ثقافة

ندوة وتوقيع كتاب الأستاذ جورج فرج “العربية لغة حياة وتطور” في “مركز الصفدي الثقافي”:

حضور حاشد انتصاراً للغة الأم وكلمات من المتداخلين أجمعت على الحفاظ عليها وتطويرها شهدت قاعة الشمال في “مركز الصفدي الثقافي” حشداً كبيراً للمشاركة في نصرة للغة العربية، من خلال ندوة حول كتاب “العربية لغة حياة وتطور” للأستاذ جورج فرج، دعت إليها كل من “مؤسسة الصفدي” والمجلس الثقافي للبنان الشمالي ومركز صلاح الدين للثقافة والإنماء. وكانت مداخلات لكل من رئيس المجلس الدكتور نزيه كبارة، رئيس مركز صلاح الدين العميد د. هاشم الأيوبي، ورئيس جمعية قدامى مدرسة مار الياس المربي شفيق حيدر. ويدعو فرج في كتابه إلى عدم الفصل بين إكساب اللغة والتربية، مؤكداً على دور الأهل في الحفاظ على  اللغة الفصحى ودور المعلمين في إكساب الفصحى، واكد على إمكانية التجديد  في اللغة من غير حذف أو الغاء.
وقد وقع المؤلف كتابه للحضور الذين تقدمهم وزير العدل اللواء أشرف ريفي ممثلاً بعقيلته السيدة سليمة أديب، راعي أبرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس المطران أفرام كرياكوس ممثلاً بالأب نقولا داود، رئيس جمعية التوجيه الإسلامي الشيخ غالب سنجقدار، صاحب مكتبة السائح التي أصدرت الكتاب الأب ابراهيم سروج ممثلاً بفادي مندلف، المدير العام لمجمع العزم التربوي الدكتور عبد الاله ميقاتي، رئيسة المنطقة التربوية في الشمال نهلا حاماتي، المفتش العام في ادارة التفتيش المركزي والرئيس السابق للمنطقة التربوية في الشمال فوزي نعمة، مفتشون تربويون، أساتذة جامعيون، الجسم التعليمي الذي ضم مديري مدارس وأساتذة لغة عربية وفاعليات ثقافية واجتماعية وتلامذة المؤلف جورج فرج.
بعد النشيد الوطني، افتتح مدير الجلسة الدكتور ميخائيل مسعود الندوة، فرحب الجميع وترك الكلام للدكتور مصطفى الحلوة ليتحدث باسم “مؤسسة الصفدي” الذي قال: يطلعُ علينا اليوم، شيخٌ من شيوخ اللغة، نفسه ووقف علمه، سحابة عقودٍ عديدة، لخدمةِ ناشئتنا، بلغ الثمانين، لم يسأمْ تكاليفَ اللغة. إنه المربي الباحث جورج فرج الذي يظهر عبر كتابه هذا عن عالم متمكِّن من تاريخ اللغات بعامة، ومن تاريخ العربية بخاصةٍ، ناهيك عن السامية، اللغة الحاضنة لشعوب المنطقة. كما يشفُّ عن باحثٍ في علم الألسنية وفقه اللغة، وفي علم النحو ومتفرِّعاته، إلى تعمّقِهِ علم النفس التربوي؛ وقد أعاره الأهمية التي يستحق، إدراكاً منه أنه لا يمكن العبور بالفعل اللغوي إلى خواتيمه المرتجاة من دون الوقوف على مرتكزات هذا العلم وتوسُّلِهِ مدخلاً لا بديل منه، إلى مراحل التعليم كافةً، ولا سيما إلى مرحلته التأسيسيّة. وقال: إننا في “مؤسسة الصفدي”، إذْ نتشارك هذه الندوة مع المجلس الثقافي للبنان الشمالي ومركز صلاح الدين للثقافة والإنماء، فإنما من منطلق تثميننا لدورِ هاتين المرجعيتين الثقافيتين في مسار حراكنا الفكري في طرابلس والشمال، وأيضاً من منطلق انحيازنا إلى كل فعاليةٍ تكبُّ على العربية، ذلك أن لغتنا هي مرآة حياة الأمة والسجل المعبِّر عن خصائصها. أضاف: وفي ظل الواقع اللغوي الذي يتردّى لدينا باطراد، فإننا ندعو إلى التصدي لهذا الواقع المأزوم، وبما يُقيل لغتنا من عثراتها ويُزيل الأوهام التي علقت بها طوال عصور الانحطاط والضعف، ويُعيد إليها صفاءها وإشراقها وبيانها، وهذا ما نتلمسه عَبْرَ الكتاب الذي ننتدي لأجله اليوم. وختم موجهاً الشكر للمنتدين والكاتب ولصحيفة التمدن، التي نشرت مادة هذا الكتاب على مدى سنوات.
ثم استهل الدكتور كبارة المداخلات، فركز على معالجة الكاتب لمسائل حيوية وإشكاليات تتعلق باللغة العربية، وتضمن معلومات قيمة… أضاف: كما أولى المؤلف عناية خاصة ببحث الاشتقاق والاختزال أو النحت، محدداً معاني الصيغ التي تشتق من الجذور الثلاثية وغيرها، فضلاً عن التعريب وأهميته وشروطه.. وثمن تجربة المؤلف الغنية في تدريس لغة الضاد والتي أثمرت هذا الكتاب الذي ظهر فيه المنحى التربوي بوضوح، مؤشراًعلى عشق الكاتب للعربية كلغة حياة وتطور، داعياً مجامع اللغة العربية في العالم العربي إلى بذل المزيد من الجهود وإلى التعاون فيما بينها في سبيل خدمة هذه اللغة. لكنه سجل ملاحظات على الكتاب أبرزها خلوه من مقدمة توضح الهدف الذي يريد أن يصل إليه والطريقة التي يريد أن يسلكها في الوصول إلى هذا الهدف، كما تمنى لو أن المؤلف وهو يعالج مسألة التعريب، أعطى بعض الأمثلة على مفردات أجنبية يقترح هو تعريبها، وكذلك الأمر في موضوع الاشتقاق. وقال: إن تعريب المصطلحات العلمية ليس من مسؤولية الأفراد بل في صلب مسؤولية المجامع العلمية العربية، مقترحاً بعض الأفكار في هذا المجال، ولعل أبرزها دعوته إلى ورشة عمل عربية كبرى، تتعاون فيها المجامع التي يجب تعزيزها بالعناصر المؤهلة، وأساتذة الجامعات ومراكز الأبحاث.. ولفت: يجب أن لا يكون الاهتمام بالتعريب سياسة مستدامة للحكومات العربية، إذا ما أردنا فعلاً أن تكون لغتنا العربية لغة حياة وتطور. وهو إذ ثمن دعوة المؤلف إلى تجديد اللغة، متشبثاً بالمنطق الذي يحكم قواعدها، تمنى لو أنه وضع خاتمة لكتابه يؤكد فيها ما ذهب إليه في مقالاته ويستخلص النتائج وربما يضع المقترحات والتوصيات. وختم بالثناء على الجهد الكبير الذي بذله المؤلف في تضمينه كماً لا يستهان به من المعلومات التي يحتاج إليها مدرسو العربية في معاهدنا التعليمية وكذلك المنحى التربوي الذي لا يصدر إلا عن عمق خبرة في التعليم والتربية عاشهما الكاتب في أعمق كيانه.
بدوره استهل العميد الأيوبي مداخلته بالإضاءة على شغف جورج فرج باللغة العربية وطرق تدريسها، لينتقل بعدها إلى عنوان الكتاب حيث لفت إلى أنه لم يكن عفوياً وإنما جاء ليؤكد ثقته العميقة بقدرة اللغة العربية على تحدي كل ما يحيط بها أو ما يصور لها من أخطار في عالم التواصل الإلكتروني والعولمة، لان اللغة التي استطاعت على مر العصور أن تستوعب الحضارات العالمية وتساهم أكبر المساهمات في تقدمها، غير عاجزة اليوم عن هذه المساهمات إذا كان أهلها أنفسهم على قدر هذه التحديات. من هنا عودة الكاتب إلى الجذور… وقال: مع جورج فرج كما ذكرت في مقدمتي لكتابه، لا تستطيع أن تفصل بين المربي والباحث والعاشق عندما يكتب في اللغة العربية، ومع صعوبة الأمر، فقد آلف فرج بينهم بحميمية وصدق يظهران عمق الكاتب وأصالته. ثم تناول جورج المربي الذي استطاع أن يزرع عشق اللغة العربية عند الناشئة، وأكد على قناعته بأن الكتاب يقدم للمدرسين في اختلاف المراحل إمكانات كبيرة لإيصال قضايا في غاية الأهمية لطلابهم، دون أن يرهقوا أنفسهم بالبحث العميق والتقصي. وختم بالقول: كتاب جورج فرج كتاب لكل عاشق للعربية ولكل مربّ وكل باحث وطالب علم.
ثم تناول المربي شفيق حيدر قصة جورج فرج والعربية، فقال: هي قصة وجد وهيام. فقد وقف حياته لخدمة العربية في التعليم والتأليف والتأهيل. اما عن مضمون الكتاب فلفت إلى انه مزيج سريع من تاريخ حضارات الشعوب القديمة ولغاتها المتنوعة ومصادر اللغة العربية وتداخلها مع اللغات الأخرى. وأكد: أن العربية لا تكون لغة حياة وتطور كما يقول عنوان الكتاب ما لم تكن الشعوب العربية حية متطورة تماشي الزمان وتستفيد من الحداثة وتقارعها. اللغة وسيلة وليست غاية. إن الإنسان لاغ بطبيعته. واكد على حتمية التفاعل بين الشعوب من خلال اللغة بحيث تسربت الألفاظ بين اللغات، ليختم بملاحظات في تعليم اللغ العربية حيث اعتبر أننا نشهد انحرافاً خطيراً إذ نشدد على علوم اللغة أكثر من إعارة اللغة كوسيلة الأهمية الواجبة. وقال: ما لفتني في ثنايا الكتاب دعوة فرج إلى الاهتمام بالمسميات في علوم اللغة وبمعناها الدلالي لما لهذا المنحى من مخاطبة عقول الناشئة كباراً وصغاراً. وأمل أن يلامس العرب المعاصَرة والحداثة بوعي وإبداع ليفيدوا منها.
وقبل أن يوقع كتابه للحضور، ألقى المؤلف كلمة استهلها بتوجيه الشكر لمؤسسة الصفدي على كل الجهود التي تبذلها في كافة الميادين، “إنها مؤسسة تليق بمدينة طرابلس مدينة العلم والعلماء”. كما شكر أصدقاءه المنتدين والحضور الحاشد. وقال: إن تطور اللغة وازدهارها مرتبط بإنماء الفكر لأن اللغة ثمرة من ثمار هذا الفكر. حين كان بدائياً كانت اللغة بدائية، وبعد أن تطور الفكر مع الدين تطورت اللغة معه، وقد وجدنا آلة تطوير اللغة مع الفكر وهي المعروفة بالاشتقاق. والفكر يتطور بالطرائق والأساليب المنطقية والعلمية المتبعة، بالمحيط الذي يعيش فيه الإنسان ويحيط به من كل جانب. وقال: لقد أثبت علماء النفس أن فكر الإنسان تحليلي –  تركيبي. والطريقتان متلازمتان وموجودتان في لغتنا تحت إسم الطريقة الإستنباطية. وخلص بالقول: لا يجوز الفصل بين إكساب اللغة والتربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى