المقالات
ليبيا : من ثوريه القذافي العبثيه الى ثورية التيه والتبعيه !! – بقلم: د.شكري الهزَّيل
…عُدنا الى قصة شبر شبر الليبيه لنقول ان اللذي يفرط بشبر من الارض الليبيه سيفرط بمتر ومن ثم كيلومتر حتى يصبح الامر عادي الى حد التفريط بالوطن والمواطن الليبي الذي دفع ثمن الثوره من روحه ودمه حتى يتحرر من القذافي وليس من اجل السقوط في اتون التبعيه والفساد والميليشيات وتفقيس نظام تابع اسوأ من نظام القذافي… نحن هنا نقارن بين السئ والاسوأ وليس بين السئ والافضل ونتمنى ان يصحو الشعب الليبي من كابوس اختطاف ثورته وتدمير دولته ويعيد الامور الى نصابها ونتمنى ان لا يتحقق حلم الطغاه والانتهازيون الذين تسلقوا على ظهر الثوره لقصمه وتدمير انجازاتها…نعم الثوره الليبيه انجزت اسقاط نظام القذافي ولم تنجز اي مطلب من مطالب الشعب الليبي والسخرية هنا تكمن في سؤال ساخر وهو :هل قدم الليبيون كل هذه التضحيات الجسيمه في الارواح والاملاك حتى ينجزوا مهمة تدمير بلدهم وتقسيمه وتحويله الى قاعده شبه عسكريه امريكيه؟؟…اجينا نكحلها عوَّرناها..شعيط معيط يا ليبيا..ميليشيات..فيدراليات..مناطق نفوذ وقبائل…ارض مشاع تحرثها وتزرعها المخابرات الغربيه وتصول وتجول في اجواءها الطائرات بدون طيار.. شعيط معيط قصه قديمه من الباديه تتحدث عن ” الغُوله” جوهرها الخراب وتدمير العمار وتمزيق الثياب!!
شعيط معيط الحديثه قصه تجري فصولها اليوم في دولة ليبيا العربيه التي تتعرض الى تمزيق جغرافي وديموغرافي وسياسي وتفقد سيادتها بوجود وجوه مشبوهه منبثقه عن الثوره الليبيه التي كانت من المفروض ان تكون ثورة تغيير جذري وليس انحراف جذري يتجلى بما تتناقله الصحافه ومن بينها صحيفة لوموند الفرنسيه الصادره يوم الثلاثاء8.10.013 اللتي تقول بوضوح ان رئيس الوزراء الليبي الحالي كان “ضيفا عزيزا على الادارة الامريكية ووكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي اي ايه) الذي استقبل في مقرها اثناء زيارته الاخيرة لواشنطن، حيث تعهد بمساعدة الوكالة على تنفيذ اعمال دقيقة ومنظمة داخل ليبيا دون اي ممانعة من حكومته، وقام زيدان بتسليم قائمة باسماء 213 ليبيا للوكالة بهدف القبض عليهم او قتلهم داخل الاراضي الليبية.واشارت “لوموند” ان السيد زيدان تعهد بتغطية العمليات ماديا وبشريا من خلال رجال له في ليبيا.وبحسب الصحيفة دخلت فرق اغتيالات وخطف امريكية من وكالة “سي اي ايه” الاراضي الليبية تساعدها الاقمار الصناعية لتسهيل مهامها.ويتزامن خطف الشيخ ابو انس الليبي مع تحليق مستمر لطائرات امريكية بدون طيار طيلة الاسبوع الماضي في اجواء طرابلس” وهذا الامر تؤكده صحيفه غربيه اخرى وهي صحيفة “الغارديان” البريطانيه التي كتبت في افتتاحيتها ان “احتجاج الحكومة الليبية على اختراق سيادة البلد ليس الا للاستهلاك العام، مشيرة الى ما قاله ابن ابوانس عبدالله ان الذين هاجموا سيارة والده عند عودته من صلاة الفجر كانوا يتحدثون اللهجة الليبية بلكنة اهل طرابلس. مضيفة ان الولايات المتحدة وان لم تكن قادرة على التأثير في سياسات المنطقة الا انها قادرة على مفاقمة الفوضى فيه. فالخطر الاسلامي في ليبيا نابع كما تقول من المناطق الشرقية في ليبيا، بنغازي والبيضا ودرنة وهذا يعني ان طرابلس ستدفع الثمن غاليا على دورها في تسليم او اختطاف الليبي”., والصحيفه هنا تشيرمن المؤكد الى دفع “الثمن” من خلال الاقتتال الليبي الليبي وزيادة الطين به في هذا البلد العربي المنكوب حيث هدد وتوعد ثوار بنغازي ودرنه والبيضاء في بيان مشترك تعهدوا فيه بقتال كل من شارك في خطف الشيخ ابوانس الليبي, كما توعدت ميليشيا تسمى ذاتها “غرفة عمليات ثوار ليبيا” رئيس وزراء ليبيا ورئيس جهاز المخابرات بالانتقام.وقالت الغرفة في بيان لها، انها تحمل المسؤولية الكاملة لحكومة زيدان بخصوص هذا الخرق الامني في تسليم المواطن الليبي ابو انس كما تحمل رئيس جهاز المخابرات المسؤولية التامة عن هذا التواطؤ!!
ليس هذا فقط والدليل على ان ليبيا دولة مستباحه وفاشله هو قول وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان “هذه العملية قانونيه وعملاً مناسباً ” وذلك بالرغم من انها انتهاك واضح لسيادة الدوله الليبيه وحدودها وقوانينها واللذي جرى برمته يظهر بوضوح تواطؤ الحكومه الليبيه وعجزها عن حماية المواطنين الليبيين ناهيك عن ان لم تكن الحكومه متواطئه اصلا مع الهجوم الامريكي..نحن نعتبر ما يجري في ليبيا بمثابة تفريط بالثوره الليبيه واستهتار بارواح عشرات الالاف من الشهداء والجرحى الليبيين اللذين ضحوا في سبيل اسقاط “الثوريه” القذافيه العبثيه و العدميه والهلاميه واذ بالامور تاخذ منحى اخر نحو التيه والفشل والتبعيه لابل التقسيم والفيدراليه ان لم تكن الفيدراليات؟؟
الجاري في ليبيا يقودنا الى الاعتراف بحقيقه قاسيه وهي نجاح القوى الامبرياليه والرجعيه العربيه وحلفاءها سواء في ليبيا او في دول عربيه اخرى في تحويل الثورات إلى نقمه ووبال على رؤوس الشعوب. وما جرى في ليبيا مفارقه من العيار الثقيل,حيث ساعد الغرب والرجعيه العربيه الشعب الليبي في اسقاط نظام القذافي,لكن ليس من اجل انشاء نظام حكم بديل وافضل لابل لخلق نظام اسوأ من سابقه..نظام ضعيف وتابع في ظل وجود بلاد مشرذمه قبليا وميليشيا… تقطيع اوصال الدوله الليبيه ووأد احلام الشعب الليبي بالحريه والعدل… العناد احيانا خطيئه كبرى والاعتراف فضيله كبرى : ماهو جاري في ليبيا ليس الصحيح ولا القريب منه…الجاري ان ليبيا الدوله ذات المساحه الجغرافيه الكبيره وقليلة السكان نسبيا تعيش الفوضى والتقسيم الجغرافي والمناطقي والقبلي والاخطر هو وجود ميليشيات متناحره وحكومه مركزيه ضعيفه غير قادره على ضبط الامورمما يجعل ليبيا مرشحه لتكون ساحة صراعات اقليميه ومحليه ودوليه..**امريكا ما دخلت بلد الا ان تدخلت في شؤونه وقسمته وقطَّعت اوصاله وزرعت النزاعات والصراعات وما تقوم به هذه الدوله الامبرياليه في ليبيا المارقه هو تأجيج الصراعات وتدمير وحدة هذا البلد العربي.. من ثوريه القذافي العبثيه الى ثورية التيه والفشل والتبعيه… والسؤال متى ستلملم ليبيا جراحها وتخرج من عنق الزجاجه الى الافق الاوسع ديموقراطيا وانسانيا؟..الجواب : اذا قرر شعبها اخذ زمام المبادره وإعادة الامور الى نصابها تحت شعار: لا دكتاتوريه ولا تبعيه.. والشعب يريد حريه وديموقراطيه ضمن الهويه التاريخيه والحضاريه لهذا البلد المسلم والعربي!!
واخيرا وليس اخرا وكما ذكرت وتذكر الانباء عاد الحَّمام ليحط رحاله يوميا في ساحة الشهداء[الساحة الخضراء سابقا] بعد ان قاطعها او إنقطع عنها لعقود من الزمن ولربما هذا مؤشر لسلام قادم بين الليبيين انفسهم وهذا يحتاج الى جهد وطني عام و مصارحه و مصالحه شفافه بين كل الاتجاهات والتقاطعات في ليبيا وطن المجاهد العريق عمر المختار واذا حدث هذا ستُقطع الطريق على التدخلات الخارجيه من جهه وتُقطع الطريق على الانتهازيين والمتسلقين على اكتاف واشجان الثوره الليبيه من جهه ثانيه وبالتالي المطلوب اولا انقاذ ليبيا من ذاتها حتى تتمكن من انقاذ وحدتها وحماية شعبها افرادا وجماعات… لا لثوريه القذافي العبثيه ولا لثورية التيه والفشل والتبعيه…نعم لليبيا الديموقراطيه والحره والمستقله في قرارها على ترابها الوطني..!!