الرئيس ميقاتي: نسعى بكل جهد وإخلاص لإبعاد وطننا عن تأثيرات الأحداث الجارية حوله

رعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الإحتفال الخاص بالعيد السبعين لإستقلال لبنان الذي أقيم مساء أمس في إمارة موناكو بدعوة من قنصل لبنان العام مصطفى سميح الصلح.

حضر الحفل ممثل أمير موناكو ألبرت السيد جاك بواسون، الوزير الأول في موناكو ميشال روجيه، مطران موناكو برنار بارسي، ممثلو البعثات القنصلية العربية والدولية في موناكو، عقيلة رئيس الحكومة السيدة مي ميقاتي، وحشد من أبناء الجالية اللبنانية والجاليات الأجنبية وفاعليات موناكو. وقد غصت بهم قاعة الإحتفالات الكبرى في فندق “ايرميتاج” في الإمارة. كما إزدانت القاعة والباحات المحيطة بالفندق بالأعلام اللبنانية وأعلام موناكو.

بدأ الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد موناكو وأدتهما فرقة أطفال موناكو، ثم ألقى القنصل اللبناني العام في موناكو مصطفى سميح الصلح كلمة عرض فيها للمراحل الأساسية في تاريخ لبنان الحديث. وقال: إن جميع اللبنانيين، مقتنعون اليوم أكثر من أي وقت مضى أن التعددية التي تميز وطننا تشكل عامل قوة في عالم تسوده العولمة، وفسيفساء من الأعراق والثقافات. لقد تمكن اللبنانيون في تاريخهم الحديث من الجمع بين التعددية والوحدة الضرورية لبناء الدولة، وعلى الرغم من أن هذا التنوع يشكل مصدر قوة للبنان إلا أنه أيضاً يتسبّب بنقاط ضعف في دولة تتعرض للتدخلات الأجنبية، ويؤدي أحياناً إلى جعل لبنان ساحة لصراعات مصالح الأقوياء. إن النزاعات المسلحة التي تضرب منطقة الشرق الأوسط لم تستثن لبنان، والدفعات المتتالية من اللاجئين على أرض لبنان إنتهت بتأثيرات سلبية على تركيبته الداخلية.

في نهاية الحرب العالمية الثانية قال ديغول”إذا تم حفظ الجمهورية، يبقى علينا إعادة بنائها”. إن اللبنانيين، وعلى رغم الحرب المدمرة التي عانوا منها تمكنوا من المحافظة على الجمهورية ويجهدون لتعزيز الإنتماء الوطني والتغلب على الإنقسامات لبناء دولة قائمة على قيم الحرية والديمقراطية والتسامح والإنفتاح. إن الإحتفال بعيد إستقلال لبنان هنا في موناكو يشكل في كل مرة لحظات من الفرح والسعادة، ويمثل أيضاً شهادة قوية للعلاقات الإستثنائية التي تجمع لبنان وموناكو، وهي علاقات قائمة على صورة الترحيب الحار الذي تعبر عنه الإمارة.

وتوجه بالتحية إلى الرئيس ميقاتي الذي “حرص على مشاركة اللبنانيين في موناكو شخصياً في هذا الإحتفال وأن يتوجه إليهم برسالة تعاطف ودعم”. وقال: دولة الرئيس إننا متأثرون لوجودكم بيننا الليلة واسمح لنا أن نعرب عن تقديرنا للأسلوب الحكيم الذي تديرون به شؤون البلاد في مرحلة من عدم الإستقرار السياسي والإقتصادي هي الأقوى في تاريخ المنطقة ولبنان، لم تدّخر جهداً إلا وبذلته لحفظ لبنان وتجنيبه تداعيات أحداث المنطقة عليه، فشكراً لكم بإسم الجميع”.

الرئيس ميقاتي

وألقى الرئيس ميقاتي كلمة قال فيها: يسعدني أن أكون بينكم الليلة لنحتفل معاً بعيد إستقلال لبنان، وأن أكون هنا في موناكو التي إحتضنت اللبنانيين على الدوام لا سيما في الظروف الصعبة. يأتي إحتفالنا بالعيد السبعين لإستقلال لبنان في ظروف هي الأصعب حيث يتأثر وطننا بحال عدم الإستقرار في منطقتنا، وخصوصاً بالأزمة السورية، وما يمكنني قوله لكم أننا نسعى بكل جهد وإخلاص لإبعاد وطننا عن تأثيرات الأحداث الجارية حوله، رغم صعوبة الموقف، في ضوء تسارع الأحداث وتطوراتها الخطيرة والإنقسام الحاد بين اللبنانيين حيال مقاربة هذه المسائل. وإذا كنا نجحنا نسبياً حتى الآن في تجنب المخاطر معتمدين سياسة النأي بالنفس عما يجري حولنا، لقناعتنا بأن لا موجب لأن نتدخل في شؤون الآخرين، نحن الذين أخذنا على الآخرين تدخلهم في شؤوننا، إلا أنه لا يجوز أن يغيب عن بالنا، أننا مدعوون جميعاً إلى كلمة سواء تعزز وحدتنا الوطنية في مواجهة المخاطر الداهمة.

أضاف: إن لبنان شكّل على الدوام واحة سلام وملجأ لكل مظلوم ومحتاج، وهو كالطائر الذي يحتاج إلى جناحين ليطير، وهذان الجناحان هما أبناؤه المقيمون على أرضه وأبناؤه المنتشرون في كل بلاد العالم. أنتم هنا تشكلون مصدر غنى للبنان، وبفضل دعمكم وتعلقكم بالقيم اللبنانية، سيبقى لبنان وطناً مميزاً ورمزاً للتسامح والقبول بالآخر.

وحيا القنصل الفخري للبنان مصطفى الصلح على جهوده ودوره البارز في تعزيز العلاقات بين موناكو ولبنان وعلى ديناميكيته وطاقاته التي شكّلت محطّ تقدير جميع المسؤولين في موناكو. كما شكر لأمير موناكو إهتمامه باللبنانيين ورعايته لهم، وشكر القيادات البارزة في الإمارة حضورها هذا الحفل.

وختم بكلمة إلى اللبنانيين الحاضرين قال فيها: مواطنّي الأعزّاء، لا تخشوا العواصف، لأنكم مثل الأرز في لبنان الذي ينمو على أعلى القمم وتزداد قوته في العواصف.

وقد تخلل الحفل عرض فيلم وثائقي “عن تاريخ لبنان وإرادة الحياة فيه”. كما قدم المغني اللبناني الشاب أنطوني توما بعض الأغنيات.