المقالات

رمضان والصَبْر … بقلم: الشيخ رامي الفري

هو رمضان الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان,هو شهر الصبر , والبناء الأخلاقي اساسه الصَّبر , الذي هو قرين الصوم  وسميّه,حتى سُمِّي الصوم صبراً كما قال بعض المفسرين في قول الله تعالى :  (واستعينوا بالصبر والصلوة) وبغير الصبر والإيمان لا يثبت المسلم امام التحديات في دينهودعوته, فالفوز في الآخرة والسعادة في الدنيا ثمرتان من ثمار الإيمان بالله المقطرن بالصبر , والاتحاد بين الإيمان والصبر يحول الصعاب الى رغائِب والهموم الى أفراح ,أوليس الصبر هو علاج كل داء وحلُّ كل مشكلة وتذليل كل عقبة فالحق هو القائل 🙁 وإن تصبروا وتتقوا لا يضرّكم كيدهم شيئاً) .
وفي رمضان يتجلى البناء الأخلاقي في الرقي بالنفس إلى مدارج العبودية, وكلما صام المؤمن وصبر استشعر بأنس التقرب من الله وتسبح روحه في ملكوت السماء
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته       أتطلب الربح فيما فيه خسرانُ
أقبِل على النفسِ واستكمل فضائلها        فأنت بالروح لا بالجسم إنسانُ.
و الصوم الذي يظهر عظمة الصبر وتحمل الصعاب كان من أجلّ العبادات وقربة من أشرف القربات لله عزّ وجلّ حتى ان الله اختصه من بين سائر العبادات بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( قال الله : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام , فإنه لي , وأنا أجزي به …) فكفى بذلك تنبيها ً على شرفه وعظم موقعه عند الله , فيا مسلمون العالم صوموا لله واصبروا على الابتلاء واعلموا ان الاخلاص في هذه العبادة يظهر اكثر من باقي العبادات فالصوم سرٌّ بين العبد وربه لا يطّلع عليه غيره ,إذ بإمكان الصائم أن يأكل ويشرب متخفياً من الناس ,ولكن إذا حفظ صيامه عن المفطرات ومنقصات الأجر دَلَّ ذلك على كمال إخلاصه لربِّهِ ولا يجب ان ننسى بأن للصائم فرحتان : فرحة عند فِطْرِهِوفرحة عِند لقاءِربه , ومن فضائل الصوم أنه يشفَعُ لصاحبه يوم القيامة بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة , يقول الصيام : أي ربِّ منعتُهُ الطعامَ والشهوات بالنهار فشفعني فيه , ويقول القُرآنُ : منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه …فيشفعان )  
ورمضان هو شهر الصيام والقرآن فلن يفوز في شفاعتهما إلا من صبر على جوع وعطش نهاره وقيام ليله مع كلام الله فعلينا ان نخلص في هذه الايام المعدودات ,
فرمضان هو شهر التقى والغفران وليس شهر المآكل والمشارب ,
هو شهر الروحانيات وليس شهر الغضب وضيق الصدر ,
هو شهر القرآن وليس شهر المسلسلات ,
هو شهر التراويح وقيام الليل وصلاة الفجر وليس شهر القهاوي والمسارح ,
هو شهر صلة الرحم والتسامح والمصالحات وليس شهر المشاحنات والخلافات والعداوات …
اللهم بلغنا رمضان وانت راضٍ عنّا .

رسالة الشيخ رامي الفرّي
لرمضان 1433

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى