المقالات

لبنان… إلى أين ؟-14- كتب: عبدالله خالد

حددت جماعات الحراك مطالبها في بيان أصدرته في 22 تشرين الأول طالبت فيه بإستقالة الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من خارج المنظومة الحاكمة مهمتها استرداد الأموال المنهوبة ومعالجة الملفات الحياتية والمالية وانتشال الوطن من الهاوية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون انتخابي جديد طبقا للمادة 22 من الدستور والإستمرار في التظاهر والإحتجاج حتى تحقيق المطالب وطلب حماية المتظاهرين والمواطنين الذين تعرضوا للتهديد. وإذا كانت مهمة الحراك وفق الإنهيار وبدء المعالجة الجادة فإن هذا يتطلب توفر القيادة القادرة والخطة الواضحة والآداة الفاعلة التي تتحول إلى قوة شعبية ضاغطة توفر المناخ الملائم لتلبية المطالب الشعبية من قبل الشبكة الحاكمة التي ترفض التخلي عن مكاسبها وامتيازاتها التي أوصلت البلاد إلى مرحلة الإنهيار. ولعل هذا ما دفع المواطنين للإستجابة للمشاركة في الحراك عبر تجمعات هي أقرب إلى المجتمع الأهلي منه إلى المجتمع المدني تحركت أغلب كوادره وفق مشاريع رسمت في الخارج خدمة لقضايا تفجر التضامن الوطني وتحول البلاد إلى كانتونات توسع الشرخ في حين كان يفترض بتنوعها أن يوسع ويعزز نقاط التلاقي وهكذا اقتصر اللقاء على الشكل دون أن يتوافق على المضمون. وهذا ما أعطى الفرصة لدخول جماعات تمثل الشبكة الحاكمة في محاولة منها لتبرئة نفسها من تهمة الفساد وحرف الحراك عن أهدافه الحقيقية لتدخله في صراعات أطراف السلطة بدلا من وحدة ساحات الحراك التي بدأت شرذمتها من حيث الموقع والطروحات التي ابتعدت عن جوهر ومبرر بدء الحراك السلمي خصوصا بعد أن بدأت التجمعات الجديدة ممارسة أعمال العنف وقطع الطرقات وأصبحت وحدة ساحاتها مجرد شكل فولكلوري وبدأت محاصرة النبض الذي شكل الدافع الحقيقي لإنضمام الطبقات الشعبية إلى الحراك المطلبي السلمي الذي وجدوا فيه خشبة الخلاص من الإنهيار الذي تتسارع خطواته حاملة معها بدايات الجوع والمرض الذي ترافق مع الغلاء والبطالة.
ولابد من التركيز على مساهمة المندسين في الحراك في السعي للهيمنة على الساحات في محاولة لفرض إرادتهم وقوانينهم بشكل علني عبر القول عليكم ان تقبلوا قوانيننا وسلطتنا كبديل لسلطة الدولة ومؤسساتها. وقد ظهرت هذه الحالة بوضوح في طرابلس من خلال السعي لتفريغها من مؤسساتها الحيوية في استعادة لسيناريو قديم طالما عانت منه عاصمة الشمال عبر تهميشها وتغييبها ولكن يبد بعض أبنائها هذه المرة وصولا إلى فرض عقوبة جماعية على كل أبنائها. وإلا ما مغزى القول: إما أن تقبلوا سلطتنا البديلة لسلطة الدولة وإما سنجعلكم لقمة سائفة لقوى التطرف والتعصب والجهل والبطالة. ويبقى السؤال: لماذا هذا الإصرار على رفض المواطنة التي تحقق العدالة والمساواة بين مكونات الوطن والسعي لتكريس التعصب الطائفي المذهبي والمناطقي الذي أخذ بعدا عنصريا يهدد وحدة الوطن أرضا وشعبا ومؤسسات. وفي ظل هذا الوضع أعلن الرئيس الحريري استقالة الحكومة استجابة لمطالب الحراك وكان قد سبقه لإتخاذ هذا الموقف بعض حلفائه بالإنضمام للحراك… وهذا يحتاج لحديث آخر.
عبدالله خالد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى