الصفدي: الإصلاح الجذري للتعليم الرسمي وتحديث شبكة المواصلات كفيلان بدفع لبنان إلى مسار أكثر إنتاجية

إقترح وزير الإقتصاد والتجارة محمد الصفدي مشروعين أساسيين لدفع لبنان إلى مسار اقتصادي جديد أكثر إنتاجية وتنوعاً وانتشارا
المشروع الأول هو إصلاح جزري لمستوى التعليم الابتدائي والتكميلي في المدارس الرسمية والمشروع الثاني هو تحديث شبكة الطرقات وبناء سكة حديد للقطار السريع على إمتداد الساحل اللبناني بين الشمال والجنوب.
إقتراح الوزير الصفدي جاء في خلال إفتتاحه منتدى المال والأعمال عن آفاق الاقتصاد اللبناني وجاذبيته ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري.
ما يلي النص الكامل لكلمة الوزير الصفدي
أنقل إليكم تحيات دولة رئيس الحكومة الأستاذ سعد الحريري الذي يتمنى النجاح لمنتدى المال والأعمال ويرى فيه مناسبة جيدة لطرح آفاق الاقتصاد اللبناني وجاذبيته.
لا يخفى على أحد أن لبنان يعاني من مشاكل اقتصادية، من أهمها مشكلة الدين العام الذي قدّر حجمه في آخر السنة المنصرمة بحوالي 51 مليار دولار، أي 155% من الناتج المحلي (GDP).
هذا بالإضافة إلى عدم تأمين الطاقة الكهربائية بشكل متواصل من دون عجز مالي وعدم التمكن حتى الآن من تحويل الإدارة العامة، إلى إدارة حديثة ومنتجة، تطبق فعلا مبدأ الخدمة العامة للأفراد والمؤسسات. إلا أنني لا أريد أن أركز اليوم على المشاكل والأزمات، بل على الفرص والقوة الفعلية القائمة في الاقتصاد اللبناني وهي حقيقة سوف تتجلى في المستقبل القريب.
دعونا نسترجع سريعا المسار السياسي والاقتصادي في لبنان منذ أوائل العام 2005 ولغاية الآن.
لقد مرت بلادنا خلال تلك السنوات بأزمات عدة، أقل ما يقال فيها أنها كانت قاسية وغير اعتيادية، منها اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والعديد من الشخصيات والمواطنين وتعرض لبنان لحرب إسرائيلية مدمّرة، ونشوب أزمات وصراعات داخلية، وحلول استحقاقات نيابية ورئاسية وحكومية، خرج لبنان منها متماسكا وهو يتجه إلى التعافي من أزماته.وعلى الرغم من هذه المصاعب، فقد كان معدل نمو الناتج المحلي خلال السنوات الثلاث الماضية أكثر من 7,5 % سنويا، وهذه من أعلى النسب تاريخيا كما أن فائض ميزان المدفوعات التراكمي بلغ خلال الفترة نفسها أكثر من 12 مليار دولار، وهذه أيضا من أعلى النسب تاريخيا خلال فترة ثلاث سنوات متتالية.
وهذا ما يفسر رفع كل مؤسسات تقييم المخاطر، مثل Moody’s، درجة لبنان الائتمانية وجاذبيته للاستثمارات.
أيها السادة،
إن الأداء السياسي والاقتصادي خلال الأعوام الماضية لم يكن بالأمر السهل، ونتائجه لم تكن قليلة إذا أخذنا في الاعتبار الأزمات الشديدة والمتتالية التي كان علينا مواجهتها تباعا، وإن دلّ هذا على شيء، فعلى طاقتنا الكبيرة على مواجهة الأزمات والصعاب وقدرتنا على تخطيها مما يثبت ويؤكد وجود جاذبية أساسية للاقتصاد اللبناني.
لن أفصل إنجازات الاقتصاد اللبناني وقدرته على مواجهة المصاعب والنهوض بسرعة، بل يهمني أن أتحدث في هذا المنتدى عن رؤيتنا للاقتصاد اللبناني في المستقبل القريب، وكيفية تحقيق هذه الرؤية.
إننا نرى بنية الاقتصاد اللبناني تتحول تدريجيا إلى بنية اقتصاد حديث قادر على إنتاج نمو اقتصادي قوي وباستمرار لسنوات عديدة، على أن يطال هذا الأداء بشكل لافت مختلف النشاطات الاقتصادية في كل مناطق لبنان وهذا هو الأساس.
لقد عانى لبنان منذ الاستقلال من تركز النشاط الاقتصادي والنمو والتطور في بيروت ومحيطها، فبدل أن تكون مساحة بلادنا الصغيرة عنصرا مسهلا لانتشار الاستثمارات، أصبحت دليلا على عجزنا في دفع النمو والتطور إلى كل أطراف الوطن.
كما أن الفورة الاقتصادية الحالية تقوم على نشاط عقاري وسياحي في رقعة ضيقة في وسط لبنان، في حين أن غالبية المناطق لا تعرف من هذه الفورة إلا القليل؛ لذا علينا اختراق هذه الدائرة الضيقة من النشاط الاقتصادي.
وفي هذا الإطار، نرى أن مشروعين أساسيين يكفلان دفع لبنان إلى مسار اقتصادي جديد أكثر إنتاجية، وأكثر تنوعا وانتشارا؛ مما يجعل لبنان أكثر جاذبية للاستثمارات المحلية والأجنبية بشكل أقوى بكثير مما عرفه في الماضي.
هذان المشروعان هما في مجال البنية التحتية البشرية والمادية. ففي مجال البنية التحتية المادية علينا تحديث شبكة المواصلات الموجودة وإنشاء شبكة مواصلات حديثة تشمل كل الأراضي اللبنانية، على أن تنطلق بإنشاء خط سريع للسكة الحديدية، على امتداد الساحل اللبناني؛ وهو مشروع سبق أن أقرّه مجلس الوزراء ومن منافعه:
تسهيل الانتقال والاتصال بين مختلف المناطق، وبالأخص في مرحلة أولية بين منطقة الشمال والوسط والجنوب، على أن يتبع هذا المشروع تحديث شبكة الطرقات الرئيسة في المناطق الأخرى كالهرمل وعكار، مما يعزز حوافز السكن والعمل خارج بيروت. ويساهم المشروع بإنشاء مؤسسات صغيرة كما يشجع الشركات الكبرى على نقل جزء من أعمالها خارج بيروت والوسط وتزداد الاستثمارات في المناطق وترتفع أسعار الأراضي، مما يزيد من الرساميل لدى الناس.
بمعنى آخر، يخلق مشروع سكة الحديد الحديثة والسريعة ديناميكية اقتصادية جديدة، إذ تصبح مساحة لبنان تقريبا سوقا واحدة سهلة التنقل والتبادل.
فضلا عن ذلك، يخفف هذا التطور الجذري في البنية التحتية من الضغط السكاني على بيروت.
أما في مجال البنية التحتية البشرية، فإن نوعية التعليم في المدارس الرسمية، وبالأخص على المستوى الابتدائي والتكميلي، بحاجة إلى إصلاحات جذرية تجعل المستوى التعليمي في المدارس الرسمية مشابها للمستوى التعليمي في المدارس الخاصة الجيدة، مما يؤدي إلى قفزة هامة جدا في إنتاجية العمالة اللبنانية وفي مسار النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
أيها السادة،
إنني على قناعة، لا بل أجزم أن تنفيذ هذه المشاريع المحددة في البنية التحتية البشرية والمادية سوف تدفع بالاقتصاد اللبناني إلى مسار البلدان الحديثة في مجال التطور الاقتصادي والاجتماعي. ومن الأهمية الأساسية لهذه المشاريع أن تنفيذها يحمل بعدا وطنيا لا يقل أهمية عن البعد الاقتصادي أو الاجتماعي.
إن تقارب المستوى بين المناطق اللبنانية اقتصاديا واجتماعيا، وإعطاء كل مواطن لبناني فرصة الحصول على تعليم مدرسي جيد بكلفة زهيدة، يزيد التماسك الوطني صلابة، ويرسي الأرضية الضرورية لانطلاقة جديدة وقوية للاقتصاد اللبناني.
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development