ثقافة

اللغة العبرية من التخصصات التي تلقي الضوء على الفكر المغلوط
والمنحرف، وما لم يكن صادقا

الدكتورة نورهان محمود حسن الدويني بقسم اللغة العبرية بكلية الدراسات
الإنسانية جامعة الأزهر – فرع البنات

الطلاق ناقوس خطر؛ يهدد البيوت والمجتمعات،

ضرورة تربية النشئ على الوسطية وغرس روح الانتماء لديهم

ضبط وتقنين الحديث في الشأن الديني عبر وسائل الإعلام

حوار: إبراهيم عمران

أكدت الدكتورة نورهان محمود حسن الدويني بكلية الدراسات الإنسانية
على الطلاب في كافة التخصصات التسلح بالقدر الكافي من المعلومات الدينية للرد على المرجفين و دحض المزاعم الكاذبة التي تسعى إلى النيل من الدين الإسلامي أو إظهاره بمظهر الدين العنيف الداعي إلى الإرهاب وسفك الدماء وتوضيح إلي أن الدين الإسلامي دين وسطي يحترم كل الديانات

ما الذي يقدمه تخصصك بالجامعة والطلاب

تخصص اللغة العبرية من أهم التخصصات لأنه يلقي الضوء على الفكر المغلوط والمنحرف، ومالم يكن صادقا من أعمال المفكرين الصهاينة والتوثيقات والإضافات والتحريفات ونقد التاريخ الإسلامي نفسه واللعب بالتاريخ العربي وبسيرة المنطقة العربية، والعبث الصهيوني بالتاريخ الفلسطيني
لإثبات يهودية الأرض الفلسطينية وربطها بتاريخ اليهود، وتحريف الأخبار
وتشويه صورة المسلمين والعرب في المجتمعات الأوروبية من خلال استغلال
سلوكيات بعض المسلمين مستخدمي وسائل الاتصال الحديثة وغيرها التي أصبحت
وسيلة سهلة لزرع الفتنة والكراهية

ماذا عن ضوابط استقاء المعلومة والثقافة الدينية من وسائل التواصل الاجتماعي

يجب التقليل من وسائل التواصل هذه
بتقوية اليقين في قلوب شبابنا بأنها ليست مصدرا موثوقا للمعلومة فما زالت حتى يومنا هذا أمهات الكتب هي المصدر الأساسي الموثوق، وعلى البارعين من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والغيورين على دينهم أن يبدأوا بتصويب ما هو مغلوط ويقوموا بالبحث عن وسائل لتوثيق المعلومات خصوصا عبر شبكات الإنترنت وزيادة القاعدة المعلوماتية العربية من أهل الاختصاص، خاصة وأن خط المواجهة المتقدم في العصر الحديث هو شبكة الانترنت، وجنوده هم الشباب، حمى الله شبابنا وبناتنا جيل المستقبل المشرق وحمى أوطاننا. ولا بد لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أن لا يعول على أمر كما يعول على الرقابة الإلهية في جميع أحواله وتصرفاته وسلوكياته، وأن يلتزم بالضوابط الشرعية لاستخدام وسائل الإعلام الجديد، وضرورة التثبت من صحة مصدر المعلومة قبل الإسراع في نشرها، في مواقع مليئة بالمعلومات والأخبار التي لا يعرف دقة مصدرها، والتحقق من دقة الآيات القرآنية، ومقبولية صحة الأحاديث النبوية سندا ومتنا، والتوثق من العبارات المنسوبة للعلماء قبل إعادة نشرها، وقد تسرب إلى وعي الفرد المسلم سواء كان طفلا، شابا أو شيخا، رجلا أو امرأة عدة مؤثرات في بعض
الوسائل التكنولوجية التي أساء البعض استعمالها عن جهل أو عمد لتغييب
الوعي الإسلامي. حيث اندس بعض الدخلاء الذين ارتدوا عباءة الدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لبث نوع من التجهيل المتعمد ودفع الشباب إلى التطرف المقيت الذي هو أبعد ما يكون عن روح الدين الإسلامي الوسطي. ليعكس ذلك التجهيل من خلال إبراز نقاط خلاف بين الفقهاء في أمور
هامشية لا تمس بالعقيدة، ثم محاولة كسب ثقة متابعيه ليصل في مرحلة لاحقة
إلى محاولة نسف أسس العقيدة الإسلامية وتشكيك المسلمين بمختلف شرائحهم في
دينهم. انجرف البعض من ضعاف الإيمان والنفوس وراء أولئك المغرضين
وانصرفوا عن دينهم وأعلن المرجفين على إبعاد البقية الباقية من المسلمين عن صحيح الدين لتفكيك المجتمع الإسلامي. وقد يتسرب إلى البعض الشعور بالإحباط واليأس من الإصلاح، أو قد يرى البعض أننا نرسم صورة
قاتمة لأوضاع المسلمين يصعب التغلب عليها أو تغييرها، فكان لا بد من التنبيه والدعوة إلى الإصلاح .

وما دور المؤسسات الدينية في ذلك؟

يجب تصدي أهل التخصص المخلصين لتلك المحاولات البائسة ليعلموا الناس صحيح الدين على كافة الأصعدة والمستويات. كما ينبغي العودة إلى تدريس الدين في المدارس، والمساجد ودور العبادة والعمل على توعية الشباب وتخصيص وقت كاف على خرائط المحطات الإذاعية والتليفزيونية، لتربية النشء الإسلامي على صحيح الدين ونزع ما علق بذهنه من أفكار لم ولن تمثل المرآة الصادقة الأمينة التي بعث الله تعالى بها نبيه الكريم لينير الدنيا ويكون للناس إماما وهاديا. وفي هذا السياق تأتي أهمية علماء الأزهر الشريف باختلاف تخصصاتهم سواء كانت فقها أو شريعة أو تاريخ إسلامي أو غيرها. كما تبرز في المقابل أهمية أقسام اللغات بمختلف
الكليات التابعة لجامعة الأزهر لا سيِّما قسم اللغة العبرية في نقل صحيح الدين إلى العالم وتصويب المفاهيم الخاطئة التي روجها بعض المنافقين عن هذا الدين .

ما الذي يتسلح به طلاب اللغات بجامعة الازهر؟

ينبغي أن يتسلح طلاب اللغات بجامعة الأزهر بالقدر الكافي من المعلومات الدينية للرد على المرجفين ودحض المزاعم الكاذبة التي تسعى إلى النيل من الدين الإسلامي أو إظهاره بمظهر الدين العنيف الداعي إلى الإرهاب وسفك
الدماء.

كيف تري دور الإعلام في ذلك؟

يجب ضبط وتقنين الحديث في الشأن الديني عبر وسائل الإعلام، وأن يكون الحديث فقط للمتخصصين المشهود لهم بالنزاهة والصدق والأمانة المصرح لهم من قبل المؤسسات الدينية وممثلي الأزهر الشريف بالإضافة إلى ممثلي الهيئتين الوطنيتين للإعلام والصحافة، وذلك لوضع ضوابط وآليات ومعايير
منظمة في هذا الشأن ومنع حدوث فوضى ولعدم إثارة الفتن والبلبلة في المجتمع. والتحرك الحكومي المصري بشكل قانوني وبرلماني رادع ضد الإعلاميين المنافقين والفاسدين المشتبه بهم.

وقد أخبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأن الأمة قد تختبر وتبتلى بمن
يدعي العلم وليس له حظ منه إلا حفظ النصوص دون فهم معانيها أو العمل بها يقول النبي صلى الله عليه وسلم واصفا الخوارج:
“إِنَّ مِنْ ضِئْضِيءِ هذا قومًا يقرأونَ القرآنَ ، لا يُجاوِزُ حناجِرَهم ، يقتُلُونَ أَهْلَ الإسلامِ ، ويدَعونَ أهْلَ الأوثانِ ، يَمْرُقونَ مِنَ الإسلامِ كمَا يَمْرُقُ السهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، لئنْ أدركتُهم لأقتُلَنَّهم قتْلَ عادٍ” أي: لاستأصلنهم بحيثُلا أُبقِي منهم أحدًا كما استُؤصِلَت عادٌ، وعادٌ همْ قَومُ نَبيِّ اللهِ هُودٍ عليه السَّلامُ، والذي جاء ذِكرُهم في قَولِ اللهِ تعالَى:
{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ
وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ
الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا
يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت: 15، 16]،
وقال عنهم: {وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 72]، {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف: 25].

كيف تري الضوابط الإعلامية في ذلك ؟

ضرورة الالتزام الكامل بقواعد التغطية الإعلامية النزيهة، فلن يكون هناك دفاع عن الدولة المصرية والأوطان دون إعلام حر ونزيه، والبعد الكامل عن كل صور الإساءة والافتعال الغير أخلاقي، وتطبيق الضوابط المهنية والمعايير الأخلاقية التي تحفظ رسالتها، وعدم استخدام الوسائل والأساليب
التي تسيء للمجتمع من قبل وسائل الإعلام، وعدم افتعال المشاكل والتراشق اللفظي، أو استخدام أساليب التهديد أو التخويف أو التحريض أو اللجوء إلى الاستفزاز تجاه الأفراد أو الجماعات وبث الفتن بين أطراف المجتمع الديني.
ومن المعلوم أن الانفلات الأخلاقي بات ظاهرة خطيرة تؤثر بالسلب على تعاملات البشر وتهدم حضارات وثقافات وعادات ويهدد أمن وتماسك المجتمع؛ فكان لابد من المؤسسات الدينية والتعليمية والشبابية، أن تقوم بدورها في توعية الشباب ومواجهة تلك الظواهر السلبية بالتحلي بالأخلاق الحسنة والقيم النبيلة التي دعا إليها الرسول، صلى الله عليه وسلم والتمسك بها والتعامل مع الآخرين بالرفق واللين والسماحة والعفو، وإعلاء قيمة الدين والعلم والعمل والإنتاج.

انتشرت ظاهرة الطلاق في البلاد العربية والإسلامية فما سببها وكيف نوجهها؟

يكون الطلاق واجبا اذا استحالت العشرة بين الطرفين أو إذا كان الزواج يهدد حياة الأسرة مع كثرة المشاكل والخلافات، وإذا خاف الطرفان على نفسهما أن لا يقيما حدود الله .
وللطلاق أسباب كثيرة وعديدة، قد ترجع إلى أسباب خلقية واجتماعية واقتصادية، وقد تكون هذه الأسباب من الرجل وحده، أو من المرأة وحدها، أو منهما معا، أو من البيئة المحيطة والمؤثرات الخارجية، وهذه ظاهرة خطيرة جدا تجعلنا ندق ناقوس الخطر؛ حيث أنها تهدد البيوت والمجتمعات، وتحتاج
بالفعل إلى تضافر الجهود وصدق النيات لمواجهة تصدع الأسر وتفكك المجتمعات.
وجاء في فتاوى ابن تيمية أن الأصل في الطلاق الحظر، وإنما أبيح منه قدر الحاجة، “فكانت الإباحة للضرورة، وعلى قدر الحاجة، فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق). ومن
أسباب الطلاق أيضا في هذا العصر غياب الدين وعدم التفاهم بالمودة والرحمة
وافتقاد الحوار والتواصل الروحي والفكري بين الطرفين ، بالإضافة إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يهدد كيان الأسرة؛ حيث شغلت كل أفراد الأسرة عن التواصل
مع الآخر. ويمكن الحد من انتشار ظاهرة الطلاق بمراعاة حسن الاختيار للزوج
والزوجة، حتى تدوم العشرة بين الزوجين. وينبغي التغاضي والتغافل عن الأخطاء والزلات اليسيرة، ومراعاة ظروف الآخر، والصبر عليها، وعلى الدول العربية والإسلامية جعل ظاهرة انتشار الطلاق مشروعا قوميا للحفاظ على بيئة المجتمع وتماسك أفراده، وإنشاء مراكز إرشادية لتأهيل المقبلين على
الزواج على تحمل المسئولية، وكيفية حل المشاكل الزوجية.

كيف نواجه الإسلاموفوبيا ؟

هناك عدة طرق لمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وتوضيح صورة الإسلام الصحيح على مستوى العالم، منها السماح لعلماء الأزهر المتخصصين والمخلصين للظهور
في القنوات العالمية لمخاطبة الغرب،
وعدم المشاركة في المحافل الدولية الغربية لإن الأصل في العالم الغربي هو هدم الإسلام أو أن يكون الإسلام وفق أهوائهم ويكون بعيد كل البعد عن روح الإسلام الحقيقي .والعمل على إظهار الصورة الحقيقية للإسلام. وهناك ضرورة ماسة لتوجيه الخطاب الإسلامي بعدة لغات عالمية كي يصل إلى أكبر عدد من الدول، وذلك لضمان وصول الصورة الصحيحة للإسلام إلى الغرب، والتصدي للتيارات المتشددة التي تصور الإسلام على أنه يدعو للإرهاب، بالإضافة إلى ضرورة توجيه الخطابات الدينية من الأزهر إلى المنابر الإعلامية لتوصيل صورة السلام والتسامح عن الدين الإسلامي.

ما دور الكلية في نشر الوعي والثقافة الدينية؟

للكلية دور رائد في تنمية المجتمعات في مختلف المجالات والنواحي، ومن أبرز هذه المجالات التنمية الدينية والثقافية وتحصين الأمة من الغزو الثقافي والفكري الخارجي. والتعرف على جوانب العظمة في هذا الدين وذلك من خلال غرس مبادئ وأسس الثقافة الإسلامية لطالباتها وللأجيال المتعاقبة،
للحفاظ على الدين والنفس والمال والعرض والولد ليكونوا دعاة لها وتوعية المجتمعات بأهمية التزامها وتمسكها بثقافتها الإسلامية الأصيلة البعيدة عن الغلو والانحراف، وإشاعة ثقافة الحب و التعايش والتراحم واحترام حياة وحقوق الآخرين، والتعاون بين الناس لاستعادة منظومة القيم والأخلاق بما
ينسجم مع العقيدة الإسلامية النقية التي تسعى إلى بناء الأفراد والمجتمعات بناء قويا نقيا، تحقق للأمة عزتها وقوتها، ونبذ الكراهية
والعنف والغلو في الدين. ويتحقق ذلك من خلال التخصصات العلمية المختلفة
بالكلية والتي تعني بنظم الإسلام ومبادئه. وذلك من خلال الظهور في
القنوات الفضائية والمؤتمرات الدينية والندوات العلمية المستمرة التي
تبرز دور الإسلام الريادي في توجيه الأفراد والمجتمعات، وبناء الإنسان ليكون عنصرا صالحا في مجتمعه وأمته، انطلاقا من المنهج الوسطي الذي جاء به الإسلام دون إفراط أو تفريط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى