الأخبار اللبنانية

الاستشارات النيابية في بعبدا عون كلف ميقاتي بالتشكيل بأغلبية 72 نائبا بري: العبرة في التأليف الرئيس المكلف: مطمئن لضمانات من الخارج

وطنية – أنهى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الاستشارات النيابية الملزمة الذي كان بدأه عند العاشرة والنصف من قبل ظهر اليوم، في قصر بعبدا، وانتهى عند الخامسة الا ربعا عصرا، وأفضى الى تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة العتيدة بأغلبية 72 صوتا، وحصول السفير نواف سلام على صوت واحد، وامتناع 42 نائبا عن التسمية، وغياب ثلاثة نواب.

وقد أبلغ الرئيس عون رئيس مجلس النواب نبيه بري حصيلة الاستشارات، وتم استدعاء الرئيس ميقاتي الى القصر الجمهوري عند الخامسة لتكليفه.

من جهته، اعتبر الرئيس بري بعد تبلغه نتيجة الاستشارات النيابية، ان “العبرة في التأليف”.

اما الرئيس المكلف، فشدد على علمه بأن “الخطوة صعبة ولكنني مطمئن، ومنذ فترة وانا ادرس الموضوع، ولو لم تكن لدي الضمانات الخارجية المطلوبة، وقناعة أنه حان الوقت ليكون احد في طليعة العاملين على الحد من النار، لما كنت اقدمت على ذلك”.

وأوضح انه “متأكد انه بالتعاون مع فخامة الرئيس، سنتمكن من تشكيل الحكومة المطلوبة، ومن اولى مهماتها تنفيذ المبادرة الفرنسية والتي هي لمصلحة لبنان والاقتصاد اللبناني وانهاضه”. وقال انه اخذ على عاتقه “عدم الرد عما يحكى في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وان خير الكلام ما قل ودل”.

“الجمهورية القوية”
وكان شريط الاستشارات النيابية في فترة بعد الظهر، بدأ عند الثالثة بلقاء الرئيس عون نواب كتلة “الجمهورية القوية” الذين تحدث باسمهم النائب جورج عدوان فقال: “سأعيد امامكم الكلام الحرفي الذي قلته لفخامة الرئيس. نحن كتكتل الجمهورية القوية لن نسمي أحدا ليتكلف بتأليف الحكومة، لأننا نعتبر بأنه يجب ان نكون صادقين مع الناس ومع انفسنا. بوجود هذه الأكثرية الحاكمة والمتحكمة، لن نتمكن من القيام بأي عمل للوطن وللناس. هذه الأكثرية أتتها فرصة بعد 17 تشرين ان تغير ممارستها وتصرفها، فلم تغير لا بممارستها ولا بتصرفها ولا بعقليتها، من حكومة الرئيس دياب الى تكليف مصطفى اديب الى تكليف الرئيس الحريري. لم يتغير أي امر، فالناس بمكان وهم بمكان آخر، ويختلفون على المحاصصة وعلى ماذا سيكون لهم، فيما هم متناسون لكافة هموم الناس”.

أضاف: “نحن كتكتل الجمهورية القوية لن نغطي بأي شكل من الاشكال هذه المنظومة وهذه الأكثرية، وسنسعى كل يوم لأن نريح الناس منها بأسرع وقت ممكن. من هنا، عندما نطالب بانتخابات مبكرة، البعض يقول ربما لأنكم تريدون الحصول على نواب أكثر. هذا ليس صحيحا، ولكن لكي يتحمل الناس مسؤولية التغيير، فلا يمكن للناس بعد كل الذي مروا به من تعتير وذل الا يتحملوا مسؤولية التخلص من هذه الأكثرية. نحن من الناس ومع الناس، ولن نغطي أحدا، لذلك نحن لن نكلف أحدا ولن نشترك في هذه الحكومة، وسنبقى في المعارضة ساعين كل يوم للتمكن من تقريب موعد الانتخابات، وليعد الناس تكوين السلطة والتخلص من هذه الأكثرية، لأنه بوجود هذه الأكثرية لا امل يرجى لا للوطن ولا للناس”.

وردا على سؤال، قال: “ان النائب سيزار معلوف اعطانا تفويضا سلمناه الى فخامة الرئيس، فهو مسافر وطلب ان يكون موقفه مثل موقفنا وقد ابلغناه الى فخامة الرئيس، وهو طلب احتساب صوته ضمن أصوات التكتل”.

وقال ردا على سؤال آخر: “أيا كان من يمكن ان نسميه، فالمشكلة ليست بتسمية او تكليف رئيس حكومة بل بالمنظومة التي ستتحكم بالتأليف وبرئيس الحكومة، فأيا كان الذي يمكن ان نسميه، في ظل هذه الأكثرية وهذه المنظومة لن يتغير شيء. هم انفسهم، وممارساتهم هي نفسها، وعقليتهم وتصرفاتهم نفسها”.

وسئل: لكنكم كنتم مع هذه الأكثرية في حكومة واحدة؟ فأجاب: “نعم عندما كنا نأمل من هذه الأكثرية، لكننا رأينا ممارساتهم داخل الحكومة وخارجها، وهمنا ان ننتهي منهم ونخلص الناس منهم”.

دمرجيان
ثم استقبل الرئيس عون النائب إدي دمرجيان الذي قال: “سميت دولة الرئيس نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة، واتمنى له التوفيق والنجاح في مهمته للوصول بالبلد الى شاطىء الامان. فالدستور والقانون كفيلان بحماية لبنان”.

أسامة سعد
وبعدها، التقى الرئيس عون النائب أسامة سعد الذي صرح: “كل مراكز القرار في الدولة تتحمل مسؤولية الأوضاع الكارثية التي وصل اليها لبنان. هذا ما قلته لرئيس الجمهورية. اليوم تكليف آخر بعد فشل آخر اطبق على خناق اللبنانيين تسعة اشهر. اليوم رقعة مهترئة أخرى على ثوب الطبقة السياسية المهترىء. محاولة جديدة للمنظومة الحاكمة لاعادة انتاج نفسها. لا جديد ولا آمال معلقة. ما اراه فواجع وجحيم، جوع وجنون أسعار، أطفال على بطون خاوية، لا دواء، لا محروقات، طوابير ذل وأسواق سوداء وتهريب، كهرباء استراحت في ظلمات الـ50 مليارا المنهوبة. لم تأت الفواجع من وراء البحار، هي من صنع سياسات منظومة السلطة وخياراتها وفسادها، مع ذلك لم نسمع منها اعتذارا لا نريده أصلا، ولم نسمع منها اعترافا بالمسؤولية. استهتار بأنين الناس وانكار للمسؤولية وشغف بالسلطة لا حدود له. هي منظومة لرجال سلطة وتسلط وليس لرجال دولة. من كانوا كذلك، وجب اقصاؤهم عن الحياة العامة وليس تسليمهم رقاب الناس ومصير البلاد. كما وجب على القانون ادخال اللصوص والفاسدين المجرمين الى السجون وليس تركهم يسرحون ويمرحون”.

أضاف: “لبنان على شفير الفوضى الشاملة، المنظومة إياها تقول انا او الفوضى، لكن جواب اللبنانيين واضح: لا للفوضى ولا للمنظومة. ما يريده اللبنانيون حياة كريمة وعدالة واستقرار وامان. لا ثقة بهم وان حكموا. عهدي النيابي وعهدي مع الناس الا اسمي احدا منهم. ان عدم جهوزية البدائل لا يعني ابدا التسليم بواقعهم التعيس، بل يفرض ذلك تصعيد النضال من اجل ميزان قوى جديد يكسر قواعدهم البالية ويؤسس لحياة سياسية سليمة، ويبني قواعد جديدة لدولة عصرية عادلة وديمقراطية ومنيعة”.

ضاهر
ثم التقى الرئيس عون النائب ميشال ضاهر الذي قال: “أمام المعاناة التي نراها اليوم، والذل الذي يعيشه الناس، إن كان امام ابواب المستشفيات او محطات المحروقات او على صعيد الادوية، نحن اليوم ليس لدينا دولة ومطروح أمامنا الرئيس ميقاتي لتولي رئاسة الحكومة، وهذا افضل الخيارات الموجودة لدينا. نحن لا نريد ان نعمل بشعبوية، فالناس لا يهمها السياسة، تريد تأمين الدواء والبنزين والتعليم لأولادها. فالدولار اليوم، سجل انخفاضا بسعره الى 15 الف ليرة بسبب عملية التكليف، إلا انه في حال لم يتم تشكيل حكومة فسيرتفع الى 30 و40 ألفا في اواخر الشهر. علينا تقديم التنازلات لبعضنا البعض، فالبلد لا يصطلح بهذه الطريقة الشعبوية والانتخابية”.

أضاف: “أنا أشعر اليوم بأننا لسنا في استشارات، بل في حلبة مصارعة وملاكمة لتسجيل النقاط، وأنا كنائب أتحمل مسؤوليتي، فالمطروح امامي هو نجيب ميقاتي وأنا اقبل بالواقع، وفي حال كلف الرئيس ميقاتي وشكل حكومة انقاذ فعلية وفق المبادرة الفرنسية، فلي الشرف بأن أمنحه الثقة، وإلا سأحجبها. وحتى في حال لم تنل الحكومة الثقة، تبقى افضل من الحكومة الحالية التي لا تمارس الحد الادنى من تصريف الاعمال. وقد سميت الرئيس ميقاتي وفقا لهذا المبدأ. أنا لا اشتغل انتخابات او شعبوية في هذا الموضوع، ولا اسجل نقاطا على احد ولكنني اتحمل مسؤوليتي تجاه الناس وتجاه البلد”.

مخزومي
من جهته، قال النائب فؤاد مخزومي بعد لقائه الرئيس عون: “لقد سميت السفير نواف سلام، مثلما سميناه في المرة الأخيرة. اليوم نحن نؤيد رجلا حرا، ومستقلا بالكامل وبعيدا عن منظومة الفساد التي نراها. واذا ما اردنا التغيير، انا ألوم زملائي الذين أتوا ووضعوا ورقة بيضاء. فإذا كنا نريد التغيير، علينا ان نقوم بذلك من خلال البديل وليس بالورقة البيضاء”.

أضاف: “لماذ سميت نواف سلام؟ لأن المطروح هو ضد كل ما هو مطروح دوليا، ويقوم على 3 أمور: حكومة مستقلين واحرار، غير تابعين للمنظومة نفسها، وامامها 3 أدوار: أولا، تحقيق استقلالية القضاء. وقد رأينا كيف ان من يسمون الرئيس الذي سيتكلف هم الذين وقعوا على العريضة التي ترفض رفع الحصانات. فإذا كنا نريد تحقيق استقلالية القضاء، هل نبدأ بعدم رفع الحصانات عمن هم مسؤولون عن التفجير الذي يشكل اكبر جريمة حصلت في بلدنا في بيروت. ثانيا، ان الأشخاص انفسهم حققوا ما يسمى حزب المصارف في مجلس النواب، بمن فيهم من الكتلة نفسها وقد منعوا عملية المضي قدما مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهم الذين خربوا موضوع الكابيتال كونترول في أول الطريق، ومنعوا عملية التدقيق الجنائي. وبعض النواب قالوا ان لا حاجة للتدقيق الجنائي. هؤلاء هم الأشخاص الذين نريد ان نبني عليهم لكي نقوم باتفاق مع صندوق النقد الدولي؟”.

وتابع: “ثالثا الانتخابات، ونحن لن نرضى ولن نطلب من المجتمع الدولي، واهلنا لن يرضوا بمثل هذا الاشراف الذي حصل في الانتخابات السابقة، فأنا من الأشخاص الذين كان رئيس الحكومة ووزير الداخلية مرشحين ولعبا ضدي. واذا كنا نريد ان نبني تغييرا فعليا، فيجب ان يكون لدينا مسؤولون فعليين ابعد من ان يقوموا بأي “زعبرة” في الانتخابات. من هذا المنطلق، سميت السفير نواف سلام لأنني اعتبره افضل من كل هذه المنظومة التي نخرجها من الباب فتدخل من الشباك”.

وردا على سؤال عما اذا كان الرئيس ميقاتي لا يتمتع بهذه المواصفات، قال: “بالطبع لا، ولذلك لم اسمه. انا ابن بيروت ونائب عن بيروت، ويهمني ان اعرف ماذا حصل في اكبر جريمة بحق بيروت. ماذا فعلت هذه الحكومة وبماذا وقفت مع أهلنا؟ هل ستتم مساءلة حاكم البنك المركزي، ويتجرأ من سيكلف على القول ان الهندسات المالية التي قام بها هو لم يستفد منها؟ هل سيتمكن من تغيير عملية الدعم؟ هذه اسئلة المواطنين. وانا لا أرى أي امل في هذا الموضوع”.

وردا على سؤال آخر، قال: “ماذا امثل او لا؟ انا فزت بأصوات السنة. واذا علينا ان نبني البلد فيجب ان ندرك بأن من سرقت أمواله هم من السنة والشيعة والدروز والمسيحيين، وعندما حصل الدمار الاقتصادي، دمر المسلم والمسيحي، فلا نتكلم بعد اليوم بالتفريق بين المسيحيين والمسلمين. وبعد ذلك، من هي هذه المجموعة التي قررت ان يكون لها المركز الإلهي كي تقرر من معه حق ومن لا؟ انا لست طارحا نفسي كمرشح، وقطعيا لا اريد ذلك، لأنني ارفض ان أكون شريكا في هذه المنظومة. انما اذا لم نكن نريد نحن ان نمثل شعبنا، ونتكلم بحقيقة اين وصلنا ومن اوصلنا الى هنا، فسنبقى نضحك على انفسنا وعلى الناس”.

وختم: “هل سمعتمونني صرحت بأنني مرشح لرئاسة الحكومة؟ الناس احرار في ان يتكلموا بما يريدون. انا لا اريد ان أكون شريكا في هذه المنظومة الفاسدة التي تحكم البلد”.

روكز
ثم استقبل الرئيس عون النائب شامل روكز الذي قال: “لم اسم احدا لانني اعتبر ان المنظومة السياسية التي عملت منذ فترات ماضية وحتى اليوم، اوصلت البلد الى ما هو عليه اليوم على الصعد الاجتماعية السياسية والاقتصادية والمالية. هذه المنظومة لا يمكنها النهوض بالبلد، وهي لا تملك مشروعا سليما له، واعتبر البديل عن ذلك حكومة مستقلين اختصاصيين من أصحاب الكفاءة والخبرات والادراك، يمكنهم العمل من خلال برنامج إصلاحي حكومي يحاكي شروط صندوق النقد الدولي والدول المانحة لإنقاذ البلد بشكل صحيح. واعتبر انه كي تستطيع هذه الحكومة العمل، فهي بحاجة الى صلاحيات استثنائية، وكوني في مجلس النواب انا مطلع على مقدار الوقت الذي يتطلبه إقرار كل قانون إصلاحي، وكيف يصل باسم ويقر باسم آخر”.

أضاف: “من هنا، اعتقد ان الصلاحيات الاستثنائية لحكومة تحوز على ثقة المجتمعين السياسي والدولي والشعب اللبناني، هي الحل في المستقبل لهذا الموضوع، علما ان هذه الحكومة تصل قبل الانتخابات النيابية بسبعة اشهر، وسيكون دورها التحضير للانتخابات من خلال صراع العناوين التي وضعتها المنظومة منذ زمن وحتى اليوم، وهي: حقوق الطائفة السنية، حماية المقاومة، حقوق الطائفة المسيحية وهي عناوين سيتم استعمالها اكثر واكثر تحضيرا للانتخابات. لذلك، لم اسم احدا وآمل ان تكون مرحلة التأليف المقبلة لضم مستقلين اختصاصيين خارج الاطار الموجود حاليا والذي اعتبره فاشلا سلفا”.

وسئل: هل قلت هذا الامر لرئيس الجمهورية ومنذ متى لم تره؟
أجاب: “نعم قلت هذا الامر لرئيس الجمهورية. اما الشق الثاني من السؤال، فهو ليس بمسلسل للتطرق اليه في كل مرة، فأنا اراه في المناسبات وهي شؤون عائلية فيما انا اتحدث بالسياسة”.

سئل: هذا الموقف يقربك من نواب آخرين؟
أجاب: “هذا موقفي منذ زمن، ففي المرات الثلاث للتكليف، اتخذت قراري نفسه لجهة المطالبة بحكومة اختصاصيين وصلاحيات استثنائية من المجلس النيابي، لانني اعتبر ان العرقلة التي ستحصل ستكون بنسبة كبيرة في مجلس النواب تحضيرا للانتخابات النيابية”.

سئل: ألم تجد أي شخصية لتسميتها؟
أجاب: “لا اريد ان اختار احدا لمجرد الاختيار، واذا لم يكن هناك من فرصة لترؤسه الحكومة، فلن اسم احدا لاحراق اسمه”.

طالوزيان
ثم استقبل رئيس الجمهورية النائب جان طالوزيان، الذي قال بعد اللقاء: “في ظل الظروف التي يعيشها البلد، نحن أمام خيارين: إما أننا نريد حكومة أو لا نريد، إلا أننا لا خيار لدينا اليوم، إلا أن تكون لدينا حكومة، وذلك منذ أكثر من تسعة أشهر. نحن في حاجة إلى حكومة فعالة، قادرة على مواجهة الملفات ووقف الانهيار، وتنفذ بعض الإصلاحات عبر الفعل وليس عبر الكلام”.

أضاف: “إن الخطوة الأولى في عملية تشكيل الحكومة، رغم الصعوبات التي يمكن أن تواجه هذا التشكيل، ولا يجب أن نتوقف عندها وعلينا متابعة المحاولة، هي تسمية رئيس الحكومة. واليوم، لا توجد سوى شخصية سنية واحدة جدية مطروحة لتولي هذه المهمة، والتي في كل الأحوال ستكون صعبة جدا، ولديها أغلبية ممثلي الطائفة السنية. أنا سميت الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة. وأقول لمن يريد حكومة وإنجازات ووقف الانهيار، والتصدي لمختلف الملفات المعيشية ومعالجة أزمة الكهرباء وإجراء انتخابات نيابية في موعدها أو قبل موعدها بقليل، إذا كان لديه حل بديل غير الكلام، فليتفضل بطرحه”.

السيد
واستقبل رئيس الجمهورية النائب جميل السيد، الذي تحدث بعد اللقاء، فقال: “تشرفت بلقاء فخامة الرئيس حول تكليف رئيس جديد للحكومة. وقبل أن أقول موقفي، إن البلد في حاجة ماسة وضرورية لقيام حكومة، وهذا امر محسوم، فوجود حكومة في هذا الوضع المصيري الراهن والمأسوي ضرورة وطنية على المستويات كافة، ولكن هل المطلوب قيام حكومة “كيف ما كان”؟ الجواب هو بالتأكيد لا، فنسبة الى المآسي الاجتماعية والإدارية والسياسية والدستورية والمالية وغيرها، البلد في حاجة فعلية إلى حكومة فاعلة وجدية وقادرة على تحمل العبء”.

أضاف: “مع الأسف، بصرف النظر عن العلاقة الشخصية مع الرئيس نجيب ميقاتي ومعرفتي القديمة به ولا خلاف شخصيا معه، ولكن إذا قررنا اختيار رئيس حكومة جديد فيجب اعطاؤه فرصة، واذا كان قديما فإننا نحاسبه او نتصور كيف كان يمارس مهامه سابقا ونتوقف عند ما إذا كان يستحق التسمية أم لا. في واقع الحكومات التي تولاها الرئيس ميقاتي، في أعوام 2005، 2011، والآن، يبدو كأنه يطرح بدلا عن ضائع، ونحن لا نريد ذلك لأننا نرغب برئيس حكومة أصيل. من سوء حظ آل الحريري، أنه عندما لا يمكن أن يقوموا بأي أمر، يظهر الرئيس نجيب ميقاتي”.

وتابع: “انطلاقا من هذا الموضوع، وجدت أن تسميته من قبلي غير مناسبة بسبب ما قلته سابقا، وأنه تاريخيا وحديثا جزء من المنظومة، رغم أنه سلس وسياسي ولائق، لكنه لم يخرج عن مصالح وحماية كل تفاصيل هذه المنظومة كونه مختصا بالتجارة والسياسة والاعمال، ومعروف أنه سيحافظ على مصالحهم جميعا من دون استثناء، من دون قدرته على محاسبة أحد أو إزاحة أحد. وبالتالي، أدرك أن حكومات من هذا النوع تكون بمثابة “حساء” وانتقالية فقط للوصول إلى الانتخابات النيابية. شر البلية ما يضحك،ان ليس هناك احد غيره على الساحة، وقد سماه غيرنا ومبروك عليه”.

وأردف: “أعتقد أننا ذاهبون نحو الفشل الواضح، لأن التركيبة ستكون نفسها إلى حين الانتخابات، إلا إذا الدول التي تعد بالدعم إذا تم تشكيل حكومة، ستؤمن بعض وسائل وأموال من خلال الحكومة ليبقى الشعب اللبناني حيا على المصل إلى حين حلول موعد الانتخابات. وبعدها، لكل حادث حديث. وبالتالي، ستكون الحكومة انتقالية مع الحفاظ على الوضع القائم بكل مساوئه، حتى أنني استشفيت بعد اتصال دولة الرئيس بي أمس بكل لياقة، وأبلغته عدم تسميتي له، وهو صديق جيد على المستوى الشخصي، انما على المستوى التكليف لادارة حياة الناس، فهو موضوع آخر، وانا مكلف من قبل الناس وقدرته على القيام بدولة ام لا، لذلك اعتذرت منه. أتمنى له التوفيق. واذا حصلت معجزة وتأكدت ان الأسود سيتحول الى أبيض – وهو ما لن يحصل- ممكن ان نرى ماذا سيحصل في جلسة الثقة، ولكن في هذه اللحظة، ووفق رؤيتي، فهو أتى بالشروط نفسها التي اعتذر على أساسها الرئيس الحريري، ولا أرى الوقت الذي ستأخذه الحكومة لتبصر النور برئاسته، علما أن تكليفه اصبح مضمونا”.

وردا على سؤال عن عمر الحكومة المقبلة، قال: “إنه مقدر للحكومة أن تبقى للانتخابات، وليس هناك ظروف أو وقت لحكومة أخرى بهذا الوقت. وحتى لو لم تكسب الثقة، ستبقى حكومة تصريف أعمال وتدير الانتخابات، أو ستبقى الحكومة المستقيلة الحالية”.

وردا على سؤال آخر عن عدم تسمية بديل، قال: “في ظل إجماع القوى السياسية المعنية بتسمية الرئيس ميقاتي، فإن أي تسمية لبديل من قبلي ستكون بمثابة مزحة، لانه من دون جدوى، وحتى لو اقدر الشخصية التي سأسميها، فليس هناك من جدوى لذلك في ظل الاجماع الذي سيوصل الرئيس ميقاتي”.

وردا على سؤال آخر، قال: “إن لا رسائل خارجية في معرض ما نقوم به اليوم”.

جهاد الصمد
والتقى رئيس الجمهورية النائب جهاد الصمد، الذي تلا بعد اللقاء البيان الآتي: “لقناعتي المطلقة بأن الممر الالزامي لمواجهة تلاشي الدولة وانهيار المستوى المعيشي للناس ومواجهة تحديات المرحلة هو تشكيل حكومة إنقاذ وطني تحظى بقبول شعبي وثقة الناس. إن تشكيل حكومة، بعد أن أضعنا 9 أشهر في تكليف لم يؤد إلى التشكيل، أصبح ضرورة قصوى. ولذا، انسجاما مع قناعتي الأساسية بأهمية وجود سلطة تنفيذية ذات صدقية تحاور المجتمع الدولي والمؤسسات المقرضة، قررت تسمية دولة الرئيس ميقاتي باعتباره الأكثر قبولا في هذه المرحلة”.

كتلة “التنمية والتحرير”
بعد ذلك، استقبل الرئيس عون كتلة “التنمية والتحرير”، التي تحدث باسمها النائب أنور الخليل فقال: “لطالما دأب دولة الرئيس نبيه بري، رئيس كتلة التنمية والتحرير، على إطلاق المبادرات منذ زمن طويل في سبيل تسهيل طريق تشكيل الحكومة لأنها المفتاح الاكيد لبدء عملية الإصلاح ووقف الانهيار الكارثي الذي لحق بكل مقدرات الوطن الاقتصادية والمالية والاجتماعية. وكذلك، لتخفيف الأزمة المعيشية التي يواجهها الشعب، والتي هي في صلب العمل الحكومي، إذ لا بد من سماع صوت الشعب والتجاوب السريع مع آلامه وحاجاته. ولذلك، لم يتوان الرئيس بري وكتلته عن دعم كل خطوة ايجابية تتماشى مع الوصول إلى حكومة مهمة انقاذية بوزراء اختصاصيين غير مسيسين. ومن هذا المنطلق، ولأن الوقت لم يعد يسمح بتسويف أو تأخير، سمت كتلتنا صباح اليوم باجتماعها مع فخامة الرئيس، دولة الرئيس نجيب ميقاتي، ليكون الرئيس المكلف، طالبين له التوفيق بتشكيل سريع ومتمنين من فخامة الرئيس أن يكون عونا بالتوافق مع الرئيس المكلف لنعيد الثقة للبنانيين وللمجتمع اللبناني والعربي والدولي ولنتمكن عندئذ بمد اليد للدعم المالي مع الهيئات الدولية، والله ولي التوفيق”.

“تكتل لبنان القوي”
وبعد انتهاء اللقاء مع رئيس الجمهورية، تحدث النائب جبران باسيل باسم تكتل “لبنان القوي”، فقال: “في ظل عدم ترشح النائب فيصل كرامي لأسباب يتكلم عنها هو، وفي ظل عدم الاستمرار بتسمية السفير السابق نواف سلام الذي كان لدينا توجه حقيقي للسير به، وكنا ننتظر من بعض الكتل أن تسير به، ولكن الأمر توقف ولم تكتمل عناصره. وفي ظل بقاء مرشح جدي وحيد هو دولة الرئيس نجيب ميقاتي، قررنا ألا نسمي أحدا، لأنه لدينا تجربة سابقة غير مشجعة ولدينا تطلع الى الامام في المهمة الإصلاحية غير متناسب في هذا الإطار”.

أضاف: “نتمنى للرئيس الذي سيتم تكليفه كل التوفيق، وأن يتم تصحيح رأينا في الأداء الذي سنراه، ويكون هناك تأليف سريع للحكومة. ونحن بالتأكيد سنكون داعمين ومساعدين في المهمة الانقاذية والاصلاحية المطلوبة من الحكومة العتيدة”.

وتابع: “من المهم أن نتوقف عند نقطة تتكرر كل مرة، وهي متعلقة بعملية ولادة الحكومة. نحن متفقون على مراحل: التكليف والتأليف والثقة، أي اختيار شخص الرئيس المكلف وتشكيل الحكومة، وعلى أساس برنامجها، إعطاء الثقة. مراحل ثلاث، لكن عملية واحدة. ومن حق النواب ورئيس الجمهورية أن يكون لديهم الوقت الكافي، أقصاه شهر قبل اجراء الاستشارات النيابية لكي يتمكنوا على الأقل من الاتفاق على وضع اطار اتفاق عام على تشكيل الحكومة وبرنامجها، حتى اذا اخطأوا او لم يتفقوا ألا يكلف الخطأ البلد 9 أشهر أو أشهر عديدة، وأن يكون كذلك للرئيس المكلف الوقت المحدد أقصاه شهرا لتصحيح الخطأ او عدم الاتفاق. فلا يجوز ان نبقى على هذا التعنت بعدم تصحيح بسيط في الدستور من أجل انتظام حياتنا السياسية وتصحيح الآليات الدستورية التي تخضع لها عملية تأليف الحكومة”.

وختم: “نأمل أن نتعلم من التجارب، فلا تتكرر، وإن شاء الله يكون التأليف سريعا مثل التكليف، ونرى حكومة قريبا، وسنتكلم أكثر يوم الأربعاء”.

كتلة “نواب الأرمن”
ثم استقبل الرئيس عون كتلة “نواب الأرمن”، وتحدث باسمها النائب هاغوب بقرادونيان فقال: “بعد دقائق، سيتم تكليف الرئيس ميقاتي لتأليف الحكومة بناء على أصوات الأكثرية النيابية. ونحن نتمنى له كل التوفيق وندعو الى تشكيل حكومة بعيدا عن طروحات كبيرة أو تسميات قد تعرقل تشكيلها مع مرور الزمن. نحن في حاجة إلى حكومة انقاذ بكل معنى الكلمة، وليس فقط حكومة انتخابات، لا بل وبالأخص، حكومة إصلاحات وضرب الفساد وإعادة الأموال المنهوبة والتحقيق الجنائي والمضي قدما لتحقيق العدالة بموضوع انفجار المرفأ، حكومة اراحة الناس من المأساة الاجتماعية المعيشية، حكومة اخراج المواطنين من الذل”.

أضاف: “مع كل احترامنا وتقديرنا لدولة الرئيس ميقاتي، قررنا عدم تسمية أي شخص قبل أن نعرف التصور العام حول الخروج من المأزق ومدى تلبية هذا التصور طموحات الشعب المنتفض الذي يراد إركاعه”.

وردا على سؤال، أوضح أن “القرار هو كتلة نواب الأرمن وحزب الطاشناق”، وقال: “نحن دائما إيجابيون. لقد حصل الرئيس ميقاتي على الأكثرية. أما نحن فسنرى الحكومة وتصورها وبيانها الوزاري وتمثيلها الصحيح. وبعدها، نتحدث عن إعطاء الثقة”.

قيل له: إن موقف الكتلة يضعف الغطاء المسيحي للرئيس ميقاتي، أجاب: “في المرة السابقة، قمنا بتقوية الغطاء المسيحي”.

بيان التكليف
وبعد ذلك، التقى الرئيس عون مجددا الرئيس بري، وأطلعه على نتائج الاستشارات النيابية الملزمة.

وفي وقت لاحق، تلا المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير بيان التكليف، وفيه:

“صدر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية البيان الآتي: عملا بأحكام البند /2/ من المادة /53/ من الدستور المتعلق بتسمية رئيس الحكومة المكلف، ولما كان السيد الرئيس المكلف سعد الدين الحريري قد اعتذر بتاريخ 15 تموز 2021 عن تكليفه تشكيل الحكومة، أجرى السيد رئيس الجمهورية الاستشارات النيابية الملزمة اليوم الاثنين الواقع فيه 26 تموز 2021، وبعد أن تشاور مع السيد رئيس مجلس النواب وأطلعه على نتائجها رسميا، استدعى السيد الرئيس عند الساعة الخامسة من بعد الظهر السيد الرئيس نجيب ميقاتي لتكليفه تشكيل الحكومة”.

وردا على سؤال، أوضح شقير أن “عدد الأصوات التي نالها الرئيس ميقاتي هو 72 صوتا، ونواف سلام هو صوت واحد، و42 نائبا لم يسموا، وغاب 3 نواب”.

لقاء ثلاثي
وعند الخامسة، وصل رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا، لينضم إلى لقاء الرئيس عون والرئيس بري.

الرئيس بري
وقبيل مغادرته قصر بعبدا، اكتفى الرئيس بري بالقول للصحافيين: “العبرة في التأليف”.

تصريح الرئيس المكلف
وبعد انتهاء اللقاء مع الرئيس عون، أدلى ميقاتي ببيان قال فيه: “أبلغني فخامة الرئيس نتيجة الاستشارات النيابية الملزمة وتكليفي تشكيل الحكومة الجديدة. شكرت فخامته وسعادة النواب جميعا، من سماني ومن لم يسمني، وأتمنى أن نتعاون جميعا لايجاد الحلول المطلوبة. دستوريا، من الضروري أن أحصل على ثقة السادة النواب، ولكن في الحقيقة أنا اتطلع إلى ثقة الناس، ثقة كل رجل وسيدة، كل شاب وشابة، لأنه لوحدي لا أملك عصا سحرية ولا أستطيع أن أصنع العجائب، نحن في حالة صعبة جدا، وسألني أحد الصحافيين الآن لماذا أنا حزين؟ طبعا، المهمة صعبة، لكنها تنجح اذا تضافرت جهودنا جميعا وشبكنا أيدينا معا، بعيدا عن المناكفات والمهاترات والاتهامات التي لا طائل منها، ومن لديه أي حل فليتفضل”.

أضاف: “اليوم خطوت هذه الخطوة، وكنت مطلعا على الوضع. ولذلك، أقول: نعم نحن كنا على شفير الانهيار، وكنا أمام حريق يمتد يوميا ويكاد يصل إلى منازل الكل. ولذلك، اتخذت، بعد الاتكال على الله، قرار الاقدام وأن أحاول وقف تمدد هذا الحريق. أما اخماد الحريق فيقتضي تعاوننا جميعا، وعلينا أن نكون معا. أعلم أن الخطوة صعبة، لكنني مطمئن. منذ فترة وأنا أدرس الموضوع، ولو لم تكن لدي الضمانات الخارجية المطلوبة، وقناعة أنه حان الوقت ليكون أحد في طليعة العاملين على الحد من النار، لما كنت اقدمت على ذلك”.

وتابع: “باذن الله وبمحبة الجميع، وجميع اللبنانيين واللبنانيات، أدعو إلى أن نكون معا ، وأتمنى عدم الرد على ما يقال، المهم أن نستمر، وأنا متأكد أنه بالتعاون مع فخامة الرئيس – وقد تحدثت معه للتو – سنتمكن من تشكيل الحكومة المطلوبة، ومن أولى مهماتها تنفيذ المبادرة الفرنسية، التي هي لمصلحة لبنان والاقتصاد اللبناني وإنهاضه”.

وختم: “يبقى أن أقول إنه يحكى الكثير في وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكنني أخذت على عاتقي ألا أرد، وخير الكلام ما قل ودل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى