المقالات

أتكون صفعة الترسيم … مقدمة لصفقة التقسيم …* كتب الإعلامي الدكتور باسم عساف

تتزايد الشكوك والإفتراضات في عملية تسريع التوقيع على إتفاقيات معلَّبة ومعدَّة سلفاً بالأروقة الأميركية ، والتي جاءت على شكل حوار غير مباشر ، حيث أن الوفد اللبناني لا يجلس مع وفد العدو الصهيوني إستدراكاً للمقاطعة ، وإحتفاظاً بمبدأ الممانعة ، علماً بأن إجتماعات عديدة قد جرت مباشرة في إتفاق ١٧/ أيار ، وغيرها الكثير من إجتماعات غير منظورة وبعيدة عن الإعلام وضمن مباحثات من تحت الطاولة ، حتى ظهر لدينا إتفاق الإطار حول النفط والغاز ، والذي بدأ التداول به منذ أكثر من عشر سنوات ، والذي بنيت عليه بنود الآتفاقية التي أظهرها عاموس أوكشتاين المفاوض الأميركي ، والإسرائيلي المنشأ ، ويهودي الهوى والأهواء ….
أما بشأن أن هذه الإتفاقية ، وقد كٌتبت بأحرفٍ أميركية ، وتوجُّهٍ يهودي ، وهدفٍ أوروبي ، وغايةٍ إسرائيلية ، فأين الإنتصار الإلهي ، وأين الفرصة الكونية ، وأين الحظ الذي لمع للبنانيين بأن بلدهم بات من بلدان (الأوبيك) أو من الدول النفطية بالعالم ، حيث يحق له التحكم العالمي بأسعار النفط والغاز ، ويجني الأرباح الطائلة على أساسها ، وهو حتى تاريخه لا يِحِلُّ له المباشرة بالتنقيب ومعرفة حجم الثروة النفطية ، التي يحق له أن يستخرجها من باطن البر والبحر …
وإن جاز له الإستخراج من البلوكات العشر الوهمية ، فلن تكون حِصَّتُه من جميعها أكثر من 20 % قد تم توزيع محاصصاتها بين أنفار المنظومة السياسية ، وفق عشرات الشركات التي أنشؤها مسبقاً من هذا الأمر ، والباقي تتكون من حصص لشركات التنقيب والإستخراج ، وللدول التي إشتركت بالإخراج …
أما والعجلة التي تنافست مع السبق الصحفي في إعلان الإتفاق وزيارة أوكشتاين السريعة للرؤساء الثلاثة في لبنان ، وإعلان الكيان اليهودي عن الموافقة كما البرق ، بعدما كانوا يتداولون بتأجيلها لما بعد إنتخاباتهم ، ومع معارضة نتنياهو للأمر ، ثم رضوخه …
وأيضاً في لبنان كان يدور الحديث بهذا الإتفاق لما بعد إنتخاب رئيس للجمهورية ، والخلف على تشكيل الوفد المفاوض الجديد ، وإذ بقدرة قادر تم الإعلان عن الموافقة الإسرائلية لورقة المفاوض عاموس ، وموافقة الرؤساء الثلاثة بموقف موحد أعلنه النائب المفوض الصعب ، والأكثر غرابة في الأمر أن يتصل الرئيس الأميركي بالرئيس اللبناني لتهنئته بهذا الإنجاز التاريخي للبنان ، والذي على أساسه ستشهد المنطقة سلاماً مشهوداً لم تعرفه من قبل حسب سيناريو الفيلم الأميركي الطويل …
وليخرج بعدها رئيس الجمهورية بإعلان التفوق بالمفاوضات على إسرائيل وأن لبنان هو المنتصر بالإتفاق على أساس التراجع من خط /29 إلى خط /23 والكلام عن ربح حقل قانا بكامله ، وهو غير معروف محتواه حتى الآن ، ولم يَجرِ التنقيب فيه ، وربما يكون حقل وهمي مقابل حقل كاريش الغني جداً بالنفط والغاز ، والذي بدأ العدو اليهودي بإستخراجها دون النظر إلى الإتفاق ولا إلى التفاوض حيث أخرجت لبنان من التحدث به نهائياً ، كما كان وفد التفاوض العسكري ، الذي عزلوه عن المتابعة بذلك لأنه أصر على المفاوضة بخط /29 وفق المعاهدات الدولية بالأمم المتحدة وهدنة/ ١٩٤٩ ورسم الحدود البرية والبحرية آنذاك …
وقد تم ذلك بإتفاق إنكلترا وفرنسا والكيان اليهودي ولبنان ، على الخرائط المعتمدة ، ولكن العهد الحالي وبكل أركانه قد نسفوا من التفاوض الأخير ، كل حق للبنان بمياهه التي سُلبت منه عنوةً ، وخسارة مئآت المليارات من النفط والغاز والدولارات ، حتى لا تزعل أميركا ، وتزيد الضغوطات والعقوبات على المنظومة السياسية المتحكمة بالقرار اللبناني ، والمهيمنة على مصلحة الشعب اللبناني لتقرر بإسمه الخيانة الكبرى وتصفعه الصفعة اللئيمة على عيني وعينك يا تاجر ، بأنه الإنجاز التاريخي بالخيانة لصالح الأسياد والطباخين الكبار …
كل هذه الهمروجة السياسية ، قد مرَّت بسلام عند المنظومة وأعوانها لتمرير الإتفاقية ، ولكنهم هيجوا الشعب بترقب الحرب إن بدأ كاريش بالعمل ، ولم يعمل معه قانا ، وإذ قد مُرّر الإتفاق كسحابة صيف ، كما يمررون المحاصصات والقرارات بطريقة( الكيفمكان) أو بالمجلس النيابي بمادة وحيدة ، أو ضمن الحكومة بالديموقراطية التوافقية المحاصصية ، وهؤلاء الذين يديرون الحكم والبلد قد نسوا أو تناسوا التاريخ وأخذ العبر ممن خانوا شعوبهم لمصالح خاصة أو لصالح الآخرين أكانوا أعداء أم أصدقاء ، فهي للغير …
ويكفي ذلك إخلاصاً للشعوب أو للأوطان التي تشمل الجميع وليس لفئة تتجاسر على الآخرين ، ولو بالإلتزام بالقوانين والدستور الذي ينص على عرض الإتفاقيات والعقود الدولية على مجلس النواب وإتخاذ القرار المناسب الذي يهم الدولة والشعب وثرواته التي نُهبت وسُرقت قسراً من المنظومة التي تتشارك بالغُنم ، ولا تعترف بالغُرم ومن يسببه أو المسؤول عنه ، ولا يحق لأحد التقاضي به بعد تعطيل السلطة القضائية …
من هنا نتساءل : هل الإسراع بعملية صفعة الترسيم ليلحقوا الوقت بإتمامها ، في ظل هذا العهد المنكوب بحكامه ، وفي ظل ولاية رئيس الجمهورية التي بقي منها نصف شهر ، وبعده الفراغ الذي يمكن أن يطول ويذهب الفرقاء إلى مؤتمر تأسيسي ، قد يتغير معه النظام اللبناني والدولة والشعب في تركيبة جديدة ، وقد لا يكون هناك رئيس جديد للبنان الواحد الموحد ، في ظل طرح تسوية تقسيم المنطقة بدويلات على أساس طائفي ومذهبي وعنصري ، برعاية أميركية ، وتوافق دولي ، وتنفيذ إقليمي …
وأيضاً في ظل طرح تسوية فيدرالية ، أو إدارات مدنية لامركزية ، أو كانتونات في لبنان ، على صيغة الإمارات اللبنانية وصيغة المتصرفية ، التي تعوَّد عليها اللبنانيون بتاريخهم الأسود ، والتي يمكن أن تعود إلى الواجهة مع أحفاد المتصرفين بمصير لبنان واللبنانيين على النمط الطائفي والمذهبي ليتنعموا بحظائرهم ومزارعهم الشعبوية ، وليقودوا الطرش إلى قاع جهنم ، أو الى الهاوية الناهية مع نهايتهم بالتقسيم أكان بالنفوس أم بالنصوص …
ولا فرق عندهم ، إذ ينتهجون قانون الغاب ومراكز القوى ، والقرار فيه لسيد الغابة ، فكما تم ذلك بالترسيم ، فلا فرق أن يتم ذلك بالتقسيم …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى