إجتماعيات

الخريطة ليست هي الموقع
The Map is not the Territory
ترجمة عزام حدبا

التعريف والشرح
تستخدم ثنائية “الخريطة والموقع” لتوضيح الفرق بين العالم الواقعي وتصورنا عنه. “الخريطة” هي فهمنا لـ “الموقع” الحقيقي، ويجب أن نتذكر دوما أن الخريطة ليست هي الموقع! تخيل أنك خرجت في نزهة خلال العطلة. لقد تابعت خريطتك جيدًا طوال الطريق، ومن المفترض أن تصل إلى وجهتك قريبًا. لكن فجأة، عندما نزلت من التل لم تعثر على الطريق إلى وجهتك! يبدو أن خريطتك قديمة ويجب تحديثها. هنا يتضح الفارق بين خريطتك والموقع. خريطتك تمثل ببساطة تصورك عن الموقع، لكن الموقع هو الحقيقة التي يتعين عليك التعامل معها (في حالتك هنا لا يوجد طريق!).
المعتقد والواقع
تمتد ثنائية “الخريطة والموقع” لتعبر عن الاختلافات بين معتقداتنا والواقع نفسه أيضا. الواقع موجود خارج أذهاننا، لكننا جميعًا نحمل خرائط لهذا “الواقع” نرسمها بناءً على ما نلمحه من خلال حواسنا. إن لم يكن هناك طريق في الواقع فلا جدوى من رسمها على الخريطة. تغيير الخريطة لن يغير الواقع بالطبع! ومع أن الأمر بديهي لكننا نرتكب هذا النوع من الأخطاء طوال حياتنا حينما يتعلق الأمر بمعتقداتنا.
التفكير بالتمني
نرتكب جميعًا أخطاء “التفكير بالتمني: إذا لم أذكر نفسي بالأعمال المنزلية التي يجب أن أقوم بها، فلن أضطر إلى القيام بها، قلبي يخفق بشدة منذ أشهر لكني ما زلت شابا، لا يمكن أن يكون هذا علامة على عارض خطير. ولكن في كل هذه المواقف، ما نؤمن به عن العالم لا يغير الواقع نفسه. لا زال لديك الكثير من الأعمال التي يجب القيام بها في نهاية اليوم، لا تزال لديك أعراض طبية مقلقة. بدلاً من محاولة تغيير خريطتنا إلى ما نريده، يجب تحديث خريطتنا بحيث تتوافق بشكل وثيق مع الموقع قدر الإمكان.
الاعتراف بالجهل
ما الذي سمح للعلم بالتطور في عصر النهضة؟ لقد تحرر العلماء من قيد السلطات الدينية التي زعمت أن كل ما هو مهم لمعرفته عن العالم كان معروفًا بالفعل، ويمكن الكشف عنه من قبل الكهنة أو الكتب المقدسة. تحدت الثورة العلمية هذا الواقع وأعادت إحياء فكرة الاستعداد للاعتراف بالجهل التي تعود إلى سقراط الذي زعم “أنا أعرف فقط أنني لا أعرف شيئًا”.
مجرد رسم خريطة مفصلة لا يعني أن خريطتك دقيقة
الخريطة الاولى هي خريطة أوروبية للعالم تعود إلى عام 1459 (تمتلئ بالتفاصيل كما ترى). أما الخريطة الثانية فهي خريطة العالم سالفياتي وتعود الى 1525 وهي فارغة في الغالب. لكنها حملت اختراقا نفسيا وأيديولوجي، واعترافا واضحا بأن الأوروبيين كانوا يجهلون أجزاء كبيرة من العالم. لمجرد إنك رسمت خريطة مفصلة، فهذا لا يعني أنها تمثل الموقع بدقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى