المقالات

مصر : مرجعية الشعب شئ ومرجعية “الاخوان”شئ اخر!! د.شكري الهزَّيل – *كاتب وباحث فلسطيني

كمن يرى الذئب بالعين المجرده ويصر على قص اثره وتعقبه وكمن يغرس قدميه في الطين عمدا وجهلا ومن ثم يبدأ رحلة التلبيط وهو يحاول الخروج او الهروب من مرمى الطين نحو اليابسه وما جرى في مصر الثوره ومليونيات شعبها العظيم يستحق كل التقدير وكل الفخر, لكن ما جرى بعد انطلاق الثوره وسيرها في مسار اقتلاع النظام خطوه خطوه هو ان امام كل خطوه كانت هناك عثره مزروعه مسبقا لاجهاظ الخطوه القادمه او ما بعدها من خطوات وماجرى بالفعل ان الشعب قد اسقط راس النظام واجبره على التقهقر والاندحار وهو ما زال في انتظار نتيجة محاكمته في ظل تلاعب واضح ومفضوح من قبل المجلس العسكري الذي يراسه رجل حسني مبارك الاول في المؤسسه العسكريه المصريه لابل ان مبارك نفسه هو الذي اصدر الاوامر للمشير طنطاوي بإنزال الجيش للشوارع ووضع مصر تحت حكم ووصاية العسكر الذين لم يدخرون جهدا منذ يناير 25 .2011 وحتى يومنا هذا في محاولاتهم الحثيثه لاجهاظ الثوره وتشتيت قوة دفعها الجماهيريه وشق صفوفها وابعاد جموع الثوار من ميدان التحرير والميادين الاخرى قبل ان يتحقق اي مطلب من مطالب الثوره التي بقيت اكثريتها مجرد امنيات ووعود خادعه من قبل العسكر بتحقيق هذه المطالب في الوقت الذي استعمل فيه النظام وفلول اذرعته الامنيه الترهيب والبلطجيه والتشكيك وزرع الفوضى عنوة في مصر..النظام وفلوله راهنوا على غياب الامن واستبابه من جديد فأوعزوا للبلطجيه واذرعة حسني مبارك بزرع الفوضى وعدم الامن والامان حتى يستعملوه كحجه وكسلاح ضد الثوره…الثوره تعني فوضى وغياب الامن والنظام القديم يعني الامن والامان وبحسب راي الفلولي احمد شفيق فأنه سيعيد الامن والاستقرار في خلال 24 ساعه بعد انتخابه رئيسا لمصر؟… ليس عملية انتخاب لا بل إعادة صياغة وحياكة نظام مبارك من جديد من خلال الزعم بغياب الامن والاستقرار في مصر في اعقاب الثوره..!
لاحظوا معنا تكالب النظام والفلول على الشعب المصري كمن يقتل القتيل ويسير في جنازته فمنذ اللحظه الاولى للثوره بدأ البلطجيه ومخبري النظام بالعبث بالامن العام وامن الناس وزرع الفوضى كمثال سئ ومزعوم للثوره وفي الوقت نفسه سعى المجلس العسكري الى اسلوب التضليل والتدجين
والقمع الخشن والقمع الناعم والوعود بتحقيق مطالب الثوره والثوار ومن بينها محاربة الفساد ومحاكمة مبارك وبطانته وفي المحصله كان العسكر يراهنون على الوقت وشق صفوف الثوره وهذا ماحدث بالفعل عندما التفَّت حركة الاخوان على الثوره وانسحبت من الميدان لصالح كراسي ومقاعد البرلمان..
كراسي ومقاعد صوريه بامكان العسكر قلبها على عقب في اي لحظه.. الاخوان ارادوا البرلمان والعسكر ارادوا الرئاسه..قال بحبيلَّك.. لا.. صاحيلك.. هذا هو حال الاخوان والعسكر وفلول النظام, بمعنى بسيط ومبسط: العسكر راهنوا على عزل النواه الصلبه للثوره المصريه من خلال الرهان على النواه الطريه
والمهلهله وهي حركة الاخوان..العسكر للاخوان:تعالوا تفضلوا استلموا البرلمان وخذوا مقاعده..بالنسبه للرئاسه سيأخذ الامر منحى اخر وهو ماجرى في نتيجة الانتخابات الرئاسيه: الفلول والاخوان معا الى الجوله الثانيه وهذه النتيجه بحد ذاتها هزيمه نكراء لحركة الاخوان التي لم تحصل على عدد اصوات حساباتها المغروره التي تلت انتخابات مجلس الشعب التي جعلت الناكسون بعهود الثوره يعُومون على شبر ” ميه” ماء واثقين من فوزهم الكاسح في انتخابات الرئاسه..هذا لم يحصل, حيث وضعت الانتخابات في مصر حركة الاخوان في حجمها الحقيقي لابل شكلت لهؤلاء المغرورين والخارجين عن سرب الثوره والشعب صدمه كاسحه.. الانتخابات في مصر كانت مرجعيتها الشعب وما يريده وتريده مصر العربيه لكل مواطنيها حتى في ظل غياب دستور وفي المقابل كانت وما زالت مرجعية مرشح الاخوان قوانين التنظيم الداخليه وولاءه وطاعته للمرشد.. شعب مصر شئ واخوان مصر شئ اخر ونتيجة انتخابات الرئاسه تشير بوضوح لهذا الفرق..
الشعب المصري اثبت انه شعب المواطنه والوطن..كل الوطن..جماعة الاخوان اثبتوا انهم شعب المرشد و اصحاب مرجعية الاخوان.. الفلول مرجعيتهم مبارك والفساد وارهاب الشعب وتخويفه بالفوضى والبلطجيه..المحصله ان الاخوان والفلول لم يحصلوا إلا على نسبه متواضعه من بين اصوات المصريين الذين اقترعوا فقط.. الذين لم يقترعوا او اقترعوا ولم يمنحوا اصواتهم للاخوان والفلول هم نسبه كبيره من المصريين لابل ملايين والواضح ان نجاح التيار القومي العربي في الانتخابات وحصوله على ملايين الاصوات قد شكل مفاجأه وضربة قاسيه لكل الجشعون الذين ارادوا الاستئثار بكل شئ وعلى السلطه كامله في البرلمان والرئاسه ونسيوا وتناسوا ان مصر العربيه ومصر الشعب الثوري ليست الاخوان فقط لابل كل قطاعات الشعب المصري مفجر ثورة يناير وما قبلها من ثورات عبر التاريخ المصري العربي المشرف.. نسيوا وتناسوا شعب ميدان التحرير وبطولة الشعب المصري في كل الميادين من القاهره الى الاسكندريه ومرورا بالسويس وبورسعيد وحتى العريش وكامل محافظات مصر اللتي شاركت في خلع الطاغيه وبطانته الفاسده اللتي دمرت مصر الشعب ومصر الدوله على مدى عقود من حكم مبارك البارك.. وباء الانتهازيه والغرور الذي اصاب الاخوان فتك بهم في نتيجة الانتخابات الرئاسيه ولولا تواطئهم مع العسكر وانقلابهم على الثوره لما تمكن اصلا الفلول من الترشيح ولما وصلنا الى نتيجة إما الفلول او الاخوان!.. كان على الثوره والثوار ان يبقوا في الميدان ليحققوا معطيات الانتخابات الديموقراطيه واسسها الجديده وعلى راسها منع فلول وبقايا نظام مبارك من الترشح الى اي منصب في جمهورية مصر العربيه
ما بعد الثوره.. النواه الجماهيريه الثوريه الصلبه طالبت بالبقاء في الميادين بينما نُكاس العهود هرولوا الى الكراسي بعد حبة العلَّف الاولى الذي القى بها العسكر لهؤلاء ليخرجهم من الثوره ومن الميدان.. لايظن احدا اننا غاضبون ونحن نسرد قصة هؤلاء الانتهازيون لابل نحن واثقون من ان شعب مصر العروبي والثوري يدرك ان هنالك جولات قادمه مع النظام البائد والعسكر والرجعيه العربيه والامبرياليه وسيخوضها بكل مسؤوليه
وطنيه وحضاريه وسياسيه..
.. لاتفرحوا بالصيد ياصائدينه فالصعاب قادمه والصيد لن يكون سهلا وميسرا ونتيجة الانتخابات لن تكون نهاية المشوار وكَّون احمد شفيق مرشح محتمل للفوز بالرئاسه المصريه فهذه اهانه للثوره ودم الشهداء والجرحى البواسل الذين خلعوا الطاغيه وارادوا ويريدوا اسقاط نظامه وليس اعادة تأهيله او التعايش معه في توليفه جديده من حكم الطاغيه.. حقا وحقيقه وسواء شئنا ام لم نشاء فمصر اليوم امام واقع صادم في مصر ما بعد الثوره وما بعد جولة الانتخابات الرئاسيه الاولى ونحن نعتقد لو ان البعض المهلهل قد أمن بالشعب ووحدة الشعب ومرجعية الشعب لماذهبت مصر الى الانتخابات اصلا الا بمرشح واحد او بمرشحين يمثلون الثوره والشعب وليس حركة الاخوان فقط التي ارادت وتريد ان تستأثر بكل مفاصل السلطه في مصر وهذا خطأ قاتل ادخل مصر في شرك الانتخابات وشِباك حكم العسكر.. اسئله كثيره وخطيره تطرح الان وقبل اسبوعين من الجوله الانتخابيه الرئاسيه الثانيه والحاسمه.. شفيق..مرسي..انقلاب عسكري.. الخ .. والسؤال هل يدرك المهرولون والطامعون بكل السلطات مدى الخطر اللذي يحدق بمصر ويخطون خطوة التنازل لصالح مرشح مقبول جماهيري من كل قطاعات وفئات الشعب المصري قبل فوات الاوان؟؟… وهل هنالك من اتفاق عام على اتحاد ما يمنع اعادة النظام المخلوع من خلال انتخاب الفلولي احمد شفيق..؟.. المساله الان صارت تحت بند ” تكون او لا تكون”.اما نجاح الثوره المصريه وانتصارها او انتصار الثوره المضاده.. الديموقراطيه الانتخابيه الجاريه هي ليست الديموقراطيه اللذي ارادها الشعب..ديموقراطيه قص ولزق وتوليف وتفكيك وتركيب نظام واستنساخه من جديد.. مصر الان على مفترق طرق وواقعه في مطب وشرك نصبه لها العسكر والفلول بتواطؤ من الاخوانجيه..مصر اليوم بين خيار دوله دينيه او مدنيه لكل مواطنيها او الاحتمال الاخر الوارد: انقلاب عسكري وحكم عسكري..الديموقراطية الاجباريه التي تمنح الشعب حق فقط الاختيار بين السئ والاسوأ ليست ديموقراطيه لابل توليفه لا دستور ولا اساس لها وهذا هو الخطر الاكبر الذي يحدق بمصر اليوم…حكم الاخوان يخيف قطاعات كبيره من الشعب المصري وحكم الفلول مرفوض شعبيا وعودة النظام البائد ستكون بمثابة كارثه وطنيه مصريه لاتحمد عقباها ولا يمكن لا حد ان يتصور ردود الشعب على هكذا حال… بعد كل هذه الثوره يعود النظام نفسه!…امر غير معقول وغير مقبول شعبيا وجماهيريا ووطنيا!!
مصر ما بعد الثوره تحتاج الى قناديل في الظلام وليست خفافيش ليل من امثال شفيق والفلول ومن يقف وراءهم من قوى امبرياليه وصهيونيه من يروجون للرعب والفوضى و يتبعون نفس الاسلوب ونفس منطق ال99 بالمئه الذي انتجته الة دعاية الطاغيه مبارك..اما نحن او الفوضى والبلطجيه وهم في الحقيقه مصدر الفوضى والبلطجيه والفساد…بعبع الفوضى وغياب الامن هو سلاح نظام مبارك ونجزم ان الفتره الانتقاليه الذي قادها العسكر كانت وما زالت استمرار لترسيخ فكرة الفوضى والبلطجيه في اعقاب الثوره…قتل روح و تشويه سمعة الثوره من خلال التضليل والكذب..!!
الديموقراطيه الجاريه في مصر اما عوجاء او عرجاء او مشوهه والمحصله انها ديموقراطيه ليست حقيقيه وحقيقة ان النظام الفاسد مرشح ضمن هذه الديموقراطيه تعني انها ديموقراطيه ملطخه تمنح الدكتاتور والطاغيه والفاسد نفس حقوق المواطن الوطني والنظيف.. لايحق للفكر الدكتاتوري اصلا المشاركه في فكرة او لعبة الديموقراطيه وعليه ترتب القول والسؤال: كيف يعقل ان يعيد الشعب انتخاب نظام فاسد كان سببا في ان يعيش اكثرية الشعب المصري تحت خط الفقر؟وكان سببا ان يتقاسم الاحياء مع الاموات السكن في المقابر وكان سببا في انشاء مدن بشريه كامله تعتاش على تدوير الزباله القادمه من اوروبا الى مصر! وكا ن سببا في تدمير الصناعه المدنيه والعسكريه المصريه وفرَّط بامن مصر وبسيادتها على اراضيها وكان ابشع مثال للانبطاح و واذلال كرامة الشعب الوطنيه..ديموقراطيه تعيد الدكتاتوريه ليس ديموقراطيه بالمطلق لابل لعبه تضليليه قذره وجريمه لا تُغفَّر!!
نحن نعتقد ايضا ان محمد مرسي سيجد صعوبات جمه اذا تم انتخابه لمنصب رئيس الجمهوريه والصعوبات ليست قادمه من قبل العسكر والفلول فقط لا بل من الشعب نفسه الذي سيمثله مرسي من منطلق التزامه بمرجعية ودستور جماعة الاخوان وليس الالتزام بالدستور[حتى الان لا يوجد دستور في مصر يحدد صلاحيات الرئيس] وبمصالح كافة اطياف الشعب المصري وكافه طوائفه واديانه..دوله دينيه ام دولة مواطنه مدنيه لكل المواطنين بغض النظر عن العرق اوالدين او اللون..سواسيه في الحقوق والواجبات!؟.. هذا هو السؤال الجوهري الذي من اجله يجب ان يكون هنالك ائتلاف من جميع الاطياف الوطنيه المصريه وليس من الاخوان وحدهم وليست بالمطلق بمشاركة من الفلول!!
نؤكد ان صناديق الاقتراع امر رائع ويجب احترامه اذا كانت العمليه الديموقراطيه نزيهه وعادله, لكن ان تصبح الديموقراطيه شرَّك يسقط في شباكه الشعب فهذا امر مرفوض ويجب عدم التعاطي معه جماهيريا.. نعتقد ان مصر اليوم تمر في مرحله حرجه ودقيقه قبل جولة الانتخابات الثانيه المزمع عقدها خلال الاسبوعين القادمين والمطلوب ائتلاف خير
وطني ومواقف تاريخيه توزع السلطه في مصرعلى اساس عادل يمثل الشعب وكامل الشعب لانه ببساطه مرجعية الشعب شئ ومرجعية “الاخوان”شئ اخر.. الاخوان جزء من الشعب لكن ليس كل الشعب اخوان ومرجعية الشعب المصري ليست قوانين التنظيم والولاء للمرشد لابل مرجعيته الدوله والقانون المصري…ببساطه من يريد انقاذ مصر من الفلول وانقاذ الثوره المصريه
من ويلات وكوارث سياسيه ووطنيه عليه ان يعلن ان الرئيس القادم سينتخب عبر ائتلاف وطني او تنازل حزبي وهو رئيس مصري وطني وليست من الاخوان ولا من الفلول.. رئيس مصري يمثل كل الشعب المصري ويبعث في روحه الاطمئنان والامل في الحاضر والمستقبل….نعرف وندرك ان مصر كبيره بابناءها وبناتها وشعبها
وامتها العربيه والاسلاميه وعلى المرشحين الوطنيين ان يختاروا بين موقف شخصي وحزبي عقيم وبين موقف تاريخي ينقذ مصر من شرك العسكر وشباك الفلول..المطلوب بالحاح رئيس مصري للجميع ومرجعيته هي الشعب والمواطنه والعدل للجميع.. واخيرا نتمنى السلام وكل الديموقراطيه الوطنيه لمصر وشعب مصر العربي ولا والف لا للفلول واعادة استنساخ نظام مبارك البارك والهالك..!!

*كاتب وباحث فلسطيني

اخلاء مسؤولية: جميع المشاركات في الشبكة تعبر فقط عن رأي مرسلها
فنحن لا نتبنى اي طرح سياسي و ما يرد علينا ننشره و لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظرنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى