ندوة وهب وزرع الأعضاء في مركز الصفدي الثقافي
توافق ديني-طبي على جواز الوهب في حالة الموت الدماغي والحفاظ على صحة الواهب الحي رعت رئيسة “مؤسسة الصفدي” السيدة منى الصفدي ندوة حول “وهب وزرع الأعضاء” في “مركز الصفدي الثقافي” بتنظيم من اللجنة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية وبالتعاون مع “مؤسسة الصفدي”، حضرها إضافة إلى السيدة الصفدي، رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، عدد من ممثلي الجمعيات، أطباء ومهتمون.
حاضر في الندوة كاهن رعية دير طاميش الأب لويس خوند، الباحث في القضايا الشرعية الشيخ نزيه خالد، والأطباء: خوسي بوغصن(منسق منطقة الشمال في اللجنة)، انطوان اسطفان(نائب رئيس اللجنة ورئيس لجنة وهب الأعضاء والأنسجة في جمعية الشرق الأوسط لزراعة الأعضاء)، نبيل الداية(مؤسس مركز العيون الطبي لجراحة اليوم الواحد في طرابلس ومؤسسة مركز الشمال للعيون في مستشفى البير هيكل في الكورة). كما شاركت في الندوة المنسقة الوطنية في اللجنة ومنسقة برنامج وهب وزرع الأعضاء في مستشفى رفيق الحريري الجامعي ورئيسة جمعية الشرق الاوسط لمنسقي وهب وزرع الأعضاء والأنسجة الآنسة فريدة يونان، إضافة إلى عرض لتجربة عائلة أحد الواهبين.
كلمة “مؤسسة الصفدي”
بدايةً مع النشيد الوطني، ثم كلمة “مؤسسة الصفدي” ألقتها مسؤولة العلاقات العامة أميرة الرافعي، فاقتبست فقرة من مقال للدكتور جوزيف الرشكيدي في جريدة النهار: “من ينقذ حياة الآخرين، واهباً من ذاته، بطلٌ هو”، وقالت: “نعم إن الواهب بطل، لأنه يحتاج فعلاً إلى قرار جريء ينمّ عن طيب خاطر ورغبة أكيدة تحمل أبعاداً إنسانية مجردة كل التجرد عن مسائل المتاجرة وحسابات الربح والخسارة. إنها رغبةٌ صادقة في إنقاذ حياة إنسان هو بأمسّ الحاجة إلى الوهب ليتمكن من الاستمرار. فقد ورد في الكتاب المقدس “مجاناً أخذتم فمجاناً أعطوا”، وكما قال الحديث الشريف: “ما استحق الحياة من عاش لنفسه فقط”. أضافت: “هذا النشاط إنما يندرج في إطار التوعية والإرشاد الصحي الذي تعتبره مؤسسة الصفدي ركناً أساسياً في عملية التنمية”. ونوهت بالهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء “التي تهدف إلى تأسيس نظام وطني لوهب الأعضاء، مبني على أسس حديثة ومعايير تُعتمد من قبل سائر المؤسسات المعنية، في إطار من التعاون الاجتماعي والعلمي”، متمنية من الجميع “أن يتفهموا نبل هذا العمل الإنساني الكبير”.
الدكتور خوسيه بو غصن
افتتح الندوة الدكتور خوسيه بو غصن الذي شرح مفصلاً حالة ما يسمى علمياً بـ”الموت الدماغي وهو الموت الحقيقي الناتج عن توقف كل وظائف الدماغ، ويتم تشخيصه بواسطة فحص سريري من قبل أخصائيين بأمراض الجهاز العصبي مع تخطيط للدماغ. وفي هذه الحالة يحافظ على الدورة الدموية والتنفس وعمل القلب بطرق طبية اصطناعية كسباً للوقت حتى تُعطى العائلة الفترة الزمنية اللازمة للاستعداد للوهب”. وأكد بو غصن أنه “وقوفاً عند طلب دار الفتوى، فقد تم اعتماد مشاركة طبيب شرعي إلى لجنة الأطباء للبت في أمر حالة الموت الدماغي للمريض (الحاجة إلى موافقة 3 أطباء)، ليصار بعدها إلى الإعلان عن إمكانية استئصال عضو منه وذلك بعد موافقة الأهل”. وتحدث عن ثلاث انواع من الواهبين: الواهب الحي(يهب كلية واحدة، نصف كبد، رئة واحدة، نخاع عظمي)، والواهب المتوفى دماغياً مع المحافظة على الدورة الدموية والتنفس اصطناعياً، فيهب كل الأعضاء والأنسجة، اما الواهب الثالث فهو المتوفى بعد توقف القلب والتنفس ويهب الأنسجة فقط”.
منى الصفدي
وكانت مداخلة للسيدة منى الصفدي فاستفسرت عن المرحلة التي تؤخذ فيها موافقة الأهل (بعد الموت، أو خلال عملية التنفس الاصطناعي)، مبدية استعدادها لوهب أعضائها بعد الوفاة لأنه عمل إنساني ونبيل. فأكد بو غصن أن مرحلة الطلب من الأهل تأتي بعد التأكد من دخول المريض في حالة “الموت الدماغي” وهي المرحلة التي يتوقف فيها التنفس كلياً ويوضع صاحبها على التنفس الاصطناعي.
الشيخ نزيه خالد
ومن وجهة النظر الدينية، كانت مداخلة للشيخ نزيه خالد، الذي اعتبر أن الإنسان مخلوق من مخلوقات الله، وأن المالك هو الله، ولكن الله أعطى الإنسان حق النفع والانتفاع بأعضائه، لافتاً إلى ضوابط يحددها الدين الإسلامي، كأي تصرف يسري بالمرء إلى الموت أو الإضرار للحياة. وتحدث عن حالتين يلحظهما الدين الإسلامي في الوهب: الأولى عند نقل العضو من حي إلى آخر، والثانية عند نقل العضو بعد الموت. واعتبر في الاولى أن الشريعة الإسلامية تجيز ذلك في حالة الضوررة القصوى لإنقاذ حياة إنسان مع شهادة طبيبين من أهل الاختصاص على أن لا يتسبب ذلك بأي ضرر على استقرار حياة المتبرع، “لأن أصل الحياة حق لله”، لافتاً إلى أن الطبيب لن يُقدم على هذا الأمر. أضاف: “إلا أن الإسلام حرم نقل القلب لأن ذلك ينهي حياة المتبرع، كما لا يجوز التنازل في حال وجود بديل اصطناعي يلبي الحاجة”. أما في حالة ما بعد الموت، قدم الشيخ خالد شرحاً عن معنى الموت في الإسلام، وهو “مفارقة الروح البدن”، وقد ثبت بالدليل شرعياً وطبياً أن توقف التنفس والقلب والدورة الدموية يؤديان إلى حالة “الموت الدماغي”، بما يعطي يقيناً لدى الأطباء عن انقطاع الأمل من الحياة، مشدداً على ضرورة الحفاظ على كرامة الإنسان حياً وميتاً “كل ما كان حقاً للعبد يورث في الموت عينياً أو مثوبة للإنسان”، على أن يتم إعادة ترميم الجسم بعد الاستئصال. ولكنه لفت إلى “تحريم نقل الغدد التناسلية منعاً لاختلاط الأنساب، وزرع الحيوانات المنوية إلا بين الزوجين وفي حالة الحياة فقط”، و”عدم جواز بيع الأعضاء بل أن تكون هبة وتبرعاً دون أي مقابل”. وختم منوهاً بهذه “الندوات الإرشادية التي تنظمها “مؤسسة الصفدي” لأنها تقوم بخدمة المواطن وتوعيته”.
الأب لويس خوند
أما وجهة النظر المسيحية، فقد عبر عنها الأب لويس خوند، الذي قال “رأي الكنيسة ينطلق من مصطلحين هما: العقل والإيمان. أما العقل فهو يقضي بتسليم الأمر إلى الأطباء ولا رأي للكنيسة في توقيت موت الإنسان، مع الحفاظ على مبادئ أخلاقية لا تجيز للإنسان قتل نفسه “السلامة الجسدية حق وواجب”، “كلنا قيمون على الحياة الذاتية وحياة الآخر”، و”الحياة هبة شخصية ومشتركة وشاملة”. ودعا الجميع إلى التوصية بوهب أعضائهم بعد الموت “يطلب يسوع أن نسير في خطاه ونسلك طريق المحبة، الحب الذي يبذل ذاته كلها لإخوته”. وحول جواز وهب الأعضاء وزرعها، قال الأب خوند “إن الكنيسة تجيز وهب الأعضاء من قبل أشخاص لا يزالون على قيد الحياة أو بعد وفاتهم، انطلاقاً من القرار الحر للواهب أو من يمثله في حالة الموت، وهو عمل أخلاقي مسموح به دينياً، لا بل تشجعه الكنيسة وتمنحه الشرعية انطلاقاً من مبدأ المشاركة والتضامن المطلق لكرامة الإنسان. ولكن يجب الحفاظ بالدرجة الاولى على صحة المعطي لأنها أيضاً هبة من الله. ويشترط أن يمتاز هذا الفعل بالمجانية الكاملة”.
الدكتور انطوان اسطفان
أما الدكتور انطوان اسطفان، فقد اعتبر أن “زرع الأعضاء هو العلاج الأفضل لكل عضو توقف عن القيام بوظيفته الطبيعية بشكل نهائي”، لافتاً إلى أن نسبة الحاجة للأعضاء هي أكثر بكثير من عدد الأعضاء الموهوبة، ففي لبنان أكثر من (1000 مريض بحاجة إلى زرع كلية، 500 مريض بحاجة إلى زرع قلب، 200 مريض بحاجة إلى زرع كبد)، خاصة أن الأعضاء البشرية حالياً هي الأعضاء الوحيدة التي يمكن الاستفادة منها لمعالجة وإنقاذ المرضى”. وقال: “المشكلة الأساسية في اللجوء إلى الواهبين الأحياء غير الأقارب هي فتح المجال للمتاجرة بالأعضاء، وهي مرفوضة عالمياً من الجهة القانونية والدينية والأخلاقية”. وتحدث تفصيلياً عن شروط الوهب وكيفية الحصول على البطاقة سواء من مكتب اللجنة الوطنية لوهب الأعضاء، بيت الطبيب اللبناني، مركز بنك العيون الوطني، أو عبر الصفحة الإلكترونية للجنة www.nootdt.org.
الدكتور نبيل الداية
أما الدكتور نبيل الداية، فقد تحدث عن زرع القرنية، كونها تسمح للنور بالدخول إلى شبكية العين. وتحدث عن وجوب التأكد من مراحل معينة قبل زرع القرنية، بينها “أن تكون القرنية سليمة فتعطي نتيجة للمريض، وأن يخضع الواهب لفحوصات شاملة كفحص الإيدز والكبد، أي القيام بدراسة علمية كاملة قبل المباشرة بعملية الزرع”. وعدّد الأمراض التي تصيب القرنية أبرزها “تقوص القرنية وهو موجود بكثرة في منطقة الشمال، بسبب زواج القربى”. وطرح مشكلة الكلفة العالية للقرنية، مشدداً على أهمية الوهب لإعادة نعمة البصر إلى المحتاجين”، ووجه دعوة إلى المعنيين “للاهتمام بجدية بهذا الموضوع الأساسي والضروري للإنسان”. ثم قدم شرحاً علمياً تضمن المراحل التي يقوم بها الطبيب قبل عملية زرع القرنية، لافتاً إلى أنه “يتم في لبنان إجراء حوالي ألف عملية زرع للقرنية سنوياً”. ثم قدمت السيدة فريدة يونان عرضاً مصوراً تضمن أشخاصاً وُهبوا أعضاء فأصبحوا فاعلين وناشطين في مجتمعهم، تلتها سيدة من عائلة واهبة، عرضت المراحل النفسية التي مرت بها مع عائلتها قبل اتخاذ قرار وهب كبد طفلتهم المتوفاة بمرض السحايا إلى طفلة أخرى وهي تحيا بين عائلتها بكل سعادة وفرح. واختتمت الندوة بنقاش بين الحضور والمحاضرين.
12-02-2009
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development