المقالات

أدب الحوار بقلم:نفين البكري

في ظل الانفلات الأخلاقي الذي وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا
والتطاول والمشاحنات في أثناء المناقشات حول الأوضاع القائمة,‏ في محيط
العمل والأسرة وبعض وسائل الإعلام بما أن أدب الحوار فضيلة غائبة‏,‏ وان
هناك آدابا يجب اتباعها عند نقد الآخرين‏.‏

والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قدما المثل الأعلي والتطبيق
العملي لأدب الحوار والنقد البناء في التنمية البشرية. النقد يعني النظر
في كلام الآخرين وأقوالهم أو أفعالهم وتمييز الصحيح منه من غيره بحسب نظر
الناقد وأغلب الناس تفعل ذلك النقد بهذا الشكل والمعني, ولكن إذا كان
المرء سينقد ويتاح لنقده أن ينشره علي الناس بأي وسيلة من وسائل النشر
المقروءة أو المسموعة أو المرئية فإن ذلك يتطلب أن يكون الناقد إنسانا
يملك عقلا وتفكيرا ومقدارا من العلم يخوله أن يمارس هذا الحق, ولا يكفي
الاقتصار علي إخراج المعيب وإبراز السوء والنقص في هذا القول أو هذا
الفعل فهذا ما يسمي بالنظرية النقدية العوراء.
للنقد شروطا, أولا: أن يكون نقدا بناء بمعني أن نقد الرأي أو القول
الخاطئ أو الفعل الفاسد لابد أن يعقبه الرأي الصحيح والبديل العملي
النافع لما يراه الناقد ضارا أو فاسدا, وهذا هو المنهج الرباني في النقد
فقد انتقد الله تعالي في كثير من آيات الكتاب العزيز أقواما في عقائدهم
وسلوكياتهم وبين زيف ما يعتقدون وما يعملون ودعاهم إلي النظر والتفكر
فيما هو الحق واتباعه بعقل وروية ودراية.
ثانيا: أن يكون الناقد عارفا وخبيرا في موضوع النقد وإلا كان يمشي علي
غير هدي, فيقع في كثير من المحاذير فمثلا الذي ينتقد فتوي عالم شرعي لابد
أن يكون من علماء الشريعة والذي ينقد قرارا سياسيا لابد أن يكون خبيرا
بالسياسة وأمور الدولة.
ثالثا: عدم التجريح في النقد والرد إذا كان صاحب الكلام المنقود من أهل
العلم أو المنزلة القيادية في المجتمع, فإن ذلك في كثير من الأحيان حط
للكرامات وتسخيف لصاحب الرأي بما لا يليق بالناقد والمنقود.
رابعا: البعد عن التعصب الممقوت للرأي والهوي والانتماءات والولاءات
المختلفة فكلما كان النقد بلا إفراط ولا تجاوز كان أقرب إلي العدل
والإنصاف, وبالتالي أقرب إلي التقوي.
خامسا: أن يكون النقد لعمل للناس فيه شأن وله تأثير عليهم سواء من
الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية أو التربوية أو التعليمية
أو المادية أو السياسية.
نقد الغير في صفاته الخلقية والخلقية, لا يجوز لأنه إما يستلزم الغيبة أو
البهتان, وكلاهما من الذنوب الكبيرة التي نهت عنها الشريعة الإسلامية,
أما النقد الذي يتجاوز إلي حد السخرية والاستهزاء بالآخرين, فهذا منهي
عنه شرعا لأن فيه من الاستحقار والاستهانة والتنبيه علي العيوب والنقائص
علي وجه يضحك منه الناس, ويكون ذلك بالمحاكاة بالقول أو الفعل أو الإشارة
أو الإيماء, وهو من الكبائر لقوله تعالي يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم
من قوم عسي أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسي أن يكن خيرا منهن
ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان
ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى