الأخبار اللبنانية

تحالف متحدون:
محامو متحدون يتقدّمون بشكوى عاجلة للأمم المتحدة وطلب وقف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية

تقدّم اليوم ٧ تشرين الأول ٢٠٢٢ مؤسس تحالف متحدون المحامي الدكتور رامي علّيق بشكوى مباشرة مع وثائق بصفة “عاجل جداً” أمام “اللجنة الدولية لحقوق الإنسان (IHRC) المتخذة من جينيف مقراً لها والتابعة لمنظمة الأمم المتحدة، من خلال مكتب مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان (OHCHR) – قسم الإجراءات الخاصة (Special Procedures Division)، وذلك على خلفية تخلّي “السلطة اللبنانية” في المفاوضات الجارية حول ترسيم الحدود البحرية جنوباً لـ “إسرائيل” عن ثروة هي حق ثابت للشعب اللبناني تقدّر بمئات مليارات الدولارات (مساحة ١٤٣٠ كم²)، عبر تخلّيها عن حق ثابت في الخط رقم ٢٩ على نحو لا يمثل حقوق ومصالح الشعب اللبناني وبشكل “غير دستوري وغير قانوني وغير علمي وغير وطني”، لصالح ما يمنحه الخط رقم ٢٣ غير المشروع من حقوق، إضافة إلى تقديم “حق سيادي” لإسرائيل في جزء من حقل قانا مما يمنحها امتياز عرقلة عمل أي شركة كـ “توتال” أو سواها وفق شروطها وبدون منازع.

إن ما تقترفه “السلطة اللبنانية” يقع خارج كل المعايير التي تحمي وتحافظ على حقوق الشعوب الثابتة بكل المقاييس المعتمدة دولياً، بحيث يطرح ذلك علامات استفهام خطيرة لناحية الغايات “غير المعلنة” من وراء ما يجري، مع وضوح فاقع لنوايا الممسكين بالسلطة الاحتفاظ بأموال اللبنانيين المنهوبة دون أي محاسبة ما بفسّر الإصرار على إبقاء كل ما يتعلّق بالمفاوضات سرّياً بما يتناقض مع المفهوم الحديث لممارسة الديمقراطية وما تمليه من التزام بقواعد الشفافية والمحاسبة ومكافحة الفساد. فلا يمكن لهكذا سلطة تفتقد “التمثيل الديمقراطي الصحيح”، من خلال التعطيل الكامل لأي محاسبة ممكنة بواسطة “السلطة القضائية” المعتكفة تماماً عن العمل، إلى كون الحكومة الحالية “حكومة تصريف أعمال” بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال وفق الدستور اللبناني مما لا يمنحها الصلاحية المطلوبة لإجراء وإتمام التفاوض حول مسألة حيوية جداً كمسألة الحدود، إلى ما تمر به السلطة التشريعية من حالة شلل فعلي بنتيجة استفحال الفساد ونهب المال العام والخاص “باسم القانون”، ناهيك عن عدم دستورية أو قانونية المسار الذي تسلكه مفاوضات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية جنوباً.

فلا يجوز أبداً أن تختصر هذه السلطة الشعب اللبناني بهذا الشكل الذي لا يستقيم بتاتاً والأطر الديمقراطية المعتمدة عالمياً وفق شرعة حقوق الإنسان والقواعد المعتمدة من قبل منظمة الأمم المتحدة والتي أقر أمينها العام الحالي أنطونيو غوتيريش مؤخراً بممارسة هذه السلطة لـ “Ponzi scheme” ممنهج ضد شعبها بحيث لم تجرِ محاسبة أي أحد إطلاقاً على ارتكاب “سرقة العصر” وفق تعبير الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، فكيف يمكن أن تؤتمن على قضية حساسة جداً تمس بحقوق ومصالح الشعب اللبناني كتلك المتعلقة بحقوقه في ثروته البحرية؟ وهل من دولة في العالم تحترم نفسها تُقدم على هكذا خطوة في ظل وضع استثنائي تمر به يقتضي على أقل تقدير التريّث في المضي في مسألة تقريرية ستلحق تبعاتها بالأجيال القادمة؟ هل كانت “اسرائيل” لتُقدم على هكذا خطوة إن وُضعت محلّ لبنان، قبل أن تعرضها بكل السبل الممكنة على شعبها ومؤسساتها ولو اقتضى ذلك حتى إجراء انتخابات واستفتاءات للوصول إلى قرار بشأن هذا؟!

ولكون “ما بني على باطل فهو باطل” ــ فكيف إذا صدر عن سلطة مغتصِبة لحقوق المواطنين متمرّسة في شتى أشكال الإفلات من العقاب، ــ فإن ما تقوم به “السلطة” اللبنانية لا يرتقي حتماً إلى مستوى الحفاظ على مصالح الشعب اللبناني العليا ولا شرعية لأفعالها في ظل تعرّض الشعب اللبناني لأبشع أنواع الإبادة “الناعمة” بحيث يكفيه ظلماً وتنكيلاً وافتئاتاً على حقوق إنسانه وفرده الأساسية.

وعليه تكمن الإشكالية العالقة والسؤال المشروع في احتلال دولة لمساحات تعود لدولة أخرى ــ تحت الضغط غير المشروع على الدولة الأخرى ممثلة بسلطة غارقة في ارتكابات الفساد بشكل خطير وغير مسبوق لجهة “الإثراء غير المشروع” و”تبييض الأموال” وجرائم ارتقت إلى “جرائم ضد الإنسانية” فيسهل ابتزازها بشكل يجرّدها من تمثيل شعبها والممارسة السويّة في الدفاع عن حقوقه ومصالحه ــ وتحديداً آلاف الأمتار المربّعة انطلاقاً من نقطة رأس الناقورة الحدودية “الشرعية”، ووضع الخط الأزرق على بعد ٣٠ متراً من تلك النقطة شمالاً، بما يعني أن موافقة المسؤولين اللبنانيين الواقعة على الخط رقم ٢٣ هو تنازل غير مبرر إطلاقاً عن سيادة الدولة اللبنانية على هذه النقطة وهو بدون أي لبس تنازل عن حقوق ثابتة لـ “الشعب اللبناني” من سلطة لا تتمتع بالمشروعية والتمثيل والصلاحية.

وقد جاءت هذه الشكوى بعد أن سُدّت جميع السبل أمام اللبنانيين لإلزام دولتهم بالحفاظ على حقوقهم ومصالحهم، وبعد أن كان تقدّم الشاكي المحامي علّيق بدعويين قضائيتين هدفتا إلى دفع “الدولة اللبنانية” للقيام بتدبير احتياطي كحد أدنى يتمثّل بإلزامها “إعلام” منظمة الأمم المتحدة باعتمادها الخط رقم ٢٩ كأساس لعملية التفاوض حفاظاً على حقوق الشعب اللبناني، وذلك أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت سجّلتا برقم ٥٠٩ و٢٠٢٢/٥١٠ مع التماس اتخاذ “تدبير احتياطي عاجل” يتمثل بإرسال كتاب رسمي إلى منظمة الأمم المتحدة باعتماد الخط رقم ٢٩ كحق ثابت للبنان ومنطلق لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية جنوباً على الأقل، حيث ما زالت الدعويان قابعتين في أدراج القضاء “المعتكف استنسابياً” والمستنكف عن إحقاق الحق تحت ضغط السلطة السياسية المستبدة بالحكم رغم طابع العجلة والضرورة. كل ذلك بقي دون جدوى وسط صمت وتواطؤ مريبَين يحملان شبهات الخيانة والتفريط الفاقع بحقوق الشعب اللبناني، للأسف. إلا أن القضاء اللبناني وبعد إعلان عدم اختصاصه بداية بتاريخ ٦ تموز ٢٠٢٢ عاد وأبقى الدعويين من دون جواب أمام محكمة الاستئناف في بيروت حتى الآن رغم الطابع الملحّ للقضية للأسباب الموجبة المشار إليها.

وبما أن “السلطة اللبنانية” ممثلة حالياً بمن أقرت معظم الدول الديمقراطية بأنهم ينتهكون الدستور والقانون والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، دون خضوع أحد منهم للمساءلة والمحاسبة عن جرائم الفساد الخطيرة المرتكبة، وهم مستمرّون بحكم البلد وشعبه من خلال “دولة عميقة” تقوم بإخضاع اللبنانيين بشكل ممنهج عن طريق ترهيبهم والتفريط بحقوقهم الفردية والوطنية والإنسانية الأساسية مما يضعهم، أي المسؤولين، في خانة المفقتر للتمثيل الديمقراطي الصحيح وليس الشكلي فحسب، وبالتالي فإن الأفعال المرتكبة من قبل هذه “السلطة” تعتبر انتهاكاً فاضحاً لحقوق الفرد والإنسان وتعدّياً واضحاً على حقوق المواطنين اللبنانيين كافة بحيث تُلحق بهم أضراراً مادية ومعنوية جمّة تضع دور منظمة الأمم المتحدة بحد ذاته على المحك إن لم تتدخّل لنجدتهم.

ختاماً، فقد طلب المحامي علّيق في الشكوى من منظمة الأمم المتحدة الممثلة بلجنة حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان الاطلاع على محتوى الشكوى ومربوطاتها واتخاذ الإجراءات والتدابير الفورية اللازمة الآيلة إلى وقف المفاوضات الحالية اللبنانية-الإسرائيلية كونها مبنية على أسس تفتقد إلى التمثيل الديمقراطي والقانوني الصحيح والمشروع، بما يمثّل “تزويراً” لإرادة الشعب اللبناني وينتهك القوانين الدولية المعمول بها لناحية حقوق الشعوب وحقوق الفرد والإنسان.

(في الصورة: نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب والوسيط الأميركي آموس هوكشتاين؛ المصدر: موقع www.180post.com)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى