة فتواضع ولم يفتح فاه. كحمل سيق إلى الذبح، كنعجة صامتة أمام الذين يجزونها، ولم يفتح فاه. قد إنقطع من أرض الأحياء وبسبب معصية شعبي ضرب حتى الموت (أش53)”.

وقال: “أكثر من ست مائة سنة قبل المسيح يعطينا آشعيا هذا الوصف الذي نراه قد تحقق في يسوع المسيح الذي رفع على الصليب وعومل معاملة المجرمين. فعقاب الصليب كان ينفذ في أولئك الذين إرتكبوا جرما كبيرا، فيرفعون في مكان مرتفع من البلدة أو المدينة كي يراه الجميع ويلعنوه. الصليب كان علامة للذل والهوان وكان ملعونا كل من رفع على خشبة فإذا بالمسيح يغير معناه ويحوله إلى علامة للمجد والإنتصار بعد أن قام من بين الأموات. وعندما يقول بولس الرسول إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، أما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله فإنه يعبر بذلك عن خبرته الشخصية، هو الذي كان عدوا لدودا للمسيح وإنه كفريسي كان يعتبر هذا العقاب عقابا شرعيا، لكنه تغير جذريا عندما ظهر له المسيح القائم من بين الأموات وهو في الطريق من أورشليم إلى دمشق لإعتقال المؤمنين بإسم يسوع. وهكذا أصبح من أكبر المبشرين بالمسيح وأهمهم وصار يقول إنه بعد الآن لا يريد أن يعرف إلا يسوع المسيح، ويسوع المسيح المصلوب”.

ختم: “إنننا بإحتفالنا اليوم بموت المسيح على الصليب، لا نكتفي بالقيام بواجب إجتماعي، كما يحصل مرات كثيرة عندما نشارك في المآتم العادية. ولا نكتفي بتقديم التعازي إلى أمه العذراء مريم ثم نعود إلى رتابة حياتنا اليومية، ولا نكتفي بالبكاء والنواح عليه، كما يحصل مرات كثيرة. فنحن لا نتوقف عند المرحلة الرابعة عشرة من مراحل درب الصليب، إذ نضع جثمانه في القبر وندحرج حجرا كبيرا على باب القبر ونعتبر أن كل شيء قد تم وأن كل شيء قد إنتهى، بل علينا أن نتخطى هذه المرحلة للوصول إلى المرحلة الأساسية التي تحصل بعد يومين، المرحلة الخامسة عشرة التي تدعونا للتأمل بالقبر الفارغ وبالحجر الذي دحرج عن باب القبر. لأن المسيح لم يبق في القبر بل إنتصر على الموت، وأعطانا إمكانية الإنتصار. ولذا فعلينا ألا يكون رجاؤنا مقتصرا على أمور الأرض، وإلا صرنا أشقى الناس أجمعين. فإننا أهل إيمان وقيامة ورجاء ومن واجبنا أن نكون شهودا على ذلك وأن ننشد بإستمرار نشيد الظفر فنقول: أين يا موت ظفرك، وأين شوكتك يا موت، فالحمد لله الذي آتانا الظفر على يد ربنا يسوع المسيح”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى