إقتصاد وأعمال

القياسات من اجل التجارة العالمية و جائحة فيروس كورونا المستجد COVID-19

يلعب علم القياس دورا رائدا في الاكتشافات العلمية والابتكارات والتصنيع والتجارة الدولية مما يسهم بشكل فعال فى تحسين مستوى الحياة وحماية البيئة ويعتبر الاحتفال باليوم العالمي للمترولوجيا تخليدا لذكرى اجتماع توقيع اتفاقية المتر الدولية التى ابرمت في العشرين من مايو عام 1875 من قبل ممثلي سبع عشرة دولة وقد انبثق عن هذا الاجتماع إنشاء المكتب الدولي للأوزان والمقاييس ومقره باريس -فرنسا ‪ وقد وضعت اتفاقية المتر إطارا للتعاون العالمي في علم القياس وتطبيقاته الصناعية والتجارية والمجتمعية لإزالة معوقات التبادل التجاري والصناعي والتي كان سببها الاختلاف في وحدات القياس بين دولة وأخرى و الهدف الأساسى من اتفاقية المتر هو التوحيد العالمي للقياس ووحداته والذى يعرف باسم النظام الدولي للوحدات ويستخدم النظام الدولي للوحدات في العديد من الجوانب كالتصنيع والتعبئة والتغليف والنقل وسفن الحاويات وأبعاد المنتجات وغيرها وتعتبر المواصفات القياسية عنصرا اساسيا في النظام الدولي للوحدات لأنها توفر مصطلحات وتعاريف ورموز متوافقة للكميات التي يعتمد عليها هذا النظام وتقدم لغة موحدة لتوصيل معلومات قياسات دقيقة للعلماء والمهندسين وكل من يعمل في مجال القياسات والمترولوجيا. ولذلك فان تطبيق المواصفات القياسية والتشريعات الفنية المترولوجية يعتبر اساسا لخلق بنية تحتية للجودة والوصول الى أعلى درجات الجودة للمنتجات وعدم الالتزام بالقياسات الدقيقة والمعايرة وتطبيق المواصفات القياسية للمنتجات يؤثر سلبا على الاسواق والتبادل التجاري بين دول العالم فضلا عن اثاره المدمرة للصحة والسلامة للكائنات الحية والبيئة المحيطة.‬‬

ويتم الاعداد والتنظيم للاحتفال باليوم العالمي للمترولوجيا من قبل المكتب الدولي للأوزان والمقاييس BIPM بالاشتراك مع المنظمة الدولية للمترولوجيا القانونية OIML وقد ‬تم اختيار موضوع القياسات من اجل التجارة العالمية عنوانا للاحتفال هذ العام باليوم العالمى للمترولوجيا لكى يلقى الضوء على أهمية القياسات وتأثيرها على التجارة العالمية ورفع مستوي الوعي بأهمية الدور الذي يلعبه علم القياس وتطبيقاته في الاكتشافات العلمية والابتكار وتطوير المنتجات الجديدة والتصنيع والاستدامة وتوضيح دور القياسات في تسهيل التجارة العالمية الحرة وضمان أن المنتجات تلبي المعايير واللوائح الفنية وتحقق متطلبات الجودة والقياسات الدقيقة تضمن آمان وموثوقية السلع والخدمات ويعمل BIPM و OIML وهيئات المترولوجيا الوطنية في كل دولة من دول العالم على الوصول بالدول للاعتراف الدولي بقدرات القياس والمعايرة (CMCs) وتوحيد الإجراءات في مجال المترولوجيا القانونية وتعزيز الدور الذي يلعبه القياس في التجارة العالمية لضمان الثقة والحماية لكل من المنتج والمستهلك على حد سواء واهمية إنشاء العديد من أنظمة القياس الدولية لتوفير الضمانات والثقة اللازمة بأن هذه القياسات دقيقة وأنها أساس سليم للتجارة العالمية من أجل تسهيل التجارة البينيــة الإقليميـــة والدولية وذلك من خـــــلال تنظيم برامج المقارنات البينية و اختبارات الكفاءة الفنية لتعزيز الإمكانات الفنية المترولوجية بين الدول.

وجاء اليوم العالمى للمترولوجيا هذ العام فى ظل ظهور جائحة فيروس كورونا المستجد COVID-19 والتى يمر بها العالم هذه الايام وقد سلطت هذه الجائحة الضوء على دورعلم القياس والمعايرة ومدى أهمية تطبيق المواصفات القياسية لضمان جودة ودقة الاختبارات حيث ان القياسات الدقيقة تسهم بشكل أساسي في التشخيص الصحيح للمرض وأساليب الرعاية اللازمة والمراقبة العلاجية الضرورية لمكافحة الفيروس وما ينتج عنه من اضرار بالغة على صحة الانسان قد تودى بحياته و اوضحت اهمية توافر الأجهزة الطبية الرئيسية وأجهزة التشخيص الطبي ومعدات الوقاية الشخصية وكذلك والتطبيق الصحيح للمواصفات القياسية والتشريعات الفنية يسهم فى إنقاذ البشرية من الأزمات المستجدة والحفاظ على صحة الإنسان واستمرار الحركة التجارية الدولية وضمان موثوقية الاختبارات الطبية للكشف عن الفيروس والاختبار الأمثل للمنتجات الطبية ودعم أنشطة المختبرات لتطوير أدوية ولقاحات جديدة بأساليب علمية يمكن التحقق منها مما يكون له اثرا بالغا فى التخفيف من الآثار السلبية للجائحة العالمية.

وقد أشارت التقارير التى اصدرتها منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO الى عدم قدرة الهيئات الطبية على استخدام بعض الأجهزة والمستلزمات الطبية التي تم تصميمها حديثا لمحاربة الفيروس مثل الملابس والأقنعة والأدوات الطبية بسبب عيوب الصناعة حيث ان هذه المنتجات لم يتم تصميمها طبقاً للمواصفات القياسية مما تسبب في إضاعة الوقت وتعريض الاطقم الطبية والمرضى للخطر بسبب التزايد الرهيب للحالات المصابة بالفيروس والنقص الشديد في التجهيزات والاستعدادات الطبية للتعامل مع هذه الحالات.

وظهر أيضا دور القياسات الدقيقة والمعايرات جليا من خلال الاحتياج الشديد الى توافر أدوات قياس موثوق فى مؤشراتها مثل موازين الحرارة ومقاييس ضغط الدم وعدادات تدفق الأكسجين ومقاييس تدفق السوائل التي تستخدم في الادوية كما لعبت ايضا القياسات الكيميائية والبيولوجية الدقيقة دوراً حيوياً في هذه الجائحة من خلال محاولة توفير المواد المرجعية المعتمدة (Certified Reference Materials CRMs) وطرق القياس المرجعية والتي يمكن للمختبرات التحليلية أن ترتكز عليها في نتائج القياس والمساعدة على تقليل احتمالية وجود نتائج اختبار خاطئة.

أ.م.د. هالة محمد عبد المجيد
رئيس المعمل القومى لقياس الكفاءة الفنية
بالمعهد القومى للمعايرة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى