المقالات

“لِكُلِ مُجتَهِدٍ نصيب”

بقلم المُحامِية رنا تانيا الغُز

أن تَقِف مُترافِعاَ أمام المحاكَم شفاهَة أم كتابة , فهذا يَفتَرِض بداهَةً أن تكون صاحَب ” قَلَم”, دون أن يعني هذا أنك صِرتَ ” نجيب محفوظ” أو “دوستويفسكي ” أو غيرهما من الأدباء الساكنين عقولنا والوجدان منذ الدراسة. العِلمُ حدودُه اللَحد. فما هو وَجهُ الغرابَة لمَن يَترافِعٍ أمام منابِر قضائِية أن يعتلي منابراً أخرى؟ وأي جريمة هذه أن يَسعى قَلمٌ لموضع يَلتمس مِن خِلالِه إصلاحا لِيُخَلِفَ أثراً في الحياة في زَمَنٍ تَجِفُ فيه المحابِر ؟؟

هي سهامٌ اتخذت من كَسرِ المجاذيف مَنهَجاً لَها وسلوك. لتُعيد طَرح سؤالٍ مُزمِن :”متى يَتَوَقَف بَعض المُتثاقفين عن محاولات إفشال غيرِهِم او الانتقاص من نَجاح يناله المرء بالمثابَرةَ بعد العقلٍ والتَوكُل؟؟

مِن نافِلِ القول أن الكمالُ للهِ وَحدَه. وأن كل عَمَلٍ أو تعبيرٍ بشري, إن شابَهُ نَقص, ,لا يوسم بالفشل الا إذا نَخرتَه الاخطاء نَخرَ السوسِ في الخَشب. وبالتالي , ما من كاتِب يُجزِم عِصمة له في السطور. وأكبر دليل هو كبار الكُتاب والأدباء, إذ انهم لا ينشرون إصداراً قبل إخضاعِه لِرقيب المدقق اللغوي. ومع هذا, لا يَسلَمون. أولم يصَرِح نجيب محفوظ يوما: ” حين لم يَجِد النقاد ثَغرةً في كتاباتي, ركزوا على اخطائي النحوية”؟؟

أنىَّ لِمَن يَنحَدِر إذن مِن مُجتَمَع تَعَدَدَت مشارِبُه اللُغَوِيَة والثقافِيَة ناهيك عن شرائِحِهِ المُجتَمَعِيَة أن يُضاهي في تصويِره والتعابير شاعراً أو اديباً تَمَلَك ناصِيَة الضاد مِن صفاءِ المَنبَع: ” بادِيَة الجزيرة العربية”؟؟ حقيقَةٌ لم تؤبَه لها أو تغافَلت عنها سهامٌ وَجدَت في تَصَيُد الاخطاء سبيلاً لِنقدٍ إن لم تُتَهَم نواياه وتُدان, تبقى مُحاطَة بظِلال الشك. ولهذه الفِئة من ” النَقدِ ” ,وليس النُقادِ, نقول: ليتكم “تتكرمون” علينا لا بالتغاضي عن خطأ نحوي أو إملائي قد يَعتَوِر مقالاً هنا أو هناك, بل بإدراك أن للنَصيحة ابوابا يحتاج قرعها الى أدبِ الحِوار قبل أدب اللغة. وبالتالي فإن شَهر سيوف النَحو في وجهِ سطورٍ كتبناها لا يعدو صرير باب او يجاوز طنين الذباب. فالشكل, رغُم اهمِيَتِه واحترامِنا له, يبقى في النهايَة لباسَ مَضمون.أوليس الكلام وسيلة تفاهم وايصال فكرة والتعبير عنه هو حالة ذوقيِة؟؟

رَحِم اللهُ ” سيبويه”. وحمداً لله أنه مات قبل أن يرى أناساً ظَنّ كل واحدٍ في نَفسه “سيبويه” لمُجَرد قدرته على قراءَة كتاب أو تدوينه لسُطور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى