الأخبار اللبنانية

بيان صادر عن النائب السابق وجيه البعريني

تقفل في لبنان مرحلة صعبة وخطيرة كادت تطيح بالاستقرار وبالمصير، بعد أن كان الشحن السياسي والمذهبي قد خطف البلد بشعارات برّاقة من أجل استثمارها بحسابات شخصية بحتة لا تقيم وزناً لمصالح لبنان واللبنانيين. لكن هذه المقامرة جاءت نتيجتها خسارة أخيراً وهي التي أدت إلى هذا التغيير الذي كسر الحلقة المفرغة من التخبط السياسي والأمني على مدى ست سنوات، وجاء بنتيجة ذلك الرئيس نجيب ميقاتي إلى رئاسة الحكومة كمرشح تسوية قبلت بها المعارضة، وهو ما ترك لدينا ارتياحاً كبيراً لأنه رجل اعتدال وإنماء وتديّن، وليس طرفاً في المشكلة السياسية القائمة، فضلاً عن أنه منفتح على الحوار مع جميع الأطراف من دون استثناء ويستطيع أن يجمع بين اللبنانيين، ولولا هذا الاختيار الذي أوقف مسار الانهيار لكنا اليوم في مرحلة حساسة وخطيرة جداً.

إن اختيار الرئيس ميقاتي جاء بمثابة مشروع إنقاذ حقيقي لما وصلت إليه الأمور في لبنان نتيجة التحريض الطائفي الذي انكشف علناً في طرابلس وتبيّن أصحابه والمحرضين عليه والنافخين في نار الفتنة في لبنان.

ومع بدء المرحلة الجديدة التي نأمل أن يعود فيها اللبنانيون إلى صياغة مشروع الاستقرار الذي يحمي الوطن وحياة الناس نودّ التأكيد على الثوابت التالية:

1 ـ إن لبنان أكبر من أي شخص ووحدته واستقراره والسلم الأهلي فيه هو المعيار الذي نقيس به مواقفنا وتوجهاتنا.

2 ـ إن السنّة في لبنان خسروا خلال السنوات الماضية موقعهم الوسطي الذي يحتضن كل الفئات اللبنانية، وذلك بسبب العقل الشخصاني الذي أراد اختصار السنّة بشخص واحد وحاول تحويلهم إلى أقلية طائفية معزولة عن محيطها الطبيعي. فالسنّة في لبنان أغنياء برموزهم السياسية والقيادات في كل المواقع ولا يمكن أن يكون هناك شخص واحد يمسك بمستقبلهم لأخذهم إلى الانتحار السياسي، فمن كان يريد المقامرة فليقامر بنفسه وبمن يستفيد منه، أما السنّة فهم أمة عصيّة على المتآمرين عليها لوضعها في القمقم ومحاصرتهم بالانعزال والتقوقع.

3 ـ إن جميع القيادات في الساحة السنية معنية اليوم بورشة كبرى لوقف الانحدار الذي كانت تتهاوى إليه بفعل فاعل، وندعو المراجع الدينية إلى لعب دور أساسي في هذه الورشة لا أن يكونوا موظفين في بلاط السلطان يعملون في فريقه السياسي ويمارسون التحريض المذهبي والطائفي الذي سيرتد عليهم في الدنيا وسيحاسبهم الله عليه في الآخرة فليخشوا الله في أفعالهم وفي مستقبل هذا البلد وليتوقفوا عن استخدام مواقعهم لخدمة أهداف سياسية بالأجرة.

4 ـ مرّة جديدة خطفوا عكار وسُمعتها، فمنذ العام 2005 حاولوا تصوير عكار على أنها خزان بشري يصلح للهتافات والتصفيق فقط مستغلّين واقع شباب عكار الباحث عن فرصة عمل تقيهم شرّ الأزمة الخانقة التي يرزحون مع اللبنانيين تحت أعبائها، وفي العام 2007 أخذوهم تحت شعار الدفاع عن بيروت، فعاد أبناء عكار بأقل قدر من الخسائر. ثم مؤخّراً أخذوا ما استطاعوا إلى طرابلس للدفاع عن أشخاص خسروا موقعهم في السلطة وحصل ما حصل في عاصمة الشمال من اعتداء على الجيش والكرامات والإعلام والأملاك وفوضى وغوغائية سرعان ما تبرّأ منها من أخذهم وألصقوها بأبناء عكار الشرفاء. فإذا كان عدد من العكاريين قد شارك في هذه الأحداث إلا أنه لا يمثّل عكار التي تزخر بالكفاءات وتحرص على الكرامات، ومسؤولية ما حصل في طرابلس تقع على عاتق من نظّم هذه الاعتداءات وهم معروفون للجميع. ونقول لهم كفى إساءة لعكار بتصويرها على هذا الشكل واستخدام شبابها لخدمة أهدافهم الشخصية. عكار منطقة عريقة بتقاليدها وأعرافها وتعرف كيف تحفظ الكرامات، وهي لا يمكن أن تكون على هذه الصورة المشوّهة التي تبرأوا منها وألصقوها بها. ونحن نقدّم بإسم كل عكار اعتذاراً من كل من تعرّض لأذى مادي أو معنوي جراء تلك الممارسات التي نفّذتها القيادة السياسية التي أثبت سلوكها أنها تريد أن تحرق البلد من أجل شخص، وما توسّع نطاق تلك الممارسات إلى العديد من مناطق لبنان في بيروت والبقاع وصيدا إلا تأكيداً على أن عكار غير مسؤولة عما جرى وإنما المسؤولية على المخططين للفتنة. وندعو أبناء عكار إلى التبصّر بالأهداف الخبيثة من وراء إلصاق تهمة الغوغاء بهم.

أما بالنسبة للحكومة العتيدة التي يعمل الرئيس نجيب ميقاتي على تشكيلها فإننا إذا نرحّب بهذا التكليف في هذه المرحلة الصعبة، فإننا نودّ أن نؤكد أن مهمة هذه الحكومة يجب أن تكون إنقاذية بكل ما للكلمة من معنى، ولذلك فإن عليها أن تنطلق من ثوابت أساسية في بيانها الوزاري:

أ- إعلان الإلتزام بالطائف وبالدستور في مقدمته ومواده ورفض التدويل ومفاعيله وقراراته ومنها القرار 1559 والتأكيد على العروبة والوحدة والعلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب والعلاقات المميزة مع الشقيقة سوريا.

ب_ إعادة طرح بند الإنماء المتوازن الذي تم تعطيله في الحكومات السابقة مما أبقى الحرمان في عكار وسواها، لأن هذا الظلم لم يعد مقبولاً، ونأمل من دولة الرئيس ميقاتي العارف بالشأن الوطني والعكاري خاصةً أن يولي إهتماماً للإنماء وللبنى التحتية وللمعاناة الإجتماعية والبطالة، ومن ذلك أن يتم إستقطاب رساميل للإستثمار في عكار في الزراعة والسياحة والتصنيع الزراعي.

ج_ تضمين البيان الوزاري موقفاً واضحاً لجهة إعادة النظر بنظام المحكمة الدولية لوقف إستباحة لبنان بإسمها، كما أن يتضمّن البيان بشكل صريح وواضح معادلة الشعب والجيش والمقاومة.

د_ نأمل أن يكون في البيان الوزاري وبعده في التنفيذ تصوّر واضح بشأن الإصلاح الإداري والمالي لأنه لا يجوز أن تستمر حالة الفساد والهدر من المال العام.

أيها الإعلاميون، أيها الحضور الكريم.

نرجو من الإخوة في سوريا والسعودية أن يواصلوا جهدهم الإنقاذي الحاضن للبنان ومعهم سائر الأشقاء العرب والأصدقاء إقليمياً ودولياً، كما أننا نرجو وضع حد للإعلام الذي يوقد نار الفتن والعصبيات فمثل ذلك يخدم مخططات الأعداء ومؤامراتهم والبديل هو خط الوحدة والتضامن.

وأخيراً: نجدد التهنئة للرئيس نجيب ميقاتي وللبنانيين وللسنّة خاصةً لأن تداول السلطة والتنوع هو الأساس عندهم وما مرّ كان سحابة صيف لن تتكرر بعد اليوم.

شكراً لكم وإلى لقاءات على أساس المشروع الوطني

من أجل لبنان العربي اللاطائفـــــــــــي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى