المقالات

طرابلس قالت كلمتها l المحامي عبدالله الحموي

لم تشهد صناديق الاقتراع في ” طرابلس” إقبالا كثيفا، هذا صحيح. لكن الذين ادوا واجبهم كانوا يقبلون على الصناديق إقبال الغارق نحو طوق النجاة مدفوعين بنية تغيير الواقع وانهاء ظاهرة ” الدمى المتحركة” لذا، كان من الطبيعي أن تتحول اوراق الاقتراع إلى كتب إقالة لكل من استوقدوا بمحاصصتهم حاجات المدينة ,ووقفة محاسبة لكل من سولت لهم أنانيتهم الاستخفاف بأبنائها. ولو زادت نسبة الاقتراع لتغيرت الارقام فقط دون النتيجة. فالنبض الطرابلسي واحد موحد. خاصة حين يأخذ العقل مكانه ومكانته كمنارة في الاختيار وهداية .كذلك هو دأب “طرابلس”: إمارة “بني عمار” و مملكة “ريمون سان جيل ” و نيابة “المنصور قلاوون” و ولاية “بني عثمان” و “المدينة الممتازة” زمن الفرنسيين و “العاصمة الثانية” زمن أكذوبة الاستقلال و ((القرية الكبيرة)) منذ عهد الوصاية. “طرابلس” التي تبكي اليوم تراجع حضورها تطالب من شرفتهم بتمثيلها وتأمرهم أن ينفضوا عن حاضرها غبار التخلف وان ينتشلوها من مؤامرة التمديد لواقع مذري يستهدفها منذ عقود بغية تهميش دورها وإبقائها مجرد خزان بشري لا يحسن سوى التصفيق لقرارات عرقلة أي خطة تنموية كفيلة باستنهاض المدينة واحياء مكانتها.

سبعة عشر عاما وضعت خلالها طرابلس على خارطة السياسة أناسا بين أداؤهم انهم لا يستحقون شرف تمثيلها . سبعة عشر عاما وقرار هؤلاء (متفرقين ومتوافقين) تمثل بتهميش المدينة وابقاء حالها على ما هو عليه, سبعة عشر عاما لا مهمة لطرابلس سوى تثبيت مواقع أشخاص يتقنون تقديم التنازل تلو الآخرعلى حساب كرامة المدينة ومصالحها , سبعة عشر عاما هي أكثر من كافية كي تصحو ” طرابلس” من خدر الشعارات وتنتفض على واقعها السياسي والتنموي فتقول للمتربصين بها المتقمصين رداء تمثيلها: ” اليكم عني”

“طرابلس”انتزعت المبادرة لكن الخيار الذي مارسته محفوف بالعقبات , لأن قلوبا مجّتها الصناديق تأبى إلا أن تنضح بما فيها من سواد , ويرفض اتّباع هواها الإقرار بواقع لا يعيد عقارب الزمن الى الوراء , فعلتها “طرابلس” وقالت لكل من توسل في الاستحقاق الانتخابي معيارا لتحديد الأحجام : “لقد بان حجمك”, ولكل من انتشى يدور شاهد الزور : ” إرحل” .

“طرابلس” حين لفظت من خانها ومن خذلها معا أثبتت قدرتها على المحاسبة وقدرة أبنائها على اعادة الكرة , طرابلس خطت الخطوة الأولى في استعادة مكانتها كعاصمة ثانية , طرابلس انتصرت لنفسها ، لقد اتخذت القرار الصحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى