الأخبار اللبنانية

الجسر في حديث الى الصياد

اعتبر عضو كتلة المستقبل، النائب سمير الجسر، ان الازمة في البلد هي في معظمها انعكاس للازمة القائمة في المنطقة.

لكنه لاحظ وجود تمايز في الموقف السوري يوحي بأن دمشق لم تعد تعرقل قيام الحكومة، وهذا يظهر بوضوح من خلال تحركات ومواقف حلفائها. ورأى الجسر، في حوار اجرته معه الصياد، ان قرار تشكيل حكومة اتحاد وطني انما يهدف الى لملمة الاوضاع الناتجة عن احداث ٧ ايار ٢٠٠٨. وتساءل، اذا اعتذر الحريري عن تشكيل الحكومة، من يستطيع او يجرؤ على تشكيل حكومة في لبنان؟
وقائع حديث الجسر الى الصياد، جاءت على الشكل التالي نصه:
من يعرقل قيام الحكومة حتى الآن. هل هناك قرار اقليمي بالتعطيل، وقد بدأنا نسمع عن تمايز في الموقفين السوري والايراني حيال الوضع الداخلي في لبنان؟
– من المؤكد ان هناك تحالفا سوريا ايرانيا، لكن ذلك لا يمنع ان لكل دولة اجندتها الخاصة، ومصالحها. وبالتالي هناك مساحات مشتركة بين الدولتين، وهناك مواقع لكل دولة فيها، مصالحها الخاصة. ما هو واضح في الفترة الاخيرة ان هناك تمايزا سوريا يمكن تلمسه من خلال تحرك حلفائها في لبنان، واعلانهم عن رغبتهم في تسهيل قيام حكومة. وبالتالي، لمسنا هذا التوجه السوري الجديد، وهذا قد يؤشر الى وجود تمايز عن الموقف الايراني.

 

.. وماذا عن العقد الداخلية. هل يمكن الاعتقاد ان الاطراف في الداخل قد يقدمون على العرقلة من دون تشجيع خارجي؟
– الازمة السياسية في لبنان هي في معظمها انعكاس للازمة الموجودة في المنطقة. لكن ذلك لا ينفي احيانا وجود عقد داخلية. في ملف تشكيل الحكومة، لا يمكن ان ننكر وجود عقد وحسابات داخلية. ومن البديهي ان البعض يستفيد من المناخ الاقليمي المضطرب لرفع سقف مطالبه. في المقابل، عندما تهدأ الاوضاع الاقليمية، يصبح التعاون في الداخل اللبناني بين كل الافرقاء اسهل.

مسيحيو ١٤ اذار
هناك من يقول ان حلفاء الرئيس المكلف، وعلى رأسهم الدكتور سمير جعجع، هم من يعرقل ولادة الحكومة بسبب ضغطهم على الرئيس المكلف لمنعه من تقديم تنازلات اضافية لتسهيل التأليف؟
– من حيث المبدأ، هناك منطق مرفوض، عندما يقول احدهم، اما ان تحققوا جميع مطالبي او اتهمكم بالعرقلة. لكنني اريد ان اؤكد ان كل مكونات ١٤ اذار، بما فيها تيار المستقبل، ترفض تقديم تنازلات اضافية من اجل تشكيل الحكومة. وبالتالي، هذا الامر ليس محصورا بالدكتور جعجع. وفي العادة، لا يتم تقديم التنازلات، كما فعلت الاكثرية في لبنان، في اي نظام ديمقراطي في العالم. وقد فعلنا ذلك بهدف تشكيل حكومة اتحاد وطني، ولملمة الاوضاع التي نتجت في البلد منذ ٧ ايار ٢٠٠٨، حتى اليوم.

الخيارات المتاحة
ما هي الخيارات المطروحة امام الرئيس المكلف. اذا كان ينوي عدم الاعتذار للمرة الثانية، واذا عجز عن تشكيل الحكومة؟
– نتمنى الا تطول الامور كما هي اليوم. ولا اعتقد ان من مصلحة احد في البلد ان يعتذر الرئيس المكلف. واريد ان اسأل هنا، اذا اعتذر الرئيس المكلف، وكشف ما حصل معه برغم تقديمه لكل التنازلات المتاحة، الا يعني ذلك ان هناك امورا خطيرة تمس البلد. ومن يجرؤ بعد ذلك، او يكون قادرا، على تشكيل حكومة.

تأثير السلاح
هل تعتبر ان تأكيد رئيس الجمهورية انه لا يوقّع على مرسوم حكومة الا اذا كانت حكومة وحدة وطنية، هل شجع هذا الموقف الاقلية على رفع سقف شروطها؟
– بالتأكيد، هناك من يحاول استغلال هذا الموقف الذي اعلنه فخامة رئيس الجمهورية.
لماذا تشعرون بالحاجة الى تقديم تنازلات. هل يتعلّق الامر بوجود السلاح، كما يقول البعض؟
– طبعا وجود السلاح، وما نتج عن استخدام هذا السلاح، من ازمات في البلد، يضطرنا الى الاتجاه نحو حكومة اتحاد وطني، لاعادة بناء جسور الثقة بين الناس.
ما رأيك بما قاله البطريرك صفير، من ان السلاح والديمقراطية لا يلتقيان؟
– هذا مبدأ صحيح، وباعتقادي ان كل الاطراف في لبنان يتفقون على هذا المبدأ، والدليل انهم يطالبون بطاولة الحوار لبحث الاستراتيجية الدفاعية، التي تتناول موضوع السلاح.
١٤ آذار، هي من يطالب بطاولة الحوار…
– كل الاطراف وافقت على طاولة الحوار وشاركت فيها.

مواقف البطريرك
… وماذا عن قول البطريرك انه كان يُفترض ان تتولى ١٤ آذار الحكم في البلد ما دامت ربحت الانتخابات النيابية؟
– وفق الاصول الديمقراطية، هذا هو المبدأ الصحيح. فالاكثرية هي من ينبغي ان يحكم. حتى السيد حسن نصرالله قال مثل هذا الكلام قبل الانتخابات. وقال يومها ليربحوا الانتخابات ويحكموا.
لماذا لم يلتزموا اذاً بهذا الكلام؟
– لا اعرف، البعض يقول انه ربما كان هناك تسرّع في قول هذا الكلام. اعتقادي الشخصي انه لم يكن هناك تسرّع، بل كان يوجد مناخ في البلد قبل وخلال الانتخابات. وفي النتيجة، لا بد من تهدئة النفوس، وحكومة الاتحاد الوطني، وفي حال تشكلت بنيات صافية، تستطيع ان تهدىء النفوس.

مهمة الرئيس المكلف
في التعقيدات الداخلية، هل صحيح ان المفاوضات وصلت الى حد ان الرئيس المكلف وافق على ابقاء الوزارات نفسها التي تتولاها كتلة التغيير والاصلاح حاليا، شرط عدم تسمية جبران باسيل لحقيبة الاتصالات. لكن العماد عون رفض الاقتراح؟
– هذا الموقف يتجاوز المنطق، لان لكل طرف الحق في ان يطلب، لكن ليس له الحق في ان يفرض، او يسمّي. ومهمة الرئيس المكلف تقضي بان يوازن بين مطالب كل الافرقاء، من ضمن صيغة الاتحاد الوطني، للوصول الى حكومة متوازنة وعادلة قدر المستطاع. لكن الرئيس المكلف لا يستطيع ان يلبّي كل مطالب الاطراف. والسؤال اذا كانت هناك وزارة طلبها واصرّ عليها اكثر من طرف، ماذا نفعل؟
هل العقدة في توزير باسيل للاتصالات، ام في اعطاء الاتصالات للعماد عون؟
– لا علم لي بان هذا الامر محسوم. وبطبيعة الحال، يصبح الامرمحسوما عندما يتم الاتفاق على سلة كاملة. لكن، وبعدما تجاوزنا مسألة توزير الخاسرين، برغم ان هذا المبدأ كان سائدا، والعماد عون كان من اشد الناس حماسة للدفاع عنه في العام ٢٠٠٥، لكن تجاوز هذا المبدأ لا يعني اعطاء الحق لاي طرف في ان يفرض نوعية الحقائب واسماء من سيتولى هذه الحقائب. والا فما هو دور الرئيس المكلف، الذي ينتمي الى فريق الاكثرية، وله توجهاته ومشروعه للحكم في البلد؟ لا تجوز المطالبة بابقاء القديم على قدمه، لان في ذلك عودة الى الوراء، الى سنوات طويلة الى ما قبل التاريخ، وكأننا قد قسمنا البلد الى اقطاعات سياسية، وكل طرف يمتلك حصة من الوزارات لا تتغير. هذا خطأ جسيم لا يمكن القبول به، لانه يشكل بداية نهاية للنظام الديمقراطي.
هل نحن امام ازمة نظام او ازمة حكم؟
– لا مشكلة في النظام على الاطلاق، لكن هناك محاولة واضحة لدفع البلد نحو التأزيم، للايحاء بوجود مشكلة في النظام، والمطالبة بتعديله. وهنا اريد ان اشير الى ان لا مصلحة لاحد بالدفع نحو تغيير النظام. اولا، لان هذا النظام الذي ولد اثر اتفاق الطائف، اوجد نوعا من التوازنات المهمة. وحاليا، وبمجرد فتح ثغرة في جدار تعديل هذا النظام، سيكون بمثابة فتح باب تغييرات لا أحد يعرف الى اين ستصل، ولا اعتقد ان التغيير سيكون من ضمن دعم النظام الديمقراطي البرلماني. فهل المطلوب هو الخروج من النظام الديمقراطي البرلماني؟ اذا كان هناك من لديه هذه النية فليعلنها.

الوضع في الشمال
كيف هي الاوضاع في منطقة الشمال اليوم؟ وما هي مدلولات لقاء الرئيس المكلف مع السيد رفعت عيد ونجله؟
– اعتقد ان الحركة السياسية التي قام بها الرئيس المكلف منذ شهرين حتى اليوم، هي من أهم الانجازات في مسيرته السياسية. فهو قام بالانفتاح على كل الاطراف من دون اي استثناء، وقد التقى كل قوى المعارضة، وهذا امر جيد، لان من يريد ان يحكم يجب ان يكون والد كل اللبنانيين، وبالتالي لا يستطيع من يكون في هذا الموقع ان يتحدث الى اطراف، ويقاطع اطرافا اخرى. وهذا الانفتاح لم يكن محصورا بالسيدين رفعت وعلي عيد، بل شمل الرئيس عمر كرامي، وسليمان فرنجيه، وهذه خطوات مباركة، لان البُعد يؤدي الى حواجز نفسية ويعقّد الامور، بعكس التواصل الذي يمكن ان يحصر التعقيدات في اطارها الضيق.

دور الجيش
هل هناك مشكلة سنية علوية في الشمال؟
– طبعا لا. والدليل انه منذ سنة تجري محاولات لخلق فتنة من خلال اطلاق قذيفة من هنا، ورمي قنبلة من هناك، لكن هذه المحاولات فشلت ولم تلقَ الصدى والتجاوب لدى اي من الطرفين، وهذا يؤكد ان لا مشكلة في العمق. وفي المقابل، يجب ان نشير الى ان الجيش يتحرك حاليا بسرعة، وقد منع محاولات زرع الفتنة، ومع ذلك، ولكي اكون صريحا، هذه المعالجات لا تكفي. فالمطلوب تنشيط الامن الوقائي، خصوصا ان المنطقة التي تحصل فيها المشاكل ضيقة جدا، وهي في عهدة الجيش، والمطلوب زرع العيون، لكي نصل الى مرحلة تحول دون السماح للمتضررين بالنجاح في محاولات تفجير الأوضاع.
ما هي مؤشرات تقصير الجيش في هذا الاتجاه؟
– ما يجري، انه يتم احياناً الاعلان عن وقف اشخاص متورطين في اطلاق قذائف وقنابل، ثم يتبين انه تم اطلاق سراحهم. والسؤال لماذا اعتقل هؤلاء وانحصر التحقيق معهم من قبل جهات امنية، ولماذا لم يتم التحقيق معهم من قبل القضاء؟ هذه الوقائع تؤدي الى طرح علامات استفهام، اذ هل من المنطقي ان الجيش لم يتمكن خلال عام كامل، وفي هذه المنطقة الضيقة من اعتقال اي شخص متورط في التفجيرات؟ المطلوب تكثيف الأمن الوقائي، لمنع محاولات تفجير الاوضاع.

مستقبل البلد
كيف ترى مستقبل لبنان؟ هل علينا البحث عن صيغة جديدة لضمان استمرارية هذا البلد موحداً، ام ان الصيغة القائمة كافية؟
– لقد تفاهمنا على اتفاق الطائف. لكن مع الأسف، لم يتم استكمال تطبيق هذا الاتفاق وعلينا ان نفهم لماذا توقف تطبيق اتفاق الطائف. في هذا السياق، وجهة نظري الخاصة ان الحرب اللبنانية قامت في محاولة لفرض السلم في المنطقة، بعدما اصبحت المواجهة العربية – الاسرائيلية مباشرة صعبة فتم استعمال لبنان كساحة خلفية لتصفية الحسابات وممارسة الضغط. في المرحلة الأولى جرى اتفاق الرياض، عندما خرج المصريون وانفردوا باتفاقية كمب ديفيد، عاد الوضع لينفجر في لبنان من جديد. لكن عندما بدأت الاستعدادات لاتفاقية مدريد، تم توقيع اتفاق الطائف. ومن اجل ذلك، جرى تحديد مدة سنتين لتنفيذ اتفاق الطائف، لأن من قرر هذه المهلة كان يعرف ان مؤتمر مدريد كان يُفترض ان يؤدي الى احلال السلام في غضون سنتين. لكن عندما اسقط الاسرائيليون اتفاقية مدريد، تم تجميد تطبيق اتفاق الطائف في لبنان، من هنا، لا اعتقد ان من حق احد ان يحكم على النظام اللبناني الحالي اذا كان صالحاً ام لا. المطلوب هو التوافق على تطبيق هذا النظام، الذي اجمع عليه اللبنانيون في فترة كان يوجد فيها نوع من التوازن العسكري الداخلي. وقد ساعدت القوى الاقليمية والدولية في رعاية واقرار هذا النظام. وبعد تطبيق هذا النظام بالكامل، نستطيع ان نحكم عليه اذا كان صالحاً ام لا. واذا ما تبين لنا وجود ثغرات نستطيع معالجتها بهدوء.
ماذا تبقى من الطائف غير مطبق حتى الآن؟
– هناك اللامركزية الادارية، وانشاء الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية.
وماذا عن بسط سيادة الدولة على كل الاراضي اللبنانية، وهل يشمل هذا البند سلاح المقاومة؟
– طبعاً. والسيادة لا تتجزأ. ولا توجد سيادة بوجود مربعات امنية. وهذا هو المقصود ببسط سلطة الدولة فوق كل اراضيها. اذ لا مكان للأمن بالتراضي، ولا يوجد امن بالتراضي. نأمل ان نصل الى الاتفاق على استراتيجية دفاعية، لكي نحل هذه الاشكالية العالقة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

iPublish Development - Top Development Company in Lebanon
زر الذهاب إلى الأعلى