المقالات

زمن التخاذل العربي في أسوأ أشكاله بقلم / عماد العيسى

آخر بدعة في  زمن الردة زمن الخريف العربي المزدهر بالقتل والتدمير, زمن التقسيم والاقتتال الداخلي , زمن  الفتن ما ظهر منها وما بطن،  زمن أصبح فيه الحليم حيرانا وهذا ما أبلغنا عنه النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم, زمن يُكذب الصادق ويُصدق الكاذب, زمن يصبح الدم العربي حلال, ودم الاعداء حرام, زمن يصبح فيه الليبي تائه  في صحاريه الواسعة, زمن أصبح فيه المصري يبحث في أعماق النيل عن الحرية, زمن أصبح اليمني ينادي أين اليمن السعيد, زمن أمسى وأصبح فيه السوري يقول أين أنا من كل ما يجري يا عرب, زمن يقول اللبناني اللهم أبعد عنا الفتن, وأبعد عنا أعداء هذا الوطن, زمن  يقول فيه الفلسطيني أين أنتم يا عرب، أين أنتم يا مسلمين، أين أنتم  يا ثوار وأحرار هذا العالم بكل أطيافه ؟
زمن يتبول الجندي الأمريكي على قتلى المسلمون إمعانا في الإذلال وتسلية لهم وهم في غربة عن بلادهم، زمن يتطاول فيه الرسامين على رسول الأمة عليه الصلاة والسلام تحت شعار حرية الرأي. زمن تتعرى فيه النساء العربية وتسب الذات الألهية تحت شعار حرية شخصية و حقوق المرأة.
زمن تخرج الشعوب منتفضة في وجه الأنظمة الديكتاتورية ورغم وعيها بالمخططات وبالعدو،  وبأنه من صنع تلك الأنظمة وسبب فساد حياتها، فتطرق أبواب عدوها الأول طالبة منه التدخل لتحريرها.
زمن صارت الشعوب العربية تنفذ مخططات سايكس بيكو بوعي منها او من غير وعي في تقسيم الأوطان العربيه ونشر الفوضى تحت مسميات الديمقراطيه والحريات.
زمن أعتبر المقاوم الذي يدافع عن شرفه وعرضه وأرضه إرهابي، والمحتل الفاسد القاتل يعتبر مستعمر أتى ليعمر البلاد.
زمن تقف فيها الأنظمة العربية والأحزاب ومنظمات المجتمع مثل الطالب النجيب ليجيب على أهم سؤال وهو، هل تعترف بإسرائيل؟؟ هل تنازلتم عن ما يسمى بفلسطين التاريخيه والقدس؟؟
والإجابة على هذا السؤال بنعم يعني صك الغفران والعفو والصلاحية للأعتراف بتلك الأنظمة والاحزاب وبسلوكهم السوي وبأنهم خاليين من أمراض الأرهاب وأمراض التطرف وقادرين على تقبل الآخر حتى وأن كان على حساب أرضه وتاريخه ودينه ومعتقداته وعرضه وشرفه وكرامته.
زمن أصبح فيه العراقي مهجر في أرضه, بعد أكثرٍ من مليون ونصف قتيل جراء الديمقراطية الامريكية, ولا يتحكم بما تبقى من ثروات بترولية.
زمن أصبح فيه السعودي مقيد بديون  تقدر بالآف الدولارات الموجودة في الأسواق الأمريكيةٍ تحت حجة الاستثمارات في الخارج , وهي تقدر ب( 3000 ) مليار دولار , ناهيك عن الفزاعة  الدائمةٍ من الخطر الشيعي الفارسي.
زمن   لا  يسستطيع الإماراتي إلا أنٍ يعقد صفقات الأسلحةٍ  بمليارات الدولارات مرغمآ, كي ترضى الأم الحنون أمريكاٍ .
زمن أصبحٍ فيه الباكستاني غير مؤتمن على حياته وعرضه وماله ودينه في أرضه ووطنه تحت حجة الإرهاب, وما ادراك ما الإرهابٍ ؟
زمن اصبح فيه الافغاني يترحم على ايام الاحتلال الروسي , لان ( وظلم ذو القربى  اشد مرارة من وقع الحسام المهند ) فكيف اذا كان قرضاي الامريكي يتحكم بهم .
زمن أصبحٍ فيه الفلسطيني يبحث عن وطن, في  وطن الزمن العربي الاذل, زمن  لا يستطيع التحرك من الخليل  الى الناصرة ومن  عكا  الى حيفا ومن  غزة الى الضفة وحتى غزة وأريحاٍ لم تسلم, ناهيك  عن القدس  المقسمة  قدس المسجد الأقصىٍ وكنيسة المهد والقيامة.    
هذا الزمن أيها السادة وصلنا فيه إلى أرذل العمر عندما يقوم العدو الصهيوني بقلب الحقائق كعادته وأصبح  يطالب بتعويض مالي منذ زمن النبي محمد عليه الصلاة والسلام وهذا ما سربته مصادر إعلامية مطلعة عن قانون مرتقب في الكيان الصهيوني لمطالبة السعودية بدفع تعويضات تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار عن أملاك مزعومة لليهود القدماء..!
ومما سرب في هذا الشأن أن إدارة الأملاك بوزارة الخارجية للعدو الإسرائيلي  تقوم حاليا بإعداد مشروع قانون سيطرح علي الكنيست في مارس المقبل يلزم الحكومة الإسرائيلية بمطالبة المملكة العربية السعودية بدفع تعويضات قيمتها تتجاوز 100 مليار دولار مقابل ما وصفته بأملاك اليهود في المملكة منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام.
كما يلزم القانون المرتقب الحكومة الإسرائيلية بمطالبة السلطات المصرية برد أملاك اليهود المصريين الذين تركوا المدن المصرية المختلفة بداية من عام 1948 تمهيدا لوضعها علي مائدة المفاوضات الدولية في حالة الضغط على إسرائيل بحق عودة اللاجئين الفلسطينين.
وينقسم مشروع القانون لعدة أقسام الأول: يطالب مصر وموريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان وسوريا والعراق ولبنان والأردن بتعويضات عن أملاك 850 ألف يهودي قيمتها 300 مليار دولار أمريكي مقسمة فيما بينهم طبقا للتعداد السكاني الأخير لليهود عام 1948. بينما القسم الثاني من القانون يتعلق بالأملاك المزعومة لليهود القدماء الواقعة حالياً ضمن حدود المملكة العربية السعودية.أما إيران فلها قسم خاص في إطار المشروع نفسه حيث تطالبها إسرائيل بدفع مائة مليار دولار وحدها تعويضا عن مئات القتلي والمفقودين من اليهود الإيرانيين داخل إيران دون علم مصيرهم حتي اليوم.
وكما خرج  مرشح للرئاسة الأمريكيه لينفي وجود فلسطين وبأنها مختلقة وظاهرة مخترعة، بتصريحه تم نفي وجود فلسطين بعد أن أعطاها بلفور لإسرائيل، وبعد احتلال العراق فإن كولن باول (وزير الخارجية الأمريكي) وعد هو الآخر وفداً يمثل المجلس اليهودي العالمي باتخاذ كل الإجراءات المناسبة للاستجابة لقلق المجلس اليهودي حول ما يرونه استبعاد اليهود من القانون الأساسي العراقي، الذي وقع عليه أعضاء مجلس الحكم ، ونقلت جريدة القدس العربي اللندنية عن صحيفة جويش كرونيكل اليهودية الصادرة في لندن قولها: إن وفداً من المجلس سافر لواشنطن، للقاء باول، حيث قدم له عدداً من التحفظات على القانون الأساسي الذي يميز ضد اليهود ويمنعهم من الحصول على الجنسية العراقية مرة ثانية، أو المطالبة بتعويضات عن الممتلكات السابقة، وقال باول للوفد: إنه واعٍ للتحفظات والمطالب اليهودية، ووعد بأن أمريكا لن تتسامح مع أي تمييز ضد اليهود، ووعد أيضاً أن يقوم المستشارون القانونيون التابعون لوزارة الخارجية بالنظر في القانون العراقي.
سيخرج غدا من ينفي بأن هناك وطنا عربيا  وله حضاراته وتاريخه، حيث مع إسرائيل وأمريكا والغرب وتطرفهم ومصالحهم وإمتلاكهم للسياسات والاقتصاد والإعلام والجيوش العربية وأنظمتها وأحزابها العربية  يستطيعون أن يزورا التاريخ متى شأووا ومتى أرادوا، فالأمم المتحدة والبنك الدولي والمحكمه الدولية وصندوق النقد ومجلس الأمن وحلف الناتو كلها أدوات صارت لينة طيعة في أيديهم يوجهونها متى شأوا وكيفما أرادوا
هل تعتقدون أيها السادة بعد هذا إننا في زمن العزة  والكرامة ؟ أم  في زمن الردة والهوان ؟
سؤال إذا وجهناه للثوار الجدد في الساحات بكل أطيافهم سيقولون بأننا في زمن العزة يكفي إننا تخلصنا من الأنظمة الديكتاتورية  التي  تناسوا بأنها صناعة الغرب وأمريكا وإسرائيل، لتأتي بدلا عنها من يقدم البلاد العربية على طبق من دهب ويبيع الأوطان لإمريكا وإسرائيل تحت مسمى آخر.
وإذا وجهناه للأحزاب المعارضة، سيكون الجواب هي إتفاقيات لا نستطيع المس بها ومصالح لابد أن نحافظ عليها من أجل أمن البلاد وكذلك هذه قضايا ليست لنا شأن فيها ومن له تعويض بأمر الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الدولية سيأخذها بالتأكيد. وطبيعي دائما من يأخذ حقه هو اسرائيل أماالعرب مجرد متفرجين ولاعبين في تسهيل استلام إسرائيل لحقوقها المزيفة تحت شعار السلام وتقبل الآخر وحوار الحضارات.
إسرائيل تطالب بتعويضات منذ زمن رسول الأمة عليه الصلاة والسلام، وفلسطين تطالب بعودة اللاجئيين، ولا نعلم متى ستطالب العرب بتعويضات عن مذبحة صبرا وشاتيلا وضحايا الرصاص المصبوب، وتعويضات للمعتقلين في جوانتنامو، وتعويضات عن قصف المفاعل النووية العراقية، وتعويضات عن احتلال العراق وتشريد شعبها وقائمه التعويضات العربية تطول أكثر من قائمة إسرائيل للتعويضات ولكن نحن في زمن التخاذل الذي بالتأكيد سيتم تقديم شيكات عربية لتعويض إسرائيل تحت مسميات أهمها السلام، لتتثبت الدول العربيه مدى حسن نيتها و كرمها وتسامحها مع الآخر، في الوقت الذي يصر الآخر على عدم التسامح  في حق من حقوقه رغم علمنا بأنه ليس لديه اي حق وكل حقوقه مزيفة.
متى ستطالب العرب بعدم التدخل في شئونها وتهديدها بملفات مزيفة تقدم على طاولة الأمم المتحدة ومجلس الأمن للضغط عليها وتنفيذ ما تمليه عليها ماما أمريكا من أجل إرضاء ربيبتها إسرائيل.
والسؤال الأكثر طرحا، هل ستستجيب السيادات العربية مثل السعودية ومصر وغيرها من الدول المزمع مطالبتها بالتعويضات الإسرائيلية، كالعادة وتتذوق ما اقترفته يداها من بيع الأوطان واحتلال العراق وتتثبيت إسرائيل في فلسطين. وتدعي تلك الدول أن قبولها بالتعويضات سيأتي من باب أنها كالعادة تسعى من أجل  السلام مع إسرائيل ولسواد عيون الفلسطينيين ومن أجل إثبات حسن النية العربية كعادتها للغرب وإن كان على حساب كرامتها وعزتها ودينها.
متى سيعي العالم العربي تصريحات الغرب وأمريكا وإسرائيل ومخططاتهم وبدلا من التصدي لها، يتم تمهيد الطريق لهم في تنفيذ تلك المخططات على أوطان العرب في زمن العهر الإعلامي والسياسي والاقتصادي العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى