الأخبار اللبنانية

صفير ترأس قداس الاحد وشدد في عظته على محبة الناس ونبذ الشقاق

رأس البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير قداس الاحد في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي بحضور حشد من المؤمنين. وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك صفير العظة الآتية:
“وينظر الى الأرض، فاذا الشدّة وادلهمام الضيق وديجور القلاقل ( آشعيا 8: 23) كثّرت الأمة . وفّرتَ لها الفرح . يفرحون أمامك كالفرح في الحصاد، كابتهاج الذين الذين يتقاسمون السلب ( آشعيا 9: 3 ) وأسألكم ، أيها الأخوة، باسم ربنا يسوع المسيح أن تقولوا جميعكم قولا واحدا، وألا يكون بينكم شقاق ، بل تكونوا ملتمسين بفكر واحد ورأي واحد. فقد أخبرني عنكم، أيها الأخوة، أن بينكم خصومات، أعني أن كل واحد منكم يقول أنا لبولس، وأنا لأبلّوس، أو أنا لكيفا، أو أنا للمسيح.. ألعلّ المسيح قد تجزّأ . ألعلّ بولس صُلب لأجلكم، أو باسم بولس اعتمدتم ( 1كور10 -13).لأن المسيح لم يرسلني لأعمّد، بل لأبشّر لا بحكمة الكلام، لئلا يبطل صليب المسيح( 1كور17:1).

وترك الناصرة وجاء فسكن في كفرناحوم، التي على شاطئ البحر في تخوم زبلون ونفتالي، ليتم ما قيل باشعيا النبيّ القائل:” أرض زبولون وأرض نفتالي طريق البحر عبر الأردن، جليل الأمم.الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورا عظيما، والجالسون في بقعة الموت وظلاله، أشرق نور عليهم.( متى 4: 12-23) يقع الجليل على مسافة خمسة وسبعين ميلا شمالي القدس. في السيارة والقطار ، لا يبدو أن ذلك بعيدا. ولكن بما أن غالبية الشعب كانوا يسيرون على اقدامهم في زمن يسوع المسيح، كانت المسافة بعيدة، وللجليل تاريخ صعب. وقد هدمه الأشوريون قبل المسيح بسعمائة سنة وأخذوا معظم السكان ، الذين لم يقتلوهم، وأبعدوهم عن بيوتهم في الجليل. وهذا ما مكّن الشعب المجتاح من التجمّع والثورة عليهم. وكان هناك جماعة من الوثنيين قد أتوا الجليل . في زمن يسوع المسيح، وبعد سبعمائة سنة ، كان هناك جماعة من الوثنيين يعيشون هناك، وكان اليهود الذين عادوا بحيث ان السكان كانوا خليطا. وعلى الرغم من أن الأشوريين هدموا القدس وتركوا وراءهم الخراب، فان النبي آشعيا الذي كان يعيش في القدس، في ذلك الزمان، رأى مسبقا للجليل ما هو حسن. وفي الظلمة الاجتماعية والروحية التي كانت تغطّي الأرض، قال آشعيا ان نورا سيشرق. وعليك أن تذكر هذه السطور من أول قراءة للميلاد. ويورد القديس متى هذا المقطع الطويل من آشعيا ليقول لنا ان يسوع كان عليه أن يتم هذه النبؤة. وكان من الطبيعي لمعلّم الدين كيسوع المسيح أن يقوم بالتبشير والتعليم في القدس. ولكن يسوع اختار أن يقوم بالتبشير في الجليل حيث قضى معظم أيام حياته. وكان يسوع هذا النور الذي تاق اليه شعب الجليل ، الشعب الجالس في الظلمة. في هذه القراءة، يدعى الجليل باسم اثنين من قبائل اسرائيل اللتين سكنتا منذ البدء هناك: وهما زابلون ونفتالي. العظة. بحسب التوراة، ان أول عطية أعطاها الله كان النور. وبعد ذلك، عندما خلق الله باقي الأشياء، كالسمك، والعصافير، والخيل، والزحافات، والحيوانات ، والانسان ،أعطانا جميعا أعينا لنتمكّن من تقدير ما كشف لنا النور. وأعطانا عقلا لنتمكّن من ترجمةِ ، لدرجة كبيرة أو صغيرة، ما هو مرئي. وعلى الرغم من تعجّبنا أحيانا من الكائنات البشرية العاقلة، فان العلم يقول لنا انّا نحن معشر البشر نملك أكبر دماغ متطوّر في الحياة على وجه الأرض. مع عقلنا الخلاّق والمنطقي يمكننا أن نرى الأشياء التي لا ترى، بما فيها الأشياء التي هي غير موجودة بما فيها الأفكار المجرّدة.إنّا نتكلّم بأمور النور والرؤيا عندما يكون لنا أفكار، من مثل: ” أرى كيف هذا صُنع” أو “هذا أكتنهه”، أو ” أني أرى النور”. هذه الفكرة التي معها نرى في عين العقل تنطبق على الأمور الروحية أيضا. ان القديس متى وصف رسالة يسوع في الجليل بقوله ما جاء في آشعيا:”الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورا عظيما”. وتكلّم يسوع عن النور ليصف رسالته الخاصة عندما قال:” أنا نور العالم. من يتبعني فلا يمشِ في الظلام، لكنّه سيكون له نور الحياة” ( يو 8: 12). ان كلمة “كشف” هي كلمة لاهوتية تحدّد هذا النور الذي يعطيناه الله. وعندما ننقاد لهذا النور فهذا يدعى الايمان. وليس الايمان سوى الطريقة التي نرى فيها بعين الله . والايمان يعطينا رؤية تأتي، لا من خلال ما نرى بعيوننا، او بما نخلقه بعقلنا، انما بما نسمع بآذاننا ! وهذا يقول لنا لماذا نحن خُلقنا ، كيف يجب أن نعيش، كيف يجب أن يعامل بعضنا بعضا، وما يحدث لنا بعد الموت. وهذه رؤيا واضحة أحيانا وضوح البلور مثلما يقول لنا يسوع عن أهمية محبة الله، ومحبة بعضنا البعض. وأحيانا انها نظرة غير واضحة، مثلا عندما يقول لنا القديس بولس عن الحياة المقبلة ، فهو يقول لنا: ” اننا الآن نرى بطريقة غير واضحة كما نرى في مرآة، ( ولم تكن المرآة مثيرة للاعجاب في ذلك الزمن) . الإيمان هو الطريقة التي نرى معها أن ما نراه مرتكز على ما قاله لنا السيد المسيح. وفي بعض الأحيان، ان ما نراه بعين الايمان يناقض ما نراه بعين الجسد، من مثل:”هذا هو جسدي” .فهذا يناقض ما نرى غير أنه في الايمان نختار لا أن نرى بأعيننا، بل بالايمان بكلمة الله التي نعتبرها أكثر وثوقا. واني لأعجب كم تكون الحياة أكثر وضوحا بالنسبة الينا جميعا، وبالنسبة الى العالم، على وجه عام، اذا كانت عقولنا وقلوبنا منفتحة للنور الذي يأتينا به المسيح. عندما تعمدّنا أعطينا شمعة مع هذه العبارة:”اقبلوا نور المسيح” .وبالنسبة الى الكثيرين من بيننا، اعطيت هذه الشمعة الى ذوينا أو عرابينا ليحملوها عنا. وانه ليقع عليهم أن يساعدونا لنعيش في ضوء هذا النور. لقد عشنا في ضؤ هذا النور ، والا ما كنا هنا الآن. إني أوصيكم بهذا، واشكركم عليه. ولكن يجب ألا يبقى هذا النور تحت مكيال. ولدى التثبيت، لقد ُكلّفنا أن ننقل هذا النور الى سوانا. ولم يقل يسوع فقط:”أنا نور العالم، لكنه قال أيضا:”أنتم نور العالم” . وقد سمعنا أن يسوع اختار أربعة من تلاميذه يريدون يوما أن يلهبوا العالم بنوره ولكنهم قاموا بواجبهم، قبل ذلك بكثير، ونقلوا نور المسيح الى الآخرين، وسواهم نقلوه الى سواهم، وهكذا وصل الينا. واذا كان أخرون في المستقبل يريدون أن يؤمنوا ، فهذا يتعلّق بنا. علينا أن نتقاسم مع سوانا النور الذي قبلناه. علينا ألاّ ننسحب ونعظ بأن يعملوا ذلك. ويمكننا أن نعمل ذلك بطريقة حياتنا ، وبأن نكون أخلاقيا طيّبين، مستقيمين، محبين للناس. ويمكننا أن نقول للناس أن يأتوا معنا الى الكنيسة. وعندما ينفسح لنا المجال، يمكننا أن نتقاسم الايمان بأن نقول ببساطة للآخرين ما يعنيه الايمان بالنسبة الينا. وعندما نحاول أن ندافع عن العقيدة، نستطيع أن نأتي ببرهان كبير، ولكن عندما نقول لأحدهم كم أن الايمان يعنينا ، من يمكنه ان يجادلنا؟. والخلاصة، لقد باركنا الله بأنواع شتىّ. وأحد الأسباب التي نحن الآن هنا لأجلها، هو أننا أن نشكر. (وهذا معنا الأفخارستيا). لقد خلق الله النور وأعطانا الامكانية بأن نرى الأشياء به. ولكن الله أعطانا أكبر عطية عندما أرسل الينا ابنه يسوع وأعطانا امكانية الأيمان به. ذلك أن نوره ينير حياتنا حتى الأبدية. ليأت الآخرون ليسيروا في هذا النور. آمين “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى