الأخبار اللبنانية

المطران معوض احتفل بالجمعة العظيمة في زغرتا

احتفلت كنائس زغرتا – الزاوية بمناسبة الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، فتوافد المؤمنون في قرى قضاء زغرتا الى كنائس المنطقة واقيمت الزياحات وحملت الصلبان داخل النعوش الخشبية المليئة بالورود والرياحين.

وفي زغرتا، ترأس النائب البطريركي العام المطران جوزيف معوض رتبة دفن المصلوب في كاتدرائية مار يوحنا المعمدان، وعاونه الاب بطرس عازار والخوري حنا عبود والاب ميشال قزي، وشارك فيها النائب السابق جواد بولس وعقيلته رندى وحشد كبير من المؤمنين. وخدمت الرتبة جوقة رعية اهدن- زغرتا.

بعد تلاوة الاناجيل الاربعة، ألقى معوض عظة قال فيها: “نتأمل اليوم بمعاني صلب يسوع المسيح ، هذا الصلب الذي بشريا تم بسبب مؤامرة حيكت ضد يسوع لانه رفض، ولكن من ناحية الايمان هذا الصلب يدخل في تصميم الله الخلاصي . ما هي معاني صلب المسيح ؟ عندما نتأمل بالصلب، بيسوع المسيح المصلوب، نكتشف أن الصليب يكشف لنا خطيئة العالم ويكشف لنا رحمة الله وأمانة يسوع المسيح لله الاب ومحبة يسوع لنا اللامحدودة، كما أن الصليب يكشف لنا خطيئة العالم”.

أضاف: “نحن نعلم ان الصلب كان عقابا تنزله الامبراطورية الرومانية بالاشخاص المجرمين، أما يسوع المسيح فكان انسانا بريئا هو الانسان والاله، هو القدوس الذي يقدس الاخرين، هو نبع القداسة، لماذا صلب ؟ صلبته السلطات الرومانية والدينية بسبب الخطيئة الموجودة في العالم، واذا اردنا الكلام عن العدالة لم يكن هناك مبرر لصلب المسيح ولكن لان الاشخاص الذين كانوا في وقتها لم يقبلوا المسيح، لم يقبلوا الحقيقة التي أعلنها المسيح، صلب وهذا السبب هو سبب الخطيئة. ويسوع في هذا المجال قال: “ان النور أتى الى هذا العالم”، والناس فضلوا الظلام على النور لان أعمالهم كانت شريرة، وكل انسان يخطىء في أي عصر كان هو كأنه بخطيئته يوافق على صلب المسيح ويساهم في صلبه كما قالت الرسالة الى العبرانيين. فما هي هذه الخطيئة التي تؤدي الى صلب المسيح؟ انها التي تنبع من الانانية التي هي محورية الذات، اي أنا أريد أن أفعل كل شيء كما أريد ولا أقبل أي شيء ضد ارادتي وضد مصلحتي الشخصية وحتى لو أتى من الله فلا أعود أقبل ارادة الله اذا تعاكست مع ارادتي ولا أقبل أي مصلحة للقريب اذا تعاكست مع مصلحتي الشخصية، فلا يعود هناك أي مفهوم للتضحية. لذلك ان المسيحي الحقيقي أمام الصليب يندم على خطاياه لانه يعرف أن الخطيئة التي يمكن ان تصدر عنه تؤدي الى موت البريء والى قتل ابن الله، والندامة الحقيقية هي حين أتأسف على خطاياي وآخذ مقصدا ألا اعود اليها، كما أن الصليب يكشف رحمة الله التي تغفر الخطايا”.

وتابع: “ان يسوع على الصليب كان رحوما غفر للذين صلبوه حين قال “اغفر لهم لانهم لا يدرون ماذا يفعلون”. لم يغفر فقط للاشخاص الذين صلبوه وانما غفر للبشرية جمعاء كل خطاياها، وهذه الرحمة التي تجلت على الصليب هي رحمة لا محدودة بينت حين غفر للذين صلبوه الذين ارتكبوا الخطيئة الكبرى في التاريخ البشري ، ما من خطيئة اكبر من خطيئة صلب المسيح”.

وقال: “الخوري أرس يقول أن خطايانا ليست سوى حبات رمل أمام جبال رحمة الله ولكن هذه الرحمة المتجلية على الصليب ليست مبررا للاسترسال في الخطيئة، لان الله كما يقول مار بولس لا يستهزأ به انما هذه الرحمة هي دعوة لنا جميعا من أجل التوبة لان الله يقدم لنا الغفران برحمته وهذا الغفران نحن نناله من خلال سر المعمودية الذي هو سر الغسل ، غسل النفس روحيا. ان سر الاعتراف هو الطريقة العادية الذي يريدنا يسوع المسيح من خلالها ان نتوب عن خطايانا ومن خلال هذا السر أنا كمسيحي لتكون توبتي مثمرة فانني مدعو لفحص ضميري وان أقر بخطاياي وأندم عليها وأعود عنها. وكما المسيح برحمته غفر لنا خطايانا مهما كبرت علينا كمؤمنين أن نعيش هذا الغفران بين بعضنا البعض، اذ لا أقدر أن أكون مسيحيا اذا لم أحاول في قلبي أن أغفر لاخي الانسان، ويجب أن تكون مغفرتي لا محدودة. ولنتذكر حين سأل مار بطرس يسوع المسيح: “كم مرة علي أن أغفر لاخي سبع مرات؟” أجابه: “سبعون مرة سبع مرات أي غفرانك ليس له حدود”.

أضاف: “صحيح أننا كبشر نستصعب أحيانا أن نغفر كحين يكون الانسان مجروحا في قلبه يجد صعوبة في الغفران، انما عليه ان يحاول وأن يطلب هذه المقدرة على الغفران من الله ، من يسوع المسيح المصلوب الذي غفر وسامح. ان الصليب اليوم يكشف لنا امانة يسوع لله الاب ، ان يسوع المسيح بحياته على الارض كان أمينا لابيه في كل شيء، لم يكن يعلم الا ما يريده الآب ولم يكن يعمل الا بما يريده الآب وبينت هذه الامانة في ذروتها في بستان الزيتون حين صلى قائلا: “لتكن مشيئتك لا مشيئتي”. وقبل ارادة الآب حتى ولو كلفته ان يموت على الصليب ويتحمل الالام المبرحة ويسوع المسيح الذي بقي أمينا للاب في كل شيء على الصليب يدعونا ان نكون بدورنا أمناء لله، وأنا لا أكون أمينا لله الا اذا كنت أمينا بالتزامي الروحي والكنسي. أمانتي تظهر بصلاتي اليومية، بقداس الاحد، ومن خلال سعيي لمعرفة ارادة الله بالتأمل بالكتاب المقدس وبالاطلاع على تعليم الكنيسة والالتزام بهذا التعليم، وامانتي تظهر لله من خلال القيام بكل أعمالي اليومية وفقا لارادة الله من خلال الصدق بكلامي وعملي، وهي تظهر من خلال أمانتي للحالة التي أنا فيها: اذا كنت كاهنا أكون أمينا لكهنوتي ، واذا كنت متزوجا أكون أمينا لزواجي، وبقدر ما أكون أمينا بقدر ما أكون مسيحيا حقيقيا. كما أن الصليب يكشف لنا محبة يسوع المسيح اللامحدودة للبشر”.

وتابع: “قبل أن يموت الله على الصليب قال: “ما من حب أعظم من الانسان الذي يبذل نفسه في سبيل أحبائه”. لقد ظهرت محبة يسوع لنا بمماته على الصليب، قدم التضحية على الصليب لاجلنا هو ابن الله لم يكن بحاجة لان يموت على الصليب لاجلنا لانه هو قدوس وليس بحاجة لان يخلص نفسه، هو ابن الله، لكنه قبل الموت على الصليب وكل هذه الآلام لاجلنا وهذه التضحية الذي قدمها على الصليب قدمها من اجل كل انسان من آدم اول شخص في البشرية الى آخر شخص بتاريخ البشرية. وانا كمسيحي مدعو لان اعيش حياتي واحب كما أحبني يسوع المسيح، اي ان اقبل أن أضحي لاجل غيري لو لم الق شيئا في المقابل، هذه هي المحبة الحقيقية ولكي تكون محبتي كمحبة يسوع المسيح يجب أن تكون محبة شاملة لا تستثني أحدا لانني كلما استثنيت أحدا أكون أخون يسوع المسيح. ولذلك كي تكون محبتي كمسيحي شاملة يجب أن تشمل الجميع من أي منطقة كان الشخص الاخر، من أي عائلة، من أي دين كان الشخص الآخر. من حقي أن أحب وانما بحكمة لان يسوع المسيح أوصانا أن نكون” حكماء كالحيات وودعاء كالحمام” بمحبتنا. هذه المحبة ليست ساذجة انما هي محبة حكيمة وتفرح بالحق. لكي استطيع أن أحب كما أحب يسوع المسيح أن أتغذى بالافخارستيا. لقد ترك لنا يسوع القربان الغذاء المقدس الذي هو يقوينا ويصورنا على صورة المسيح ويعطينا القدرة أن نحب كما أحب هو لاننا كبشر ضعفاء بالكاد نستطيع أن نحب من يحبنا وهذا غير كاف لاكون مسيحيا”.

وختم معوض: “نحن في هذه الجمعة العظيمة نسأل الرب يسوع المائت على الصليب أن يساعدنا أن نفهم أكثر معاني هذا الصلب، معاني موته على الصليب، معان ونعيش هذه المعاني في حياتنا اليومية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى