الأخبار العربية والدولية

الضربة الاميركية الاولى في عهد بايدن رسالة الى من؟

لماذا اذنت الولايات المتحدة بالتصوير الجوي لمنشآت ديمونا بالنقب؟
واسرائيل تعزز مفاعلها النووي وتتحسب من مخاطر محتملة

هل من علاقة بين الضربة الاميركية للبوكمال في سورية وبين التحضير لجولة محادثات ممكنة بين الولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية الايرانية بعد شهر من وصول بايدن الى البيت الابيض؟
ما اهداف هذه الضربة التي يمكن ان تكون لها تداعيات، والتي وصفتها الحكومة السورية بالعملية غير المبررة وتعارضها مع القانون الدولي؟
وهل يمكن ان يكون الرئيس بايدن استهل ولايته “القتالية” بمثل هذه الضربة التي لم تتوفر لها الادلة الدامغة، سيما وان ايران اعلنت ان لا علاقة لها بالطرف المعتدي عليه؟
وهل هذه الضربة هي رسالة الى ايران قبل التفاوض معها على الملف النووي؟
واذا كان بايدن يريد “بضربته هذه” ان يُرعب ايران فهو مخطئ لأن الايرانيين تحملوا “رذالات” ترامب وخاصة في الثلاث سنوات الماضية ورفضوا التحدث اليه قبل الرجوع الى ما قبل التوقيع على الاتفاق 5+1 النووي .
وهل يعتقد بايدن انه بمثل هذه الحشرجات يمكن ان يهز اعصاب الايرانيين؟
وهل ان الردود الايرانية المًسربة والمُتشددة حول تمسكها بشروطها حول الملف النووي استدعت مثل هذه الرسالة الاميركية؟
يوضح باحثون سياسيون ان رسالة الولايات المتحدة من بين اهدافها ما هو موجه الى الداخل العراقي والايراني وسورية حيث بدأ الجيش السوري عملية تمشيط في البادية السورية خلافاً لما تريده الولايات المتحدة.
ويلاحظ ان الموقف الروسي بدا واضحاً من تغيير لهجته ازاء الولايات المتحدة، اذ كانت بيانات وزارة الخارجية الروسية منذ شهر اكثر ديبلوماسية واختياراً للكلمات المطاطة، لكن هذا الموقف تغير اخيراً استنادا الى موقف لافروف الذي اعلن ان وجود القوات الاميركية في سورية غير شرعي وغير قانوني ونحن ننسق معهم لعدم التصادم لكن لا نعترف بوجودهم مؤكداً ان تبليغنا قبل اربع دقائق من القصف الاميركي الاخير يعتبر مهزلة وما هو الا محاولة لتحميلنا جزءاً من المسؤولية وهذا مرفوض تماماً .
واعتبر ناشطون روس ان هذه الضربة تؤكد وجود رئيس جديد وسياسة قديمة، وان صبر أئتلاف المقاومة ضد الارهاب الذي يشمل روسيا وايران والعراق والمقاومة وربما الصين، ما سيكون واضحاً للولايات المتحدة التي تدرك تماماً اهمية منظومة الدفاع الجوي لسورية، ويعرف ان هذا الدفاع الجوي قادر بالمعنى الكلي وهو ما جربه البريطاني والفرنسي والصهيوني.
ولكن هناك سؤال آخر بنكهة روسية:
هل ستكتفي سورية بالدفاع الجوي؟
على الارجح ان هذه الضربة لم تكن موفقة في توقيتها خاصة بعد الكشف عن التقرير الاميركي بشأن مقتل جمال الخاشقجي واتهام ولي العهد السعودي بقتله، ولما سيكون من تداعيات وخاصة تلك المتعلقة بجبهة اليمن المشتعلة، ومصير القوات الاميركية في العراق المضطرب، وبالتالي فهناك تردد اميركي بشأن العودة الى الاتفاق النووي ويعلم بايدن ان ترامب فشل في تركيع ايران عبر استخدام سياسة الضغوط القصري. ومن مظاهر هذا التردد، كلمته امام مؤتمر ميونيخ للامن حيث قال ان ادارته مستعدة للانخراط مجددا مع شركاء دوليين بشأن برنامج ايران النووي، ولكنه على ما يبدو يريد ان يحصل على شيء مما لم يحصل عليه ترامب من ايران.
مثل هذا الهدف لا يمكن تحقيقه حتى في ضوء عودة الحرارة في العلاقات الاميركية الاوروبية وايران لا تخشى هذا التقارب لان اوروبا لم تقف الى جانب ايران في عهد ترامب حتى تخشى من خسارة الجانب الاوروبي، فأوروبا كانت وما زالت تابعة لاميركا ولا تمتلك المقومات التي تجعل منها لاعباً دولياً مستقلاً، وهي اليوم الى جانب اميركا بايدن ولن تكون الى جانب ايران…ومنذ ساعات اعلنت ايران انها ليست مستعجلة لبدء التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي.
وما من وقت طويل لينهي بايدن حالة الضبابية بشأن عودة بلاده الى الاتفاق النووي وبشكل لا لبس فيه، قبل ان توقف ايران تنفيذ البروتوكول الاضافي وعمليات التفتيش، عندها سيعلم بايدن حجم الكلفة التي يجب ان يدفعها.
ولذلك نفذت اسرائيل في الفترة الاخيرة سلسلة من المناورات العسكرية القتالية على جهات لبنان وسورية وقطاع غزة كان هدفها اختبار التعامل مع هجمات صاروخية كثيفة قد تتعرض لها من دول محيطة وابعد منها، ولا تتحفظ عن نيتها بشنّ هجمات على المواقع النووية في ايران وهي تعتبر ان مسألة امتلاك ايران لسلاح نووي هي بالنسبة لها حياة او موت حتى ولو لم تتلقَ الضوء الاخضر من الولايات المتحدة، وهي مطمئنة في هذه الحالة الى قوة تأثير اللوبي الصهيوني على القرار الاميركي، وهي تعي خطورة شن هجمات على ايران ولكن لا خيار لها اذا كان لا بد من ذلك ويبقى الخيار الاخير بعد ان تنفذ بقية الاختيارات العسكرية كشن هجمات على اهداف في سورية ولبنان والعراق.
وكان اللافت قبل يومين ان تنشر “معاريف الاسرائيلية” تصريحا للمرشد الاعلى الايراني يؤكد استعداد ايران لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% في حال الحاجة اليه ولن نأبه لمناورات المهرج الصهيوني ومثل هذا التصريح لم يظهر في وسيلة اعلام اخرى.
ويحرص اعلام العدو على نشر قرار البرلمان الايراني الذي يطلب من الحكومة زيادة مستوى التخصيب الى 20% وهو ما بدأ تطبيقه في مطلع كانون الثاني، فيما يشهد المفاعل النووي الاسرتئيلي في ديمونا اعمال بناء مكثفة وتطوير هو الاوسع منذ عقود في صحراء النقب وفقاً لصور الاقمار الصناعية التي اوردتها صحيفة اسوشيتد برس.
واشارت الوكالة ان الصور تُظهر حفرة بحجم ملعب كرة قدم يقوم في وسطها بناء مكون من عدة طبقات ويقع على بعد امتار من مفاعل نووي قديم. وتُعد هذه المنشأة اكبر مشروع انشائي نووي لاسرائيل وهي موطن لمختبرات تحت الارض عمرها عقود من الزمن، وتعمل على معالجة قضبان المفاعل المستهلكة للحصول على البلوتونيون المستخدم في صنع الاسلحة لبرنامج القنبلة النووية الاسرائيلي، وان سبب هذا البناء لا يزال غير واضح، وام ترد حكومة الاحتلال على الاسئلة الموجهة من اسوشيتد برس حول نوعية الاعمال المبرمجة داخل هذه المنشأة.
ويأتي الكشف عن هذا البناء في وقت توجه فيه اسرائيل بقيادة نتنياهو انتقادات لاذعة الى برنامج ايران النووي الذي مازال تحت رقابة مفتشي الامم المتحدة على عكس البرنامج الاسرائيلي الامر الذي دفع العديد من الاصوات في العالم الى مطالبة اسرائيل بالكشف عن تفاصيل برنامجها .
من جهته المدير التنفيذي لرابطة من الاسلحة في واشنطن دعا “الحكومة الاسرائيلية” الى الكشف عما تفعله في هذه المنشأة السرية للاسلحة النووية.
وفي ظل سياسة الغموض النووي التي تنتهجها دولة الاحتلال فهي لا تؤكد ولا تنفي امتلاك اسلحة ذرية، ولم تنضم الى معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية وهي اتفاقية دولية تاريخية تهدف الى وقف انتشار الاسلحة النووية.
وبدات “اسرائيل” بناء الموقع النووي سرا اواخر الخمسينات من القرن الماضي بمساعدة سرية من الحكومة الفرنسية في صحراء خالية بالقرب من ديمونا على بعد 90 كيلو مترا جنوب القدس المحتلة.
وفي صيغة اعلان، اضيفت معلومة استخبارية تقول ان “اسرائيل” اخفت الغرض العسكري للموقع النووي لسنوات عن الولايات المتحدة الاميركية الحليف الرئيسي لها بالامس واليوم، حتى انها اشارت اليه على انه مصنع نسيج!!
ولا نعتقد ان الولايات المتحدة لم تكن على علم بهذه المنشاة في الوقت الذي دعا فيه ديزموند توتو الحائز على جائزة نوبل للسلام ادارة الرئيس جو بايدن لعدم التستر على سلاح اسرائيل النووي والتوقف عن ضخ الاموال الضخمة اليها.
ولم يكن صدفة ان لا تنكشف معالم البناء الاسرائيلي الآخذ بالتوسع في مفاعل “ديمونا” النووي الذي تنسج حوله الحكايات، في الوقت الذي لم تستطع فيه اي وكالة انباء رغم نفوذها الاقتراب منه او تصويره طيلة السنوات الماضية الا باذن اسرائيل التي تفرض رقابة مشددة جوياً وارضياً حول منطقة “ديمونا” في صحراء النقب.
وعلى مدى الثلاث ايام الماضية نشرت الوكالة الاميركية صورا اثارت ضجة حول العالم وجدلاً واسعاُ في اسرائيل تناقلتها وسائل الاعلام الاسرائيلية العبرية دون زيادة او نقصان ولو بحرف واحد، ولن يجروء على الحديث في مثل هذا الشأن سرا او علانية ومازال العالم الاسرائيلي مردخاي فعنونو سجينا منذ عشرين عاما وهو الذي كشف بعض هذه الاسرار.
ويقول داريل جي كيمبال المدير التنفيذي لرابطة الحد من الاسلحة ومقرها واشنطن ان ما تفعله الحكومة الاسرائيلية في هذه المنشاة السرية للاسلحة النووية هو امر يجب على حكومة اسرائيل الكشف عنه.
وفي ذات الوقت قالت صحيفة “هارتس” العبرية ان الحكومة الاسرائيلية تسعى لتأمين المفاعل النووي واطالة عمره الافتراضي الى اربعين عاما اضافية.
ويقول محللون لوكالة اسوتيد برس ان المخاوف المتعلقة بالسلامة قد تؤدي الى وقف السلطات لعمل المفاعل او تعديله .
وكشف موقع “يتب ديبكا” الاسنخباراتي الاسرائيلي ان الادارة الاميركية تبدو معنية في اثارة موضوع “ديمونا” وهذا ما يبدو واضحا من خلال تسليط الضوء على مفاعل “ديمونا” والبرنامج النووي لتل ابيب في وسائل الاعلام الاميركية، مشيرا الى ان وكالة الانباء الاميركية نشرت تقريراً طالب من خلاله ادارة بايدن انهاء “النفاق الاميركي” تجاه البرنامج النووي الاسرائيلي وان على الادارة الاميركية الجديدة انهاء سياسة الكيل بمكيالين بعدما حرص زعماء اميركا السابقن قبل بايدن على عدم التطرق الى هذا الملف رغم سعيهم وتبنيهم سياسة خطر الانتشار النووي.
وهل ان وتيرة تناول الملف النووي الاسرائيلي في رسائل الاعلام الاميركية، وهي وسائل مقربة من الادارة الجديدة تزداد يوماً بعد يوم وآخرها نشر صور لتوسعة المفاعل النووي في ديمونا.
ومن الصعب بطبيعة الحال ان يدا واحدة تقف خلف هذه التسريبات.
وهل تسعى ادارة بايدن فعلا الى الاستجابة الى التوجهات التي تطالبها بإزالة الغطاء الاميركي عن البرنامج النووي الاسرائيلي، في خطوة تهدف الى الجام اسرائيل وترويضها في ظل الجهود الرامية الى استئناف المفاوضات مع ايران للعودة الى الاتفاق النووي؟
وهل تسعى ادارة بايدن لتهيئة الارض لمفاوضات تهدف الى اخلاء الشرق الاوسط من السلاح النووي بشكل عام؟
الاجابات عن هذه الاسئلة لا بد ان تظهر خلال الاسابيع وربما الايام المقبلة.

عمر عبد القادر غندور
رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى