الأخبار العربية والدولية

سيادة المطران عطا الله حنا حول قضية كاتدرائية اجيا صوفيا

” في هذه الظروف العصيبة نحتاج الى مبادرات لتكريس الاخوة الانسانية وليس لنشر الكراهية والتطرف والبغضاء ”

القدس – قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم في حديث اذاعي مع اذاعة تركية تبث من اسطنبول بأننا نعرب عن قلقنا وانزعاجنا من الاخبار المتداولة عبر عدد من وسائل الاعلام حول نية الرئيس التركي تغيير الوضع القائم في كاتدرائية اجيا صوفيا في القسطنطينية .
وقال سيادته بأن كاتدرائية اجيا صوفيا هي كاتدرائية ارثوذكسية منذ القرن الخامس للميلاد ولا نعترف بأية تغييرات قد حدثت في الماضي ولا نعترف بأي تغييرات قد تحدث في المستقبل فهي بالنسبة الينا ما زالت وستبقى كاتدرائية ونرفض احداث اي تغيير على طابعها وهويتها ، فهي جزء من التاريخ والتراث المسيحي المشرقي والعالمي ونتمنى من الرئيس التركي بألا يتخذ قرارات من شأنها ان تؤجج الصراعات الدينية والمذهبية في عالمنا .
ان مسألة كاتدرائية اجيا صوفيا ليست شأنا تركيا داخليا فحسب كما يروج البعض بل هي مسألة تخص المسيحيين في سائر ارجاء العالم وخاصة في هذا المشرق واي تغيير في طابع هذه الكاتدرائية انما يعتبر تطاولا على المسيحية واساءة لكافة المسيحيين الذين يرفضون التطاول على مقدساتهم واوقافهم كما انهم ايضا يرفضون التطاول على المقدسات والاوقاف الاسلامية .
ففي زمن الكورونا الرديء وفي الوقت الذي فيه يتم التآمر على القضية الفلسطينية وعلى مدينة القدس ومقدساتها واوقافها المسيحية والاسلامية يثار موضوع كاتدرائية اجيا صوفيا وكأن هنالك جهة ما تعمل على اثارة الضغينة والفتن والكراهية في عالمنا لكي لا نفكر معا وسويا مسيحيين ومسلمين بما يحدث في مدينة القدس وبما تتعرض له مقدساتها واوقافها .
نتمنى من القيادة السياسية في تركيا الا تتخذ قرارا خاطئا حول كاتدرائية اجيا صوفيا فالاوقات العصيبة التي نعيش فيها والمؤامرات التي نتعرض لها والتي تتعرض لها بشكل خاص القضية الفلسطينية تطلب منا جميعا ان نكون على قدر كبير من الحكمة والمسؤولية وليس من المنطق اتخاذ قرارات في هذا الزمن العصيب من شأنها ان تثير الفتن والضغينة والكراهية في زمن نحن نحتاج فيه الى مزيد من الوحدة والتضامن والاخوة الانسانية لكي ندافع عن مقدساتنا وعن اوقافنا وعن قضيتنا الفلسطينية المستهدفة والمستباحة اليوم اكثر من اي وقت مضى .
لا تعاني مدينة اسطنبول من نقص في المساجد فالمساجد موجودة فيها وفي كل زواياها اما مسألة اجيا صوفيا فهي مسألة في غاية الخطورة واتمنى ان لا تتخذ القيادة السياسية في تركيا قرارا خاطئا ستكون تداعياته سلبية وسيؤدي الى تأجيج الصراعات والخلافات الدينية والمذهبية في عالمنا .
نمر بمرحلة نحتاج فيها الى مد جسور للتفاهم والحوار والتلاقي ونبذ الكراهية والعنف والتطرف وليس صب الزيت على النار المحترقة اصلا .
كم نحن بحاجة الى الحكماء في هذا الزمن العصيب الذي نمر به بعيدا عن الغرائز المذهبية والطائفية والتي تداعياتها ستكون خطيرة على مجتماعاتنا واوطاننا .
من مدينة القدس اوجه ندائي للقيادة السياسية في تركيا بأن تتخذ قرارا حكيما حول هذا الموضوع الخطير كما واناشد المرجعيات الروحية الاسلامية والمسيحية بأن يكون لها موقف رافض لاي تغييرات او قرارات جديدة قد تصدر حول كاتدرائية اجيا صوفيا التي تعتبر معلما مسيحيا عالميا وتراثا انسانيا يجب ان نحافظ عليه وعلى طابعه وعلى هويته .
وبدل من اتخاذ قرارات تثير الفتن والضغينة والكراهية يجب اطلاق مبادرات خلاقة لتكريس المحبة والتسامح والتلاقي والاخوة الانسانية لكي نكون عائلة واحدة في دفاعنا عن القدس وفي دفاعنا عن فلسطين وفي دفاعنا عن كافة الشعوب المقهورة والمظلومة والمتألمة في عالمنا .
نتمنى ان تصل رسالتنا الى حيثما يجب ان تصل ونتمنى ان تكون هنالك قرارات حكيمة حول مسألة اجيا صوفيا منعا لاية تداعيات تؤجج الصراعات والخلافات والفتن في عالمنا .
نعيش في زمن عصيب ونعيش في مرحلة نحتاج فيها الى مزيد من اللحمة والاخوة والتعاضد في الدفاع عن حقوق الانسان وفي الدفاع عن قضايا العدالة في عالمنا وفي مقدمتها قضية شعبنا الفلسطيني ، ونرفض اي اجراءات هدفها تشتيتنا وحرف بوصلتنا وتحويلنا الى طوائف ومذاهب متناحرة فيما بينها لكي لا نكون موحدين في دفاعنا عن اعدل قضية عرفها التاريخ الانساني الحديث الا وهي قضية شعبنا الفلسطيني .
كما ان احداث اي تغييرات على طابع كاتدرائية اجيا صوفيا قد يعطي ذريعة للاحتلال ان يقوم بإجراءات في القدس لتبديل وتغيير طابعها والامعان في اسرلتها وتهويدها كما وتغيير الوضع القائم في عدد من مقدساتها واوقافها .
ان مسألة كاتدرائية اجيا صوفيا ليست مسألة عابرة او بسيطة بل هي مسألة خطيرة وتداعياتها ستكون سلبية وكارثية .
نتمنى من المسؤولين في تركيا ان يتحلوا بالحكمة قبل ان يتخذوا قرارهم حول مسألة اجيا صوفيا .
كفانا ما حل بنا حتى اليوم من خراب ودمار واستهداف واثارة للنعرات الطائفية والمذهبية وترويج لغرائز الكراهية والتطرف والعنف ، فلنعمل معا وسويا من اجل ثقافة التسامح وقبول الاخر بعيدا عن البغضاء والكراهية التي لا يستفيد منها الا اعداءنا الذين لا يريدون الخير لا للمسيحيين ولا للمسلمين وهدفهم تصفية القضية الفلسطينية وسرقة مدينة القدس بشكل كلي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى