المطران بو جودة تراس قداس عيد مار ميخائيل في طرابلس

ترأس القداس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، عاونه خادم الرعية المونسنيور بولس القطريب، والخوري جوزيف غبش، بحضور حشد من ابناء الرعية.
بعد الانجيل المقدس، القى المطران بو جوده عظة قال فيها: “يرد ذكر الملائكة، وبصورة خاصة رئيس الملائكة ميخائيل، مرات كثيرة في الكتاب المقدس، في عهديه القديم والجديد، فهو المحامي عن الشعب، وهو الذي ظهر لإبراهيم وتراءى ليشوع حين جاز نهر الأردن، ونصره على أريحا. وهو الذي سلم لوحي الوصايا إلى موسى ونصر داود على جوليات الجبار ونجاه من إضطهاد شاوول. وهو الذي رفع إيليا بمركبة من نار إلى السماء، وأظهر آيات عظيمة للشعب الإسرائيلي. أما في العهد الجديد فهو الذي يظهر معزيا المسيح في بستان الزيتون، ويتراءى للقائد كورنيليوس ويهديه إلى بطرس الرسول. وهو الذي ينجي بطرس من هيرودس ويظهر مرارا للقديس يوحنا الحبيب، كاشفا له أسرار الرؤيا. وهو الذي يذكره القديس يوحنا في سفر الرؤيا مدافعا عن المرأة – الكنيسة، ومنتصرا على التنين عدوها. أما الإنجيل فيتكلم مرات عديدة عن الملائكة ورسالتهم فيذكر بصورة خاصة الملاك جبرائيل الذي أرسله الله ليبشر زكريا بولادة يوحنا، والعذراء مريم بولادة يسوع المسيح”.
اضاف بو جوده: “قبل أن نتكلم مباشرة عن الملاك ميخائيل يجدر بنا أن نوضح من هم الملائكة ومن هو ميخائيل بصورة خاصة. فكلمة ملاك، وباليونانية Angelos، ليست إسم علم، بل إسم وظيفة. إنه روح مرسل من الله للقيام بمهمة معينة ومحددة. فهو ليس شخصا عاديا أو جسديا، بل هو روح حاضر للخدمة، مكلف برسالة إلى مدعوين للخلاص، أي بني البشر. وهذا ما يقوله كاتب الرسالة إلى العبرانيين في الفصل الأول الآيات 7 و14: “قال في الملائكة: جعل الله من ملائكته رياحا ومن خدمه لهيب نار. إنهم كلهم أرواح مسخرون يرسلون من أجل الذين يرثون الخلاص”.
ولفت الى ان “الحديث عن الملائكة في الكتاب المقدس فيه تشابه بين ما يقوله الدين اليهودي وبين ما تقوله الأديان الأخرى، وبصورة خاصة ما تقوله الميتولوجية الوثنية. لكنه يأخذ طابعا مميزا في الكتاب المقدس الذي يصف الرب الإله بأنه ملك تحيط به الأجواق السماوية والأرواح. ولكل جماعة وجوق وظيفة معينة، إنهم أبناء الله، السارافيم والكاروبين. فالساروفيم ينشدون مجده بإستمرار ويعلنون قداسته على الملأ ويقولون: قدوس قدوس قدوس، رب السماوات الذي إمتلأت الأرض من مجده، بينما الكاروبين يحيطون به وبعرشه ويجرون عربته الإلهية ويدافعون عنه ويحمونه من الآلهة الغريبة”.
وقال :”بما أن إسم الملائكة هو إسم وظيفي فإن رؤساء الملائكة الثلاث الذين يرد إسمهم في الكتاب المقدس هم الملاك جبرائيل وإسمه يعني قوة الله، وهو الذي بشر بولادة يوحنا ويسوع. والملاك روفائيل وإسمه يعني الله الشافي من الأمراض. والملاك ميخائيل الذي يعني إسمه من مثل الله. ويقول لنا التاريخ أن اللآهوتيين والمفكرين ودارسي كلمة الله حاولوا معرفة سر هذه الكائنات الروحية ولم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا فتجادلوا وتناقشوا وإختلفوا وأضاعوا وقتهم حين تساءلوا عن جنس الملائكة بينما كانت الجيوش العربية تحتل البلاد التي ما لبثت أن إحتلت الشرق العربي كله. إنه يتكلم عن إمرأة ملتحفة بالسحاب والقمر تحت قدميها وعلى رأسها إكليل من إثني عشر كوكبا، وهي حبلى تصرخ من ألم المخاض. كما يتكلم عن تنين عظيم له سبعة رؤوس وعشرة قرون، ذنبه يجر ثلث كواكب السماء، فألقاه في الأرض ووقف قبالة المرأة التي توشك أن تلد ليبتلع ولدها حين تضعه. ثم يتكلم عن معركة بين هذا التنين وميخائيل وملائكته الذين ينتصرون على التنين فينبذونه وينبذون ملائكته فيصرخ صوت جهير من السماء: اليوم تم النصر والقدرة والملك لإلهنا والسلطان لمسيحه. شبهت المرأة بالعذراء مريم، وهي في الواقع الكنيسة التي تلد، ببشارة الرسل أولادا جددا بالمعمودية”.
وتابع بو جوده: “أما التنين الحيوان الأسطوري، فهو الإمبراطورية الرومانية التي بدأت المضايقات والإضطهادات ضد الكنيسة كي تمنعها من الإنتصار ومن ولادة أبناء جدد لها بواسطة سر المعمودية والملاك ميخائيل الذي يعني إسمه “من مثل الله”، فيعني الرب بذاته الذي ينتصر على الشرير وقوته كي ينتصر عليه لأنه رمز الشر الذي يتعرض له الإنسان في حياته على الأرض. الموضوع إذن هو موضوع الصراع الدائم بين الخير والشر، وموضوع الجهاد الذي على كل مؤمن أن يقوم به ليحافظ على إيمانه بالرغم من كل المضايقات. وهو دعوة لكل واحد منا كي لا يستسلم لتجربة الشيطان بل ينتصر عليه كما إنتصر المسيح بالقيامة على الموت”.
وختم بو جوده عظته:” إننا بإحتفالنا اليوم بعيد الملاك ميخائيل نحتفل بالله الخالق والمخلص الذي هو روح أزلي، ويرسل إلينا روحه بين الفينة والأخرى، حسب الظروف التي نحن نمر فيها. يرسل إلينا جبرائيل ليبشرنا بالخبر المفرح، سر الخلاص. ويرسل إلينا روفائيل ليشفينا من أمراضنا، كما يرسل لنا ميخائيل المساوي له لأنه روحه والذي يساعدنا للتغلب على قوة الشر المسيطرة على العالم. والمسيح بذاته يصف قوة الشر هذه بأنها أركون هذا العالم ولا يستطيع أحد التغلب عليها، إلا بتدخل مباشر من الله وبقدرته العجيبة. فالتنين ذو الرؤوس السبعة والعشرة قرون هو رمز لأنواع الشر المسيطرة على عالمنا والتي تغريه بوسائلها الجذابة، كي تبعده عن الله، لكنها لن تستطيع ذلك إذا ما أبقينا علاقتنا بالله علاقة صحيحة، فنسمع كلامه ونعمل بمقتضاه. فلنرفع الصلاة اليوم إلى الرب، كي يحمينا دائما بروحه القدوس وبملائكته الذين يقول لنا التعليم المسيحي عنهم بأنهم ملائكتنا الحراس، وبصورة خاصة الملاك ميخائيل الذي بواسطته نستطيع قتل التنين والإنتصار النهائي على قوة الشر وطردها من العالم”.
Best Development Company in Lebanon
iPublish Development offers top-notch web development, social media marketing, and Instagram management services to grow your brand.
Explore iPublish Development